الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ﴾ الآية، الروع: الإفزاع، يقال: راعه يروعه روعًا [[ساقط من (ي).]] إذا أفزعه، قال عنترة [[البيت من معلقته المشهورة، انظر: "ديوانه" ص 123، والخمخم، بقلة لها حب أسود، وذلك أنهم كانوا مجتمعين في الربيع، فلما يبس البقل، سفت حب الخمخم، فكان ذلك نذيرًا بوشك فراقهم. وانظر: الطبري 12/ 78، "اللسان" (حمم) 3/ 1270، (خمم) 3/ 1270، "ديوان الأدب" 3/ 105، "كتاب العين" 3/ 43، "تاج العروس" (خمم)، وبلا نسبة في "تهذيب اللغة" 1/ 1106.]]: ما راعني إلا حمولةُ أهلها ... وسْط الديار تَسَفُّ حب الخمخم [[في حاشية (ب): (والحمحم أيضًا بالحاء والخاء).]] والرُّوع النفس وهو موضع الرَّوْع، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 134، الطبري 12/ 78.]]: يريد الفزع؛ قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 64.]]: يعني ارتياعه لما أنكرهم حين لم يأكلوا العجل. قال تعالى: ﴿وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى﴾، قال ابن عباس [[رواه الطبري عن ابن إسحاق 15/ 401، البغوي 2/ 394، القرطبي 9/ 72.]]: يريد بإسحاق ويعقوب. وقوله تعالى: ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾، (لمَّا) [[في (ي): (إلى)،]] تصحبها الأفعال الماضية؛ لأنها جعلت في الكلام لما قد وقع بوقوع غيره، تقول: (لَمَّا جاء زيد جاء عمرو)، وهاهنا قيل: (يجادلنا) على لفظ المستقبل، وذلك أن (لما) لما كانت شرطًا للماضي جاز أن يقع بعدها المستقبل بمعنى الماضي، كما أن (إنْ) [[ساقط من (ي).]] لما كانت شرطًا للمستقبل، جاز أن يقع بعدها الماضي بمعنى المستقبل، نحو: إن جاء زيد، حيث قال الله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ [الفرقان: 10]. وفيه وجه آخر وهو أن يكون قوله: ﴿يُجَادِلُنَا﴾ [حكاية لحال قد مضت، المعنى: لما ذهب عنه الروع أخذ يجادلنا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] وأقبل يجادلنا، فأضمر هذا الفعل قبل المستقبل؛ لأن (لما) تقتضيه، وفي كل كلام يخاطب به معنى (أخذ) و (أقبل) إذا أردت حكايته حال، والوجهان ذكرهما الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 94 بتصرف.]] وابن الأنباري. قال الزجاج: والوجه الثاني هو الذي أختاره، ومعنى يجادلنا: يجادل رسلنا من الملائكة في قول جميع المفسرين [[الطبري 12/ 78، الثعلبي 7/ 50 أ، البغوي 4/ 190، ابن عطية 7/ 354، "زاد المسير" 4/ 134، القرطبي 9/ 72، ابن كثير 2/ 495.]]؛ قالوا جميعًا: إن الرسل لما قالوا لإبراهيم: ﴿إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾، قال لهم: أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا: لا. قال: [فأربعون؟ قالوا: لا. قال:] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] فثلاثون؟ قالوا: لا. فما زال ينقص، فيقولون: لا، حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا، فاحتج عليهم بلوط وقال: إن فيها لوطًا؛ فقالوا: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾، وهذا معنى جدال إبراهيم في قوم لوط. وقال أهل المعاني [[ذكر هذا القول الطبري 12/ 79 ورده، والثعلبي 7/ 50 أ.]]: معنى (يجادلنا) يسألنا ويكلمنا فيهم ويراجعنا في ذلك، إلا أنه استعير لفظ يجادل؛ لأنه كان يحرص في السؤال حرص المجادل، والآية الثانية ذكرنا تفسيرها في سورة التوبة [[عند قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [آية: 114]. وخلاصة ما ذكره أن الأوّاه كما قال أبو عبيدة: المتأوّه شفقًا وفرقًا، المتضرع يقينًا ولزومًا للطاعة. والحليم، قال ابن عباس: لم يعاقب أحدًا إلا لله، ولم ينتصر من أحدٍ إلا لله.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب