الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ألَمْ تَرَ إلى المَلإ مِن بَنِي إسْرائِيلَ﴾، ”اَلْمَلَأُ“: أشْرافُ القَوْمِ، ووُجُوهُهُمْ، ويُرْوى «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ وقَدْ رَجَعُوا مِن بَدْرٍ يَقُولُ: ما قَتَلْنا إلّا عَجائِزَ صُلْعًا، فَقالَ ﷺ: ”أُولَئِكَ المَلَأُ مِن قُرَيْشٍ، لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ»“، و”اَلْمَلَأُ“، في اللُّغَةِ: اَلْخُلُقُ، يُقالُ: ”أحْسِنُوا مَلَأكم“، أيْ: أخْلاقَكُمْ، قالَ الشّاعِرُ:
؎تَنادَوْا يا آلَ بُهْثَةَ إذْ رَأوْنا ∗∗∗ فَقُلْنا أحْسِنِي مَلَأً جُهَيْنا
أيْ: خُلُقًا، ويُقالُ: ”أحْسِنِي مُمالَأةً“، أيْ: مُعاوَنَةً، ويُقالُ: ”رَجُلٌ مَلِيءٌ“ - ”مَهْمُوزٌ“ -، أيْ: بَيِّنُ المَلاءِ يا هَذا، وأصْلُ هَذا كُلِّهِ في اللُّغَةِ مِن شَيْءٍ واحِدٍ، فَـ”اَلْمَلَأُ“: اَلرُّؤَساءُ، إنَّما سُمُّوا بِذَلِكَ لِأنَّهم مِلْءٌ بِما يُحْتاجُ إلَيْهِ مِنهُمْ، و”اَلْمَلَأُ“، اَلَّذِي (p-٣٢٦)فِي الخُلُقِ، إنَّما هو الخُلُقُ المَلِيءُ بِما يُحْتاجُ إلَيْهِ، و”اَلْمَلا“: اَلْمُتَّسَعُ مِنَ الأرْضِ، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، يُكْتَبُ بِالألِفِ، والياءِ، في قَوْلِ قَوْمٍ، وأمّا البَصْرِيُّونَ فَيَكْتُبُونَ بِالألِفِ، قالَ الشّاعِرَ - في المَلا، المَقْصُورِ، الَّذِي يَدُلُّ عَلى المُتَّسَعِ مِنَ الأرْضِ:
؎ألا غَنِّيانِي وارْفَعا الصَّوْتَ بِالمَلا ∗∗∗ فَإنَّ المَلا عِنْدِي يَزِيدُ المَدى بُعْدا
وَقَوْلَهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ابْعَثْ لَنا مَلِكًا نُقاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾، اَلْجَزْمُ في ”نُقاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ“، اَلْوَجْهُ عَلى الجَوابِ لِلْمَسْألَةِ الَّتِي في لَفْظِ الأمْرِ، أيْ: ”اِبْعَثْ لَنا مَلِكًا نُقاتِلْ“، أيْ: ”إنْ تَبْعَثْ لَنا مَلِكًا نُقاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ“، ومَن قَرَأ: ”مَلِكًا يُقاتِلُ“، بِالياءِ، فَهو عَلى صِفَةِ المَلِكِ، ولَكِنَّ ”نُقاتِلْ“، هو الوَجْهُ الَّذِي عَلَيْهِ القُرّاءُ، والرَّفْعُ فِيهِ بَعِيدٌ، يَجُوزُ عَلى مَعْنى ”فَإنّا نُقاتِلُ في سَبِيلِ اللَّهِ“، وكَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ لا يُجِيزُ الرَّفْعَ في ”نُقاتِلُ“ .
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿هَلْ عَسَيْتُمْ إنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ ألا تُقاتِلُوا﴾، أيْ: لَعَلَّكم أنْ تَجْبُنُوا عَنِ القِتالِ، وقَرَأ بَعْضُهُمْ: ”هَلْ عَسِيتُمْ - بِكَسْرِ السِّينِ - إنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ“، وهي قِراءَةُ نافِعٍ، وأهْلُ اللُّغَةِ كُلُّهم يَقُولُونَ: ”عَسَيْتُ أنْ أفْعَلَ“، ويَخْتارُونَهُ، ومَوْضِعُ ”ألّا تُقاتِلُوا“: نَصْبٌ، أعْنِي مَوْضِعَ ”أنْ“، لِأنَّ ”أنْ“، وما عَمِلَتْ فِيهِ، كالمَصْدَرِ، إذا قُلْتَ: ”عَسَيْتُ أنْ أفْعَلَ ذاكَ“، فَكَأنَّكَ قُلْتَ: ”عَسَيْتُ فِعْلَ ذَلِكَ“ .
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿قالُوا وما لَنا ألا نُقاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾، (p-٣٢٧)زَعَمَ أبُو الحَسَنِ الأخْفَشُ أنَّ ”أنْ“، هَهُنا، زائِدَةٌ، قالَ: اَلْمَعْنى: وما لَنا لا نُقاتِلُ في سَبِيلِ اللَّهِ، وقالَ غَيْرُهُ: ”وَما لَنا في ألّا نُقاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ“، وأُسْقِطَ ”في“، وقالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إنَّما دَخَلَتْ ”أنْ“، لِأنَّ ”ما“، مَعْناهُ: ”ما يَمْنَعُنا؟“، فَلِذَلِكَ دَخَلَتْ ”أنْ“، لِأنَّ الكَلامَ: ما لَكَ تَفْعَلُ كَذا وكَذا، والقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أنَّ ”أنْ“، لا تُلْغى هَهُنا، وأنَّ المَعْنى: وأيُّ شَيْءٍ لَنا في ألّا نُقاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ ”، أيْ:“ أيُّ شَيْءٍ لَنا في تَرْكِ القِتالِ؟ ”، ﴿وَقَدْ أُخْرِجْنا مِن دِيارِنا وأبْنائِنا﴾، ومَعْنى“ وأبْنائِنا ”: أيْ: سُبِيَتْ ذَرارِينا، ولَكِنَّ“ في ”، سَقَطَتْ مَعَ“ أنْ ”، لِأنَّ الفِعْلَ مُسْتَعْمَلٌ مَعَ“ أنْ ”، دالًّا عَلى وقْتٍ مَعْلُومٍ، فَيَجُوزُ مَعَ“ أنْ ”، حَذْفُ حَرْفِ الجَرِّ، كَما تَقُولُ:“ هَرَبْتُ أنْ أقُولَ كَ كَذا وكَذا ”، تُرِيدُ:“ هَرَبْتُ أنْ أقُولَ لَكَ كَذا وكَذا " .
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ - ﴿تَوَلَّوْا إلا قَلِيلا مِنهُمْ﴾، ”قَلِيلًا“، مَنصُوبٌ عَلى الِاسْتِثْناءِ، فَأمّا مَن رَوى: ”تَوَلَّوْا إلّا قَلِيلٌ مِنهم“، فَلا أعْرِفُ هَذِهِ القِراءَةَ، ولا لَها عِنْدِي وجْهٌ، لِأنَّ المُصْحَفَ عَلى النَّصْبِ، والنَّحْوُ يُوجِبُها، لِأنَّ الِاسْتِثْناءَ إذا كانَ أوَّلَ الكَلامِ إيجابًا، نَحْوَ قَوْلِكَ: ”جاءَنِي القَوْمُ إلّا زَيْدًا“، فَلَيْسَ في ”زَيْدٌ“، اَلْمُسْتَثْنى، إلّا النَّصْبُ، والمَعْنى: ”تَوَلَّوْا، أسْتَثْنِي قَلِيلًا مِنهم“، وإنَّما ذَكَرْتُ هَذِهِ لِأنَّ بَعْضَهم رَوى: ”فَشَرِبُوا مِنهُ إلّا قَلِيلٌ مِنهم“، وهَذا عِنْدِي ما لا وجْهَ لَهُ.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰۤ إِذۡ قَالُوا۟ لِنَبِیࣲّ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكࣰا نُّقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ قَالَ هَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ أَلَّا تُقَـٰتِلُوا۟ۖ قَالُوا۟ وَمَا لَنَاۤ أَلَّا نُقَـٰتِلَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَقَدۡ أُخۡرِجۡنَا مِن دِیَـٰرِنَا وَأَبۡنَاۤىِٕنَاۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡا۟ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق