الباحث القرآني

﴿الر﴾ قال ابن عباس [[الطبري 11/ 91، وابن أبي حاتم 6/ 1994، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 534، "زاد المسير" 4/ 4، ابن عطية 7/ 94.]]: يريد أنا الله الرحمن. وذكرنا الكلام في تفسير هذا الحرف في فاتحة يونس [[مسألة الحروف المقطعة في أوائل سور القرآن من المسائل التي كثرت فيها أقوال العلماء فسأذكر أبرز أقوالهم بإيجاز، مع تعيين الراجح منها: القول الأول: أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله. الثاني: أنها حروف كل حرف يرمز إلى معنى، واختلفوا فيما يرمز إليه كل حرف. الثالث: أنها للتنبيه ولفت نظر المشركين إلى القرآن وتدبره. الرابع: أنها أسماء السور التي افتتحت بها. الخامس: أنها من أسماء الله تعالى. السادس: أنها أقسام أقسم الله بها. السابع: أنها ذكرت بيانًا لإعجاز القرآن، فمع أن القرآن مركب من هذه الحروف التي يتخاطبون بها ومع ذلك فهم عاجزون عن معارضته بمثله. وهذا هو القول الراجح الذي ذهب إليه جمهور المحققين، ويدل عليه أن السور التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائما عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه، وأنه الحق الذي لا شك فيه. وممن قال بهذا القول: الفراء، وقطرب، والمبرد، وابن كثير، وابن تيمية، وأبو الحجاج المزي، والزمخشري، وغيرهم. انظر: الطبري 1/ 86 - 96، البغوي 1/ 58، 4/ 159، "زاد المسير" 1/ 20، ابن عطية 1/ 138 - 141، ابن كثير 1/ 38 - 41، الألوسي 1/ 99، المنار 1/ 103، "أضواء البيان" 3/ 3، رسالة "الحروف المقطعة في القرآن"، دراسة ورأي عبد الجبار شرارة.]]. وقوله تعالى ﴿كِتَابٌ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 3.]]: رفعت بالهجاء الذي قبله. قال الزجاج [["معاني القرآن إعرابه" للزجاج 3/ 37.]]: وهذا غلط [[وتعقب هذا القول أيضًا الطبري 11/ 179 فقال: "فأما قول من زعم أن قوله ﴿الر﴾ مراد به سائر حروف المعجم التي نزل بها القرآن، وجعلت هذه الحروف دلالة على جميعها، وأن معنى الكلام: "هذه الحروف كتاب أحكمت آياته" فإن الكتاب على قوله ينبغي أن يكون مرفوعًا بقوله: ﴿الر﴾ اهـ.]]؛ لأنه جعل كتاب خبر ﴿الر﴾ و ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ ليس هو ﴿الر﴾ وحدها، قال الفراء: وإن شئت أضمرت له ما يرفعه، كأنك قلت: هذا كتاب، ووافقه الزجاج على هذا القول. وقول تعالى: ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾، ذكرنا أن معنى الإحكام في اللغة منع الفعل من الفساد [[انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 886 (حكم)، "مقاييس اللغة" 2/ 91، "لسان العرب" 2/ 952 (حكم).]]، قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أحكمت آياته: أي لم تنسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع بها، وقال قتادة [[الطبري 11/ 180، وعبد الرزاق 2/ 301، وابن أبي حاتم 6/ 1995، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 578، و"زاد المسير" 4/ 73، والبغوي 4/ 159.]] ومقاتل [[تفسير مقاتل 143 ب، الثعلبي 7/ 32 ب، "زاد المسير" 4/ 73.]]: أحكمت آياته من الباطل. قال ابن الأنباري [[انظر: "زاد المسير" 4/ 74.]]: فعلى قول الكلبي: المعنى أحكمت بعض آياته بأن جعل ناسخا غير منسوخ، وما نسخ من القرآن لا يدخل في هذا الإحكام، وأوقعت الآيات على بعضها على مذهب العرب في إيقاع اسم الجنس علي النوع حين يقولون: أكلت طعام [[في (ي): (الطعام).]] زيد، يعنون بعض طعامه، وعلى قول قتادة تلخيص معنى الآية: أحكمت آياته بعجيب النظم، وبديع المعاني، ورصين اللفظ الذي يحسم طمع كل مفتر في التشبيه به، وآيات القرآن كلها معجزة غير مقدور على مثلها لبديع نظمها. وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" 138، "زاد المسير" 4/ 74، البغوي 4/ 159.]] في رواية الكلبي: بينت بالأحكام من الحلال والحرام، وهو قول قتادة [[الطبري 11/ 180، وابن أبي حاتم 6/ 1959، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 578.]]. وقال الحسن [[الطبري 11/ 179، الثعلبي 7/ 532، ابن أبي حاتم 6/ 1995، ابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 578، "زاد المسير" 4/ 74.]]: فصلت بالثواب والعقاب، وهو معنى قول أبي العالية [[الثعلبي 7/ 32 ب، القرطبي 9/ 3.]]: بالوعد والوعيد. قال أبو إسحاق [["معانى القرآن وإعرابه" 3/ 37.]]: المعنى -والله أعلم-: إن آياته أحكمت وفصلت بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على التوحيد وتثبيت نبوة الأنبياء وإقامة الشرائع. وقوله تعالى: ﴿مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾، قال ابن عباس [["تنوير المقباس" 138 بمعناه.]]: من عند حكيم في خلقه، خبير بمن يصدق نبيه ويوحده، وبمن يكذب نبيه ويتخذ معه إلهًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب