الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾، مضى هذا في موضعين من هذه السورة [[هود 28، 63.]]. وقوله تعالى: ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾، قال ابن عباس وأكثر المفسرين [[انظر: الطبري 12/ 103، البغوي 4/ 196، "زاد المسير" 4/ 151، القرطبي 9/ 89، "البحر المحيط" 5/ 254.]]: يعني حلالا، وروى الكلبي [[ذكره في "زاد المسير" 4/ 151 وعزاه لابن عباس، وذكره البغوي 4/ 196 ولم يعزه.]]: أن شعيبًا كان كثير المال، قال ابن الأنباري: اعتد بكثرة المال نعمة من الله تعالى لما كان حلالاً سليمًا من التبعات، وقال جماعة من المفسرين: الرزق الحسن هاهنا: الهدى والتوفيق للرشد. قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 33، وانظر الثعلبي 7/ 54 ب، "زاد المسير" 4/ 151 البغوي 4/ 196.]] وغيره: جواب (إن) هاهنا محذوف لعلم المخاطب، المعنى: إنْ كنت على بينة من ربي ورزقني المال الحلال، [أتّبع الضلال فأبخس وأطفف، يريد أن الله قد أغناه بالمال الحلال] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] وذكرنا معنى هذا الشرط في قصة نوح [[عند قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ [هود: 28].]]. قوله تعالى: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾، [قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 144.]]: يريد وما أريد أن أفعل ما أنهاكم عنه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]]، وقال قتادة [[الطبري 12/ 103، البغوي 4/ 196، "زاد المسير" 4/ 151، الثعلبي 7/ 54 ب، ابن أبي حاتم 6/ 2074، أبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 627.]]: لم أكن لأنهاكم عن أمر ثم أرتكبه، ومعنى هذا القول أنه يقول: لا أنهى عن قبيح وأفعله كمن ليس مستنظرًا [[في (ي): (مستنصرًا)، ولعل الصواب "مستبصرًا".]] فيه، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 73.]]: أي لست أنهاكم عن شيء وأدخل فيه، وإنما أختار لكم ما أختار لنفسي، وتلخيص معنى اللفظ: وما أخالفكم بالقصد إلى [ما أنهاكم عنه؛ يقال: خالفه إلى] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] ذلك الأمر إذا أتاه [[في (ب): (أراه).]] مخالفًا له. وقال أبو بكر: بَيَّنَ أن الذي يدعوهم إليه من اتباع طاعة الله، وترك البخس والتطفيف، هو مما يرتضيه لنفسه ولا ينطوي إلا عليه، فكان بهذا ماحضًا لهم النصيحة، إذ اختار لهم ما اختاره لنفسه. وقوله تعالى: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ﴾ أي ما أريد إلا الإصلاح فيما بيني وبينكم بأن تعبدوا الله وحده وتفعلوا كما يفعل من يخاف الله، قاله ابن عباس. قوله تعالى: ﴿مَا اسْتَطَعْتُ﴾، مفعول الاستطاعة محذوف تقديره ما استطعته، أي ما استطعت الإصلاح، واستطاعة الإصلاح هو الإبلاغ والإنذار فقط، ولا يستطيع إجبارهم على الطاعة، وهذا معنى قول أبي إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 73.]]؛ لأنه قال في قوله ﴿مَا اسْتَطَعْتُ﴾: أي بقدر طاقتي، [وقدر طاقتي] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] إبلاغكم وإنذاركم، ولست قادرًا على إجباركم على الطاعة، ثم أعلم أنه لا يقدر هو ولا غيره على الطاعة إلا بتوفيق الله جل وعز، فقال: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾، أي أرجع إليه في المعاد في قول ابن عباس [[الثعلبي 7/ 54 ب، البغوي 4/ 196، القرطبي 9/ 90.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 103، والبغوي 4/ 196، وابن أبي حاتم 6/ 2074، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 628.]]. وقال الحسن [[انظر: "تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 244.]]: إليه أرجع بعملي ونيتي، وروي أن رسول الله ﷺ كان إذا ذكر شعيبًا قال: "ذاك خطيب الأنبياء" [[أخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 620 عن محمد بن إسحاق قال: "وشعيب بن ميكائيل النبي ﷺ، بعثه الله نبيًا، فكان من خبره، وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن. وكان رسول الله ﷺ إذا ذكره قال: "ذاك خطيب الأنبياء لمراجعته قومه" سكت عنه الذهبي في "التلخيص"، وفيه سلمة بن الفضل بن الأبرش، قال في "الميزان": 2/ 192: (ضعفه ابن راهويه، وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير، وقال ابن معين: كتبنا عنه وليس في المغازي أتم من كتابه، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو حاتم: لا يحتج به). والحديث ذكره السيوطي في "الدر" 3/ 504 وقال: أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحاق قال ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة أن رسول الله ﷺ كان إذا ذكر شعيبًا == قال: "ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما يرادهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلاده، وعتوا على الله، أخذهم عذاب يوم الظلة ... إلخ".]] لحسن مراجعته قومه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب