الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم كثيرا من الْجِنّ وَالْإِنْس﴾ أَي: خلقنَا لِجَهَنَّم كثيرا، وَهَذَا على وفْق قَول أهل السّنة، وروت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله تَعَالَى خلق الْجنَّة، وَخلق لَهَا أَهلا؛ خلقهمْ لَهَا وهم فِي أصلاب بائهم، وَخلق النَّار، وَخلق لَهَا أَهلهَا، خلقهمْ لَهَا وهم فِي أصلاب آبَائِهِم " وَهَذَا فِي الصَّحِيح، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: " إِن الله تَعَالَى خلق الْجنَّة وَخلق لَهَا أَهلا بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِم وَأَسْمَاء قبائلهم، وَخلق النَّار، وَخلق لَهَا أَهلا بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِم وَأَسْمَاء قبائلهم - وَهَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِي الصَّحِيح - لَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص " وَقيل معنى قَوْله: ﴿وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم﴾ أَي: ذرأناهم، وعاقبة أَمرهم إِلَى جَهَنَّم، وَاللَّام لَام الْعَاقِبَة، وَهَذَا مثل قَول الْقَائِل: (يَا أم سليم فَلَا تجزء عَن ... فللموت مَا تَلد الوالدة) وَقَالَ آخر: (وللموت تغذوا الوالدات سخالها ... كَمَا لخراب الدَّهْر تبنى المساكن) وَالْأول أصح، وَأقرب إِلَى مَذْهَب أهل السّنة، وَقَوله: ﴿لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا﴾ وَمَعْنَاهُ: أَنهم لما لم يفقهوا بقلوبهم مَا انتفعوا بِهِ، وَلم يبصروا بأعينهم، وَلم يسمعوا بآذانهم؛ مَا انتفعوا بِهِ؛ فكأنهم لَا يفقهُونَ وَلَا يبصرون وَلَا يسمعُونَ شَيْئا، وَهَذَا كَمَا قَالَ مِسْكين الدَّارِيّ: (أعمى إِذا مَا جارتي برزت ... حَتَّى توارى جارتي الخدر) (أَصمّ عَمَّا كَانَ بَينهمَا سَمْعِي ... وَمَا بِالسَّمْعِ من وقر) ﴿أُولَئِكَ كالأنعام﴾ يَعْنِي: فِي أَن همتهم من الدُّنْيَا الْأكل والتمتع بالشهوات ﴿بل هم أضلّ﴾ وَذَلِكَ أَن الْأَنْعَام تميز بَين المضار وَالْمَنَافِع، وَأُولَئِكَ لَا يميزون مَا يضرهم عَمَّا يَنْفَعهُمْ ﴿أُولَئِكَ هم الغافلون﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب