الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"أولئك"، هؤلاء الذين سميناهم من أنبيائه ورسله، نوحًا وذريته الذين هداهم لدين الإسلام، واختارهم لرسالته إلى خلقه، هم"الذين آتيناهم الكتاب"، يعني بذلك: صحفَ إبراهيم وموسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى صلوات الله عليهم أجمعين ="والحكم"، يعني: الفهم بالكتاب، ومعرفة ما فيه من الأحكام. وروي عن مجاهد في ذلك ما:-
١٣٥١٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا أبان قال، حدثنا مالك بن شداد، عن مجاهد:"والحكم والنبوة"، قال:"الحكم"، هو اللبُّ. [[الأثر: ١٣٥١٨ -"مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي"، مضى مرارًا آخرها رقم: ٧٤٨٧.
و"أبان" هو: "أبان بن يزيد العطار"، مضى برقم: ٣٨٣٢، ٩٦٥٦.
"مالك بن شداد" هكذا هو في المطبوعة والمخطوطة، ولم أجد له ذكرًا فيما بين يدي في الكتب، ولعله محرف عن شيء لا أعرفه.]] وعنى بذلك مجاهد، إن شاء الله، ما قلت، لأن"اللب" هو"العقل"، فكأنه أراد: أن الله آتاهم العقل بالكتاب، وهو بمعنى ما قلنا أنه الفهم به.
* * *
وقد بينا معنى"النبوة" و"الحكم"، فيما مضى بشواهدهما، فأغنى ذلك عن إعادته. [[انظر تفسير"النبوة" فيما سلف: ٢: ١٤٠ - ١٤٢/٦: ٢٨٤، ٣٨٠.
= وتفسير"الحكم" فيما سلف ٣: ٨٦ - ٨٨، ٢١١/٦: ٥٣٨.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن يكفر: يا محمد، بآيات كتابي الذي أنزلته إليك فيجحد هؤلاء المشركون العادلون بربهم، كالذي:-
١٣٥١٩ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فإن يكفر بها هؤلاء"، يقول: إن يكفروا بالقرآن.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في المعنيّ ب"هؤلاء".
فقال بعضهم: عُني بهم كفار قريش = وعنى بقوله:"فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، الأنصار.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٥٢٠ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا سليمان قال، حدثنا أبو هلال، عن قتادة في قول الله تعالى ذكره:"فإن يكفر بها هؤلاء"، قال: أهل مكة ="فقد وكلنا بها"، أهل المدينة.
١٣٥٢١ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن جويبر، عن الضحاك،"فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، قال: الأنصار.
١٣٥٢٢- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك:"فإن يكفر بها هؤلاء"، قال: إن يكفر بها أهل مكة ="فقد وكلنا بها"، أهل المدينة الأنصار="ليسوا بها بكافرين".
١٣٥٢٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فإن يكفر بها هؤلاء"، يقول: إن تكفر بها قريش ="فقد وكلنا بها"، الأنصار.
١٣٥٢٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فإن يكفر بها هؤلاء"، أهل مكة ="فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، أهلَ المدينة.
١٣٥٢٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، قال: كان أهل المدينة قد تبوءوا الدار والإيمان قبل أن يقدم عليهم رسول الله ﷺ. فلما أنزل الله عليهم الآيات، جحد بها أهل مكة. فقال الله تعالى ذكره:"فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين". قال عطية: ولم أسمع هذا من ابن عباس، ولكن سمعته من غيره. [[الأثر: ١٣٥٢٥ -"عطية"، هو"عطية بن سعد العوفي"، جد"محمد بن سعد" الأعلى، وهو مفسر في شرح هذا الإسناد رقم: ٣٠٥.]]
١٣٥٢٦- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:" فإن يكفر بها هؤلاء"، يعني أهل مكة. يقول: إن يكفروا بالقرآن =" فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، يعني أهلَ المدينة والأنصار.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فإن يكفر بها أهل مكة، فقد وكلنا بها الملائكة.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٥٢٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن عوف، عن أبي رجاء:"فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، قال: هم الملائكة.
١٣٥٢٨- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي وعبد الوهاب، عن عوف، عن أبي رجاء، مثله.
* * *
وقال آخرون: عنى بقوله:"فإن يكفر بها هؤلاء"، يعني قريشًا= وبقوله:"فقد وكلنا بها قومًا"، الأنبياء الذين سماهم في الآيات التي مضت قبلَ هذه الآية.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٥٢٩- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فإن يكفر بها هؤلاء"، يعني أهل مكة ="فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، وهم الأنبياء الثمانية عشر الذين قال الله: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ.
١٣٥٣٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"فإن يكفر بها هؤلاء"، قال: يعني قوم محمد. ثم قال:"فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، يعني: النبيين الذين قص قبل هذه الآية قصصهم. ثم قال:"أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قولُ من قال: عنى بقوله:"فإن يكفر بها هؤلاء"، كفار قريش ="فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين"، يعني به الأنبياء الثمانية عشر الذين سماهم الله تعالى ذكره في الآيات قبل هذه الآية. وذلك أن الخبر في الآيات قبلها عنهم مضى، وفي التي بعدها عنهم ذكر، فما بينها بأن يكون خبرًا عنهم، [[في المطبوعة: "ففيما بينها"، وفي المخطوطة""فما بينهم"، والصواب بينهما ما أثبت.]] أولى وأحق من أن يكون خبرًا عن غيرهم.
* * *
فتأويل الكلام، إذ كان ذلك كذلك: فإن كفر قومك من قريش، يا محمد، بآياتنا، [[في المطبوعة: "فإن يكفر قومك من قريش"، وفي المخطوطة: "فإن يكفر بها قومك" والكلام لا يستقيم إلا بحذف"بها" ولكن الجملة لا تستقيم أيضًا في العطوف المتتابعة حتى تكون"فإن كفر قومك"، فعلا ماضيًا كالذي عطف عليه.]] وكذبوا وجحدوا حقيقتها، فقد استحفظناها واسترعينا القيام بها رُسلَنا وأنبياءنا من قبلك، الذين لا يجحدون حقيقتها، ولا يكذبون بها، ولكنهم يصدقون بها ويؤمنون بصحتها.
* * *
وقد قال بعضهم: معنى قوله:"فقد وكّلنا بها قومًا"، رزقناها قومًا.
{"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَۚ فَإِن یَكۡفُرۡ بِهَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ فَقَدۡ وَكَّلۡنَا بِهَا قَوۡمࣰا لَّیۡسُوا۟ بِهَا بِكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق