الباحث القرآني
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّبَـٰتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ ٨٧﴾ - نزول الآية
٢٣٢٠٩- عن عبد الله بن عباس، قال: إنّ رجالًا مِن أصحاب محمد ﷺ -منهم عثمان بن مظعون- حرَّموا اللحمَ والنساءَ على أنفسهم، وأخذوا الشِّفار ليقطَعوا مذاكيرَهم لكي تنقطِعَ الشهوةُ عنهم، ويتفرَّغوا لعبادة ربِّهم، فأُخبِر بذلك النبي ﷺ، فقال: «ما أرَدْتُم؟». قالوا: أرَدْنا أن نقطعَ الشهوة عنّا، ونتفرَّغَ لعبادة ربِّنا، ونَلهو عن الناس. فقال رسول الله ﷺ: «لم أُؤمَر بذلك، ولكني أُمِرتُ في ديني أن أتزوج النساء». فقالوا: نطيعُ رسول الله ﷺ. فأنزَل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ إلى قوله: ﴿واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون﴾. فقالوا: يا رسول الله، فكيف نَصنعُ بأيْمانِنا التي حلَفنا عليها؟ فأنزل الله: ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١١، من طريق العوفي محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه به. إسناده ضعيف، وهي نسخة صالحة. واتظر: مقدمة الموسوعة. وأصل الحديث في صحيح البخاري ٦/٦٦ (٤٦١٥)، ٧/٥ (٥٠٧٥)، وصحيح مسلم ٢/١٠٢٢ (١٤٠٤) من حديث ابن مسعود، بلفظ: كُنّا نغزو مع رسول الله ﷺ ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نَسْتَخْصِي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأةَ بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾".]]. (٥/٤٢٦)
٢٣٢١٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾، قال: نزَلَت هذه الآية في رهطٍ من الصحابة قالوا: نقطَعُ مذاكيرَنا، ونترُكُ شهواتِ الدنيا، ونَسيحُ في الأرض كما يفعلُ الرُّهْبان. فبلغ ذلك النبي ﷺ، فأرْسَل إليهم، فذكَر لهم ذلك، فقالوا: نعم. فقال النبي ﷺ: «لكني أصومُ وأُفْطِر، وأُصلِّي وأنام، وأنكِحُ النساء، فمن أخَذَ بسُنَّتي فهو مِنِّي، ومَن لم يأخذ بسُنَّتي فليس مِنِّي»[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١١، وابن أبي حاتم ٤/١١٨٧ (٦٦٨٩)، من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح بن حدير، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به. إسناده ضعيف؛ عبد الله بن صالح قال عنه ابن حجر في التقريب (٣٣٨٨): «صدوق، كثير الغلط». وقال عن شيخه معاوية بن صالح في التقريب (٦٧٦٢): «صدوق له أوهام». ولا يحتمل مثلهما التفرّد. وقد تقدّم قريبًا أنّ أصله في الصحيحين بغير هذا السياق.]]. (٥/٤٢٠)
٢٣٢١١- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- أنّ رجلًا أتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنِّي إذا أكلتُ اللحم انتَشَرْتُ للنساء، وأَخَذَتْنِي شهوتي، وإنِّي حرَّمتُ عَلَيَّ اللحم. فنزلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾[[أخرجه الترمذي ٥/٢٩٢ (٣٣٠٠)، وابن جرير ٨/٦١٣، وابن أبي حاتم ٤/١١٨٦ (٦٦٨٧). قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم عن عثمان بن سعد مرسلًا، ليس فيه: عن ابن عباس، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة مرسلًا». وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ ٢/٦٦٠ (١١٦٩): «رواه عثمان بن سعد الكاتب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعثمان ضعيف». وأورده الذهبيُّ في ميزان الاعتدال ٣/٣٤ (٥٥١١) ترجمة عثمان بن سعد الكاتب، وقال عنه: «وروى عباس، عن ابن معين: بصري، ليس بذاك، وقال أبو زرعة: لين. قال النسائي: ليس بالقوي. قال مرة: ليس بثقة. وروى عبد الله بن الدورقي، عن ابن معين: ضعيف».]]. (٥/٤٢٠)
٢٣٢١٢- عن إبراهيم النخعي -من طريق مغيرة- في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾، قال: كانوا حرَّموا الطِّيبَ واللحم؛ فأنزل الله هذا فيهم[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٠٧-٦٠٨.]]. (٥/٤٢٢)
٢٣٢١٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- قال: أراد رجالٌ -منهم عثمانُ بن مظعون، وعبد الله بن عمرو- أن يَتَبتَّلوا، ويَخْصُوا أنفسَهم، ويَلبَسوا المُسُوح[[المسوح: جمع مِسح، وهو الكساء من شعر، وثوب الراهب. اللسان، الوسيط (مسح).]]؛ فنزلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾، والآيةُ التي بعدها[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١٢. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٤٢٥)
٢٣٢١٤- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق خالد الحذّاء- قال: كان أناسٌ من أصحاب النبي ﷺ هَمُّوا بالخِصاء، وترك اللَّحم، والنساء؛ فنزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٠٧.]]. (٥/٤٢١)
٢٣٢١٥- عن عكرمة مولى ابن عباس: أنّ عثمان بن مظعون في نفرٍ من أصحاب النبي ﷺ قال بعضُهم: لا آكُلُ اللحمَ. وقال الآخَر: لا أنامُ على فِراش. وقال الآخَر: لا أتزوجُ النساء. وقال الآخر: أصومُ ولا أُفطر. فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ الآية[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.]]. (٥/٤٢٢)
٢٣٢١٦- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جريج-: أنّ عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالمًا مولى أبي حذيفة، وقُدامَة؛ تَبَتَّلوا، فجلَسوا في البيوت، واعتزلوا النساء، ولَبِسوا المسُوحَ، وحرَّموا طيباتِ الطعام واللِّباس، إلا ما يأكُلُ ويلبسُ أهلُ السياحة[[السياحة: هي الذهاب في الأرض للعبادة والترهب. اللسان (سيح).]] مِن بني إسرائيل، وهمُّوا بالاختصاء، وأَجمعوا لقيام الليل وصيام النهار؛ فنزَلت:﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ الآية. فلما نزَلت بعَث إليهم رسول الله ﷺ، فقال: «إنّ لأنفسكم حقًّا، وإنّ لأعينكم حقًّا، وإنّ لأهلكم حقًّا، فصلُّوا وناموا، وصوموا وأفطِرُوا، فليس مِنّا مَن ترَك سُنَّتَنا». فقالوا: اللَّهُمَّ، صدَّقْنا واتَّبعنا ما أنزَلتَ على الرسول[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١٢ مرسلًا.]]. (٥/٤٢٥)
٢٣٢١٧- عن أبي قِلابة - من طريق أيوب- قال: أراد أناسٌ مِن أصحاب النبي ﷺ أن يرفُضوا الدنيا، ويترُكوا النساء، ويترهَّبُوا، فقام رسول الله ﷺ، فغلَّظ فيهم المقالة، ثم قال: «إنّما هلَك مَن كان قبلكم بالتشديد، شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع، اعبدوا الله، ولا تُشْرِكوا به شيئًا، وحُجُّوا، واعتمِروا، واستقِيموا يَستقِم لكم». قال: ونزلت فيهم: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ الآية[[أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد ١/٣٦٥ (١٠٣١) من غير الآية، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/٢٢ (٧١٩)، وابن جرير ٨/٦٠٨. قال الألباني في الصحيحة ٧/٣٣٥: «مرسل، صحيح الإسناد».]]. (٥/٤٢٢)
٢٣٢١٨- عن أبي مالك غزوان الغفاري -من طريق حُصين- في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾، قال: نزلت في عثمان بن مظعون وأصحابه؛ كانوا حرَّموا على أنفسهم كثيرًا من الشهوات والنساء، وهمَّ بعضُهم أن يقطَعَ ذَكَرَه؛ فأنزل الله هذه الآية[[أخرجه أبو داود في مراسليه (٢٠٩)، وابن جرير ٨/٦٠٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٢٠)
٢٣٢١٩- عن الحسن العُرَني ، قال: كان عليٌّ في أُناسٍ مِمَّن أرادوا أن يُحرِّموا الشهوات؛ فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ الآية[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٥/٤٢٧)
٢٣٢٢٠- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾، قال: نزلت في أُناسٍ من أصحاب النبي ﷺ أرادوا أن يتَخَلَّوا مِن الدنيا، ويتركوا النساء، ويَتَزَهدوا، منهم عليُّ بن أبي طالب، وعثمان بن مَظْعون[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٩٢، وابن جرير ٨/٦٠٨.]]. (٥/٤٢٣)
٢٣٢٢١- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ الآية، قال: ذُكِر لنا: أنّ رجالًا مِن أصحاب النبي ﷺ رفَضوا النساء واللَّحْمَ، وأرادوا أن يَتَّخذوا الصوامع، فلما بلَغ ذلك رسول الله ﷺ قال: «ليس في ديني تَرْكُ النساء واللحم، ولا اتِّخاذُ الصوامع». وخُبِّرنا: أنّ ثلاثة نَفَرٍ على عهد رسول الله ﷺ اتَّفقوا، فقال أحدُهم: أما أنا فأقومُ الليلَ لا أنام. وقال أحدهم: أما أنا فأصومُ النهار فلا أُفطِر. وقال الآخر: أما أنا فلا آتي النساءَ. فبعَث رسول الله ﷺ إليهم، فقال: «ألم أُنَبَّأْ أنّكم اتفقتم على كذا وكذا؟». قالوا: بلى، يا رسول الله، وما أرَدنا إلا الخيرَ. قال: «لكني أقومُ وأنام، وأصومُ وأُفطِر، وآتِي النساءَ، فمَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مِنِّي». وكان في بعض القراءة في الحرف الأول: (مَن رَّغِب عَن سُنَّتِكَ فَلَيْسَ مِن أُمَّتِكَ وقَد ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ)[[أي: يقطع ذكره. اللسان (جبب).]]. (٥/٤٢٣)
٢٣٢٢٢- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: إنّ رسول الله ﷺ جلس يومًا، فذكَّر الناس، ثم قام ولم يَزِدْهم على التخويف، فقال ناسٌ مِن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا عشرةً؛ منهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن مظعون: ما خِفْنا إن لم نُحْدِثْ عَمَلًا، فإنّ النصارى قد حرَّموا على أنفسهم، فنحن نُحَرِّم. فحرَّم بعضُهم أكلَ اللحم والوَدَك، وأن يأكُلَ بنهار، وحرَّم بعضُهم النوم، وحرم بعضُهم النساء، فكان عثمانُ بن مظعون ممن حرَّم النساء، وكان لا يدنو من أهله، ولا يدنون منه، فأتتِ امرأتُه عائشةَ، وكان يُقالُ لها: الحولاء. فقالت لها عائشةُ ومَن عندها مِن نساء النبي ﷺ: ما بالُكِ -يا حولاءُ- متغيرةَ اللون، لا تَمْتَشِطين، ولا تتطيَّبين؟ فقالت: وكيف أتطيَّبُ وأمْتَشِطُ وما وقَع عَلَيَّ زوجي ولا رفَع عَنِّي ثوبًا منذُ كذا وكذا؟! فجعَلن يَضْحَكْنَ مِن كلامها، فدخل رسول الله ﷺ وهُنَّ يَضْحَكْنَ، فقال: «ما يُضحِكُكُنَّ؟». قالتْ: يا رسول الله، الحولاءُ سألتُها عن أمرها، فقالتْ: ما رَفَعَ عنِّي زوجي ثوبًا منذُ كذا وكذا. فأرسَل إليه، فدعاه، فقال: «ما بالُك، يا عثمان؟». قال: إنِّي تركتُه لله؛ لكي أتخلّى للعبادة. وقصَّ عليه أمرَه، وكان عثمانُ قد أراد أن يَجُبَّ[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٠٩ مرسلًا.]] نفسَه، فقال رسول الله ﷺ: «أقسمتُ عليكَ إلا رجعتَ فواقَعتَ أهلك». فقال: يا رسول الله، إنِّي صائمٌ. قال: «أفطِرْ». قال: فأفطَر، وأتى أهلَه، فرَجَعَتِ الحولاءُ إلى عائشة قد اكْتَحَلَتْ، وامْتَشَطَتْ، وتَطَيَّبَتْ، فضحكت عائشةُ، فقالت: ما لَكِ، يا حولاءُ؟ فقالت: إنّه أتاها أمس. فقال رسول الله ﷺ: «ما بالُ أقوامٍ حرَّموا النساء، والطعام، والنوم؟! ألا إنِّي أنامُ وأقوم، وأُفطِر وأصوم، وأنكِح النساء، فمَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مِنِّي». فنزَلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا﴾. يقولُ لعثمان: لا تَجُبَّ نفسك فإن هذا هو الاعتداء. وأمرهم أن يُكفِّروا أيمانهم، فقال: ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٠٩-٦١١ مرسلًا. قال الزيلعي في تخريج الكشاف ١/٤١٧: «وله شاهد في الصحيحين». وقال المناوي في الفتح السماوي ٢/٥٨٠: «وهو مُنتَزَع من أحاديث، وأصله في الصحيحين».]]. (٥/٤٢٤)
٢٣٢٢٣- عن زيد بن أسلم -من طريق ابنه عبد الرحمن-: أنّ عبد الله بن رواحة ضافَه ضيفٌ مِن أهله وهو عند النبي ﷺ، ثم رجَع إلى أهله فوجَدهم لم يُطْعِموا ضيفَهم انتظارًا له، فقال لامرأته: حبَسْتِ ضيفي مِن أجلي! هو حرامٌ عَلَيَّ. فقالتِ امرأتُه: هو عليَّ حرامٌ. قال الضيفُ: هو عَلَيَّ حرامٌ. فلمّا رأى ذلك وضَعَ يدَه، وقال: كُلُوا بسم الله. ثم ذهب إلى النبي ﷺ، فأخبره، فقال رسول الله ﷺ: «قد أصبتَ». فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١٣، وابن أبي حاتم ٤/١١٨٧-١١٨٨ (٦٦٩٢). وأورده الثعلبي ٤/١٠١. قال ابن كثير في تفسيره ٣/١٧٠: «وهذا أثر منقطع».]]. (٥/٤٢٧)
٢٣٢٢٤- عن المغيرة بن عثمان -من طريق ابن جُرَيْج- قال: كان عثمان بن مظعون، وعليٌّ، وعبد الله بن مسعود، والمقدادُ، وعمارٌ؛ أرادوا الاختصِاءَ، وتحريمَ اللحم، ولُبسَ المسُوح، في أصحاب لهم، فأتى النبي ﷺ عثمان بن مظعون، فسأله عن ذلك، فقال: قد كان بعضُ ذلك. فقال رسول الله ﷺ: «أنكِحُ النساءَ، وآكُلُ اللحمَ، وأصومُ وأُفطِر، وأُصلِّي وأنام، وألبسُ الثياب، لم آتِ بالتَّبَتُّل ولا بالرهبانية، ولكن جئتُ بالحنيفية السَّمحة، ومَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مِنِّي». قال عبد الملك ابن جُرَيْج: فنزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٤٢٧)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّبَـٰتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ﴾ - تفسير
٢٣٢٢٥- عن عبد الله بن مسعود -من طريق قيس- قال: كُنّا نغزو مع رسول الله ﷺ وليس معنا نساءٌ، فقلنا: ألا نَسْتَخْصِي؟ فنهانا رسول الله ﷺ عن ذلك، ورخَّص لنا أن نَنكِحَ المرأةَ بالثوب إلى أجَل. ثم قرَأ عبد الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾[[أخرجه البخاري ٦/٥٣ (٤٦١٥)، ٧/٤ (٥٠٧٥)، ومسلم ٢/١٠٢٢ (١٤٠٤)، وابن أبي حاتم ٤/١١٨٨ (٦٦٩٣).]]. (٥/٤٢١)
٢٣٢٢٦- عن مسروق، قال: أُتي عبد الله [بن مسعود] بضَرْعٍ، فأخذ يأكل منه، فقال للقومِ: ادنوا. فدنا القوم، وتنحّى رجل منهم، فقال له عبد الله: ما شأنُك؟ قال: إنِّي حرمت الضَّرْعَ. قال: هذا مِن خطوات الشيطان، ادْنُ وكُلْ، وكفِّر عن يمينك. ثم تلا: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾[[أخرجه الثوري في جامعه –كما في تفسير ابن كثير ٣/١٦١ والفتح ١١/٥٧٥-، وسعيد بن منصور في سننه (ت. سعد آل حميد) ٤/١٥١٩ (٧٧٢).]]. (ز)
٢٣٢٢٧- عن عبد الله بن مسعود -من طريق عمرو بن شرحبيل- أنّ مَعْقِلَ بن مُقَرِّن قال له: إنِّي حرَّمتُ فِراشي عَلَيَّ سَنَةً. فقال: نَمْ على فراشِك، وكفِّر عن يمينك. ثم تلا: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾ إلى آخر الآية[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٤٨-٦٤٩، وابن أبي حاتم ٤/١١٨٧، والطبراني (٩٦٩٣). وعزاه السيوطي إلى ابن سعد، وعَبد بن حُمَيد، وابن المنذر.]]. (٥/٤٢٨)
٢٣٢٢٨- عن سعيد بن جبير، في الآية، قال: هو الرجل يحلِفُ ألّا يَصِلَ رحِمًا، أو يُحَرِّم عليه بعضَ ما أحَلَّ اللهُ له، فيأتيه، ويُكَفِّر عن يمينه[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٢٨)
٢٣٢٢٩- عن المغيرة، قال: قلتُ لإبراهيم في هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾: هو الرجل يُحَرِّمُ الشيءَ مِمّا أحل الله؟ قال: نعم[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٢٨)
٢٣٢٣٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ولا تَعْتَدُوا﴾ فتحرّموا حلاله، ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ مَن يُحَرِّم حلالَه، ويعتدي في أمره ﷿[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٩٩-٥٠٠.]]. (ز)
﴿وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ ٨٧﴾ - تفسير
٢٣٢٣١- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جُرَيْج-: هو ما كان الجماعةُ مِن أصحاب رسول الله ﷺ هَمُّوا به مِن تحريم النساء، والطعام، واللباس، والنوم، فنُهوا أن يفعلوا ذلك، وأن يَسْتَنُّوا بغير سُنَّةِ نبيهم محمدٍ ﷺ[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١٤.]]. (ز)
٢٣٢٣٢- عن الحسن البصري -من طريق عاصم-: ﴿لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا﴾ إلى ما حرَّم الله عليكم[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وأخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٨٨ بلفظ: لا تأتوا ما نهاكم الله عنه.]]. (٥/٤٢٨)
٢٣٢٣٣- عن قتادة بن دِعامة -من طريق علي بن عثمان- أنّه قرأ هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾، وقال: مَن حرَّم حلال اللهِ فقد أحلَّ حرامه، ليس بينهما فَرْقٌ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٨٨.]]. (ز)
٢٣٢٣٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قوله: ﴿لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا﴾، يقول لعثمان بن مظعون: لا تَجُبَّ نفسَك؛ فإنّ هذا الاعتداء[[أخرجه ابن جرير ٨/٦١٤، وابن أبي حاتم ٤/١١٨٨.]]٢١٥٤. (ز)
﴿وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ ٨٧﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٣٢٣٥- عن عائشة: أنّ ناسًا مِن أصحاب النبي ﷺ سألوا أزواج النبي ﷺ عن عمله في السِّرِّ، فقال بعضُهم: لا آكُلُ اللحمَ. وقال بعضُهم: لا أتزوَّج النساء. وقال بعضُهم: لا أنام على فراش. فبلَغ ذلك النبي ﷺ، فقال: «ما بالُ أقوامٍ يقولُ أحدُهم كذا وكذا؟! لَكِنِّي أصومُ وأُفْطِر، وأنامُ وأقوم، وآكُلُ اللحمَ، وأتزوجُ النساءَ، فمَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مِنِّي»[[أخرجه النسائي ٦/٦٠ (٣٢١٧)، وأخرجه البخاري ٧/٢ (٥٠٦٣)، ومسلم ٢/١٠٢٠ (١٤٠١) من حديث أنس.]]. (٥/٤٢١)
٢٣٢٣٦- عن عائشة، قالت: دخلتِ امرأةُ عثمان بن مظعون -واسمها: خولة بنت حكيم- عَلَيَّ وهي باذَّةُ الهيئة[[البذاذة: رثاثة الهيئة. يقال: بَذُّ الهيئة وباذُّ الهيئة. أي: رثُّ اللبسة. النهاية ١/١١٠.]]، فسألتُها: ما شأنُكِ؟ فقالتْ: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي ﷺ، فذكَرتُ ذلك له، فلَقِي النبي ﷺ، فقال: «يا عثمانُ، إنّ الرَّهْبانِيَّةَ لم تُكتَبْ علينا، أما لك فِيَّ أُسْوَةٌ! فواللهِ، إنّ أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لَأنا»[[أخرجه أحمد ٤٣/٧٠ (٢٥٨٩٣)، وابن حبان ١/١٨٥ (٩)، وعبد الرزاق ٦/١٦٧-١٦٨ (١٠٣٧٥)، ٧/١٥٠ (١٢٥٩١)، والطبراني في الكبير ٩/٣٨ (٨٣١٩) واللفظ لهما. قال الهيثمي في المجمع ٤/٣٠١ (٧٦١٠،٧٦١١): «وأسانيد أحمد رجالها ثقات، إلا أن طريق «إن أخشاكم» أسندها أحمد، ووصلها البزار برجال ثقات». وقال الألباني في الإرواء ٧/٧٩: «وهذا سند صحيح».]]. (٥/٤٣٠)
٢٣٢٣٧- عن أبي جُحَيْفَة، قال: آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمانُ أبا الدرداء، فرأى أُمَّ الدرداء مُتَبَذِّلةً[[التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. قال ابن الأثير: وفي رواية: مبتذلة. النهاية ١/١١١.]]، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنَع له طعامًا، فقال: كُلْ، فإنِّي صائم. قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكُل. فأكَل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَمْ. فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قُمِ الآن. فصلَّيا، فقال له سلمانُ: إنّ لربَّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فأتى النبي ﷺ، فذكَر ذلك له، فقال النبي ﷺ: «صدَق سلمان»[[أخرجه البخاري ٣/٣٨ (١٩٦٨)، ٨/٣٢-٣٣ (٦١٣٩).]]. (٥/٤٢٨)
٢٣٢٣٨- عن عبد الله بن عمرو، قال: بَلَغَ النبي ﷺ أنِّي أسْرُدُ الصومَ، وأصلي الليلَ، فإمّا أرْسَلَ إلَيَّ وإمّا لَقِيتُه، فقال: «ألم أُخْبَر أنّك تصوم ولا تفطر، وتصلي؟! فصُم وأفطِر، وقُم ونَمْ، فإنّ لعينك عليك حَظًّا، وإنّ لنفسك وأهلك عليك حَظًّا». قال: إنِّي لَأَقْوى لذلك. قال: «فصُمْ صيام داود ﵇». قال: وكيف؟ قال: «كان يصوم يومًا ويُفطر يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقى». قال: مَن لي بهذه، يا نبي الله؟ -قال عطاء: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد- قال النبي ﷺ: «لا صام مَن صام الأبد» مرتين[[أخرجه البخاري ٣/٤٠ (١٩٧٧)، ومسلم ٢/٨١٥ (١١٥٩)، وزاد: «صُم مِن كلِّ عشرة أيام يومًا، ولك أجر تسعة».]]. (٥/٤٢٩)
٢٣٢٣٩- عن سعد بن أبي وقاص، قال: لقد ردَّ رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التَّبتُّل، ولو أذِن له في ذلك لاخْتَصَينا[[أخرجه البخاري ٧/٤ (٥٠٧٣، ٥٠٧٤)، ومسلم ٢/١٠٢٠ (١٤٠٢). هذا وقد أورد السيوطي عقب تفسير الآية ٥/٤٣١-٤٣٨ آثارًا عديدة عن الحثِّ على النكاح، وذم العزوبة، وطرقًا عديدةً لخبر عثمان بن مظعون وغيرِه مِمَّن أراد التَّبَتُّل.]]. (٥/٤٣٤)
٢٣٢٤٠- عن عمر بن الخطاب -من طريق راشد بن سعد- قال: يُكَفَّنُ الرجلُ في ثلاثةِ أثواب؛ لا تَعتدوا، إن اللهَ لا يحبُّ المعتدين[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٢٥٩.]]. (٥/٤٣٩)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.