الباحث القرآني
ولَمّا مَدَحَ - سُبْحانَهُ - الرُّهْبانَ؛ وكانَ ذَلِكَ داعِيًا إلى التَّرَهُّبِ؛ وكانَتِ الرَّهْبانِيَّةُ حَسَنَةً بِالذّاتِ؛ قَبِيحَةً بِالعَرَضِ؛ شَرِيفَةً في المَبْدَإ؛ دَنِيَّةً في المَآلِ؛ فَإنَّها مَبْنِيَّةٌ عَلى الشِّدَّةِ؛ والِاجْتِهادِ في الطّاعاتِ؛ والتَّوَرُّعِ عَنْ أكْثَرِ المُباحاتُ؛ والإنْسانُ مَبْنِيٌّ عَلى الضَّعْفِ؛ مَطْبُوعٌ عَلى النَّقائِصِ؛ فَيَدْعُوهُ طَبْعُهُ؛ ويُساعِدُهُ ضَعْفُهُ إلى عَدَمِ الوَفاءِ بِما عاقَدَ عَلَيْهِ؛ ويُسْرِعُ بِما لَهُ مِن صِفَةِ العَجَلَةِ إلَيْهِ؛ فَيَقَعُ في الخِيانَةِ؛ كَما قالَ (تَعالى): ﴿فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها﴾ [الحديد: ٢٧]؛ عَقَّبَ ذَلِكَ بِالنَّهْيِ عَنْها في هَذا الدِّينِ؛ والإخْبارِ عَنْهُ بِأنَّهُ بَناهُ عَلى التَّوَسُّطِ؛ رَحْمَةً مِنهُ لِأهْلِهِ؛ ولُطْفًا بِهِمْ؛ تَشْرِيفًا لِنَبِيِّهِمْ ﷺ؛ ونَهاهم عَنِ الإفْراطِ فِيهِ؛ والتَّفْرِيطِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أيْ: وُجِدَ مِنهُمُ الإقْرارُ بِذَلِكَ؛ ﴿لا تُحَرِّمُوا﴾؛ أيْ: تَمْنَعُوا أنْفُسَكم بِنَذْرٍ؛ أوْ يَمِينٍ؛ أوْ غَيْرِهِما؛ تَصْدِيقًا لِما أقْرَرْتُمْ بِهِ؛ ورَغَّبَهم في امْتِثالِ أمْرِهِ بِأنْ جَعْلَهُ مُوافِقًا لِطِباعِهِمْ؛ مُلائِمًا لِشَهَواتِهِمْ؛ فَقالَ: ﴿طَيِّباتِ ما﴾؛ أيْ: المُطَيَّباتِ؛ وهي اللَّذائِذُ؛ الَّتِي ﴿أحَلَّ اللَّهُ﴾؛ وذِكْرُ هَذا الِاسْمِ الأعْظَمِ مُرَغِّبٌ في ذَلِكَ؛ فَإنَّ الإقْبالَ عَلى المِنحَةِ يَكُونُ عَلى مِقْدارِ المُعْطِي؛ وأكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ﴾؛ أيْ: وأمّا هو - سُبْحانَهُ - فَهو مُنَزَّهٌ عَنِ الأغْراضِ؛ لا ضُرَّ يَلْحَقُهُ؛ ولا نَفْعٌ؛ لِأنَّ لَهُ الغِنى المُطْلَقُ.
ولَمّا أطْلَقَ لَهم ذَلِكَ؛ حَثَّهم عَلى الِاقْتِصادِ؛ وحَذَّرَهم مِن مُجاوَزَةِ الحَدِّ؛ (p-٢٧٥)إفْراطًا؛ وتَفْرِيطًا؛ فَقالَ: ﴿ولا تَعْتَدُوا﴾؛ فَدَلَّ بِصِيغَةِ الِافْتِعالِ عَلى أنَّ الفِطْرَةَ الأُولى مَبْنِيَّةٌ عَلى العَدْلِ؛ فَعُدُولُها عَنْهُ لا يَكُونُ إلّا بِتَكَلُّفٍ؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - مُؤَكِّدًا لِاسْتِبْعادِ أنْ يَنْهى عَنِ الإمْعانِ في العِبادَةِ -: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: وهو المَلِكُ الأعْظَمُ؛ ﴿لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾؛ أيْ: لا يَفْعَلُ فِعْلَ المُحِبِّ؛ مِنَ الإكْرامِ؛ لِلْمُفْرِطِينَ في الوَرَعِ؛ بِحَيْثُ يُحَرِّمُونَ ما أحْلَلْتُ؛ ولا لِلْمُفَرِّطِينَ فِيهِ؛ الَّذِينَ يُحَلِّلُونَ ما حَرَّمْتُ؛ أيْ: يَفْعَلُونَ فِعْلَ المُحَرِّمِ؛ مِنَ المَنعِ؛ وفِعْلَ المُحَلِّلِ؛ مِنَ التَّناوُلِ؛ وما ذُكِرَ مِن سَبَبِ نُزُولِ الآيَةِ واضِحٌ في ذَلِكَ؛ رَوى الواحِدِيُّ في أسْبابِ النُّزُولِ؛ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُما - «أنَّ رَجُلًا أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنِّي إذا أكَلْتُ مِن هَذا اللَّحْمِ انْتَشَرْتُ إلى النِّساءِ؛ وإنِّي حَرَّمْتُ عَلَيَّ اللَّحْمَ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾؛ ونَزَلَتْ: ﴿وكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٨٨]» وأخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ في التَّفْسِيرِ؛ مِن جامِعِهِ؛ وقالَ: حَسَنٌ؛ غَرِيبٌ؛ ورَواهُ خالِدٌ الحَذّاءُ؛ عَنْ عِكْرِمَةَ؛ مُرْسَلًا؛ وقالَ الواحِدِيُّ؛ وتَبِعَهُ عَلَيْهِ البَغَوِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: «جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ النّاسَ؛ ووَصْفَ القِيامَةِ؛ ولَمْ يَزِدْهم عَلى التَّخْوِيفِ؛ فَرَقَّ النّاسُ وبَكَوْا؛ فاجْتَمَعَ عَشَرَةٌ مِنَ الصَّحابَةِ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهم - في بَيْتِ عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ (p-٢٧٦)الجُمَحِيِّ؛ وهم أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ؛ وعَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ؛ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ؛ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو؛ وأبُو ذَرٍّ الغِفارِيُّ؛ وسالِمٌ؛ مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ؛ والمِقْدادُ بْنُ الأسْوَدِ؛ وسَلْمانُ الفارِسِيُّ؛ ومَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ؛ واتَّفَقُوا عَلى أنْ يَصُومُوا النَّهارَ؛ ويَقُومُوا اللَّيْلَ؛ ولا يَنامُوا عَلى الفُرُشِ؛ ولا يَأْكُلُوا اللَّحْمَ؛ ولا الوَدَكَ؛ ولا يَقْرَبُوا النِّساءَ؛ والطِّيبَ؛ ويَلْبَسُوا المُسُوحَ؛ ويَرْفُضُوا الدُّنْيا؛ ويَسِيحُوا في الأرْضِ؛ ويَتَرَهَّبُوا؛ ويَجُبُّوا المَذاكِيرَ؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ لَهُمْ: ”ألَمْ أُنَبَّأْ أنَّكُمُ اتَّفَقْتُمْ عَلى كَذا وكَذا؟“؛ قالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ؛ وما أرَدْنا إلّا الخَيْرَ؛ فَقالَ: ”إنِّي لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ؛ إنَّ لِأنْفُسِكم عَلَيْكم حَقًّا؛ فَصُومُوا؛ وأفْطِرُوا؛ وقُومُوا؛ ونامُوا؛ فَإنِّي أقُومُ؛ وأنامُ؛ وأصُومُ؛ وأُفْطِرُ؛ وآكُلُ اللَّحْمَ؛ والدَّسَمَ؛ ومَن رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي“؛ ثُمَّ جَمَعَ النّاسَ؛ فَخَطَبَهم فَقالَ: ”ما بالُ أقْوامٍ حَرَّمُوا النِّساءَ؛ والطَّعامَ؛ والطِّيبَ؛ والنَّوْمَ؛ وشَهَواتِ الدُّنْيا؟! أما إنِّي لَسْتُ آمُرُكم أنْ تَكُونُوا قِسِّيسِينَ ورُهْبانًا؛ فَإنَّهُ لَيْسَ في دِينِي تَرْكُ اللَّحْمِ؛ والنِّساءِ؛ ولا اتِّخاذُ الصَّوامِعِ؛ وإنَّ سِياحَةَ أُمَّتِي الصَّوْمُ؛ ورَهْبانِيَّتُهُمُ الجِهادُ؛ واعْبُدُوا اللَّهَ (p-٢٧٧)ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا؛ وحِجُّوا؛ واعْتَمِرُوا؛ وأقِيمُوا الصَّلاةَ؛ وآتُوا الزَّكاةَ؛ وصُومُوا رَمَضانَ؛ فَإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكم بِالتَّشْدِيدِ؛ شَدَّدُوا؛ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؛ فَأُولَئِكَ بَقاياهم في الدِّياراتِ والصَّوامِعِ“؛ فَأنْزَلَ اللَّهُ (تَعالى) هَذِهِ الآيَةَ؛ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِأيْمانِنا الَّتِي حَلَفْنا عَلَيْها؟ وكانُوا حَلَفُوا عَلى ما عَلَيْهِ اتَّفَقُوا؛ فَأنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أيْمانِكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]» ولا تَعارُضَ بَيْنَ الخَبَرَيْنِ؛ لِإمْكانِ الجَمْعِ بِأنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَمّا سَمِعَ تَذْكِيرَ النَّبِيِّ ﷺ سَألَ؛ ولَوْ لَمْ يُجْمَعْ صَحَّ أنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنهُما سَبَبًا؛ فالشَّيْءُ الواحِدُ قَدْ يَكُونُ لَهُ أسْبابٌ جَمَّةٌ؛ بَعْضُها أقْرَبُ مِن بَعْضٍ؛ فَمِنَ الأحادِيثِ الوارِدَةِ في ذَلِكَ ما رَوى البَغَوِيُّ بِسَنَدِهِ؛ مِن طَرِيقِ ابْنِ المُبارَكِ؛ في كِتابِ الزُّهْدِ؛ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ «أنَّ عُثْمانَ بْنَ مَظْعُونٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: ائْذَنْ لَنا في الِاخْتِصاءِ؛ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”لَيْسَ مِنّا مَن خَصى؛ ولا اخْتَصى؛ إنَّ خِصاءَ أُمَّتِي الصِّيامُ“؛ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ ائْذَنْ لَنا في السِّياحَةِ؛ فَقالَ: ”إنَّ سِياحَةَ أُمَّتِي الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ“؛ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ ائْذَنْ لَنا في التَّرَهُّبِ؛ فَقالَ: ”إنَّ تَرَهُّبَ أُمَّتِي الجُلُوسُ في المَساجِدِ انْتِظارًا لِصَلاةٍ“؛» (p-٢٧٨)ولِلشَّيْخَيْنِ؛ والتِّرْمِذِيِّ؛ والنِّسائِيِّ؛ والدّارِمِيِّ؛ عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أيْضًا قالَ: «أرادَ عُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ أنْ يَتَبَتَّلَ؛ فَنَهاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ ولَوْ أذِنَ لَهُ - وفي رِوايَةٍ: ولَوْ أجازَ لَهُ - التَّبَتُّلَ اخْتَصَيْنا؛» ولِلدّارِمِيِّ؛ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أيْضًا قالَ: لَمّا كانَ مِن أمْرِ عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - الَّذِي كانَ؛ مِن تَرْكِ النِّساءِ؛ بَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: ”يا عُثْمانُ؛ إنِّي لَمْ أُومَرْ بِالرَّهْبانِيَّةِ؛ أرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي؟“؛ قالَ: لا يا رَسُولَ اللَّهِ؛ قالَ: ”إنَّ مِن سُنَّتِي أنْ أُصَلِّيَ؛ وأنامَ؛ وأصُومَ؛ وأطْعَمَ؛ وأنْكِحَ؛ وأُطَلِّقَ؛ فَمَن رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي؛ يا عُثْمانُ؛ إنَّ لِأهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ ولِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا“؛ قالَ سَعْدٌ: فَواللَّهِ لَقَدْ كانَ أجْمَعَ رِجالٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ عَلى أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إنْ هو أقَرَّ عُثْمانَ عَلى ما هو عَلَيْهِ أنْ نَخْتَصِيَ فَنَتَبَتَّلَ؛» وقالَ شَيْخُنا ابْنُ حَجَرٍ؛ في تَخْرِيجِ أحادِيثِ الكَشّافِ: ورَوى الطَّبَرانِيُّ مِن طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: أرادَ رِجالٌ؛ مِنهم عُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ؛ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو؛ أنْ يَتَبَتَّلُوا؛ ويُخْصُوا أنْفُسَهُمْ؛ ويَلْبَسُوا المُسُوحَ؛ ومِن طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: «أنَّ عُثْمانَ بْنَ مَظْعُونٍ؛ وعَلِيَّ (p-٢٧٩)ابْنَ أبِي طالِبٍ؛ وابْنُ مَسْعُودٍ؛ والمِقْدادُ بْنُ الأسْوَدِ؛ وسالِمًا؛ مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ في جَماعَةٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهم -؛ تَبْتَّلُوا؛ فَجَلَسُوا في البُيُوتِ؛ واعْتَزَلُوا النِّساءَ؛ ولَبِسُوا المُسُوحَ؛ وحَرَّمُوا طَيِّباتِ الطَّعامِ؛ واللِّباسِ؛ وهَمُّوا بِالِاخْتِصاءِ؛ وأجْمَعُوا لِقِيامِ اللَّيْلِ؛ وصِيامِ النَّهارِ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾؛ الآيَةُ؛ فَبَعَثَ إلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: ”إنَّ لِأنْفُسِكم عَلَيْكم حَقًّا؛ فَصُومُوا وأفْطِرُوا؛ وصَلُّوا ونامُوا؛ فَلَيْسَ مِنّا مَن تَرَكَ سُنَّتَنا“؛» ولِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهى عَنِ التَّبَتُّلِ؛» وقَرَأ قَتادَةُ: ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلا مِن قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهم أزْواجًا وذُرِّيَّةً﴾ [الرعد: ٣٨] ولِلنِّسائِيِّ عَنْ عائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - نَحْوُهُ؛ وأشارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ؛ ولِلطَّبَرانِيِّ في الأوْسَطِ؛ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُ بِالباءَةِ؛ ويَنْهى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا؛ يَقُولُ: ”تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ؛ فَإنِّي مُكاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ القِيامَةِ“؛» ومِنها ما رَوى الشَّيْخانِ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (p-٢٨٠)- رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أنَّهُ قالَ: «”كُنّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولَيْسَ لَنا شَيْءٌ - وفي رِوايَةٍ: نِساءٌ؛ وفي رِوايَةٍ: كُنّا ونَحْنُ شَبابٌ - فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ ألا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهانا عَنْ ذَلِكَ؛ ثُمَّ رَخَّصَ لَنا أنْ نَنْكِحَ المَرْأةَ بِالثَّوْبِ؛ ثُمَّ قَرَأ عَلَيْنا عَبْدُ اللَّهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾» الآيَةَ.
ومِنها ما رَوى البُخارِيُّ؛ وغَيْرُهُ؛ «عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنِّي رَجُلٌ شابٌّ؛ وإنِّي أخافُ عَلى نَفْسِي العَنَتَ؛ ولا أجِدُ ما أتَزَوَّجُ بِهِ النِّساءَ - قالَ النِّسائِيُّ: أفاخْتَصِي؟ - فَسَكَتَ عَنِّي؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:“يا أبا هُرَيْرَةَ؛ جَفَّ القَلَمُ بِما أنْتَ لاقٍ؛ فاخْتَصِ عَلى ذَلِكَ؛ أوْ ذَرْ”؛ وقالَ النِّسائِيُّ:“أوْ دَعْ”؛» ومِنها ما رَوى الشَّيْخانِ؛ وغَيْرُهُما؛ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - قالَ: «“جاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ ورَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - يَسْألُونَ عَنْ عِبادَةِ النَّبِيِّ ﷺ وفي رِوايَةِ مُسْلِمٍ والنِّسائِيِّ أنَّ نَفَرًا مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ سَألُوا أزْواجَ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ عَمَلِهِ (p-٢٨١)فِي السِّرِّ - فَلَمّا أُخْبِرُوا كَأنَّهم تَقالُّوها؛ فَقالُوا: وأيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ؛ فَقالَ أحَدُهُمْ: أمّا أنا فَإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا؛ وقالَ آخَرُ: أنا أصُومُ الدَّهْرَ؛ ولا أُفْطِرُ؛ وقالَ آخَرُ: وأنا أعْتَزِلُ النِّساءَ؛ فَلا أتَزَوَّجُ أبَدًا؛ وفي رِوايَةٍ: وقالَ بَعْضُهم لا آكُلُ اللَّحْمَ؛ وقالَ بَعْضُهُمْ: لا أنامُ عَلى فِراشٍ؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَحَمِدَ اللَّهَ؛ وأثْنى عَلَيْهِ؛ وقالَ: ”ما بالُ أقْوامٍ كَذا وكَذا؟“؛ وفي رِوايَةٍ: فَجاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَيْهِمْ؛ فَقالَ: ”أنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذا وكَذا؟ أما واللَّهِ إنِّي لِأخْشاكم لِلَّهِ؛ وأتْقاكم لَهُ؛ لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ؛ وأُصَلِّي وأرْقُدُ؛ وأتَزَوَّجُ النِّساءَ؛ فَمَن رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي“؛» والمُبْهَمُونَ في الحَدِيثِ - قالَ شَيْخُنا في مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ لِلْبُخارِيِّ - هُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وأبُو هُرَيْرَةَ؛ وعُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ؛ وسَيَأْتِي مُفَرَّقًا ما يُشِيرُ إلى ذَلِكَ؛ يَعْنِي ما قَدَّمْتُهُ أنا؛ قالَ: وقِيلَ: هم سَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ؛ وعُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ؛ وعَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ؛ وفي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزّاقِ؛ مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ؛ أنْ مِنهم عَلِيًّا؛ وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -؛ وقالَ شَيْخُنا في تَخْرِيجِ أحادِيثِ الكَشّافِ: إنَّ هَذا أصْلُ ما رَواهُ الواحِدِيُّ عَنِ المُفَسِّرِينَ؛ ولِلشَّيْخَيْنِ؛ والتِّرْمِذِيِّ؛ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”ما نَهَيْتُكم عَنْهُ فاجْتَنِبُوهُ؛ وما أمَرْتُكم بِهِ فافْعَلُوا مِنهُ ما اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإنَّما (p-٢٨٢)أهْلَكَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكم كَثْرَةُ سُؤالِهِمْ؛ واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ“؛» وفي رِوايَةٍ: «”ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّما أُهْلِكَ مَن كانَ قَبْلَكم بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ؛ واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ“؛» ولِأبِي داوُدَ عَنْ أنَسٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «”لا تُشَدِّدُوا عَلى أنْفُسِكم فَيُشَدِّدَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ“؛» ولِلْإمامِ أحْمَدَ في المُسْنَدِ؛ عَنْ أنَسٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - والحاكِمِ في عُلُومِ الحَدِيثِ؛ في فَنِّ الغَرِيبِ - وهَذا لَفْظُهُ - عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُما - أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «”إنَّ هَذا الدِّينَ مَتِينٌ؛ فَأوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ؛ ولا تُبَغِّضْ عِبادَةَ اللَّهِ إلَيْكَ؛ فَإنَّ المُنْبَتَّ لا أرْضًا قَطَعَ؛ ولا ظَهْرًا أبْقى“؛» المَتِينُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ؛ والإيغالُ: المُبالَغَةُ؛ والمُنْبَتُّ - بِنُونٍ ومُوَحَّدَةٍ وفَوْقانِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ هو الَّذِي انْقَطَعَ ظَهْرُهُ؛ ورَوى البُخارِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «”إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ؛ ولَنْ يُشادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلّا غَلَبَهُ؛ فَسَدِّدُوا؛ وقارِبُوا؛ وأبْشِرُوا“؛» وفي بَعْضِ الرِّواياتِ: «”والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا“؛» ولِمُسْلِمٍ؛ وابْنِ ماجَةَ - وهَذا لَفْظُهُ - «عَنْ حَنْظَلَةَ الكاتِبِ التَّمِيمِيِّ الأُسَيْدِيِّ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - قالَ: كُنّا (p-٢٨٣)عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْنا الجَنَّةَ والنّارَ حَتّى كانا رَأْيَ العَيْنِ؛ فَقُمْتُ إلى أهْلِي ووَلَدِي؛ فَضَحِكْتُ ولَعِبْتُ؛ قالَ: فَذَكَرْتُ الَّذِي كُنّا فِيهِ؛ فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أبا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - فَقُلْتُ: نافَقْتُ نافَقْتُ؛ فَقالَ أبُو بَكْرٍ: إنّا لَنَفْعَلُهُ؛ فَذَهَبَ حَنْظَلَةُ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: ”يا حَنْظَلَةُ؛ لَوْ كُنْتُمْ كَما تَكُونُونَ عِنْدِي لَصافَحَتْكُمُ المَلائِكَةُ عَلى فُرُشِكُمْ؛ أوْ عَلى طُرُقِكُمْ؛ يا حَنْظَلَةُ! ساعَةٌ؛ وساعَةٌ“؛» ولَفْظُ مُسْلِمٍ مِن طُرُقٍ جَمَعْتُ مُتَفَرِّقَها «عَنْ حَنْظَلَةَ - وكانَ مِن كِتابِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: لَقِيَنِي أبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - فَقالَ: كَيْفَ أنْتَ يا حَنْظَلَةُ؟ قُلْتُ: نافَقَ حَنْظَلَةُ؛ قالَ: سُبْحانَ اللَّهِ؛ ما تَقُولُ؟ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُذَكِّرُنا بِالنّارِ والجَنَّةِ؛ كانا رَأْيَ عَيْنٍ؛ فَإذا خَرَجْنا مِن عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عافَسْنا الأزْواجَ؛ والأوْلادَ؛ والضَّيْعاتِ؛ نَسِينا كَثِيرًا؛ قالَ أبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَواللَّهِ إنّا لِنَلْقى مِثْلَ هَذا؛ فانْطَلَقْتُ أنا وأبُو بَكْرٍ؛ حَتّى دَخَلْنا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ قُلْتُ: نافَقَ حَنْظَلَةُ يا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”وما ذاكَ؟“؛ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ نَكُونُ عِنْدَكَ؛ تُذَكِّرُنا بِالنّارِ؛ والجَنَّةِ؛ كانا رَأْيَ (p-٢٨٤)عَيْنٍ؛ فَإذا خَرَجْنا مِن عِنْدِكَ عافَسْنا الأزْواجَ؛ والأوْلادَ؛ والضَّيْعاتِ؛ نَسِينا كَثِيرًا؛ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ أنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلى ما تَكُونُونَ عِنْدِي؛ وفي الذِّكْرِ؛ لَصافَحَتْكُمُ المَلائِكَةُ عَلى فُرُشِكُمْ؛ وفي طُرُقِكُمْ؛ ولَكِنْ يا حَنْظَلَةُ ساعَةٌ؛ وساعَةٌ؛ وساعَةٌ - ثَلاثَ مَرّاتٍ“؛» وفي رِوايَةٍ: قالَ: «كُنّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَوَعَظَنا فَذَكَرْنا النّارَ - وفي رِوايَةٍ: الجَنَّةَ والنّارَ - ثُمَّ جِئْتُ إلى البَيْتِ فَضاحَكْتُ الصِّبْيانَ؛ ولاعَبْتُ المَرْأةَ؛ فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أبا بَكْرٍ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ؛ فَقالَ: وأنا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ ما تَذْكُرُ؛ فَلَقِينا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؛ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ نافَقَ حَنْظَلَةُ؛ فَقالَ: ”مَهْ؟“؛ فَحَدَّثْتُهُ بِالحَدِيثِ؛ فَقالَ أبُو بَكْرٍ: وأنا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَما فَعَلَ؛ فَقالَ: ”يا حَنْظَلَةُ؛ ساعَةٌ؛ وساعَةٌ؛ فَلَوْ كانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكم كَما تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ لَصافَحَتْكُمُ المَلائِكَةُ حَتّى تُسَلِّمَ عَلَيْكم في الطُّرُقِ“».
ومِن هُنا تَبَيَّنَ لَكَ مُناسَبَةُ أوَّلِ ”المُجادَلَةِ“؛ لِآخِرِ ”الحَدِيدِ“؛ الَّتِي كاعَ في مَعْرِفَتِها الأفاضِلُ؛ وكَعَّ عَنْ تَطْلُّبِها – لِغُمُوضِها - الأكابِرُ؛ الأماثِلُ؛ وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ (تَعالى) بَيانُ ذَلِكَ؛ وإيضاحُ ما فِيهِ مِن لَطِيفِ المَسالِكِ؛ ومِن هَذِهِ الآيَةِ وقَعَ الِالتِفاتُ؛ إلى قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿أُحِلَّتْ لَكم بَهِيمَةُ الأنْعامِ﴾ [المائدة: ١]؛ وقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ﴾ [المائدة: ٤]؛ وما أحْسَنَ تَصْدِيرَها (p-٢٨٥)بِـ ”يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا“! كَما صَدَّرَ أوَّلَ السُّورَةِ بِهِ؛ وقَدْ مَضى بَيانُ جَمِيعِ ما مَضى في الوَفاءِ بِالعُقُودِ؛ فَكانَ كَأنَّهُ (تَعالى) قالَ: أوْفُوا بِالعُقُودِ؛ فَلا تَتَهاوَنُوا بِها فَتَنْقُضُوها؛ ولا تُبالِغُوا فِيها فَتَكُونُوا مُعْتَدِينَ؛ فَتَضْعُفُوا؛ فَإنَّهُ لَنْ يُشادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلّا غَلَبَهُ؛ بَلْ سَدِّدُوا؛ وقارِبُوا؛ والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا؛ وقالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ؛ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿ومِنَ الَّذِينَ قالُوا إنّا نَصارى أخَذْنا مِيثاقَهُمْ﴾ [المائدة: ١٤]؛ ثُمَّ فَصَّلَ لِلْمُؤْمِنِينَ أفْعالَ الفَرِيقَيْنِ - أيْ: اليَهُودِ والنَّصارى - لِيَتَبَيَّنَ لَهم فِيمَ نَقَضُوا؛ ثُمَّ بَيَّنَ تَفاوُتَهم في البُعْدِ عَنِ الِاسْتِجابَةِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النّاسِ عَداوَةً﴾ [المائدة: ٨٢]؛ ثُمَّ نَصَحَ عِبادَهُ؛ وبَيَّنَ لَهم أبْوابًا؛ مِنها دُخُولُ الِامْتِحانِ؛ وهي سَبَبٌ في كُلِّ الِابْتِلاءِ؛ فَقالَ: ﴿لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكم ولا تَعْتَدُوا﴾؛ فَإنَّكم إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كُنْتُمْ شارِعِينَ لِأنْفُسِكُمْ؛ وظالِمِينَ؛ انْتَهى. و﴿ما أحَلَّ﴾؛ شامِلٌ لِكُلِّ ما كانُوا أرادُوا أنْ يَتَوَرَّعُوا عَنْهُ مِنَ المَآكِلِ؛ والمَلابِسِ؛ والمَناكِحِ؛ والنَّوْمِ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّبَـٰتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق