الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ الآية، قال أهل المعاني: دخلت "قد" هاهنا لأن السامع لقصص الأنبياء عليهم السلام يتوقع قصة بعد قصة، و"قد" للتوقع، ودخلت اللام في ﴿لَقَدْ﴾ لتأكيد الخبر، والمراد بالرسل هاهنا الملائكة الذين أتوه على صورة الآدميين، وظنهم أضيافا، قال ابن عباس [[الثعلبي 7/ 48 أ، البغوي 4/ 187، "زاد المسير" 4/ 127.]]: وهم جبريل ومكائيل وإسرافيل، وهم الذين ذكرهم الله في الذاريات ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الذاريات: 24]، وفي الحجر ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحجر: 51].
وقال الضحاك [[البغوي 4/ 187، الثعلبي 7/ 48 أ، "زاد المسير" 4/ 127.]]: كانوا تسعة.
وقال السدي [[البغوي 4/ 187، الثعلبي 7/ 48 أ، "زاد المسير" 4/ 127 قال: (الوضاء وجوههم) بزيادة وجوههم وهي زيادة مهمة.]]: كانوا أحد عشر ملكًا على صورة الغلمان الوضاء.
وقوله تعالى: ﴿بِالْبُشْرَى﴾، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 60.]]: أي بالبشرى بالولد، وقد ذكر بعد هذه الآية بأيش [[هكذا وهو مختصر من: أي شيء، وهو صحيح لغة.]] بشروه.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾، قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 127.]]: نصب (سلامًا) بوقوع القول عليه؛ لأنه قول مقول فصار كقولك: (قلت: خيرًا أو شرًّا)، ويخالف هذا قوله: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ﴾ [الكهف: 22]؛ من أجل أن الثلاثة اسم غير قول مقول، وأما قوله: ﴿قَالَ سَلَامٌ﴾ فمرفوع بإضمار (عليكم سلام)، ولو نصبا جميعًا أو رفعا جاز في العربية، هذا كلامه، وهو قول الفراء في رفع الثاني وأنشد [[انظر: "معاني القرآن" 2/ 21، "تهذيب اللغة" 4/ 3958، اللسان (ومأ) 8/ 4926 "البحر المحيط" 2/ 452.]]:
فقلنا السلام فاتقت من أميرها ... فما كان إلا ومؤها بالحواجب
وقال أبو علي [["الحجة" 4/ 360.]]: أما انتصاب قوله: ﴿سَلَامٌ﴾ فلأنه لم يحك شيئًا تكلموا به فيحكى كما تحكى الجمل، ولكن هو معنى ما تكلمت به الرسل، كما أن القائل إذا قال: (لا إله إلا الله) فقلت (حقًّا) أو قلت (صدقًا)، أعملت القول في المصدرين؛ لأنك ذكرت معنى ما قال ولم تحك نفس الكلام الذي هو جملة تحكى، وأما قوله: ﴿قَالَ سَلَامٌ﴾ التقدير فيه: سلام عليكم، فحذف الخبر كما حذف من قوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ [[يوسف: 18، 83.]] [أي صبر جميل] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] أمثل، أو يكون المعنى أمري سلام وشأني سلام، كما أن قوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ يصلح أن يكون المحذوف منه المبتدأ، ومثل ذلك قوله: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ﴾ [الزخرف: 89] على حذف الخبر أو المبتدأ الذي سلام خبره، قال: وأكثر ما يستعمل سلام بغير ألف ولام، وذلك أنه في معنى الدعاء، فهو مثل قولهم: خير بين يديك، وأمت [[في (ي): (أمه).]] في حجر [[ساقط من (ي).]] لاقيك، لما كان في معنى المنصوب استجيز فيه الابتداء بالنكرة، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ [مريم: 47]، وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ﴾ [الرعد: 23 - 24]، وقوله: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ﴾ [الصافات: 79]، وقد جاء بالألف واللام، قال: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ [طه: 47]،
قال الأخفش [[ذكره نقلاً عن "الحجة" 4/ 363.]]: من العرب من يقول: سلامٌ عليكم، ومنهم من يقول: السلام عليكم؛ فالذين ألحقوا الألف واللام حملوه على المعهود، والذين لم يلحقوا [[في (ي): (يلحقوه).]] حملوه على غير المعهود. وزعم أن منهم من يقول: سلامُ عليكم، فلا ينون، وحمل ذلك على وجهين، أحدهما: أنه [حذف الزيادة من الكلمة كما تحذف الأصل من نحو: لم يك، ولا أدر، والآخر: أنه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] لما كثر استعمال هذه الكلمة فيها الألف واللام حذفا منه لكثرة الاستعمال، كما حذف من (اللهم) فقالوا: (لاهم)، وذكرنا معنى السلام في التحية عند قوله: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ﴾ [الأنعام: 54] [[الأنعام: 54. وخلاصة ما ذكره أنه يحتمل وجهن، أحدهما: أن يكون مصدر سلمت تسليمًا وسلامًا أي دعوت له بأن يسلم من الآفات في دينه ونفسه، الثاني: أن يكون السلام جمع السلامة بمعنى قولك: السلام عليكم أي السلامة عليكم.]]، [وقرأ
حمزة والكسائي هاهنا (وقال سِلْم) بكسر السين [[قرأ حمزة والكسائي (قال سلم) بغير ألف بكسر السين وتسكين اللام، والباقون بفتح السين وألف. انظرت "السبعة" 338، "إتحاف" 258، "الكشف" 1/ 534، "الحجة" 4/ 364.]]، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 21.]]: وهو في المعنى سلام] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]؛ كما قالوا: حِلّ وحلال، وحِرْم وحرام؛ لأن التفسير جاء: سلموا عليه فرد عليهم، وأنشد [[لم أهتد إلى قائله. انظر: "معاني القرآن" 2/ 21، اللسان (كل)، اكتل السحاب عن البرق أي لمع به، واللوائح التي لاح برقها أي: لمع وظهر. الطبري 12/ 69، "البحر المحيط" 5/ 241، ابن عطية 6/ 340، "الدر المصون" 6/ 352.]]:
مررنا فقلنا إيه سلم فسلمت ... كما اكتلى [[في (جـ): (أكل)، وفي (ص): (اكبلى)، وفي الفراء 2/ 21: (كما اكتل).]] بالبرق الغمام اللوايح
فهذا دليل على أنهم سلموا فردت عليهم، فعلى هذا: القراءتان
بمعنى واحد، وإن اختلف اللفظان، قال أبو علي [["الحجة" 4/ 364.]]: ويحتمل أن يكون: سلم، خلاف العدو والحرب، كأنهم قالوا لما كفوا عن تناول ما قدمه إليهم فنكرهم وأوجس منهم خفية قال: أنا سلم ولست بحرب ولا عدو، فلا تمتنعوا عن تناول طعامي، كما يُمتنع من تناول طعام العدو.
وقوله تعالى: ﴿فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ﴾، قال عبيد بن عمير: مكث إبراهيم خمس عشرة [[في (ي): (خمسة عشر).]] ليلة لا يأتيه ضيف، فاغتم لذلك، فلما جاءته الملائكة فرأى أضيافًا لم ير مثلهم عجل [[ساقط من (ي).]] فجاءهم بعجل حنيذ، فذلك قوله: ﴿فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 21.]]: ﴿أَن﴾ في موضع نصب؛ لوقوع ﴿لَبِثَ﴾ عليها كأنك قلت: فما أبطأ عن مجيئه بعجل، فلما ألقيت الصفة وقع الفعل عليها، قال: وقد يكون رفعا بـ (لبث) وتقديرها المصدر، أي فما لبث مجيئه بعجل، أي ما أبطأ ذلك المجيء.
وقوله تعالى: ﴿حَنِيذٍ﴾، قال الليث [["تهذيب اللغة" (حنذ) 1/ 938، "اللسان" (حنذ) 2/ 1021.]]: الحنذ: اشتواء اللحم بالحجارة المسخنة، تقول حنذته حنذًا.
وقوله تعالى: ﴿بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ محنوذ مشوي، وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 21.]]: ما حفرت له في الأرض ثم غممته، وهو من فعل أهل البادية معروف، وهو محنوذ في الأصل، كما قيل: طبيخ ومطبوخ، وقال [[نقله الطبري 12/ 69، الثعلبي 7/ 48 ب، "تهذيب اللغة" (حنذ) 1/ 938، اللسان (حنذ) 2/ 1021.]] في كتاب "المصادر": والخيل تحنذ إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق.
وقال أبو عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 292.]]: الحنيذ: المشوي، قال: ويقال قد حنذت الفرس إذا سخنته وعرقته.
وأنشد للعجاج [[انظر: "ديوانه" ص 9، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 292، "اللسان" (حنذ) 2/ 1021، "الطبري" 12/ 69، والحنذ شدة الحر وإحراقه، أهرج البعير: تحير وسدد من شدة الحر. "تهذيب اللغة" 1/ 938 (حنذ). "التنبيه والإيضاح" 1/ 215، "تاج العروس" 5/ 361، كتاب "العين" 6/ 106.]]:
ورهبًا من حنذه أن يهرجا
قال ابن عباس في رواية [[الطبري 12/ 69، "زاد المسير" 4/ 128، القرطبي 9/ 64، ابن المنذر كما في "الدر" 4/ 446.]] ابن جريج: الحنيذ النضيج، وهو قول مجاهد وقتادة [[الطبري 12/ 69، الثعلبي 7/ 48 ب، "زاد المسير" 4/ 128.]].
وقال في رواية عطاء: هو الذي نتف شعره وشوي.
وقال عبد الله بن مسلم [["مشكل القرآن وغريبه" ص 211، الثعلبي 7/ 48 ب.]]: هو المشوي في خد من الأرض بالرضف [[ساقط من (ب).]] وهي الحجارة المحماة، ومنه الحديث: "أنه أتي بضب محنوذ" [[أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 323.]].
{"ayah":"وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاۤءَ بِعِجۡلٍ حَنِیذࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق