الباحث القرآني
﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ مَعَكُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مِنكُمۡۚ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمُۢ ٧٥﴾ - نزول الآية، والنسخ فيها[[تقدمت بعض الآثار التي ذَكَرَتْ أن هذه الآية ناسخة، عند قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله﴾ الآية.]]
٣١٤٩٨- عن الزبير بن العوام -من طريق عُرْوَة- قال: أنزل الله فينا خاصَّةً؛ معشرَ قريشٍ والأنصار: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾، وذلك أنّا معشرَ قريشٍ لَمّا قَدِمنا المدينةَ قَدِمنا ولا أموالَ لنا، فوَجَدْنا الأنصارَ نِعمَ الإخوان، فواخَيْناهم ووارَثْناهم، فآخى أبو بكر خارجةَ بن زيد، وآخى عمرُ فلانًا، وآخى عثمان بن عفان رجلًا من بني زُرَيق بن سعد الزُّرَقي. قال الزبير: وواخَيْتُ أنا كعب بن مالك، ووارَثونا ووارَثْناهم، فلما كان يومُ أحدٍ قيل لي: قد قُتِل أخوك كعبُ بن مالك. فجِئتُه، فانتَقَلْتُه، فوجَدتُ السلاحَ قد ثَقَله فيما نرى، فوالله يا بُنَيَّ لو مات يومئذٍ عن الدنيا ما ورِثه غيري، حتى أنزَل الله هذه الآية فينا معشرَ قريشٍ والأنصارِ خاصة، فرجَعنا إلى مواريثِنا[[أخرجه الحاكم ٤/٣٨٣ (٨٠٠٥)، وابن أبي حاتم ٥/١٧٤٢-١٧٤٣ (٩٢٠٦) واللفظ له. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه».]]. (٧/٢١٩)
٣١٤٩٩- عن عبد الله بن الزبير -من طريق عيسى بن الحارث-، أنه كَتَب إلى شُرَيْح القاضي: إنّما نزَلت هذه الآية أنّ الرجلَ كان يُعاقِدُ الرجل، يقول: تَرِثُني وأَرِثُك. فنزلت: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾، فلما نزَلت تُرِك ذلك[[أخرجه البيهقي في الكبرى ١٠/١٢١، والدارقطني في السنن ٥/٢١٠، وابن جرير ١١/٣٠٢، من طرق عن ابن عون، عن عيسى بن الحارث به. إسناده حسن.]]. (٧/٢٢٠)
٣١٥٠٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق الحسن بن عبيد الله- أنّه قيل له: إنّ ابن مسعود لا يُوَرِّثُ المواليَ دونَ ذَوِي الأرحام، ويقول: إن ذَوِي الأرحام بعضُهم أولى ببعضٍ في كتاب الله. فقال ابن عباس: هيهاتَ هيهاتَ! أين ذهب؟! إنما كان المهاجرون يَتَوارثون دون الأعراب؛ فنزلت: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾. يعني: أنه يُوَرِّثُ المَوْلى[[أخرجه الحاكم ٤/٣٨٢ (٨٠٠١)، وابن أبي حاتم ٥/١٧٤٣ (٩٢٠٩) واللفظ له. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخَرِّجاه».]]. (٧/٢٢٠)
٣١٥٠١- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: آخى رسولُ الله ﷺ بين أصحابه، ووَرَّث بعضَهم من بعض، حتى نزلت هذه الآية: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾، فتركوا ذلك، وتَوارَثوا بالنَّسَب[[أخرجه الطيالسي ٤/٣٩٨ (٢٧٩٨)، والطبراني في الكبير ١١/٢٨٤ (١١٧٤٨)، من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس به. إسناده ضعيفٌ؛ قال ابن حجر عن رواية سماك بن حرب عن عكرمة في التقريب (٢٦٢٤): «صدوق، وروايته عن عكرمة خاصَّة مضطربة، وقد تغير بأَخَرَةٍ، فكان ربما تَلَقَّنَ».]]. (٧/٢٢١)
٣١٥٠٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- قال: تَوارَثَ المسلمون لَمّا قَدِموا المدينةَ بالهجرة، ثم نُسِخ ذلك، فقال: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٤٣. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٢١)
٣١٥٠٣- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قوله: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾، قال: نَسَخت هذه الآيةُ ما كان قبلَها من مواريثِ العَقْدِ والحِلفِ والمواريثِ بالهجرة، وصارت لذوِي الأرحام. قال: والوالدُ أوْلى من الأخ، والأخُ والأختُ أوْلى من ابن الأخ، وابنُ الأخ أوْلى من العمِّ، والعمُّ أوْلى من ابن العمِّ، وابنُ العمِّ أوْلى من الخال، وليس للخالِ ولا العمةِ ولا الخالةِ من الميراثِ نصيبٌ في قول زيد، وكان عمر بن الخطاب يُعْطِي ثُلُثَي المال للعَمَّة والثُّلثَ للخالة؛ إذا لم يكن له وارثٌ، وكان عليٌّ وعبد الله بن مسعود يَرُدّان ما فضَل من الميراث على ذَوي الأرحام، على قَدْرِ سُهْمانِهم، غيرَ الزوجِ والمرأة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٤٣.]]. (٧/٢٢٠)
٣١٥٠٤- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق حبيب بن الزبير- في قوله: ﴿والذين آمنوا ولم يهاجروا﴾، قال: لُبِث بُرْهةٌ والأعرابيٌّ لا يَرِثُ المهاجرَ، ولا المهاجرُ يَرِثُ الأعرابيَّ، حتى فُتِحت مكة، ودخل الناسُ في الدين أفواجًا، فأنزل الله تعالى: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٩.]]. (٧/٢١٥)
٣١٥٠٥- عن عكرمة مولى ابن عباس= (ز)
٣١٥٠٦- والحسن البصري -من طريق يزيد- قالا: ﴿إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله﴾ إلى قوله: ﴿ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا﴾ وكان الأعرابيُّ لا يَرِث المهاجرَ، ولا يَرِثه المهاجرُ، فنسخها، فقال: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم﴾[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٩٢.]]. (ز)
٣١٥٠٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سليمان- قال: كان لا يَرِثُ الأعرابيُّ المهاجرَ، حتى أنزل اللهُ: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠١.]]. (٧/٢٢١)
٣١٥٠٨- عن زيد بن أسلم أنّه قال: قال في سورة النساء: ﴿لا يَحِلُّ لَكُمْ أنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهًا ولا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إلّا أنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء:١٩]، وقال: ﴿والَّذِينَ عَقَدَتْ أيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء:٣٣]، كان الرجلُ يُحالِفُ الرجلَ، يقول: تَرِثُني، أرِثُك. فنسخ ذلك في سورة الأنفال: ﴿وأُولُو الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٣/٦٩-٧٠ (١٥٦).]]. (ز)
٣١٥٠٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ﴾ هؤلاء المهاجرين والأنصار، ﴿وهاجَرُوا﴾ من ديارهم إلى المدينة، ﴿وجاهَدُوا﴾ العدو معكم؛ ﴿أُولَئِكَ مِنكُمْ﴾ في الميراث. ثم نسخَ هؤلاء الآيات بعدُ هذه الآيةُ: ﴿وأُولُو الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٣١-١٣٢.]]. (ز)
﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ مَعَكُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مِنكُمۡۚ﴾ - تفسير
٣١٥١٠- عن محمد بن كعب القُرَظِيّ -من طريق أبي مَعْشَرٍ-: ... ﴿والسّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأَنْصارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة:١٠٠]، وأخذ عمر بيده، فقال: من أقرأك بها؟ قال: أبي بن كعب. قال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه. قال: لَمّا جاءه قالَ عمر: أنت أقرأتَ هذه الآية؟ قال: نعم. قال: أنت سمعتَها من رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، قد كنت أظُنُّ أنّا قد رُفِعْنا رِفْعَةً لا يبلغه أحد بعدنا. قال: بلى، تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة، وأوسط سورة الحشر، وآخر سورة الأنفال، في سورة الجمعة و[...] ﴿والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولِإخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإيمانِ﴾ [الحشر:١٠]، وفي سورة الأنفال: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وهاجَرُوا وجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنكُمْ﴾[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٢/١ (١).]].(ز) (ز)
٣١٥١١- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: حَضَّ الله المؤمنين على التواصل، فجعل المهاجرين والأنصارَ أهلَ ولاية في الدين دون مَن سواهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٤٢.]]. (ز)
﴿وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمُۢ ٧٥﴾ - تفسير
٣١٥١٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وأُولُو الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ﴾ في الميراث، فوَرِث المسلمون بعضُهم بعضًا؛ مَن هاجر ومَن لم يهاجر في الرَّحِم والقرابة ﴿فِي كِتابِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ في أمر المواريث حين حَرَمَهم الميراثَ، وحين أشْرَكَهم بعدَ ذلك[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٣١-١٣٢.]]. (ز)
٣١٥١٣- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: ثم رَدَّ المواريثَ إلى الأرحام التي بينهم، فقال: ﴿والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ أي: في الميراث، ﴿إن الله بكل شيء عليم﴾[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٩٩.]]. (ز)
﴿وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمُۢ ٧٥﴾ - آثار متعلقة بالآية
٣١٥١٤- عن نُسَيْرِ بن ذُعْلُوق، قال: قال عُرْوَةُ بن ثابت لرَبِيع بن خُثَيْم: أوْصِ لي بمُصْحَفِك. قال: فنظر إلى ابنٍ له صغير، فقال: ﴿وأُولُو الأرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/١٣٣، وابن أبي حاتم ٥/١٧٤٤.]]. (ز)
٣١٥١٥- عن حكيم بن عقال، أن شُريحًا أُتِي في امرأة تركت ابني عمها، أحدهما زوجها والآخر أخوها لأمها، فجعل للزوج النصف، وجعل النصف الباقي للأخ من الأم، فأتوا عليًّا فذكروا ذلك له، فأرسل إلى شريح، فلما أتاه قال: كيف قضيت بين هؤلاء؟ فأخبره بما قضى، فقال له: وما حملك على ذلك؟ قال: قول الله ﷿: ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾. فقال له عليٌّ: أفلا أعطيت الزوج فريضته في كتاب الله النصف، وأعطيت الأخ فريضته السدس، وجعلت ما بقي بينهما نصفين؟[[أخرجه سنن سعيد بن منصور في سننه -كتاب ولاية العصبة (ت: حبيب الرحمن الأعظمي) القسم الأول من المجلد الثالث ص٨٣ (١٣٠).]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.