الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾، ذكرنا معنى الخزائن في مثل هذه الآية في سورة الأنعام [[وهو قوله: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [الأنعام:50]. قال: "الخزائن جمع الخزانة، وهي اسم المكان الذي يخزن فيه الشيء، وخزن الشيء: إحرازه بحيث لا تناله الأيدي. والخزانة أيضاً: عمل الخازن" اهـ.]]، قال ابن عباس في هذه الآية: يريد مفاتيح الغيب. قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 98، والبغوي 4/ 172، "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 1027، (خزن).]]: الخزائن هاهنا يعني بها غيوب الله وما هو مطوي عن الخلق، وإنما وجب أن يكون هذا جوابًا من نوح عليه السلام لهم لما قالوا: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ﴾ الآية، فادَّعوا أن هؤلاء المؤمنين اتبعوه في ظاهر ما يرى منهم، وهم في الحقيقة غير متبعين له، فقال مجيبًا لهم: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ غيوب الله التي يعلم منها ما ينطوي عليه الناس ويضمرونه، ولا أعلم ما يغيب عني مما يسترونه في نفوسهم؛ فسبيلي قبول إيمانهم الذي يظهر لي، ومضمراتهم لا يعلمها إلا الله، فقيل للغيوب: خزائن لغموضها على الناس واستتارها عنهم، كما يقال: خزن المال: إذا غيبه. [وقوله: ﴿وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾، هذا جواب لقولهم: ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾ أي: لا ينبغي أن تحتجوا عليّ بأمر لا أدعيه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 38 بنحوه.]]: ﴿تَزْدَرِي﴾ تستقل وتستبخس [[في (ب): (تستحسن)، وهو وهم من الناسخ.]]، يقال: أزريت على [[في (ب): (في).]] الرجل: إذا عبت عليه وخسست فعله، وأصل تزدري: تزتري، إلا أن هذه التاء تبدل بعد الزاي دالاً؛ لأن التاء من حروف الهمس، وحروف الهمس خفية، والتاء بعد الزاي تخفى فأبدل منها الدال لجهرها، وكذلك (يفتعل) من الزينة والزيادة [[يعني: تزدان، وتزداد.]]. وقال ابن عباس [[قال به الطبري 12/ 30، "زاد المسير" 4/ 99، البغوي 4/ 172، القرطبي 9/ 27.]]: ﴿لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ يريد: تحتقر وتستصغر، يعني المؤمنين. ﴿لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا﴾ [وذلك أنهم قالوا: هم أراذلنا، فقال نوح: لا أقول إن الله لا يؤتيهم خيرًا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]]، ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 49 بمعناه.]]: أي إن كنتم تزعمون أنهم إنما اتبعوني في ظاهر الرأي، فليس علي أن أطلع على ما في نفوسهم، فإذا رأيت من يوحد الله عملت على ظاهره، ورددت علم ما في نفوسهم إلى الله. وقوله تعالى: ﴿إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 99.]]: أي إن طردتهم تكذيبًا لظاهرهم ومبطلاً لإيمانهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب