الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره:"وهذا كتاب أنزلناه مبارك"، لئلا يقول المشركون من عبدة الأوثان من قريش:"إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا"، أو: لئلا يقولوا: لو أنّا أنزل علينا الكتاب كما أنزل على هاتين الطائفتين من قبلنا، فأمرنا فيه ونُهِينا، وبُيِّن لنا فيه خطأ ما نحن فيه من صوابه = ﴿لكنا أهدى منهم﴾ ، أي: لكنا أشدَّ استقامة على طريق الحق، واتباعًا للكتاب، وأحسن عملا بما فيه، من الطائفتين اللتين أنزل عليهما الكتاب من قبلنا. [[انظر تفسير ((الهدى)) فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) .]] يقول الله: ﴿فقد جاءكم بينة من ربكم﴾ ، يقول: فقد جاءكم كتابٌ بلسانكم عربيٌ مبين، حجة عليكم واضحة بيّنة من ربكم [[انظر تفسير ((البينة)) فيما سلف من فهارس اللغة (بين) .]] = ﴿وهدى﴾ ، يقول: وبيان للحق، وفُرْقانٌ بين الصواب والخطأ =، ﴿ورحمة﴾ لمن عمل به واتّبعه، كما:- ١٤١٨٩- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم﴾ ، يقول: قد جاءكم بينة، لسانٌ عربي مبين، حين لم تعرفوا دراسة الطائفتين، وحين قلتم: لو جاءنا كتاب لكنا أهدى منهم. ١٤١٩٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم﴾ ، فهذا قول كفار العرب = ﴿فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة﴾ . * * * القول في تأويل قوله: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧) ﴾ قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فمن أخطأ فعلا وأشدّ عدوانًا منكم، أيها المشركون، المكذبون بحجج الله وأدلته = وهي آياته [[انظر تفسير ((الظلم)) فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم) = وتفسير ((الآية)) فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .]] = ﴿وصدف عنها﴾ ، يقول: وأعرض عنها بعد ما أتته، فلم يؤمن بها، ولم يصدِّق بحقيقتها. وأخرج جل ثناؤه الخبر بقوله: ﴿فمن أظلم ممن كذب بآيات الله﴾ ، مخرج الخبر عن الغائب، والمعنيّ به المخاطبون به من مشركي قريش. * * * وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ﴿وصدف عنها﴾ ، قال أهل التأويل. [[انظر تفسير ((صدف)) فيما سلف ١١: ٣٦٦.]] * ذكر من قال ذلك: ١٤١٩١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿وصدف عنها﴾ ، يقول: أعرض عنها. ١٤١٩٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿يصدفون عن آياتنا﴾ ، يعرضون عنها، و"الصدف"، الإعراض. ١٤١٩٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وصدف عنها﴾ ، أعرض عنها، ﴿سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون﴾ ، أي: يعرضون. ١٤١٩٤- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وصدف عنها﴾ ، فصدَّ عنها. * * * وقوله: ﴿سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب﴾ ، يقول: سيثيب الله الذين يعرضون عن آياته وحججه ولا يتدبرونها، [[انظر تفسير ((الجزاء)) فيما سلف من فهارس اللغة (جزى) .]] ولا يتعرفون حقيقتها فيؤمنوا بما دلتهم عليه من توحيد الله، وحقيقة نبوة نبيه، [[في المطبوعة: ((وحقية نبوة نبيه)) ، فعل بها ما فعل بأخواتها من قبل. انظر ما سلف ١١: ٤٧٥ تعليق: ٣، والمراجع هناك. و ((حقيقة)) مصدر بمعنى ((حق)) .]] وصدق ما جاءهم به من عند ربهم = ﴿سوء العذاب﴾ ، يقول: شديد العقاب، وذلك عذاب النار التي أعدَّها الله لكفرة خلقه به = ﴿بما كانوا يصدفون﴾ ، يقول: يفعل الله ذلك بهم جزاء بما كانوا يعرضون عن آياته في الدنيا، فلا يقبلون ما جاءهم به نبيهم محمد ﷺ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب