﴿وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُوا۟ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ ٥٠﴾ - تفسير
٢٧٨٣٠- عن زيد بن رُفَيْع، رَفَعَه، قال: «إنّ أهلَ النار إذا دخلوا النار بَكَوا الدموعَ زمانًا، ثم بكَوا القيحَ زمانًا، فتقولُ لهم الخَزَنَة: يا معشرَ الأشقياء، تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهْلُها؛ في الدنيا، هل تَجِدون اليوم مَن تستغيثون به؟ فيرفعون أصواتهم: يا أهل الجنة، يا معشر الآباء والأُمَّهات والأولاد، خرجنا مِن القبور عِطاشًا، وكنا طُولَ المَوْقِف عِطاشًا، ونحن اليومَ عِطاشٌ، فأفيضوا علينا مِن الماء أو ممّا رزقكم الله. فيَدْعُون أربعين سنةً لا يُجِيبهم، ثم يُجِيبهم: إنّكم ماكِثون. فيَيْأَسون مِن كل خيرٍ»[[أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة النار ص١٣٢-١٣٣ (٢١١) مرسلًا.]]. (٧/٤٧٥)
٢٧٨٣١- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- في قوله: ﴿ونادى أصحاب النّار أصحابَ الجنَّة﴾ الآية، قال: يُنادي الرجلُ أخاه، فيقول: يا أخي، أغِثْني؛ فإنِّي قد احترَقْتُ، فأفِضْ عَلَيَّ مِن الماء. فيُقالُ: أجِبْه. فيقول: ﴿إنّ الله حرَّمهما على الكافرينَ﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/٣٦٩، وهناد (٢٨٨)، وابن جرير ١٠/٢٣٦، وابن أبي حاتم ٥/١٤٩٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وأخرجه سفيان الثوري في تفسيره ص١١٣ بلفظ: يُنادِي الرجلُ معرفته من أهل الجنة: أن أغِثني، يا فلان، فقد احترقت. فيقول الله -تعالى ذِكْرُه-: ﴿إن الله حرمهما على الكافرين﴾.]]. (٦/٤١٣)
٢٧٨٣٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء-: لَمّا صار أصحابُ الأعراف إلى الجنة طَمِع أهلُ النار في الفَرَج، وقالوا: يا ربِّ، إنّ لنا قراباتٍ من أهل الجنة، فأْذَن لنا حتى نراهم ونكلمهم. فينظروا إلى قرابتهم في الجنة وما هم فيه من النعيم، فيعرفونهم، ولم يعرفهم أهلُ الجنة لسواد وجوههم، فيُنادي أصحابُ النار أصحابَ الجنة بأسمائهم، وأخبروهم بقراباتهم: أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله. ﴿قالوا إن الله حرمهما على الكافرين﴾، يعني: الماء، والطعام[[تفسير البغوي ٣/٢٣٤.]]. (ز)
٢٧٨٣٣- عن سعيد بن جبير -من طريق عثمان- ﴿ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله﴾ قال: يُنادِي الرجلُ أخاه: يا أخي، قد احترَقْتُ، فأغِثْنِي. فيقول: ﴿إن الله حرمهما على الكافرين﴾[[أخرجه ابن جرير ١٠/٢٣٦.]]. (ز)
٢٧٨٣٤- عن أبي صالح باذام -من طريق الأعمش- قال: لَمّا مَرِض أبو طالب قالوا له: لو أرسلتَ إلى ابنِ أخيك، فيُرسلَ إليك بعُنقُود مِن جنَّتِه، لعلَّه يَشفيك. فجاءه الرسولُ، وأبو بكر عند النبي ﷺ، فقال أبو بكر: ﴿إنّ الله حرَّمهما على الكافرينَ﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/١٧٣، ٥/١٤٩١. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٦/٤١٣)
٢٧٨٣٥- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿أفيضُوا علينا من الماءِ أو ممّا رزقكم الله﴾، قال: من الطعام[[أخرجه ابن جرير ١٠/٢٣٥، وابن أبي حاتم ٥/١٤٩٠-١٤٩١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٤١٣)
٢٧٨٣٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء﴾ يقول: اسقونا من الماء نشرب، ﴿أو﴾ أطعِمُونا ﴿مما رزقكم الله﴾ من الطعام نأكل، فإنّ فينا معارفَكم، وفيكم معارفنا. فردَّ عليهم أهلُ الجنة، قالوا: ﴿إن الله حرمهما﴾ يعني: الطعام والشراب ﴿على الكافرين﴾. وذلك أنّ الله ﷿ رفع أهلَ الجنة لأهل النار، فرَأَوْا ما فيهما من الخير والرزق، فنادوا عند ذلك: ﴿أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله﴾ من الشراب والطعام. قال لهم أهل الجنة: ﴿إن الله حرمهما على الكافرين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٠.]]. (ز)
٢٧٨٣٧- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿أفيضُوا علينا من الماءِ أو ممّا رزقكم الله﴾ قال: يسْتَسْقونهم، ويستَطْعِمونهم. وفي قوله: ﴿إن الله حرَّمهما على الكافرينَ﴾ قال: طعام الجنة، وشرابها[[أخرجه ابن جرير ١٠/٢٣٥-٢٣٧، وابن أبي حاتم ٥/١٤٩١.]]. (٦/٤١٤)
ذكر ابنُ عطية (٣/٥٧٤-٥٧٥) في الآية احتمالين: الأول: أن يكون قولُهم هذا وهم يرون أهل الجنة بإدراك يجعله الله لهم على بعد السفل من العلو. الثاني: أن يكون ذلك وبينهم السور والحجاب المتقدم الذكر. ثم قال : «والأشنع على الكافرين في هذه المقالة أن يكون بعضُهم يرى بعضًا؛ فإنّه أخزى وأنكى للنفس».
﴿وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُوا۟ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ ٥٠﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٧٨٣٨- عن عبد الله بن عباس، أنّه سُئِل: أيُّ الصدقة أفضلُ؟ فقال: قال رسول الله ﷺ: «أفضلُ الصدقةِ سَقْيُ الماءِ، ألم تسمع إلى أهل النارِ لَمّا استغاثوا بأهل الجنة، قالوا: ﴿أفيضُوا علينا من الماء أو ممّا رزقكُمُ الله﴾؟!»[[أخرجه أبو يعلى ٥/٧٧ (٢٦٧٣)، والطبراني في الأوسط ١/٣٠٢ (١٠١١)، ٦/٢٠٣ (٦١٩٢)، وابن أبي حاتم ٥/١٤٩٠ (٨٥٣٣). وأورده الثعلبي ٤/٢٣٧.
قال الهيثمي في المجمع ٣/١٣١-١٣٢ (٤٧٢٧): «رواه أبو يعلى، والطبراني في الأوسط، وفيه موسى بن المغيرة، وهو مجهول».]]. (٦/٤١٢)
٢٧٨٣٩- عن سعدِ بن عبادة، أنّ أُمَّه ماتَتْ، فقال: يا رسول الله، أتصدَّقُ عليها؟ قال: «نعم». قال: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: «سَقْيُ الماءِ»[[أخرجه أحمد ٣٧/١٢٤ (٢٢٤٥٩)، ٣٩/٢٦٤ (٢٣٨٤٥)، وأبو داود ٣/١٠٩ (١٦٨١)، وابن ماجه ٤/٦٤٣-٦٤٤ (٣٦٨٤)، والنسائي ٦/٢٥٤ (٣٦٦٤)، وابن حبان ٨/١٣٥-١٣٦ (٣٣٤٨)، وابن خزيمة ٤/٢٠٨ (٢٤٩٦، ٢٤٩٧)، والحاكم ١/٥٧٤ (١٥١١، ١٥١٢).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ٢/٦٠٤ (١١١٢): «مرسل». وقال الرباعي في فتح الغفار ٢/٧٦٥ (٢٣٧٧): «رواه أحمد، والنسائي ... ورجال النسائي ثقات». وقال الألباني في صحيح أبي داود ٥/٣٦٦-٣٦٧ (١٤٧٤): «إسناده مرسل صحيح».]]. (٦/٤١٣)
٢٧٨٤٠- عن أبي هريرة، أنّ رسول الله ﷺ قال: «يَلْقى إبراهيمُ أباه يوم القيامة وعلى وجْهه قَتَرةٌ وغَبَرةٌ، فيقول: يا ربِّ، إنّك وعَدتني ألا تُخْزِيَني، فأيُّ خِزْيٍ أخْزى مِن أبي الأبعد في النار. فيقول الله: إنِّي حَرَّمْتُ الجنةَ على الكافرين»[[أخرجه البخاري ٤/١٣٩ (٣٣٥٠)، ٦/١١١ (٤٧٦٨، ٤٧٦٩).]]. (٦/٤١٤)
٢٧٨٤١- عن عقيل بن سُمَير الرِّياحِيِّ، قال: شَرِب عبدُ الله بن عمر ماءً باردًا، فبكى، فاشتدَّ بكاؤُه، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ذكرتُ آيةً في كتاب الله: ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون﴾ [سبأ:٥٤]، فعرفتُ أنّ أهل النار لا يشتهون شيئًا إلا الماء البارد، وقد قال الله ﷿: ﴿أفيضُوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله﴾[[أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ص١٩٠، والبيهقي في شعب الإيمان (٤٦١٤).]]. (٦/٤١٤)
{"ayah":"وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُوا۟ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}