الباحث القرآني
﴿لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِیحُ یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن یُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ أَنصَارࣲ ٧٢﴾ - تفسير
٢٣١١٣- عن محمد بن كعب القرظي، قال: لَمّا رَفَع اللهُ عيسى ابنَ مريم اجْتَمَع مِن علماءِ بني إسرائيل مائةُ رجل، فقال بعضُهم لبعض: أنتم كثيرٌ؛ نَتَخَوَّفُ الفُرْقةَ، أخْرِجوا عَشَرَةً. فأخرَجوا عَشَرَةً، ثم قالوا: أنتم كثيرٌ، أخرِجُوا عَشَرةً. فأخرَجوا عَشَرةً، ثم قالوا: أنتم كثيرٌ، أخرِجوا عَشَرةً. فأخرَجوا عَشَرةً، حتى بقِي عشرةٌ، فقالوا: أنتم كثيرٌ حتى الآن. فأخرَجوا ستةً، وبقِي أربعةٌ، فقال بعضُهم لبعضٍ: ما تقولون في عيسى؟ فقال رجلٌ منهم: أتَعْلَمون أنّ أحدًا يَعْلَمُ الغيبَ إلا الله؟ قالوا: لا. قال: أتَعْلَمون أن أحدًا يُحْيي الموتى إلا الله؟ قالوا: لا. قال: أتَعْلَمون أن أحدًا يُبْرِئُ الأكمهَ والأبرصَ إلا الله؟ قالوا: لا. فقال الرجل: هو الله، كان في الأرض ما بدا له، ثم صعِد إلى السماء حينَ بدا له. وقال الآخر: قد عرَفنا عيسى، وعرَفنا أُمَّه، هو ولدُه. وقال الآخر: لا أقولُ كما تقولان، أقولُ: بل جاءت به أمُّه مِن عمَلٍ غيرِ صالح. فقال الآخر: لا أقولُ كما تقولون، قد كان عيسى يُخْبِرُنا أنّه عبدُ اللهِ، ورُوحُه، وكلمتُه ألقاها إلى مريم، فنقولُ كما قال لنفسِه، لقد خَشِيتُ أن تكونوا قلتم قولًا عظيمًا. قال: فخرَجوا على الناس، فقالوا لرجلٍ منهم: ماذا قلتَ؟ قال: قلتُ: هو الله، كان في الأرض ما بدا له، ثم صعِد إلى السماء حين بدا له. قال: فاتَّبَعه عُنُقٌ[[عُنُق: جماعة. النهاية (عنق).]] مِن الناس، وهؤلاء على دين الملِك، وقالوا للآخر: ماذا قلتَ؟ قال: قلتُ: بل جاءت به أمُّه مِن عمل غير صالح. فاتَّبَعه عُنُقٌ مِن الناس، ثم خرَج الثالث، فقالوا: ماذا قلتَ؟ قال: قلتُ: هو ولد الله. فاتَّبَعه عُنُقٌ مِن الناس، وهؤلاء النَّسطوريةُ واليَعْقُوبيةُ، فخرج الرابعُ، فقالوا له: ماذا قلتَ؟ قال: قلتُ: هو عبدُ الله، ورُوحُه، وكلمتُه ألقاها إلى مريم. فاتَّبعَه عُنُقٌ مِن الناس. فقال محمد بن كعب: فكلٌّ قد ذكَر الله في القرآن: ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم﴾ الآية. ثم قرأ: ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة﴾ الآية [المائدة:٧٣]. ثم قرأ: ﴿وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما﴾ [النساء:١٥٦]. ثم قرأ: ﴿ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا﴾ إلى قوله: ﴿منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون﴾ [المائدة:٦٥-٦٦]. قال محمد بن كعب: فهؤلاء أمةٌ مقتصدةٌ؛ الذين قالوا: عيسى عبدُ الله، وكلمتُه، ورُوحُه ألقاها إلى مريم[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٣٩٠)
٢٣١١٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ نزلت في نصارى نجران الماريعقوبيين، منهم: السيد، والعاقب، وغيرهما، قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم، ﴿وقالَ المَسِيحُ يا بَنِي إسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ﴾ يعني: وحِّدوا الله ربي وربكم، ﴿إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ فيقول: إن الله هو المسيح ابن مريم، فيموت على الشرك ﴿فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ ومَأْواهُ النّارُ وما لِلظّالِمِينَ﴾ يعني: وما للمشركين ﴿مِن أنْصارٍ﴾ يعني: من مانع يمنعهم من النار[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٩٤.]]. (ز)
﴿لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِیحُ یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن یُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ أَنصَارࣲ ٧٢﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٣١١٥- عن عائشة، عن رسول الله ﷺ، قال: «الدواوين يوم القيامة ثلاثة: ديوان لا يغفره الله، وديوان لا يَعْبَأُ الله به شيئًا، وديوان لا يدعه الله لشيء. فأما الديوان الذي لا يُغْفَر فإنّ الله لا يغفر أن يشرك به، وقال: ﴿إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار﴾»[[أخرجه أحمد ٤٣/١٥٥-١٥٦ (٢٦٠٣١)، وابن أبي حاتم ٤/١١٧٨ (٦٦٤٣) من طريق صدقة بن موسى، عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة به. قال الحاكم ٤/٦١٩ (٨٧١٧): «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «صدقة ضعفوه، وابن بابنوس فيه جهالة». وقال العراقي تخريج أحاديث الإحياء ص١٣٥١: «فيه صدقة بن موسى الدفيقي، ضعَّفه ابن معين وغيره، وله شاهد من حديث سلمان، رواه الطبراني». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٣٤٨ (١٨٣٨٢): «فيه صدقة بن موسى، وقد ضعفه الجمهور، وقال مسلم بن إبراهيم: حدثنا صدقة بن موسى وكان صدوقًا، وبقية رجاله ثقات».]]. (ز)
٢٣١١٦- عن عقبة بن عامر الجهني: كنت مع رسول الله ﷺ في جيش، فسرَّحت ظهر أصحابي، فلمّا رجعت تلقاني أصحابي يبتدروني، فقالوا: بينا نحن عند رسول الله ﷺ أذَّن المؤذن، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله. فقال رسول الله ﷺ: «وجبت بهذا الجنة». ونظر بعضنا إلى بعض، قال: «لِمَن لقي الله يشهد أن لا إله إلا هو وحده، وأنّ محمدًا رسول الله ﷺ دخل الجنة». وهي عرض رسول الله ﷺ على أبي طالب أن يقول: «لا إله إلا الله وحده، وأنّ محمدًا رسول الله، أشفع لك بها». فأبى الله ذاك، وغلبت عليه شقوته. وقال أبو لهب[[كذا في مطبوعة المصدر، والمشهور أن القائل أبو طالب.]]: ملةَ الشيخ، يا ابن أخي. فقال الله: ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ﴾ [القصص:٥٦]. وهي التي قال الله: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنها وهُمْ مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ [النمل:٨٩-٩٠]. ولا إله إلا الله كلمة الإخلاص، وهي الحسنة، والسيئة كلمة الإشراك، قال الله تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء:٤٨]. وقال: ﴿إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ﴾. وكما حرم الإشراك على الجنة، فكذلك حرم الإخلاص على النار، وقال: ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنهُ وتَنْشَقُّ الأَرْضُ وتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا * أنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ولَدًا﴾ [مريم:٩٠-٩١]. فكما عد[[كذا في المطبوع والمخطوط كما ذكر محققه، ولعل الصواب: هُددن.]] لهذا وأَنْكَرْنَهُ فرِحْنَ ورَضِينَ لِمَن قال: لا إله إلا الله وحده، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وهي رأس العبادة، ورأس الحكمة، ورأس الإيمان، ومفاتيح الجنة، والصراط المستقيم، وبها آمن أهل السماوات وأهل الأرض[[أخرجه الروياني في مسنده (ط٢) ١/١٨٦-١٨٧ (٢٤٦)، من طريق محمد بن عزيز حدثنا سلامة عن عقيل بن خالد الأيلي عن ابن شهاب عن عقبة بن عامر به. إسناده ضعيف جدا، فيه: محمد بن عزيز فقال ابن حجر في التقريب (٦١٣٩): «فيه ضعف وقد تكلموا في صحة سماعه من عمّه سلامة»، وعمّه سلامة هو ابن روح فقال ابن حجر في التقريب (٢٧١٣): «صدوق له أوهام، وقيل: لم يسمع من عمِّه [يعني: عقيل بن خالد]، وإنما يحدث من كتبه».]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.