الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "والذين آمنوا"، بالله ورسوله، من بعد تبياني ما بيَّنت من ولاية المهاجرين والأنصار بعضهم بعضًا، وانقطاع ولايتهم ممن آمن ولم يهاجر حتى يهاجر = ﴿وهاجروا﴾ ، دارَ الكفر إلى دار الإسلام = ﴿وجاهدوا معكم﴾ ، أيها المؤمنون = ﴿فأولئك منكم﴾ ، في الولاية، يجب عليكم لهم من الحق والنصرة في الدين والموارثة، مثل الذي يجب لكم عليهم، ولبعضكم على بعض، [[انظر تفسير " هاجر "، و " جاهد " فيما سلف ص: ٨٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] كما:- ١٦٣٥٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم ردّ المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار دونهم، إلى الأرحام التي بينهم، [[في المطبوعة والمخطوطة: " ثم المواريث إلى الأرحام التي بينهم "، أسقط من الكلام تمام الكلام الذي أثبته من سيرة ابن هشام، وسبب ذلك كما فعل في رقم: ١٦٣٥٠، هو ذكر " الأرحام " مرتين، فاختلط عليه بصره فنقل ما نقل.]] فقال: ﴿والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ ، أي: بالميراث [[في المطبوعة: " أي: في الميراث "، وهو خطأ، صوابه في المخطوطة والسيرة.]] = ﴿إن الله بكل شيء عليم﴾ . [[الأثر: ١٦٣٥٢ - سيرة ابن هشام ٢: ٣٣٣، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٣٥٠.]] * * * القول في تأويل قوله: ﴿وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والمتناسبون بالأرحام = ﴿بعضهم أولى ببعض﴾ ، في الميراث، إذا كانوا ممن قسم الله له منه نصيبًا وحظًّا، من الحليف والولي = ﴿في كتاب الله﴾ ، يقول: في حكم الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ والسابق من القضاء [[انظر تفسير " كتاب " فيما سلف ص: ٦٤، تعليق ١، والمراجع هناك.]] = ﴿إن الله بكل شيء عليم﴾ ، يقول: إن الله عالم بما يصلح عباده، في توريثه بعضهم من بعض في القرابة والنسب، دون الحلف بالعقد، وبغير ذلك من الأمور كلها، لا يخفى عليه شيء منها. [[انظر تفسير " عليم " فيما سلف من فهارس اللغة (علم) .]] * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٦٣٥٣- حدثنا أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، حدثنا أبي، قال، حدثنا قتادة أنه قال: كان لا يرث الأعرابيُّ المهاجرَ، حتى أنزل الله: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ . ١٦٣٥٤- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا معاذ بن معاذ قال، حدثنا ابن عون، عن عيسى بن الحارث: أن أخاه شريح بن الحارث كانت له سُرِّيَّة، فولدت منه جارية، فلما شبت الجارية زُوِّجت، فولدت غلامًا، ثم ماتت السرِّية، واختصم شريح بن الحارث والغلام إلى شريح القاضي في ميراثها، فجعل شريح بن الحارث يقول: ليس له ميراث في كتاب الله! قال: فقضى شريح بالميراث للغلام. قال: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ ، فركب ميسرة بن يزيد إلى ابن الزبير، فأخبره بقضاء شريح وقوله، فكتب ابن الزبير إلى شريح: "إن ميسرة أخبرني أنك قضيت بكذا وكذا"، وقلت: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أؤلى ببعض في كتاب الله﴾ ، وإنه ليس كذلك، إنما نزلت هذه الآية: أنّ الرجل كان يعاقد الرجل يقول: "ترثني وأرثك"، فنزلت: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ . فجاء بالكتاب إلى شريح، فقال شريح: أعتقها حيتان بطنها! [[في المطبوعة: " جنين "، غير ما في المخطوطة. وفي أخبار القضاة لوكيع " جنان بطنها "، والذي هنا، وفي أخبار القضاة، مشكل، فأثبته حتى أعرف صوابه، أو يعرفه غيري.]] وأبى أن يرجع عن قضائه. [[الأثر: ١٦٣٥٤، ١٦٣٥٥ - رواه وكيع في أخبار القضاة ٢: ٣٢٠، ٣٢١، من طريق عمرو بن بشر، عن حسن بن عيسى، عن عبد الله، عن ابن عون، بنحوه.]] ١٦٣٥٥- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون قال، حدثني عيسى بن الحارث قال: كانت لشريح بن الحارث سُرِّية، فذكر نحوه = إلا إنه قال في حديثه: كان الرجل يعاقد الرجل يقول: "ترثني وأرثك"، فلما نزلت تُرِك ذلك. [[الأثر: ١٦٣٥٤، ١٦٣٥٥ - رواه وكيع في أخبار القضاة ٢: ٣٢٠، ٣٢١، من طريق عمرو بن بشر، عن حسن بن عيسى، عن عبد الله، عن ابن عون، بنحوه.]] آخر تفسير "سورة الأنفال" والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب