الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى﴾ أَيْ فِي الدُّنْيَا عن وإبصار الحق. (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ) (أَعْمى). وَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَاءَ نَفَرٌ مِنْ أهل اليمين إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلُوهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: اقْرَءُوا مَا قَبْلَهَا رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ [[راجع ص ٢٩٠ فما بعد من هذا الجزء.]] - إِلَى- تَفْضِيلًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ النِّعَمِ وَالْآيَاتِ الَّتِي رَأَى أَعْمَى فَهُوَ عَنِ الْآخِرَةِ الَّتِي لَمْ يُعَايِنْ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مَنْ عَمِيَ عَنِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ عَنْ نِعَمِ الْآخِرَةِ أَعْمَى. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا الَّتِي أُمْهِلَ فِيهَا وَفُسِحَ لَهُ وَوُعِدَ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا. وَقِيلَ: وَمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا أَعْمَى عَنْ حُجَجِ اللَّهِ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، كَمَا قَالَ:" وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [[راجع ج ١١ ص ٢٥٧ فما بعد.]] أَعْمى "الْآيَاتِ. وَقَالَ:" وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ". وَقِيلَ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ "فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى " فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ: أَشَدُّ عَمًى، لِأَنَّهُ مِنْ عَمَى الْقَلْبِ، وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي عَمَى الْعَيْنِ. قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: لِأَنَّهُ خِلْقَةٌ بمنزلة الْيَدِ وَالرِّجْلِ. فَلَمْ يَقُلْ مَا أَعْمَاهُ كَمَا لَا يُقَالُ مَا أَيْدَاهُ. الْأَخْفَشُ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، وَأَصْلُهُ أَعْمَى [[كذا في الأصول: ولعل الحق: عمى، لان فعله عمى كما قال نفطويه: يقال عمى عن رشده. ومنه يصاغ أفعل التفضيل.]]. وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ مَا أَعْمَاهُ وَمَا أَعْشَاهُ، لِأَنَّ فِعْلَهُ عَمِيَ وَعَشَى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَدَّثَنِي بِالشَّامِ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ: مَا أَسْوَدَ شَعْرَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ: مَا فِي الْمَعَالِي لَكُمْ ظِلٌّ وَلَا ثَمَرُ ... وَفِي الْمَخَازِي لَكُمْ أَشْبَاحُ أَشْيَاخِ أَمَّا الْمُلُوكُ فَأَنْتَ الْيَوْمَ أَلْأَمُهُمْ ... لُؤْمًا وَأَبْيَضُهُمْ سِرْبَالَ طَبَّاخِ وَأَمَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وخلف الحرفين "أعمى" و "أعمى" وَفَتَحَ الْبَاقُونَ. وَأَمَالَ أَبُو عَمْرٍو الْأَوَّلَ وَفَتَحَ الثَّانِي. (وَأَضَلُّ سَبِيلًا) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِدُ طريقا إلى الهداية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب