ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى ذِلَّةَ أهْلِ النّارِ وسُؤالَهم أهْلَ الجَنَّةِ مِن شَرابِهِمْ وطَعامِهِمْ، بَعْدَ التَّكَبُّرِ عَلَيْهِمْ، وبَعْدَ ما أقْسَمُوا لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، وأنَّهم لا يُجابُونَ إلى ذَلِكَ، بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ:
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٥٠] ﴿ونادى أصْحابُ النّارِ أصْحابَ الجَنَّةِ أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الماءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلى الكافِرِينَ﴾
" ﴿ونادى أصْحابُ النّارِ أصْحابَ الجَنَّةِ أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الماءِ﴾ أيِ: الَّذِي (p-٢٦٩٦)رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِهِ لِيُسْكِنَ حَرارَةَ النّارِ والعَطَشِ.
قالَ الجَشْمِيُّ: وذَكَرُوا لَفْظَ (الإفاضَةِ)، لِأنَّ أهْلَ الجَنَّةِ أعْلى مَكانًا. ﴿أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ " أيْ: مِنَ الأطْعِمَةِ والفَواكِهِ ﴿قالُوا إنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلى الكافِرِينَ﴾ أيْ: مَنَعَهُما عَنْهُمْ، لِأنَّهُ أنْعَمَ عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا، فَلَمْ يَشْكُرُوهُ، فَمَنَعَهم نِعَمَهُ في الآخِرَةِ. فالتَّحْرِيمُ تَحْرِيمُ مَنعٍ، لا تَحْرِيمُ تَعَبُّدٍ. ثُمَّ وصَفَ الكافِرِينَ بِقَوْلِهِ:
{"ayah":"وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُوا۟ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}