الباحث القرآني
والمراد عمى القلب في الدُّنْيا.
وَقالَ تَعالى ﴿ونحشرهم يَوْم القِيامَة على وُجُوههم عميا وبكما وصما مأواهم جَهَنَّم﴾ لأنهم هَكَذا كانُوا في الدُّنْيا والعَبْد يبْعَث على ما ماتَ عَلَيْهِ.
واخْتلف في هَذا العَمى في الآخرة فَقيل هو عمى البصيرة بِدَلِيل إخباره تَعالى عَن رُؤْيَة الكفّار ما في القِيامَة ورؤية المَلائِكَة ورؤية النّار.
وَقيل هو عمي البَصَر ورجح هَذا بأن الإطلاق ينْصَرف إليه وبِقَوْلِهِ ﴿قالَ رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بَصيرًا﴾ وهَذا عمي العين فإن الكافِر لم يكن بَصيرًا بحجته.
وأجاب هَؤُلاءِ عَن رُؤْيَة الكفّار في القِيامَة بِأن الله يخرجهم من قُبُورهم إلى موقف القِيامَة بصراء ويحشرون من الموقف إلى النّار عميا.
قالَه الفراء وغَيره.
* (فصل)
المَعادُ يَعُودُ عَلى العَبْدِ فِيهِ ما كانَ حاصِلًا لَهُ في الدُّنْيا ولِهَذا يُسَمّى يَوْمَ الجَزاءِ: ﴿وَمَن كانَ في هَذِهِ أعْمى فَهو في الآخِرَةِ أعْمى وأضَلُّ سَبِيلًا﴾، ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى. .﴾ [مريم: ٧٦] الآيَةَ.
وَمَن كانَ مُسْتَوْحِشًا مَعَ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ إيّاهُ في هَذِهِ الدّارِ فَوَحْشَتُهُ مَعَهُ في البَرْزَخِ يَوْمَ المَعادِ أعْظَمُ وأشَدُّ، ومَن قَرَّتْ عَيْنُهُ بِهِ في " هَذِهِ الحَياةِ " الدُّنْيا قَرَّتْ عَيْنُهُ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ وعِنْدَ المَوْتِ ويَوْمَ البَعْثِ فَيَمُوتُ العَبْدُ عَلى ما عاشَ عَلَيْهِ، ويُبْعَثُ عَلى ما ماتَ عَلَيْهِ، ويَعُودُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ بِعَيْنِهِ فَيَنْعَمُ بِهِ ظاهِرًا وباطِنًا. فَيُورِثُهُ مِنَ الفَرَحِ والسُّرُورِ واللَّذَّةِ والبَهْجَةِ وقُرَّةِ العَيْنِ والنَّعِيمِ وقُوَّةِ القَلْبِ واسْتِبْشارِهِ وحَياتِهِ وانْشِراحِهِ واغْتِباطِهِ ما هو مِن أفْضَلِ النَّعِيمِ وأجَلِّهِ وأطْيَبِهِ وألَذِّهِ، وهَلِ النَّعِيمُ إلّا طِيبُ النَّفْسِ وفَرَحُ القَلْبِ وسُرُورُهُ وانْشِراحُهُ واسْتِبْشارُهُ، هَذا ويَنْشَأُ لَهُ مِن أعْمالِهِ ما تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ وتَلَذُّهُ عَيْنُهُ مِن سائِرِ المُشْتَهَياتِ الَّتِي تَشْتَهِيها الأنْفُسُ وتَلَذُّها الأعْيُنُ ويَكُونُ تَنَوُّعُ تِلْكَ المُشْتَهَياتِ وكَمالُها وبُلُوغُها مَرْتَبَةَ الحُسْنِ والمُوافِقَةِ بِحَسَبِ كَمالِ عَمَلِهِ ومُتابَعَتِهِ فِيهِ وإخْلاصِهِ وبُلُوغِهِ مَرْتَبَةَ الإحْسانِ فِيهِ، وبِحَسَبِ تَنَوُّعِهِ، فَمَن تَنَوَّعَتْ أعْمالُهُ المُرْضِيَةُ لِلَّهِ المَحْبُوبَةُ لَهُ في هَذِهِ الدّارِ تَنَوَّعَتِ الأقْسامُ الَّتِي يَتَلَذَّذُ بِها في تِلْكَ الدّارِ وتَكَثَّرَتْ لَهُ بِحَسَبِ تَكَثُّرِ أعْمالِهِ هُنا وكانَ مَزِيدُهُ مِن تَنَوُّعِها والِابْتِهاجِ بِها والِالتِذاذِ بِنَيْلِها هُناكَ عَلى حَسَبِ مَزِيدِهِ مِنَ الأعْمالِ وتَنَوُّعِهِ فِيها في هَذِهِ الدّارِ وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحانَهُ لِكُلِّ عَمَلٍ مِنَ الأعْمالِ المَحْبُوبَةِ لَهُ والمَسْخُوطَةِ أثَرًا وجَزاءً ولَذَّةً وألَمًا يَخُصُّهُ لا يُشْبِهُ أثَرُ الآخَرِ وجَزاءُهُ.
وَلِهَذا تَنَوَّعَتْ لَذّاتُ أهْلِ الجَنَّةِ وآلامُ أهْلِ النّارِ، وتَنَوَّعَ ما فِيهِما مِنَ الطَّيِّباتِ والعُقُوباتِ فَلَيْسَتْ لَذَّةُ مَن ضَرَبَ في كُلِّ مَرْضاةِ اللَّهِ بِسَهْمٍ وأخَذَ مِنها بِنَصِيبٍ كَلَذَّةِ مَن أنْمى سَهْمَهُ ونَصِيبَهُ في نَوْعٍ واحِدٍ مِنها ولا ألَمُ مَن ضَرَبَ في كُلِّ
مَسْخُوطٍ لِلَّهِ بِنَصِيبٍ وعُقُوبَتُهُ كَألَمِ مَن ضَرَبَ بِسَهْمٍ واحِدٍ في مَساخِطِهِ.
وَقَدْ أشارَ النَّبِيُّ ﷺ إلى أنَّ كَمالَ ما يَسْتَمْتِعُ بِهِ مِنَ الطَّيِّباتِ في الآخِرَةِ بِحَسَبِ كَمالِ ما قابَلَهُ مِنَ الأعْمالِ في الدُّنْيا (. . . . «فَرَأى قِنْوًا مَن حَشَفٍ مُعَلَّقًا في المَسْجِدِ لِلصَّدَقَةِ فَقالَ إنَّ صاحِبَ هَذا يَأْكُلُ الحَشَفَ يَوْمَ القِيامَةِ»)
فَأخْبَرَ أنَّ جَزاءَهُ يَكُونُ مِن جِنْسِ عَمَلِهِ فَيُجْزى عَلى تِلْكَ الصَّدَقَةِ بِحَشَفٍ مِن جِنْسِها.
{"ayah":"وَمَن كَانَ فِی هَـٰذِهِۦۤ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق