الباحث القرآني
رُسُلُنا يريد الملائكة. عن ابن عباس: جاءه جبريل عليه السلام وملكان معه. وقيل:
جبريل وميكائيل وإسرافيل. وقيل: كانوا تسعة. وعن السدى: أحد عشر بِالْبُشْرى هي البشارة بالولد. وقيل: بهلاك قوم لوط، والظاهر الولد سَلاماً سلمنا عليك سلاما سَلامٌ أمركم سلام. وقرئ: فقالوا سلما قال سلم، بمعنى السلام. وقيل: سلم وسلام، كحرم وحرام، وأنشد:
مَرَرْنَا فَقُلْنَا إيِه سِلْمٌ فَسَلَّمَتْ ... كَمَا اكْتَلَّ بِالبَرْقِ الْغَمَامُ اللَّوَائِحُ [[لذي الرمة غيلان بن عقبة، يقول: مررنا بديار المحبوبة مىّ، فقلنا إيه، أى حدثى واستأنسى، فأسرنا سلم، أى سلامة وأنس، فسلمت علينا ولمعت ثناياها وغابت بسرعة، كما لمع الغمام بلمعان البرق. وغاب البرق بسرعة.
واكتل اكتلالا: لمع لمعانا واللوائح الظواهر: صفة الغمام، لتعدده معنى.]]
فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ فما لبث في المجيء به، بل عجل فيه. أو فما لبث مجيئه. والعجل: ولد البقرة، ويسعى الحسيل والخبش بلغة أهل السراة، وكان مال إبراهيم عليه الصلاة والسلام البقر حَنِيذٍ مشوىّ بالرضف [[قوله «مشوى بالرضف» أى الحجارة المحماة، كما في الصحاح. (ع)]] في أخدود. وقيل حَنِيذٍ يقطر دسمه، من حنذت الفرس إذا ألقيت عليها الجل حتى تقطر عرقا، ويدل عليه بِعِجْلٍ سَمِينٍ. يقال: نكره وأنكره واستنكره، ومنكور قليل في كلامهم، وكذلك: أنا أنكرك، ولكن منكر ومستنكر، وأنكرك. قال الأعشى:
وَأَنْكَرَتْنِى وَمَا كَانَ الَّذِى نَكِرَتْ ... مِنَ الْحَوَادِثِ إلّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا [[للأعشى. ويقال: أنكره ونكره: جهله ونفر منه: أى جهلتنى المحبوبة، وما كان الذي أنكرته من الحوادث إلا الشيب والصلع وهو انحسار شعر الرأس. وقيل: إن أبا عبيدة سمع بشارا ينكر نسبة هذا البيت للأعشى ويقول: إنه مصنوع عليه لا يشبه كلامه، فتعجب أبو عبيدة من فطنته، كأنه صح عنده إنكاره.]]
قيل: كان ينزل في طرف من الأرض فخاف أن يريدوا به مكروها [[قال محمود: «قيل إنه كان ينزل في طرف من الأرض فخاف أن يريدوا به مكروها ... الخ» قال أحمد:
وقد وردت قصة إبراهيم هذه في ثلاثة مواضع: هذا أحدها، وهو دال على أنه إنما أوجس منهم خيفة لعلمه أنهم ملائكة وعدم علمه فيم جاءوا. الثاني: في الحجر قوله وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ إلى قوله لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ فلم يطمئنوا بإعلامه أنهم ملائكة، ولكن بأنهم يبشرون له، فدل على استشعارهم أنه علم كونهم ملائكة ووجل مما جاءوا فيه. الثالث: في الذاريات فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ فهو أيضا كذلك. وأما لوط فلم يشعر أنهم ملائكة حتى أعلموه بذلك. ألا ترى إلى قوله تعالى قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فأول ما أعلموا به أنهم رسل، فالفرق بين هذه الآية وبين آي إبراهيم، مصداق لأن إبراهيم علم كونهم ملائكة ولوطا لم يعلم ذلك، ولا يبعد من فضل إبراهيم على لوط أن يبعد على فراسته أن يعلم أنهم ملائكة دون لوط عليهما السلام.]] . وقيل: كانت عادتهم أنه إذا مسّ من يطرقهم طعامهم أمنوه وإلا خافوه، والظاهر أنه أحسّ بأنهم ملائكة، ونكرهم لأنه تخوّف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله عليه أو لتعذيب قومه، ألا ترى إلى قولهم لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وإنما يقال هذا لمن عرفهم ولم يعرف فيهم أرسلوا وَأَوْجَسَ فأضمر [[عاد كلامه. قال: «ومعنى أوجس أضمر وإنما قالوا لا تخف لأنهم رأوا أثر الخوف ... الخ» قال أحمد:
وهذا التأويل وهم فيه الزمخشري والله أعلم، لأنهم إنما علموا خوفه ووجله باخباره إياهم بذلك، ويدل عليه قوله تعالى في آية أخرى قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ والقصة واحدة، والله الموفق للصواب.]] . وإنما قالوا لا تَخَفْ لأنهم رأوا أثر الخوف والتغير في وجهه.
أو عرفوه بتعريف الله. أو علموا أن علمه بأنهم ملائكة موجب للخوف، لأنهم كانوا لا ينزلون إلا بعذاب وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ قيل: كانت قائمة وراء الستر تسمع تحاورهم. وقيل: كانت قائمة على رؤسهم تخدمهم. وفي مصحف عبد الله: وامرأته قائمة وهو قاعد فَضَحِكَتْ سروراً بزوال الخيفة [[عاد كلامه. قال: «وضحك زوجته لأنها سرت بذهاب الخيفة ... الخ» قال أحمد: ويبعد هذا التأويل أنها قالت بعد يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ فلو كان حيضها قبل بشارتها لما تعجبت، إذ لا عجب في حمل من تحيض، والحيض في العادة مهماز على إمكان الحمل، والله الموفق.]] أو بهلاك أهل الخبائث. أو كان ضحكها ضحك إنكار لغفلتهم وقد أظلهم العذاب. وقيل: كانت تقول لإبراهيم: اضمم لوطاً ابن أخيك إليك فإنى أعلم أنه ينزل بهؤلاء القوم عذاب، فضحكت سروراً لما أتى الأمر على ما توهمت. وقيل ضحكت فحاضت.
وقرأ محمد بن زياد الأعرابى فَضَحِكَتْ بفتح الحاء يَعْقُوبَ رفع بالابتداء، كأنه قيل:
ومن وراء إسحاق يعقوب مولود أو موجود، أى من بعده. وقيل الوراء: ولد الولد، وعن الشعبي أنه قيل له: أهذا ابنك؟ فقال نعم، من الوراء، وكان ولد ولده. وقرئ يَعْقُوبَ بالنصب، كأنه قيل. ووهبنا لها إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، على طريقة قوله:
... لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً ... وَلَا نَاعِبٍ [[تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة 381 فراجعه إن شئت اه مصححه.]] ...
الألف في يا وَيْلَتى مبدلة من ياء الإضافة، وكذلك في «يا لهفاً» و «يا عجباً» وقرأ الحسن:
يا ويلتى، بالياء على الأصل. وشَيْخاً نصب بما دلّ عليه اسم الإشارة. وقرئ شيخ، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أى: هذا بعلى هو شيخ. أو بعلى: بدل من المبتدأ، وشيخ:
خبر، أو يكونان معاً خبرين. قيل: بشرت ولها ثمان وتسعون سنة، ولإبراهيم مائة وعشرون سنة إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ أن يولد ولد من هرمين، وهو استبعاد من حيث العادة التي أجراها الله. وإنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها ف قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لأنها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأمور الخارقة للعادات، فكان عليها أن تتوقر، ولا يزدهيها [[قوله «ولا يزدهيها» في الصحاح: زهاه وازدهاه: استخفه وتهاون به. (ع)]] ما يزدهى سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة، وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب، وإلى ذلك أشارت الملائكة صلوات الله عليهم في قولهم رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوّة، فليست بمكان عجب. وأمر الله: قدرته وحكمته: وقوله رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ كلام مستأنف علل به إنكار التعجب، كأنه قيل: إياك والتعجب، فإنّ أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم. وقيل: الرحمة النبوة، والبركات الأسباط من بنى إسرائيل، لأنّ الأنبياء منهم، وكلهم من ولد إبراهيم حَمِيدٌ فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده مَجِيدٌ كريم كثير الإحسان إليهم. وأهل البيت: نصب على النداء أو على الاختصاص، لأن أَهْلَ الْبَيْتِ مدح لهم: إذ المراد: أهل بيت خليل الرحمن.
{"ayahs_start":69,"ayahs":["وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاۤءَ بِعِجۡلٍ حَنِیذࣲ","فَلَمَّا رَءَاۤ أَیۡدِیَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَیۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِیفَةࣰۚ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡ إِنَّاۤ أُرۡسِلۡنَاۤ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطࣲ","وَٱمۡرَأَتُهُۥ قَاۤىِٕمَةࣱ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَـٰهَا بِإِسۡحَـٰقَ وَمِن وَرَاۤءِ إِسۡحَـٰقَ یَعۡقُوبَ","قَالَتۡ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزࣱ وَهَـٰذَا بَعۡلِی شَیۡخًاۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَیۡءٌ عَجِیبࣱ","قَالُوۤا۟ أَتَعۡجَبِینَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَـٰتُهُۥ عَلَیۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَیۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِیدࣱ مَّجِیدࣱ"],"ayah":"وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاۤءَ بِعِجۡلٍ حَنِیذࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











