الباحث القرآني

﴿أفَأمِنُوا أنْ تَأْتِيَهم غاشِيَةٌ مِن عَذابِ اللَّهِ﴾ أيْ عُقُوبَةٌ تَغْشاهم وتَشْمَلُهم والِاسْتِفْهامُ إنْكارٌ فِيهِ مَعْنى التَّوْبِيخِ والتَّهْدِيدِ كَما في البَحْرِ والكَلامُ في العَطْفِ ومَحَلِّ الِاسْتِفْهامِ في الحَقِيقَةِ مَشْهُورٌ وقَدْ مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ والمُرادُ بِهَذِهِ العُقُوبَةِ ما يَعُمُّ الدُّنْيَوِيَّةَ والأُخْرَوِيَّةَ عَلى ما قِيلَ وفي البَحْرِ ما هو صَرِيحٌ في الدُّنْيَوِيَّةِ لِلْمُقابَلَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أوْ تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً﴾ فَجْأةً مِن غَيْرِ سابِقَةِ عَلامَةٍ وهو الظّاهِرُ ﴿وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ بِإتْيانِها غَيْرَ مُسْتَعِدِّينَ لَها ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ أيْ هَذِهِ السَّبِيلُ الَّتِي هي الدَّعْوَةُ إلى الإيمانِ والتَّوْحِيدِ سَبِيلِي كَذا قالُوا والظّاهِرُ أنَّهم أخَذُوا الدَّعْوَةَ إلى الإيمانِ مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿وما أكْثَرُ النّاسِ ولَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ لِإفادَةِ أنَّهُ يَدْعُوهم إلى الإيمانِ بِجِدٍّ وحِرْصٍ وإنْ لَمْ يَنْفَعْ فِيهِمْ والدَّعْوَةُ إلى التَّوْحِيدِ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وما يُؤْمِنُ أكْثَرُهُمْ﴾ لِدَلالَتِهِ عَلى أنَّ كَوْنَهُ ذِكْرًا لَهم لِاشْتِمالِهِ عَلى التَّوْحِيدِ لَكِنَّهم لا يَرْفَعُونَ لَهُ رَأْسًا كَسائِرِ آياتِ الآفاقِ والأنْفُسِ الدّالَّةِ عَلى تَوَحُّدِهِ تَعالى ذاتًا وصِفاتٍ وفُسِّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أدْعُو إلى اللَّهِ﴾ أيْ أدْعُو النّاسَ إلى مَعْرِفَتِهِ سُبْحانَهُ بِصِفاتِ كَمالِهِ ونُعُوتِ جَلالِهِ ومِن جُمْلَتِها التَّوْحِيدُ فالجُمْلَةُ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ وقِيلَ: إنَّ الجُمْلَةَ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ الياءِ والعامِلُ فِيها مَعْنى الإشارَةِ وتُعُقِّبَ بِأنَّ الحالَ في مِثْلِهِ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ مُخالِفَةٌ لِلْقَواعِدِ ظاهِرًا ولَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ ﴿أنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾ واعْتُرِضَ أيْضًا بِأنَّ فِيهِ تَقْيِيدَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ ولَيْسَ ذاكَ ﴿عَلى بَصِيرَةٍ﴾ أيْ بَيانٍ وحُجَّةٍ واضِحَةٍ غَيْرِ عَمْياءَ والجارُّ والمَجْرُورُ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ ﴿أدْعُو﴾ وزَعَمَ أبُو حَيّانَ أنَّ الظّاهِرَ تَعَلُّقُهُ بِأدْعُو وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنا﴾ تَأْكِيدٌ لِذَلِكَ الضَّمِيرِ أوْ لِلضَّمِيرِ الَّذِي في الحالِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَنِ اتَّبَعَنِي﴾ عُطِفَ عَلى ذِي الحالِ ونِسْبَةُ أدْعُو إلَيْهِ مِن بابِ التَّغْلِيبِ كَما قُرِّرَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ﴾ ومِنهم مَن قَدَّرَ في مِثْلِهِ فِعْلًا عامِلًا في المَعْطُوفِ ولَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ المُحَقِّقُونَ ومُنِعَ عَطْفُهُ عَلى ( أنا ) لِكَوْنِهِ تَأْكِيدًا ولا يَصِحُّ في المَعْطُوفِ كَوْنُهُ تَأْكِيدًا كالمَعْطُوفِ عَلَيْهِ واعْتُرِضَ بِأنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لازِمٍ كَما يَقْتَضِيهِ كَلامُ المُحَقِّقِينَ وجُوِّزَ كَوْنُ ( مَن ) مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أيْ ومَنِ اتَّبَعَنِي كَذَلِكَ أيْ داعٍ وأنْ يَكُونَ ﴿عَلى بَصِيرَةٍ﴾ خَبَرًا مُقَدَّمًا وأنا مُبْتَدَأٌ ومَن عُطِفَ عَلَيْهِ وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وسُبْحانَ اللَّهِ﴾ أيْ وأُنَزِّهُهُ سُبْحانَهُ وتَعالى تَنْزِيهًا مِنَ الشُّرَكاءِ وهو داخِلٌ تَحْتَ القَوْلِ وكَذا ﴿وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ . (108) . في وقْتٍ مِنَ الأوْقاتِ والكَلامُ مُؤَكِّدٌ لِما سَبَقَ مِنَ الدَّعْوَةِ إلى اللَّهِ تَعالى وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ ( قُلْ هَذا سَبِيلِي ) عَلى التَّذْكِيرِ والسَّبِيلُ تُؤَنَّثُ وقَدْ تُذَكَّرُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب