الباحث القرآني
(p-182)سُورَةُ هُودٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَكِّيَّةٌ، وهي مِائَةٌ وثَلاثٌ وعِشْرُونَ آيَةً
﴿الر﴾ مَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وقِيلَ: عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ والأوَّلُ هو الأظْهَرُ، كَما أُشِيرَ إلَيْهِ في سُورَةِ يُونُسَ، أوِ النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ يُناسِبُ المَقامَ نَحْوِ (اذْكُرْ) أوِ (اقْرَأْ) عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ اسْمًا لِلسُّورَةِ عَلى ما عَلَيْهِ إطْباقُ الأكْثَرِ، أوْ لا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإعْرابِ، مَسْرُودٌ عَلى نَمَطِ التَّعْدِيدِ، حَسْبَما فُصِّلَ في أخَواتِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كِتابٌ﴾ خَبَرٌ لَهُ عَلى الوَجْهِ الثّانِي، ولِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَلى الوُجُوهِ الباقِيَةِ.
﴿أُحْكِمَتْ آياتُهُ﴾ نُظِمَتْ نَظْمًا مُتْقَنًا لا يَعْتَرِيهِ خَلَلٌ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، أوْ جُعِلَتْ حَكِيمَةً لِانْطِوائِها عَلى جَلائِلِ الحِكَمِ البالِغَةِ ودَقائِقِها، أوْ مُنِعَتْ مِنَ النَّسْخِ بِمَعْنى التَّغْيِيرِ مُطْلَقًا، أوْ أُيِّدَتْ بِالحُجَجِ القاطِعَةِ الدّالَّةِ عَلى كَوْنِها مِن عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، أوْ عَلى ثُبُوتِ مَدْلُولاتِها، فالمُرادُ بِالآياتِ جَمِيعُها، أوْ عَلى حَقِّيَّةِ ما تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ، فالمُرادُ بِها بَعْضُها المُشْتَمِلُ عَلَيْها، كَما إذا فُسِّرَ الإحْكامُ بِالمَنعِ مِنَ النَّسْخِ بِمَعْنى تَبْدِيلِ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ خاصَّةً، وأمّا تَفْسِيرُهُ بِالمَنعِ مِنَ الفَسادِ أخْذًا مِن قَوْلِهِمْ: أحْكَمْتُ الدّابَّةَ إذا وضَعْتَ عَلَيْها الحَكَمَةَ؛ لِتَمْنَعَها مِنَ الجِماحِ - فَفِيهِ إيهامُ ما لا يَكادُ يَلِيقُ بِشَأْنِ الآياتِ الكَرِيمَةِ مِنَ التَّداعِي إلى الفَسادِ لَوْلا المانِعُ، وفي إسْنادِ الإحْكامِ عَلى الوُجُوهِ المَذْكُورَةِ إلى آياتِ الكِتابِ دُونَ نَفْسِهِ - لا سِيَّما عَلى الوُجُوهِ الشّامِلَةِ لِكُلِّ آيَةٍ آيَةٍ مِنهُ مِن - حُسْنِ المَوْقِعِ والدَّلالَةِ عَلى كَوْنِهِ في أقْصى غايَةٍ مِنهُ ما لا يَخْفى.
﴿ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ أيْ: جُعِلَتْ فُصُولًا مِنَ الأحْكامِ والدَّلائِلِ والمَواعِظِ والقِصَصِ، أوْ فُصِّلَ فِيها مُهِمّاتُ العِبادِ في المَعاشِ والمَعادِ عَلى الإسْنادِ المَجازِيِّ، والتَّفْسِيرُ بِجَعْلِها آيَةً آيَةً لا يُساعِدُهُ المَقامُ؛ لِأنَّ ذَلِكَ مِنَ الأوْصافِ الأوَّلِيَّةِ فَلا يُناسِبُ عَطْفُهُ عَلى أحْكامِها بِكَلِمَةِ التَّراخِي، وأمّا المَعْنَيانِ الأوَّلانِ فَهُما - وإنْ كانا مَعَ الإحْكامِ زَمانًا حَيْثُ لَمْ تَزَلِ الآياتُ مُحْكَمَةً مُفَصَّلَةً لا أنَّها أُحْكِمَتْ أوْ فُصِّلَتْ بَعْدَ أنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ إذِ الفِعْلانِ مِن قَبِيلِ قَوْلِهِمْ: سُبْحانَ مَن صَغَّرَ البَعُوضَ وكَبَّرَ الفِيلَ - إلّا أنَّهُما حَيْثُ كانا مِن صِفاتِ الآياتِ بِاعْتِبارِ نِسْبَةِ بَعْضِها إلى بَعْضٍ عَلى وجْهٍ يَسْتَتْبِعُ أحْكامًا مَخْصُوصَةً وآثارًا مُعْتَدًّا بِها، وبِمُلاحَظَةِ مَصالِحِ العِبادِ ناسَبَ أنْ يُشارَ إلى تَراخِي رُتْبَتِهِما عَنْ رُتْبَةِ الإحْكامِ، وإنْ حُمِلَ جَعْلُها آيَةً آيَةً عَلى مَعْنى تَفْرِيقِ بَعْضِها عَنْ بَعْضٍ يَكُونُ مِن هَذا القَبِيلِ إلّا أنَّهُ لَيْسَ في مَثابَتِهِ في اسْتِتْباعِ ما يَسْتَتْبِعُهُ مِنَ الأحْكامِ والآثارِ، أوْ فُرِّقَتْ في التَّنْزِيلِ مُنَجِّمَةً بِحَسَبِ المَصالِحِ، فَإنْ أُرِيدَ تَنْزِيلُها المُنَجَّمُ بِالفِعْلِ فالتَّراخِي زَمانِيٌّ، وإنْ أُرِيدَ جَعْلُها في نَفْسِها بِحَيْثُ يَكُونُ نُزُولُها مُنَجَّمًا حَسْبَما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ والمَصْلَحَةُ فَهو رُتْبِيٌّ؛ لِأنَّ ذَلِكَ وصْفٌ لازِمٌ لَها حَقِيقٌ بِأنْ يُرَتَّبَ عَلى وصْفِ إحْكامِها، وقُرِئَ (أحْكَمْتُ (p-183)آياتِهِ ثُمَّ فَصَّلْتُ) عَلى صِيغَةِ التَّكَلُّمِ وعَنْ عِكْرِمَةَ، والضَّحّاكِ ﴿ (ثُمَّ فُصِّلَتْ)﴾ أيْ: فَرَّقَتْ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ.
﴿مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ صِفَةٌ لِلْكِتابِ وُصِفَ بِها بَعْدَما وصِفَ بِإحْكامِ آياتِهِ وتَفْصِيلِها الدّالَّيْنِ عَلى عُلُوِّ رُتْبَتِهِ مِن حَيْثُ الذّاتُ إبانَةً لِجَلالَةِ شَأْنِهِ مِن حَيْثُ الإضافَةُ، أوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لِلْمُبْتَدَأِ المَذْكُورِ أوِ المَحْذُوفِ، أوْ صِلَةٌ لِلْفِعْلَيْنِ، وفي بِنائِهِما لِلْمَفْعُولِ ثُمَّ إيرادِ الفاعِلِ بِعُنْوانِ الحِكْمَةِ البالِغَةِ والإحاطَةِ بِجَلائِلِها ودَقائِقِها مُنَكَّرًا بِالتَّنْكِيرِ التَّفْخِيمِيِّ ورَبْطِهِما بِهِ لا عَلى النَّهْجِ المَعْهُودِ في إسْنادِ الأفاعِيلِ إلى قَواعِدِها مَعَ رِعايَةِ حُسْنِ الطِّباقِ - مِنَ الجَزالَةِ والدَّلالَةِ عَلى فَخامَتِهِما وكَوْنِهِما عَلى أكْمَلِ ما يَكُونُ ما لا يُكْتَنَهُ كُنْهُهُ.
{"ayah":"الۤرۚ كِتَـٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَایَـٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِیمٍ خَبِیرٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق