الباحث القرآني
﴿وَمِنۡهُم مَّن یَلۡمِزُكَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُوا۟ مِنۡهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمۡ یُعۡطَوۡا۟ مِنۡهَاۤ إِذَا هُمۡ یَسۡخَطُونَ ٥٨﴾ - نزول الآية
٣٢٦٦٤- عن عبد الله بن مسعود، قال: لَمّا قَسَم النَّبِيُّ ﷺ غنائمَ حُنَيْنٍ سمعتُ رجلًا يقول: إنّ هذه لَقِسْمةٌ ما أُرِيد بها وجهُ اللهِ. فأتيتُ النبيَّ ﷺ، فذكرتُ ذلك له، فقال: «رحمةُ الله على موسى، قد أُوذي بأكثرَ من هذا فصَبَرَ». ونزل: ﴿ومنهم مَّن يلمزُك في الصَّدقات﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. وأصل الحديث في البخاري ٤/٩٥ (٣١٥٠)، ٤/١٥٧ (٣٤٠٥)، ٥/١٥٩-١٦٠ (٤٣٣٥، ٤٣٣٦)، ٨/١٨ (٦٠٥٩)، ٨/٢٥-٢٦ (٦١٠٠)، ٨/٦٥ (٦٢٩١)، ٨/٧٣-٧٤ (٦٣٣٦)، ومسلم ٢/٧٣٩ (١٠٦٢) دون ذكر الآية.]]. (٧/٤٠٧)
٣٢٦٦٥- عن أبي سعيد الخدريِّ، قال: بينما النَّبيُّ ﷺ يَقْسِم قسمًا إذ جاءه ذو الخُوَيْصِرَة التميميُّ، فقال: اعدِل، يا رسول الله. فقال: «ويلك، ومَن يعدلُ إذا لم أعدل؟!». فقال عمرُ بن الخطاب: يا رسول الله، ائْذَن لي فيه فأَضْرِبُ عُنُقَه. فقال النبي ﷺ: «دَعْه؛ فإنّ له أصحابًا يَحْقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم، وصيامَه مع صيامهم، يمرقون من الدِّين كما يمرقُ السهمُ من الرَّمِيَّة، فيُنظرُ في قُذَذِه[[القُذذ: ريش السهم، واحدتها: قُذة. النهاية (قذذ).]] فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم يُنظر في نضيِّه[[النَّضيُّ: السهم قبل أن ينحت إذا كان قِدْحًا. النهاية (نضض).]] فلا يُرى فيه شيءٌ، ثم يُنظرُ في رِصافِه[[الرِّصاف: هو عَقَب يلوى على مدخل النصل فيه. النهاية (رصف).]] فلا يُرى فيه شيءٌ، ثم ينظر في نَصْله فلا يوجد فيه شيءٌ، قد سبق الفَرْثَ والدم[[سبق الفرث والدم: أي: مر سريعًا في الرمية وخرج منها لم يعلق منها بشيء من فرثها ودمها لسرعته، شبه به خروجهم من الدين ولم يعلقوا بشيء منه. النهاية (سبق).]]، آيَتُهم رجلٌ أسودُ، إحدى يديه -أو قال: ثَدْيَيْه- مثل ثَدْي المرأة، أو مثلُ البَضْعةِ تَدَرْدَرُ[[تَدَرْدَر: أي: ترجرج تجيء وتذهب. والأصل: تتدردر، فحذف إحدى التائين تخفيفًا. النهاية (دردر).]]، يخرُجون على حين فُرْقَةٍ من الناس». قال: فنزلت فيهم: ﴿ومنهُم من يلمزُك في الصدقاتِ﴾ الآية. قال أبو سعيد: أشهدُ أنِّي سمعتُ هذا من رسول الله ﷺ، وأشهد أنّ عليًّا حين قتلهم وأنا معه جيءَ بالرجلِ على النعتِ الذي نعَت رسولُ اللهِ ﷺ[[أخرجه البخاري ٤/٢٠٠ (٣٦١٠)، ٩/١٧ (٦٩٣٣)، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/١٥١ (١٠٩٢)، وابن جرير ١١/٥٠٧-٥٠٨، وابن أبي حاتم ٦/١٨١٥-١٨١٦ (١٠٣٤٠).]]. (٧/٤٠٥)
٣٢٦٦٦- عن داود بن أبي عاصم -من طريق ابن جُرَيْج- قال: أُتي النَّبيُّ ﷺ بصَدَقةٍ، فقسمها ههنا وههنا حتى ذَهَبَتْ، ورآه رجلٌ من الأنصار، فقال: ما هذا بالعدل. فنزلت هذه الآيةُ[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٠٦. وعزاه السيوطي إلى سنيد.]]٢٩٧٣. (٧/٤٠٧)
٣٢٦٦٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿ومنهم من يلمزك في الصدقات﴾، يقول: ومنهم مَن يطعن عليك في الصدقات. وذُكِر لنا: أنّ رجلًا من أهل البادية -حديث عهد بأعرابية- أتى نبيَّ الله ﷺ وهو يَقْسِم ذهبًا وفِضَّةً، فقال: يا محمد، واللهِ، لَئِن كان اللهُ أمَرَك أن تعدِل ما عَدَلْت. فقال نبيُّ الله ﷺ: «ويلك، فمَن ذا يعدل عليك بعدي؟». ثم قال نبيُّ الله ﷺ: «احذروا هذا وأشباهَه، فإنّ في أُمَّتي أشباهَ هذا يقرءون القرآن، لا يُجاوِزُ تَراقِيَهم، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم». وذُكِر لنا: أنّ نبي الله ﷺ كان يقول: «والذي نفسي بيده، ما أُعطيكم شيئًا، ولا أمنعكموه، إنّما أنا خازن»[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٠٦-٥٠٧ مرسلًا.]]. (ز)
٣٢٦٦٨- قال محمد بن السائب الكلبي: نزلت في المؤلفة قلوبهم، وهم المنافقون، قال رجل منهم -يُقال له: أبو الخواصر- للنبيِّ الله ﷺ: لم تَقْسِم بالسَّوِيَّة. فأنزل الله تعالى: ﴿ومنهم من يلمزك في الصدقات﴾[[علَّقه الواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص٤١٧، وتفسير البغوي ٤/٦٠-٦١ وفيه أنّ الرجل يقال له: أبو الجواظ، وتقدم في حدبث أبي سعيد أنه: ذو الخويصرة.]]. (ز)
٣٢٦٦٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ومِنهُمْ﴾ يعني: المنافقين ﴿مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ﴾ وذلك أنّ النبي ﷺ قسم الصدقة، وأعطى بعض المنافقين، ومنع بعضًا، وتعرّض له أبو الخواص[[كذا في المطبوع.]]، فلم يُعْطِه شيئًا، فقال أبو الخواص: ألا ترون إلى صاحبكم، إنّما يقسم صدقاتكم في رعاء الغنم، وهو يزعم أنه يعدل. فقال النبي ﷺ: «لا أبا لك، أما كان موسى راعيًا، أما كان داودُ راعيًا». فذهب أبو الخواص، فقال النبي ﷺ: «احذروا هذا وأصحابه؛ فإنّهم منافقون». فأنزل الله: ﴿ومِنهُمْ مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٧٥-١٧٦.]]. (ز)
﴿وَمِنۡهُم مَّن یَلۡمِزُكَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُوا۟ مِنۡهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمۡ یُعۡطَوۡا۟ مِنۡهَاۤ إِذَا هُمۡ یَسۡخَطُونَ ٥٨﴾ - قراءات
٣٢٦٧٠- عن إياد بن لقيطٍ أنّه قرأ: (وإن لَّمْ يُعْطَوْا مِنهَآ إَذا هُمْ ساخِطُونَ)[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨١٦ من طريق عيسى بن راشد أبي الفضل، وعنده عن زياد بن لقيط. عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ. وهي قراءة شاذة، وقرأ العشرة: ﴿يَسْخَطُونَ﴾. انظر: روح المعاني ١٠/١١٩.]]. (٧/٤٠٧)
﴿وَمِنۡهُم مَّن یَلۡمِزُكَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُوا۟ مِنۡهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمۡ یُعۡطَوۡا۟ مِنۡهَاۤ إِذَا هُمۡ یَسۡخَطُونَ ٥٨﴾ - تفسير
٣٢٦٧١- عن مجاهدٍ بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿ومنهُم من يلمزُك في الصدقاتِ﴾، قال: يتَّهِمُك، يسألُك ويَرُوزُكَ[[الرَّوْزُ: الامتحان والتقدير. النهاية (روز).]][[تفسير مجاهد ص٣٧٠، وأخرج ابن جرير ١١/٥٠٦ بلفظ: يَرُوزُك؛ يسألُك، وابن أبي حاتم ٦/١٨١٦ بلفظ: يلمزك، يسألك. وعزا السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ نحوه.]]. (٧/٤٠٦)
٣٢٦٧٢- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق جويبر- في قوله: ﴿ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا﴾، كان رسول الله ﷺ يَقْسِم بينهم ما آتاه الله مِن مال قليل أو كثير، فأمّا المؤمنون فكانوا يرضون بما أُعْطُوا، ويحمدون الله عليه، وأمّا المنافقون فإن أعطوا كثيرًا فرحوا، ﴿وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨١٦.]]. (ز)
٣٢٦٧٣- قال عطاء: يغتابك[[تفسير الثعلبي ٥/٥٦.]]. (ز)
٣٢٦٧٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: ﴿ومنهُم مَّن يلمزُك في الصَّدقات﴾، قال: يَطعنُ عليك[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٧٧، وابن جرير ١١/٥٠٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٧/٤٠٧)
٣٢٦٧٥- عن عطاء الخراساني -من طريق ابنه عثمان- قال: ﴿وأما يلمزك في الصدقات﴾؛ فاللَّمْزُ: الطعن عليه في الصدقات[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨١٦.]]. (ز)
٣٢٦٧٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ومِنهُمْ﴾ يعني: المنافقين ﴿مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ﴾ يعني: يطعن عليك. نظيرُها: ﴿ويْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ [الهمزة:١]. ... ﴿ومِنهُمْ مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ﴾ يعني: يطعن عليك بأنّك لم تعدل في القِسْمة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٧٦.]]. (ز)
٣٢٦٧٧- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون﴾، قال: هؤلاء المنافقون، قالوا: واللهِ، ما يعطيها محمدٌ إلّا مَن أحَبَّ، ولا يُؤْثِر بها إلا هواه. فأخبر اللهُ نبيَّه، وأخبرهم أنّه إنما جاءت من الله، وأنّ هذا أمرٌ من الله، ليس من محمد: ﴿إنما الصدقات للفقراء﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٠٨، وابن أبي حاتم ٦/١٨١٧ من طريق أصبغ بن الفرج.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.