الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَنزلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦) ﴾ يقول تعالى ذكره: لقد أنزلنا أيها الناس علامات واضحات دالات على طريق الحقّ وسبيل الرشاد ﴿وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يقول: والله يرشد من يشاء من خلقه بتوفيقه، فيهديه إلى دين الإسلام، وهو الصراط المستقيم والطريق القاصد الذي لا اعوجاج فيه. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) ﴾ يقول تعالى ذكره: ويقول المنافقون: صدّقنا بالله وبالرسول، وأطعنا الله وأطعنا الرسول ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ يقول: ثم تدبر كلّ طائفة منهم من بعد ما قالوا هذا القول عن رسول الله ﷺ، وتدعو إلى المحاكمة إلى غيره خصمها ﴿وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ يقول: وليس قائلو هذه المقالة، يعني قوله: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا﴾ بالمؤمنين؛ لتركهم الاحتكام إلى رسول الله ﷺ وإعراضهم عنه إذا دعوا إليه. * * * وقوله: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ يقول: وإذا دعي هؤلاء المنافقون إلى كتاب الله وإلى رسوله ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ فيما اختصموا فيه بحكم الله ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ عن قبول الحقّ، والرضا بحكم رسول الله ﷺ. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) ﴾ يقول تعالى ذكره: وإن يكن الحق لهؤلاء الذين يدعون إلى الله ورسوله ليحكم بينهم فيأبون ويعرضون عن الإجابة إلى ذلك، قِبَل الذين يدعونهم إلى الله ورسوله - يأتوا إلى رسول الله مذعنين، يقول: مذعنين منقادين لحكمه، مقرّين به طائعين غير مكرهين، يقال منه: قد أذعن فلان بحقه إذا أقرّ به طائعا غير مستكره وانقاد له وسلم. وكان مجاهد فيما ذكر عنه يقول في ذلك ما:- ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: ﴿يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ قال: سراعا. * * * وقوله: ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ يقول تعالى ذكره: أفي قلوب هؤلاء الذين يعرضون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم، شكّ في رسول الله ﷺ، أنه لله رسول، فهم يمتنعون من الإجابة إلى حكمه والرضا به ﴿أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ إذا احتكموا إلى حكم كتاب الله وحكم رسوله وقال: ﴿أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ والمعنى: أن يحيف رسول الله عليهم، فبدأ بالله تعالى ذكره تعظيما لله، كما يقال: ما شاء الله ثم شئت، بمعنى شئت. ومما يدلّ على أن معنى ذلك كذلك قوله: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ فأفرد الرسول بالحكم، ولم يقل: ليحكما. * * * وقوله: ﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ يقول: ما خاف هؤلاء المعرضون عن حكم الله وحكم رسوله، إذ أعرضوا عن الإجابة إلى ذلك مما دعوا إليه، أن يحيف عليهم رسول الله، فيجور في حكمه عليهم، ولكنهم قوم أهل ظلم لأنفسهم بخلافهم أمر ربهم، ومعصيتهم الله فيما أمرهم من الرضا بحكم رسول الله ﷺ فيما أحبوا وكرهوا، والتسليم له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب