الباحث القرآني
(p-٤٢٦)ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَأتاهُمُ التّابُوتُ عَلى الصِّفَةِ المَذْكُورَةِ فَأطاعُوا نَبِيَّهم فِيهِ فَمَلَّكُوهُ وانْتَدَبُوا مَعَهُ فَخَرَجَ بِهِمْ إلى العَدُوِّ وفَصَلَ بِالجُنُودِ مِن مَحَلِّ السَّكَنِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿فَلَمّا فَصَلَ﴾ مِنَ الفَصْلِ وهو انْقِطاعُ بَعْضٍ مِن كُلٍّ، وأصْلُهُ: فَصَلَ نَفْسَهُ أوْ جُنْدَهُ - أوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ولَكِنَّهُ كَثُرَ حَذْفُ المَفْعُولِ لِلْعِلْمِ بِهِ فَصارَ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمالَ اللّازِمِ ﴿طالُوتُ﴾ أيِ الَّذِي مَلَّكُوهُ ﴿بِالجُنُودِ﴾ أيِ الَّتِي اخْتارَها وخَرَجُوا لِلِقاءِ مَن سَألُوا لِقاءَهُ لِكُفْرِهِ بِاللَّهِ مَعَ ما قَدْ أحْرَقَهم بِهِ مِن أنْواعِ القَهْرِ.
قالَ الحَرالِيُّ: وهو جَمْعُ جُنْدٍ وهم أتْباعٌ يَكُونُونَ نَجْدَةً لِلْمُسْتَتْبِعِ ﴿قالَ﴾ أيْ مَلِكُهم ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لا أعْظَمَ مِنهُ وأنْتُمْ خارِجُونَ في مَرْضاتِهِ ﴿مُبْتَلِيكم بِنَهَرٍ﴾ مِنَ الماءِ الَّذِي جَعَلَهُ سُبْحانَهُ وتَعالى حَياةً لِكُلِّ (p-٤٢٧)شَيْءٍ، فَضَرَبَهُ مَثَلًا لِلدُّنْيا الَّتِي مَن رَكَنَ إلَيْها ذَلَّ ومَن صَدَفَ عَنْها عَزَّ.
قالَ الحَرالِيُّ: فَأظْهَرَ اللَّهُ عَلى لِسانِهِ ما أنْبَأ بِهِ نَبِيَّهم في قَوْلِهِ ﴿وزادَهُ بَسْطَةً في العِلْمِ﴾ [البقرة: ٢٤٧] - انْتَهى.
﴿فَمَن شَرِبَ مِنهُ﴾ أيْ مَلَأ بَطْنَهُ ﴿فَلَيْسَ مِنِّي﴾ أيْ كَمَنِ انْغَمَسَ في الدُّنْيا فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ ولا هم يُنْصَرُونَ ﴿ومَن لَمْ يَطْعَمْهُ فَإنَّهُ مِنِّي﴾ كَمَن عَزَفَ عَنْها بِكُلِّيَّتِهِ ثُمَّ تَلا هَذِهِ (p-٤٢٨)الدَّرَجَةُ العَلِيَّةُ الَّتِي قَدْ قُدِّمَتْ لِلْعِنايَةِ بِها بِما يَلِيها مِنَ الِاقْتِصادِ فَقالَ مُسْتَثْنِيًا مَن ﴿فَمَن شَرِبَ﴾ ﴿إلا مَنِ اغْتَرَفَ﴾ أيْ تَكَلَّفَ الغَرْفَ ﴿غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ فَفي قِراءَةِ فَتْحِ الغَيْنِ إعْرابٌ عَنْ مَعْنى إفْرادِها أخْذَةً ما أخَذَتْ مِن قَلِيلٍ أوْ كَثِيرٍ، وفي الضَّمِّ إعْلامٌ بِمَلْئِها، والغَرْفُ بِالفَتْحِ الأخْذُ بِكُلِّيَّةِ اليَدِ، والغَرْفَةُ الفَعْلَةُ الواحِدَةُ مِنهُ، وبِالضَّمِّ اسْمُ ما حَوَتْهُ الغَرْفَةُ، فَكانَ في المُغْتَرِفِينَ مَنِ اسْتَوْفى الغُرْفَةَ ومِنهم مَن لَمْ يَسْتَوْفِ - قالَهُ الحَرالِيُّ وقالَ: فَكانَ فِيهِ إيذانٌ بِتَصْنِيفِهِمْ ثَلاثَةَ أصْنافٍ: مَن لَمْ يَطْعَمْهُ البَتَّةَ وأُولَئِكَ الَّذِينَ ثَبَتُوا وظَنُّوا أنَّهم مُلاقُو اللَّهِ، ومَن شَرِبَ مِنهم وأُولَئِكَ الَّذِينَ افْتُتِنُوا وانْقَطَعُوا عَنِ الجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ ومَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً وهُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا وتَزَلْزَلُوا حَتّى ثَبَّتَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَطْعَمُوا.
ولَمّا كانَ قَصَصُ بَنِي إسْرائِيلَ مِثالًا لِهَذِهِ الأُمَّةِ كانَ مُبْتَلى هَذِهِ الأُمَّةَ بِالنَّهْرِ ابْتَلاهم بِنَهْرِ الدُّنْيا الجارِي خِلالَها، فَكانَتْ جُيُوشُهم بِحُكْمِ هَذا الإيحاءِ الِاعْتِبارِيِّ إذا مَرُّوا بِنَهْرِ أمْوالِ النّاسِ وبِلادِهِمْ وزُرُوعِهِمْ وأقْطارِهِمْ في سَبِيلِهِمْ إلى غَزْوِهِمْ، فَمَن أصابَ مِن أمْوالِ النّاسِ ما لَمْ يَنَلْهُ الإذْنُ مِنَ اللَّهِ انْقَطَعَ عَنْ ذَلِكَ الجَيْشِ ولَوْ حَضَرَهُ. فَما كانَ في بَنِي إسْرائِيلَ (p-٤٢٩)عِيانًا يَكُونُ وُقُوعُهُ في هَذِهِ الأُمَّةِ اسْتِبْصارًا سُتْرَةً لَها وفَضِيحَةً لِأُولَئِكَ، ومَن لَمْ يُصِبْ مِنها شَيْئًا بَتًّا كانَ أهْلَ ثَبْتِ ذَلِكَ الجَيْشِ الثّابِتِ المُثَبَّتِ، قِيلَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ! ما بالُ فَرَسِكَ لَمْ يُكَبَّ بِكَ قَطُّ؟ قالَ: ما وطِئْتُ بِهِ زَرْعَ مُسْلِمٍ قَطُّ.
ومَن أصابَ ما لَهُ فِيهِ ضَرُورَةٌ مِن مَنزِلٍ يَنْزِلُهُ أوْ غَلَبَةِ عادَةٍ تَقَعُ مِنهُ ويَوَدُّهُ أنْ لا يَقَعَ فَهَؤُلاءِ يَقْبَلُونَ التَّثْبِيتَ مِنَ الَّذِينَ تَوَرَّعُوا كُلَّ الوَرَعِ، فَمَلاكُ هَذا الدِّينِ الزُّهْدُ في القَلْبِ والوَرَعُ في التَّناوُلِ بِاليَدِ، قالَ ﷺ:
«إنَّما تُنْصَرُونَ بِضُعَفائِكم» وفي إلاحَةِ هَذا التَّمْثِيلِ والِاعْتِبارِ أنَّ أعْظَمَ الجُيُوشِ جَيْشٌ يَكُونُ فِيهِ مِن أهْلِ الوَرَعِ بِعَدَدِ الثّابِتِينَ مِن أصْحابِ طالُوتَ الَّذِينَ بِعَدَدِهِمْ كانَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ وهم ثَلاثُمِائَةٍ وثَلاثَةَ عَشَرَ عَدَدُ المُرْسَلِينَ مِن كَثْرَةِ عَدَدِ النَّبِيِّينَ، قالَ: وفي إفْرادِ اليَدِ إيذانٌ بِأنَّها غَرْفَةُ اليَدِ اليُمْنى لِأنَّها اليَدُ الخاصَّةُ (p-٤٣٠)لِلتَّعْرِيفِ، فَفي اعْتِبارِهِ أنَّ الأخْذَ مِنَ الدُّنْيا إنَّما يَكُونُ بِيَدٍ لا بِيَدَيْنِ لِاشْتِمالِ اليَدَيْنِ عَلى جانِبَيِ الخَيْرِ والشَّرِّ - انْتَهى.
فَعَرَضَ لَهُمُ النَّهْرُ كَما أخْبَرَهم بِهِ ﴿فَشَرِبُوا مِنهُ﴾ مُجاوَزِينَ حَدَّ الِاقْتِصادِ ﴿إلا قَلِيلا مِنهُمْ﴾ فَأطاعُوا فَأرْواهُمُ اللَّهُ وقَوّى قُلُوبَهُمْ، ومَن عَصى في شُرْبِهِ غَلَبَهُ العَطَشُ وضَعُفَ عَنِ اللِّقاءِ فَبَقِيَ عَلى شاطِئِ النَّهْرِ.
قالَ الحَرالِيُّ: وفِيما يُذْكَرُ أنَّهُ قُرِئَ بِالرَّفْعِ وهو إخْراجٌ لَهم مِنَ الشّارِبِينَ بِالِاتِّباعِ كَأنَّ الكَلامَ (p-٤٣١)مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ حَيْثُ صارَ تابِعًا وإعْرابُهُ مِمّا أهْمَلَهُ النُّحاةُ فَلَمْ يُحْكِمُوهُ وحُكْمُهُ أنَّ ما بُنِيَ عَلى إخْراجٍ اتُّبِعَ وما لَمْ يُبْنَ عَلى إخْراجِهِ وكَأنَّهُ إنَّما انْثَنى إلَيْهِ بَعْدَ مَضارِّ الكَلامِ الأوَّلِ قُطِعَ ونُصِبَ - انْتَهى.
وكانَ المَعْنى في النَّصْبِ أنَّهُ لَمّا اسْتَقَرَّ الفِعْلُ لِلْكُلِّ رَجَعَ الِاسْتِثْناءُ إلى البَعْضِ، وفي الِاتِّباعِ نَوى الِاسْتِثْناءَ مِنَ الأوَّلِ فَصارَ كالمُفْرَغِ وهَذِهِ القِراءَةُ عَزاها الأهْوازِيُّ في كِتابِ الشَّواذِّ إلى الأعْمَشِ وعَزاها السَّمِينُ في إعْرابِهِ إلى عَبْدِ اللَّهِ وأُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما، وعَقَدَ سِيبَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى في نَحْوِ نِصْفِ كِتابِهِ لِاتِّباعِ مِثْلِ هَذا بابًا تَرْجَمَهُ بِقَوْلِهِ: بابُ ما يَكُونُ فِيهِ إلّا وما بَعْدَهُ وصْفًا بِمَنزِلَةِ غَيْرٍ ومِثْلٍ، ودَلَّ عَلَيْهِ بِأبْياتٍ (p-٤٣٢)كَثِيرَةٍ مِنها:
؎وكُلُّ أخٍ مُفارِقُهُ أخُوهُ لَعَمْرُ أبِيكَ إلّا الفَرْقَدانِ
قالَ كَأنَّهُ قالَ: وكُلُّ أخٍ غَيْرَ الفَرْقَدَيْنِ، وسَوّى بَيْنَ هَذا وبَيْنَ آيَةِ ﴿لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] بِالرَّفْعِ و﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] وجَوَّزَ في ما قامَ القَوْمُ إلّا زَبَدٌ، - بِالرَّفْعِ البَدَلَ والصِّفَةَ، قالَ الرَّضِيُّ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ: وكُلُّ أخٍ - البَيْتَ، وقَوْلِهِ ﷺ: «النّاسُ كُلُّهم هَلْكى إلّا العالِمُونَ، والعالِمُونَ كُلُّهم هَلْكى إلّا العامِلُونَ والعامِلُونَ كُلُّهم هَلْكى إلّا المُخْلِصُونَ، والمُخْلِصُونَ عَلى خَطَرٍ عَظِيمٍ» وقالَ السَّمِينُ: والفَرْقُ بَيْنَ الوَصْفِ بِإلا والوَصْفِ بِغَيْرِها أنْ لا يُوصَفَ بِها المَعارِفُ والنَّكِراتُ والظّاهِرُ والمُضْمَرُ، وقالَ بَعْضُهُمْ: لا يُوصَفُ بِها إلّا النَّكِرَةُ والمَعْرِفَةُ بِلامِ الجِنْسِ فَإنَّهُ في قُوَّةِ النَّكِرَةِ.
ولَمّا ذَكَرَ فِتْنَتَهم بِالنَّهْرِ أتْبَعَهُ فِتْنَةَ اللِّقاءِ بِبَحْرِ الجَيْشِ وما فِيهِ مِن عَظِيمِ الخَطَرِ المُزَلْزِلِ لِلْقُلُوبِ حَثًّا عَلى سُؤالِ العافِيَةِ وتَعْرِيفًا بِعَظِيمٍ رُتْبَتِها كَما قالَ ﷺ يَوْمَ عَرَضَ نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ عَلى أهْلِ الطّائِفِ ومَسَّهُ مِنهم مِن عَظِيمِ الأذى ما مَسَّهُ: «إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلِيَّ غَضَبٌ (p-٤٣٣)فَلا أُبالِي ولَكِنْ هي أوْسَعُ لِي» ! .
فَقالَ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿فَلَمّا جاوَزَهُ﴾ أيِ النَّهْرَ مِن غَيْرِ شُرْبٍ، مِنَ المُجاوَزَةِ مُفاعَلَةٌ مِنَ الجَوازِ وهو العُبُورُ مِن عُدْوَةٍ دُنْيا إلى عَدُوَّةٍ قُصْوى ﴿هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ أقَرُّوا بِالإيمانِ وجاوَزُوا ﴿مَعَهُ﴾ وتَراءَتِ الفِئَتانِ ﴿قالُوا﴾ أيْ مُعْظَمُهم.
قالَ الحَرالِيُّ: رَدَّ الضَّمِيرَ مَرَدًّا عامًّا إيذانًا بِكَثْرَةِ الَّذِينَ اغْتَرَفُوا وقِلَّةِ الَّذِينَ لَمْ يَطْعَمُوا كَما آذَنَ ضَمِيرُ شَرِبُوا بِكَثْرَةِ الَّذِينَ شَرِبُوا مِنهُ - انْتَهى.
﴿لا طاقَةَ﴾ مِمّا مِنهُ الطَّوْقُ وهو ما اسْتَقَلَّ بِهِ الفاعِلُ ولَمْ يُعْجِزْهُ ﴿لَنا اليَوْمَ﴾ أيْ عَلى ما نَحْنُ فِيهِ مِنَ الحالِ ﴿بِجالُوتَ وجُنُودِهِ﴾ لِما هم فِيهِ مِنَ القُوَّةِ والكَثْرَةِ.
قالَ الحَرالِيُّ: فَفِيهِ مِن نَحْوِ قَوْلِهِمْ ﴿ولَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المالِ﴾ [البقرة: ٢٤٧] اعْتِمادًا عَلى أنَّ النَّصْرَ بِعُدَّةِ مالٍ أوْ قُوَّةٍ، ولَيْسَ إلّا بِنَصْرِ اللَّهِ، ثُمَّ قالَ: فَإذا نُوظِرَ هَذا الإنْباءُ مِنهم والطَّلَبُ أيْ كَما يَأْتِي في ﴿رَبَّنا أفْرِغْ﴾ [البقرة: ٢٥٠] بِما تَوَلّى اللَّهُ مِن أمْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ في جَيْشِهِمُ المَمْثُولِ لِهَذا الجَيْشِ في سُورَةِ الأنْفالِ مِن نَحْوِ (p-٤٣٤)قَوْلِهِ ﴿إذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أمَنَةً مِنهُ﴾ [الأنفال: ١١] - الآياتِ، عِلْمٌ عَظِيمٌ فَضَّلَ اللَّهُ عَلى هَذِهِ الأُمَّةِ واسْتَشْعَرَ بِما يَكُونُ لَها في خاتِمَتِها مِمّا هو أعْظَمُ نَبَأً وأكْمَلُ عِيانًا فَلِلَّهِ الحَمْدُ عَلى ما أعْظَمَ مِن فَضْلِهِ ولُطْفِهِ - انْتَهى.
ولَمّا أخْبَرَ عَنْهم بِهَذا القَوْلِ نَبَّهَ عَلى أنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يَصْدُرَ مِمَّنْ يَظُنُّ أنَّ أجْلَهُ مُقَدَّرٌ لا يَزِيدُ بِالجُبْنِ والإحْجامِ ولا يَنْقُصُ بِالجُرْأةِ والإقْدامِ وأنَّهُ يَلْقى اللَّهَ فَيُجازِيهِ عَلى عَمَلِهِ وأنَّ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ لا بِالقُوَّةِ والعَدَدِ فَقالَ: ﴿قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾ أيْ يَعْلَمُونَ ولَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالظَّنِّ لَمّا ذَكَرَ ﴿أنَّهم مُلاقُو اللَّهِ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الجَلالُ والإكْرامُ إشارَةً إلى أنَّهُ يَكْفِي في الخَوْفِ مِنَ اللَّهِ والرَّجاءِ لَهُ الظَّنُّ لِأنَّهُ يُوجِبُ فِرارَ العَقْلِ مِمّا يَظُنُّ أنَّهُ يَكْرَهُهُ سُبْحانَهُ وتَعالى إنْقاذًا لِنَفْسِهِ مِنَ الهَلاكِ بِذَلِكَ كَما أسْرَفَ هَؤُلاءِ في الشُّرْبِ لِظَنِّ الهَلاكِ بِعَدَمِهِ ورَجَعُوا لِظَنِّ الهَلاكِ بِاللِّقاءِ؛ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الظَّنُّ عَلى بابِهِ ويُأوَّلُ اللِّقاءُ بِالحالَةِ الحَسَنَةِ ﴿كَمْ مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ﴾ كَما كانَ في هَذِهِ الأُمَّةِ في يَوْمِ (p-٤٣٥)بَدْرٍ ﴿غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً﴾ ثُمَّ نَبَّهَ عَلى أنَّ سَبَبَ النَّصْرِ الطّاعَةُ والذِّكْرُ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ: ﴿بِإذْنِ اللَّهِ﴾ أيْ بِتَمْكِينِ الَّذِي لا كُفُؤَ لَهُ، فَلا يَنْبَغِي لِمَن عَلِمَ ذَلِكَ أنْ يَفْتُرَ عَنْ ذِكْرِهِ ويَرْضى بِقَضائِهِ.
ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ مَلاكَ ذَلِكَ كُلِّهِ الصَّبْرُ بِقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ﴾ أيِ المَلِكُ الأعْظَمُ ﴿مَعَ الصّابِرِينَ﴾ ولا يَخْذُلُ مَن كانَ مَعَهُ.
{"ayah":"فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِیكُم بِنَهَرࣲ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَیۡسَ مِنِّی وَمَن لَّمۡ یَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّیۤ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِیَدِهِۦۚ فَشَرِبُوا۟ مِنۡهُ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡیَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق