الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ صَرَّفْناهُ﴾ الضَّمِيرُ لِلْماءِ المُنَزَّلِ مِنَ السَّماءِ كالضَّمِيرَيْنِ السّابِقَيْنِ، وتَصْرِيفُهُ تَحْوِيلُ أحْوالِهِ وأوْقاتِهِ، وإنْزالُهُ عَلى أنْحاءَ مُخْتَلِفَةٍ، أيْ: وبِاللَّهِ تَعالى لَقَدْ صَرَّفْنا المَطَرَ ﴿بَيْنَهُمْ﴾ أيْ: بَيْنَ النّاسِ (p-32)فِي البُلْدانِ المُخْتَلِفَةِ والأوْقاتِ المُتَغايِرَةِ والصِّفاتِ المُتَفاوِتَةِ مِن وابِلٍ وطَلٍّ وغَيْرِهِما ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾ أيْ لِيَعْتَبِرُوا بِذَلِكَ ﴿فَأبى أكْثَرُ النّاسِ إلا كُفُورًا﴾ أيْ: لَمْ يَفْعَلْ إلّا كُفْرانَ النِّعْمَةِ وإنْكارَها رَأْسًا بِإضافَتِها لِغَيْرِهِ - عَزَّ وجَلَّ - بِأنْ يَقُولَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا، مُعْتَقِدًا أنَّ النُّجُومَ فاعِلَةٌ لِذَلِكَ ومُؤَثِّرَةٌ بِذَواتِها فِيهِ، وهَذا الِاعْتِقادُ - والعِياذُ بِاللَّهِ تَعالى - كُفْرٌ، وفي الكَشّافِ وغَيْرِهِ أنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - خالِقُ الأمْطارِ، وقَدْ نَصَبَ الأنْواءَ دَلائِلَ وأماراتٍ عَلَيْها، وأرادَ بِقَوْلِهِ: (مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا) مُطِرْنا في وقْتِ سُقُوطِ النَّجْمِ الفُلانِيِّ في المَغْرِبِ مَعَ الفَجْرِ لا يَكْفُرُ، وظاهِرُهُ أنَّهُ لا يَأْثَمُ أيْضًا، وقالَ الإمامُ: مَن جَعَلَ الأفْلاكَ والكَواكِبَ مُسْتَقِلَّةً بِاقْتِضاءِ هَذِهِ الأشْياءِ فَلا شَكَّ في كُفْرِهِ، وأمّا مَن قالَ: إنَّهُ سُبْحانَهُ جَبَلَها عَلى خَواصَّ وصَفاتٍ تَقْتَضِي هَذِهِ الحَوادِثَ فَلَعَلَّهُ لا يَبْلُغُ خَطَؤُهُ إلى حَدِّ الكُفْرِ، وسَيَأْتِي - إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى - مِنّا في هَذِهِ المَسْألَةِ كَلامٌ أرْجُو مِنَ اللَّهِ تَعالى أنْ تَسْتَحْسِنَهُ ذَوُو الأفْهامِ، ويَتَقَوّى بِهِ كَلامُ الإمامِ، ورُجُوعُ ضَمِيرِ أنْزَلْناهُ إلى الماءِ المُنَزَّلِ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ مَسْعُودٍ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ.
وأخْرَجَ جَماعَةٌ عَنِ الأوَّلِ وصَحَّحَهُ الحاكِمُ أنَّهُ قالَ: ما مِن عامٍ بِأقَلَّ مَطَرًا مِن عامٍ، ولَكِنَّ اللَّهَ تَعالى يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشاءُ، ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ، وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ في مَكارِمِ الأخْلاقِ عَنِ الثّانِي مِثْلَهُ، ويُفْهَمُ مِن ذَلِكَ حَمْلُ التَّصْرِيفِ عَلى التَّقْسِيمِ، وقالَ بَعْضُهُمْ: هو راجِعٌ إلى القَوْلِ المَفْهُومِ مِنَ السِّياقِ، وهو ما ذُكِرَ فِيهِ إنْشاءُ السَّحابِ وإنْزالُ القَطْرِ لِما ذُكِرَ مِنَ الغاياتِ الجَلِيلَةِ، وتَصْرِيفُهُ تَكْرِيرُهُ وذِكْرُهُ عَلى وُجُوهٍ ولُغاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، والمَعْنى: ولَقَدْ كَرَّرْنا هَذا القَوْلَ وذَكَرْناهُ عَلى أنْحاءَ مُخْتَلِفَةٍ في القُرْآنِ وغَيْرِهِ مِنَ الكُتُبِ السَّماوِيَّةِ بَيْنَ النّاسِ مِنَ المُتَقَدِّمِينَ والمُتَأخِّرِينَ لِيَتَفَكَّرُوا ويَعْرِفُوا بِذَلِكَ كَمالَ قُدْرَتِهِ تَعالى وواسِعَ رَحْمَتِهِ - عَزَّ وجَلَّ - في ذَلِكَ فَأبى أكْثَرُهم مِمَّنْ سَلَفَ وخَلَفَ إلّا كُفْرانَ النِّعْمَةِ وقِلَّةَ الِاكْتِراثِ بِها، أوْ إنْكارَها رَأْسًا بِإضافَتِها لِغَيْرِهِ تَعالى شَأْنُهُ، واخْتارَ هَذا القَوْلَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وقالَ أبُو السُّعُودِ: هو الأظْهَرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءٍ الخُراسانِيِّ أنَّهُ عائِدٌ عَلى القُرْآنِ، ألا تَرى قَوْلَهُ تَعالى بَعْدُ: ﴿وجاهِدْهم بِهِ﴾ وحَكاهُ في البَحْرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا، والمَشْهُورُ عَنْهُ ما تَقَدَّمَ، ولَعَلَّ المُرادَ ما ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الأدِلَّةِ عَلى كَمالِ قُدْرَتِهِ تَعالى وواسِعِ رَحْمَتِهِ - عَزَّ وجَلَّ - أوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَتَأمَّلْ، وأمّا ما قِيلَ إنَّهُ عائِدٌ عَلى الرِّيحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَـٰهُ بَیۡنَهُمۡ لِیَذَّكَّرُوا۟ فَأَبَىٰۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق