الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ﴾ أيْ: إلى فِعْلِ رَبِّكَ. وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ: ألَمْ تَعْلَمْ، فَهو مِن رُؤْيَةِ القَلْبِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن رُؤْيَةِ العَيْنِ؛ فالمَعْنى: ألَمْ تَرَ إلى الظِّلِّ كَيْفَ مَدَّهُ رَبُّكَ؟ والظِّلُّ مِن وقْتِ طُلُوعِ الفَجْرِ إلى وقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ ﴿وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِنًا﴾ أيْ: ثابِتًا دائِمًا لا يَزُولُ ﴿ثُمَّ جَعَلْنا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا﴾ فالشَّمْسُ دَلِيلٌ عَلى الظِّلِّ، فَلَوْلا الشَّمْسُ ما عُرِفَ أنَّهُ شَيْءٌ، كَما أنَّهُ لَوْلا النُّورُ ما عُرِفَتِ الظُّلْمَةُ، فَكُلُّ الأشْياءِ تُعْرَفُ بِأضْدادِها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ قَبَضْناهُ إلَيْنا﴾ يَعْنِي: الظِّلَّ ﴿قَبْضًا يَسِيرًا﴾ وفِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: سَرِيعًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: خَفِيًّا، قالَهُ مُجاهِدٌ.
وَفِي وقْتِ قَبْضِ الظِّلِّ قَوْلانِ. أحَدُهُما: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يُقْبَضُ الظِّلُّ وتُجْمَعُ أجْزاؤُهُ المُنْبَسِطَةُ بِتَسْلِيطِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ حَتّى تَنْسَخَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا والثّانِي: عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ تُقْبَضُ أجْزاءُ الظِّلِّ بَعْدَ غُرُوبِها، ويَخْلُفُ كُلُّ جُزْءٍ مِنهُ جُزْءًا مِنَ الظَّلامِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباسًا﴾ أيْ: ساتِرًا بِظُلْمَتِهِ، لِأنَّ ظُلْمَتَهُ تَغْشى الأشْخاصَ وتَشْتَمِلُ عَلَيْها اشْتِمالَ اللِّباسِ عَلى لابِسِهِ ﴿والنَّوْمَ (p-٩٤)سُباتًا﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: راحَةً، ومِنهُ يَوْمُ السَّبْتِ، لِأنَّ الخَلْقَ اجْتَمَعَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وكانَ الفَراغُ مِنهُ في يَوْمِ السَّبْتِ، فَقِيلَ لِبَنِي إسْرائِيلَ: اسْتَرِيحُوا في هَذا اليَوْمِ ولا تَعْمَلُوا فِيهِ شَيْئًا، فَسُمِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ، أيْ: يَوْمَ الرّاحَةِ، وأصْلُ السَّبْتِ: التَّمَدُّدُ، ومَن تَمَدَّدَ اسْتَراحَ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: أصْلُ السَّبْتِ: القَطْعُ؛ فالمَعْنى: وجَعَلْنا النَّوْمَ قَطْعًا لِأعْمالِكم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُورًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: تَنْتَشِرُونَ فِيهِ لِابْتِغاءِ الرِّزْقِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: تُنْشَرُ الرُّوحُ بِاليَقَظَةِ كَما تُنْشَرُ بِالبَعْثِ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أرْسَلَ الرِّياحَ﴾ قَدْ شَرَحْناهُ في (الأعْرافِ: ٧٥) إلى قَوْلِهِ: ﴿وَأنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُورًا﴾ يَعْنِي: المَطَرَ. قالَ الأزْهَرِيُّ: الطَّهُورُ في اللُّغَةِ: الطّاهِرُ المُطَهِّرُ. والطَّهُورُ ما يُتَطَهَّرُ بِهِ، كالوَضُوءِ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ، والفَطُورِ الَّذِي يُفْطَرُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ وقَرَأ أبُو المُتَوَكِّلِ، وأبُو الجَوْزاءِ، وأبُو جَعْفَرٍ: " مَيِّتًا " بِالتَّشْدِيدِ. قالَ الزَّجّاجُ: لَفْظُ البَلْدَةِ مُؤَنَّثٌ، وإنَّما قِيلَ: " مَيْتًا " لِأنَّ مَعْنى البَلْدَةِ والبَلَدِ سَواءٌ. وقالَ غَيْرُهُ: إنَّما قالَ: " مَيْتًا "، لِأنَّهُ أرادَ بِالبَلْدَةِ المَكانَ. وقَدْ سَبَقَ مَعْنى صِفَةِ البَلْدَةِ بِالمَوْتِ [الأعْرافِ: ٥٧] ومَعْنى: ﴿وَنُسْقِيَهُ﴾ [الفُرْقانِ: ٤٩]؟؟؟ . وقَرَأ أبُو مِجْلَزٍ، وأبُو رَجاءٍ، والضَّحّاكُ، والأعْمَشُ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: " ونَسْقِيهِ " بِفَتْحِ النُّونِ. فَأمّا الأناسِيُّ، فَقالَ الزَّجّاجُ: هو جَمْعُ إنْسِيٍّ، مِثْلِ كُرْسِيٍّ وكَراسِيَّ؛ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ جَمْعَ إنْسانٍ، وتَكُونُ الياءُ بَدَلًا مِنَ النُّونِ، الأصْلُ: أناسِينُ مِثْلُ سَراحِينَ. وقَرَأ أبُو مِجْلَزٍ، (p-٩٥)والضَّحّاكُ، وأبُو العالِيَةِ، وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ: " وأناسِيَّ " بِتَخْفِيفِ الياءِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ﴾ يَعْنِي المَطَرَ بَيْنَهم مَرَّةً لِهَذِهِ البَلْدَةِ، ومَرَّةً لِهَذِهِ ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾ أيْ: لِيَتَفَكَّرُوا في نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَيَحْمَدُوهُ. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: " لِيَذْكُرُوا " خَفِيفَةَ الذّالِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: يَذْكُرُ في مَعْنى يَتَذَكَّرُ، ﴿فَأبى أكْثَرُ النّاسِ إلا كُفُورًا﴾ وهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا وكَذا، كَفَرُوا بِنِعْمَةِ اللَّهِ. ﴿وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا في كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا﴾ المَعْنى: إنّا بَعَثْناكَ إلى جَمِيعِ القُرى لِعَظَمِ كَرامَتِكَ، ﴿فَلا تُطِعِ الكافِرِينَ﴾ وذَلِكَ أنَّ كُفّارَ مَكَّةَ دَعَوْهُ إلى دِينِ آبائِهِمْ، ﴿وَجاهِدْهم بِهِ﴾ أيْ بِالقُرْآنِ ﴿جِهادًا كَبِيرًا﴾ أيْ: تامًّا شَدِيدًا.
{"ayahs_start":45,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَیۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَاۤءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنࣰا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَیۡهِ دَلِیلࣰا","ثُمَّ قَبَضۡنَـٰهُ إِلَیۡنَا قَبۡضࣰا یَسِیرࣰا","وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ لِبَاسࣰا وَٱلنَّوۡمَ سُبَاتࣰا وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُورࣰا","وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ طَهُورࣰا","لِّنُحۡـِۧیَ بِهِۦ بَلۡدَةࣰ مَّیۡتࣰا وَنُسۡقِیَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَاۤ أَنۡعَـٰمࣰا وَأَنَاسِیَّ كَثِیرࣰا","وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَـٰهُ بَیۡنَهُمۡ لِیَذَّكَّرُوا۟ فَأَبَىٰۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورࣰا","وَلَوۡ شِئۡنَا لَبَعَثۡنَا فِی كُلِّ قَرۡیَةࣲ نَّذِیرࣰا","فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَجَـٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادࣰا كَبِیرࣰا"],"ayah":"وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَـٰهُ بَیۡنَهُمۡ لِیَذَّكَّرُوا۟ فَأَبَىٰۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق