﴿ثُمَّ أفِيضُوا مِن حَيْثُ أفاضَ النّاسُ﴾: (p-209)أيْ: مِن عَرَفَةَ؛ لا مِنَ المُزْدَلِفَةِ؛ والخِطابُ لِقُرَيْشٍ؛ لَمّا كانُوا يَقِفُونَ بِجُمَعٍ؛ وسائِرُ النّاسِ بِعَرَفَةَ؛ ويَرَوْنَ ذَلِكَ تَرَفُّعًا عَلَيْهِمْ؛ فَأُمِرُوا بِأنْ يُساوُوهُمْ؛ و"ثُمَّ" لِتَفاوُتِ ما بَيْنَ الإفاضَتَيْنِ؛ كَما في قَوْلِكَ: "أحْسِنْ إلى النّاسِ؛ ثُمَّ لا تُحْسِنْ إلّا إلى كَرِيمٍ"؛ وقِيلَ: مِن مُزْدَلِفَةَ إلى مِنًى؛ بَعْدَ الإفاضَةِ مِن عَرَفَةَ إلَيْها؛ والخِطابُ عامٌّ؛ وقُرِئَ: "النّاسِ"؛ بِكَسْرِ السِّينِ؛ أيْ: "النّاسِي"؛ عَلى أنْ يُرادَ بِهِ آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ مِن قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿فَنَسِيَ﴾؛ والمَعْنى أنَّ الإفاضَةَ مِن عَرَفَةَ شَرْعٌ قَدِيمٌ؛ فَلا تُغَيِّرُوهُ؛ ﴿واسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾؛ مِن جاهِلِيَّتِكم في تَغْيِيرِ المَناسِكِ؛ ﴿إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ يَغْفِرُ ذَنْبَ المُسْتَغْفِرِ؛ ويُنْعِمُ عَلَيْهِ؛ فَهو تَعْلِيلٌ لِلِاسْتِغْفارِ؛ أوْ لِلْأمْرِ بِهِ.
{"ayah":"ثُمَّ أَفِیضُوا۟ مِنۡ حَیۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}