الباحث القرآني
(p-١٤٨)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فِيهِ ثَمانِيَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: ما أبْقى اللَّهُ لَكم مِنَ الحَلالِ بَعْدَ إيفاءِ الكَيْلِ والوَزْنِ، خَيْرٌ مِنَ البَخْسِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
(p-١٤٩)والثّانِي: رِزْقُ الله خَيْرٌ لَكم، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا، وبِهِ قالَ سُفْيانُ.
والثّالِثُ: طاعَةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم، قالَهُ مُجاهِدٌ، والزَّجّاجُ.
والرّابِعُ: حَظُّكم مِنَ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم، قالَهُ قَتادَةُ.
والخامِسُ: رَحْمَةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
والسّادِسُ: وصِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم، قالَهُ الرَّبِيعُ.
والسّابِعُ: ثَوابُ اللَّهِ في الآخِرَةِ خَيْرٌ لَكم، قالَهُ مُقاتِلٌ.
والثّامِنُ: مُراقَبَةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم، ذَكَرَهُ الفَرّاءُ.
وَقَرَأ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: " تَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكم " بِالتّاءِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ شَرَطَ الإيمانَ في كَوْنِهِ خَيْرًا لَهم، لِأنَّهم إنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، عَرَفُوا صِحَّةَ ما يَقُولُ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَما أنا عَلَيْكم بِحَفِيظٍ﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: ما أُمِرْتُ بِقِتالِكم وإكْراهِكم عَلى الإيمانِ.
والثّانِي: ما أُمِرْتُ بِمُراقَبَتِكم عِنْدَ كَيْلِكم لِئَلّا تَبْخَسُوا.
والثّالِثُ: ما أحْفَظُكم مِن عَذابِ الله إنْ نالَكم.
قَوْلُهُ تَعالى: " أصَلَواتُكُ تَأْمُرُكَ " وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ، وحَفْصٌ: " أصَلاتُكَ " عَلى التَّوْحِيدِ.
وَفِي المُرادِ بِصَلَواتِهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: دِينُهُ، قالَهُ عَطاءٌ. والثّانِي: قِراءَتُهُ، قالَهُ الأعْمَشُ. والثّالِثُ: أنَّها الصَّلَواتُ المَعْرُوفَةُ. وكانَ شُعَيْبٌ كَثِيرَ الصَّلاةِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ﴾ قالَ الفَرّاءُ: مَعْنى الآيَةِ: أصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا، أوْ أنْ نَتْرُكَ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ ؟
(p-١٥٠)وَفِي مَعْنى الكَلامِ عَلى قِراءَةِ مَن قَرَأ بِالنُّونِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ فِعْلَهم في أمْوالِهِمْ هو البَخْسُ والتَّطْفِيفُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ؛ فالمَعْنى: قَدْ تَراضَيْنا فِيما بَيْنَنا بِذَلِكَ.
والثّانِي: أنَّهم كانُوا يَقْطَعُونَ الدَّراهِمَ والدَّنانِيرَ، فَنَهاهم عَنْ ذَلِكَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وقالَ القُرَظِيُّ: عُذِّبُوا في قَطْعِهِمُ الدَّراهِمَ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وقَرَأ الضَّحّاكُ بْنُ قَيْسٍ الفِهْرِيُّ " ما تَشاءُ " بِالتّاءِ، ونَسَقَ " أنْ تَفْعَلَ " عَلى " أنْ تَتْرُكَ "، واسْتَغْنى عَنِ الإضْمارِ. قالَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ: في مَعْنى هَذِهِ القِراءَةِ أنَّهُ أمَرَهم بِالزَّكاةِ فامْتَنَعُوا. وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، والضَّحّاكُ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: " أوْ أنْ تَفْعَلَ في أمْوالِنا ما تَشاءُ " بِالتّاءِ فِيهِما؛ ومَعْنى هَذِهِ القِراءَةِ كَمَعْنى قِراءَةِ الفِهْرِيِّ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿إنَّكَ لأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهم قالُوهُ اسْتِهْزاءً بِهِ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ، والفَرّاءُ.
والثّانِي: أنَّهم قالُوا لَهُ: إنَّكَ لَأنْتَ السَّفِيهُ الجاهِلُ، فَكَنّى بِهَذا عَنْ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ.
والثّالِثُ: أنَّهم سَبُّوهُ بِأنَّهُ لَيْسَ بِحَلِيمٍ ولا رَشِيدٍ، فَأثْنى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ عَلَيْهِ فَقالَ: بَلْ إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ، لا كَما قالَ لَكَ الكافِرُونَ، حَكاهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أبِي الحَسَنِ المُصَيْصِيِّ.
والرّابِعُ: أنَّهُمُ اعْتَرَفُوا لَهُ بِالحِلْمِ والرُّشْدِ حَقِيقَةً، وقالُوا: أنْتَ حَلِيمٌ رَشِيدٌ، فَلِمَ تَنْهانا أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ ؟ حَكاهُ الماوَرْدِيُّ، وذَهَبَ إلى نَحْوِهِ ابْنُ كَيْسانَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ [هُودٍ:٢٨ و٦٣] .
(p-١٥١)وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَرَزَقَنِي مِنهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ الحَلالُ؛ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وكانَ شُعَيْبٌ كَثِيرَ المالِ.
والثّانِي: النُّبُوَّةُ. والثّالِثُ: العِلْمُ والمَعْرِفَةُ.
قالَ الزَّجّاجُ: وجَوابُ الشَّرْطِ هاهُنا مَتْرُوكٌ، والمَعْنى: إنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي، أتَّبِعُ الضَّلالَ ؟ فَتَرَكَ الجَوابَ، لِعِلْمِ المُخاطَبِينَ بِالمَعْنى، وقَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أُرِيدُ أنْ أُخالِفَكم إلى ما أنْهاكم عَنْهُ﴾ قالَ قَتادَةُ: لَمْ أكُنْ لِأنْهاكم عَنْ أمْرٍ ثُمَّ أرْتَكِبَهُ. وقالَ الزَّجّاجُ: ما أقْصِدُ بِخِلافِكُمُ القَصْدَ إلى ارْتِكابِهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ أُرِيدُ إلا الإصْلاحَ ما اسْتَطَعْتُ﴾ أيْ: ما أُرِيدُ بِما آمُرُكم بِهِ إلّا إصْلاحَ أُمُورِكم بِقَدْرِ طاقَتِي. وقَدْرُ طاقَتِي: إبْلاغُكم لا إجْبارُكم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما تَوْفِيقِي إلا بِاللَّهِ﴾ فَتَحَ تاءَ " تَوْفِيقِي " أهْلُ المَدِينَةِ، وابْنُ عامِرٍ. ومَعْنى الكَلامِ: ما إصابَتِي الحَقَّ في مُحاوَلَةِ صَلاحِكم إلّا بِاللَّهِ. ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ أيْ: فَوَّضْتُ أمْرِي، وذَلِكَ أنَّهم تَواعَدُوهُ بِقَوْلِهِمْ: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ﴾ [الأعْرافِ:٨٨] . ﴿وَإلَيْهِ أُنِيبُ﴾: أيْ: أرْجِعُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَجْرِمَنَّكم شِقاقِي﴾ حَرَّكَ هَذِهِ الياءَ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، ونافِعٌ. قالَ الزَّجّاجُ: لا تُكْسِبَنَّكم عَداوَتُكم إيّايَ أنْ تُعَذَّبُوا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنكم بِبَعِيدٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهم كانُوا قَرِيبًا مِن مَساكِنِهِمْ.
والثّانِي: أنَّهم كانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِعَذابِ قَوْمِ لُوطٍ. قالَ الزَّجّاجُ: كانَ إهْلاكُ قَوْمِ لُوطٍ أقْرَبَ الإهْلاكاتِ الَّتِي عَرَفُوها. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: إنَّما وحَّدَ بَعِيدًا، لِأنَّهُ أزالَهُ عَنْ صِفَةِ القَوْمِ، وجَعَلَهُ نَعْتًا لِمَكانٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: وما قَوْمُ لُوطٍ مِنكم بِمَكانٍ بَعِيدٍ.
(p-١٥٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ رَبِّي رَحِيمٌ ودُودٌ﴾ قَدْ سَبَقَ مَعْنى الرَّحِيمِ.
فَأمّا الوَدُودُ: فَقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَعْناهُ: المُحِبُّ لِعِبادِهِ، مِن قَوْلِهِمْ: ودِدْتُ الرَّجُلَ أوَدُّهُ وُدًّا ووَدًّا ووِدًّا، ويُقالُ: ودِدْتُ الرَّجُلَ وِدادًا و ودادَةً و وِدادَةً. وقالَ الخَطّابِيُّ: هو اسْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الوُدِّ؛ وفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ فَعُولًا في مَحَلِّ مَفْعُولٍ، كَما قِيلَ: رَجُلٌ هَيُوبٌ، بِمَعْنى مَهِيبٍ، وفُرْسٌ رَكُوبٌ، بِمَعْنى مَرْكُوبٍ، فاللَّهُ سُبْحانَهُ مَوْدُودٌ في قُلُوبِ أوْلِيائِهِ لِما يَتَعَرَّفُونَهُ مِن إحْسانِهِ إلَيْهِمْ.
والوَجْهُ الآخَرُ: أنْ يَكُونَ بِمَعْنى الوادِّ، أيْ: أنَّهُ يَوَدُّ عِبادَهُ الصّالِحِينَ، بِمَعْنى أنَّهُ يَرْضى عَنْهم بِتَقَبُّلِ أعْمالِهِمْ؛ ويَكُونُ مَعْناهُ: أنْ يُوَدِّدَهم إلى خَلْقِهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مَرْيَمَ:٩٦] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمّا تَقُولُ﴾ قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَعْناهُ: ما نَفْقَهُ صِحَّةَ كَثِيرٍ مِمّا تَقُولُ، لِأنَّهم كانُوا يَتَدَيَّنُونَ بِغَيْرِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونُوا لِاسْتِثْقالِهِمْ ذَلِكَ كَأنَّهم لا يَفْقَهُونَهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفًا﴾ وفِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: ضَرِيرًا؛ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ: كانَ أعْمى. قالَ الزَّجّاجُ: ويُقالُ إنَّ حِمْيَرَ تُسَمِّي المَكْفُوفَ: ضَعِيفًا.
والثّانِي: ذَلِيلًا، قالَهُ الحَسَنُ، وأبُو رَوْقٍ، ومُقاتِلٌ.
وَزَعَمَ أبُو رَوْقٍ أنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا أعْمى، ولا نَبِيًّا بِهِ زَمانَةٌ.
والثّالِثُ: ضَعِيفَ البَصَرِ، قالَهُ سُفْيانُ.
والرّابِعُ: عاجِزًا عَنِ التَّصَرُّفِ في المَكاسِبِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.
(p-١٥٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: لَوْلا عَشِيرَتُكَ لَقَتَلْناكَ بِالرَّجْمِ، والرَّجْمُ مِن سَيِّئِ القِتْلاتِ، وكانَ رَهْطُهُ مِن أهْلِ مِلَّتِهِمْ، فَلِذَلِكَ أظْهَرُوا المَيْلَ إلَيْهِمْ والإكْرامَ لَهم. وذَكَرَ بَعْضُهم أنَّ الرَّجْمَ هاهُنا بِمَعْنى الشَّتْمِ والأذى.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: بِكَرِيمٍ، والثّانِي: بِمُمْتَنِعٍ أنْ نَقْتُلَكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أرَهْطِي أعَزُّ عَلَيْكم مِنَ اللَّهِ﴾ وأسْكَنَ ياءَ " رَهْطِي " أهْلُ الكُوفَةِ، ويَعْقُوبُ، والمَعْنى: أتُراعُونَ رَهْطِي فِيَّ، ولا تُراعُونَ اللَّهَ فِيَّ ؟
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّخَذْتُمُوهُ وراءَكُمْ﴾ في هاءِ الكِنايَةِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى اللَّهِ تَعالى، قالَهُ الجُمْهُورُ. قالَ الفَرّاءُ: المَعْنى: رَمَيْتُمْ بِأمْر اللَّهِ وراءَ ظُهُورِكم. قالَ الزَّجّاجُ: والعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَن لا يَعْبَأُ بِأمْرٍ: قَدْ جَعَلَ فُلانٌ هَذا الأمْرَ بِظَهْرٍ، قالَ الشّاعِرُ:
؎ تَمِيمَ بْنَ قَيْسٍ لا تَكُونَنَّ حاجَتِي بِظَهْرٍ فَلا يَعِيا عَلَيَّ جَوابُها
والثّانِي: أنَّها كِنايَةٌ عَمّا جاءَ بِهِ شُعَيْبٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ أيْ: عالِمٌ بِأعْمالِكم، فَهو يُجازِيكم بِها. وما بَعْدَ هَذا قَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهُ إلى قَوْلِهِ: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنْعامِ:١٣٥] .
فَإنْ قالَ قائِلٌ: كَيْفَ قالَ هاهُنا " سَوْفَ " وفي سُورَةٍ أُخْرى " فَسَوْفَ " ؟ [الأنْعامِ:١٣٥]
فالجَوابُ: أنَّ كِلا الأمْرَيْنِ حَسَنٌ عِنْدَ العَرَبِ، إنْ أدْخَلُوا الفاءَ، دَلُّوا عَلى اتِّصالِ ما بَعْدَ الكَلامِ بِما قَبْلَهُ، وإنْ أسْقَطُوها، بَنَوُا الكَلامَ الأوَّلَ عَلى أنَّهُ قَدْ تَمَّ، (p-١٥٤)وَما بَعْدَهُ مُسْتَأْنَفٌ، كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أتَتَّخِذُنا هُزُوًا﴾ [البَقَرَةِ:٦٧]، والمَعْنى: فَقالُوا: أتَتَّخِذُنا، بِالفاءِ، فَحُذِفَتِ الفاءُ لِتَمامِ ما قَبْلَها. قالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
؎ فَقالَتْ يَمِينُ اللَّهِ مالَكَ حِيلَةٌ ∗∗∗ وما إنْ أرى عَنْكَ الغَوايَةَ تَنْجَلِي
خَرَجْتُ بِها أمْشِي تَجُرُّ وراءَنا ∗∗∗ عَلى إثْرِنا أذْيالَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: أرادَ: فَخَرَجَتْ، فَأسْقَطَ الفاءَ لِتَمامِ ما قَبْلَها. ويُرْوى: فَقُمْتُ بِها أمْشِي.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وارْتَقِبُوا إنِّي مَعَكم رَقِيبٌ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ارْتَقِبُوا العَذابَ، فَإنِّي أرْتَقَبُ الثَّوابَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: صاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ فَماتُوا في أمْكِنَتِهِمْ. قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: عَذَّبَ أهْلَ مَدِينَ بِثَلاثَةِ أصْنافٍ مِنَ العَذابِ، أخَذَتْهم رَجْفَةٌ في دِيارِهِمْ، حَتّى خافُوا أنْ تَسْقُطَ عَلَيْهِمْ، فَخَرَجُوا مِنها فَأصابَهم حَرٌّ شَدِيدٌ، فَبَعَثَ اللَّهُ الظُّلَّةَ، فَتَنادُوا: هَلُمَّ إلى الظِّلِّ؛ فَدَخَلُوا جَمِيعًا في الظُّلَّةِ، فَصِيحَ بِهِمْ صَيْحَةٌ واحِدَةٌ فَماتُوا كُلُّهم. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمْ تُعَذَّبْ أُمَّتانِ قَطُّ بِعَذابٍ واحِدٍ، إلّا قَوْمُ شُعَيْبٍ وصالِحٍ، فَأمّا قَوْمُ صالِحٍ، فَأخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مِن تَحْتِهِمْ، وأمّا قَوْمُ شُعَيْبٍ فَأخَذَتْهم مِن فَوْقِهِمْ، نَشَأتْ لَهم سَحابَةٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فِيها رِيحٌ بَعْدَ أنِ امْتَنَعَتِ الرِّيحُ عَنْهم، فَأتَوْها يَسْتَظِلُّونَ تَحْتَها فَأحْرَقَتْهم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ أيْ: كَما هَلَكَتْ ثَمُودُ.
(p-١٥٥)قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: بَعِدَ يَبْعَدُ: إذا كانَ بُعْدُهُ هَلَكَةً؛ وبَعُدَ يَبْعُدُ: إذا نَأى.
{"ayahs_start":86,"ayahs":["بَقِیَّتُ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَۚ وَمَاۤ أَنَا۠ عَلَیۡكُم بِحَفِیظࣲ","قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّی وَرَزَقَنِی مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنࣰاۚ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَاۤ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ","وَیَـٰقَوۡمِ لَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شِقَاقِیۤ أَن یُصِیبَكُم مِّثۡلُ مَاۤ أَصَابَ قَوۡمَ نُوحٍ أَوۡ قَوۡمَ هُودٍ أَوۡ قَوۡمَ صَـٰلِحࣲۚ وَمَا قَوۡمُ لُوطࣲ مِّنكُم بِبَعِیدࣲ","وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِۚ إِنَّ رَبِّی رَحِیمࣱ وَدُودࣱ","قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِینَا ضَعِیفࣰاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَـٰكَۖ وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡنَا بِعَزِیزࣲ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَهۡطِیۤ أَعَزُّ عَلَیۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَاۤءَكُمۡ ظِهۡرِیًّاۖ إِنَّ رَبِّی بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ","وَیَـٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّی عَـٰمِلࣱۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَمَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱۖ وَٱرۡتَقِبُوۤا۟ إِنِّی مَعَكُمۡ رَقِیبࣱ","وَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا نَجَّیۡنَا شُعَیۡبࣰا وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةࣲ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ٱلصَّیۡحَةُ فَأَصۡبَحُوا۟ فِی دِیَـٰرِهِمۡ جَـٰثِمِینَ","كَأَن لَّمۡ یَغۡنَوۡا۟ فِیهَاۤۗ أَلَا بُعۡدࣰا لِّمَدۡیَنَ كَمَا بَعِدَتۡ ثَمُودُ"],"ayah":"قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّی وَرَزَقَنِی مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنࣰاۚ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَاۤ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق