الباحث القرآني
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ شُرُوعٌ في تَفْصِيلِ قَبائِحِ النَّصارى، وإبْطالِ أقْوالِهِمُ الفاسِدَةِ بَعْدَ تَفْصِيلِ قَبائِحِ اليَهُودِ، وهَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ قالُوا: إنَّ مَرْيَمَ ولَدَتْ إلَهًا. قِيلَ: هُمُ المَلِكانِيَّةُ والمارِ يَعْقُوبِيَّةُ مِنهم. وقِيلَ: هُمُ اليَعْقُوبِيَّةُ خاصَّةً. قالُوا: ومَعْنى هَذا: أنَّ اللَّهَ تَعالى حَلَّ في ذاتِ عِيسى واتَّحَدَ بِذاتِهِ، تَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
﴿وَقالَ المَسِيحُ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ " قالُوا "، بِتَقْدِيرِ قَدْ مُفِيدَةٌ لِمَزِيدِ تَقْبِيحِ حالِهِمْ بِبَيانِ تَكْذِيبِهِمْ لِلْمَسِيحِ، وعَدَمِ انْزِجارِهِمْ عَمّا أصَرُّوا عَلَيْهِ بِما أوْعَدَهم بِهِ؛ أيْ: قالُوا ذَلِكَ.
وَقَدْ قالَ المَسِيحُ مُخاطِبًا لَهم: ﴿يا بَنِي إسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ﴾ فَإنِّي عَبْدٌ مَرْبُوبٌ مَثَلُكم، فاعْبُدُوا خالِقِي وخالِقَكم، ﴿إنَّهُ﴾؛ أيِ: الشَّأْنُ.
﴿مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾؛ أيْ: شَيْئًا في عِبادَتِهِ، أوْ فِيما يَخْتَصُّ بِهِ مِن صِفاتِ الأُلُوهِيَّةِ.
﴿فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ﴾ فَلَنْ يَدْخُلَها أبَدًا، كَما لا يَصِلُ المُحَرَّمُ عَلَيْهِ إلى (p-66)المُحَرَّمِ، فَإنَّها دارُ المُوَحِّدِينَ. وإظْهارُ الِاسْمِ الجَلِيلِ في مَوْضِعِ الإضْمارِ لِتَهْوِيلِ الأمْرِ وتَرْبِيَةِ المَهابَةِ.
﴿وَمَأْواهُ النّارُ﴾ فَإنَّها هي المُعَدَّةُ لِلْمُشْرِكِينَ، وهَذا بَيانٌ لِابْتِلائِهِمْ بِالعِقابِ إثْرَ بَيانِ حِرْمانِهِمُ الثَّوابَ.
﴿وَما لِلظّالِمِينَ مِن أنْصارٍ﴾؛ أيْ: ما لَهم مِن أحَدٍ يَنْصُرُهم بِإنْقاذِهِمْ مِنَ النّارِ، إمّا بِطْرِيقِ المُغالَبَةِ، أوْ بِطْرِيقِ الشَّفاعَةِ، والجَمْعُ لِمُراعاةِ المُقابَلَةِ بِالظّالِمِينَ، واللّامُ إمّا لِلْعَهْدِ والجَمْعُ بِاعْتِبارِ مَعْنى مِن، كَما أنَّ الإفْرادَ في الضَّمائِرِ الثَّلاثَةِ بِاعْتِبارِ لَفْظِها، وإمّا لِلْجِنْسِ وهم داخِلُونَ فِيهِ دُخُولًا أوَّلِيًّا، ووَضْعُهُ عَلى الأوَّلِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِأنَّهم ظَلَمُوا بِالإشْراكِ، وعَدَلُوا عَنْ طَرِيقِ الحَقِّ.
والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِما قَبْلَهُ، وهو إمّا مِن تَمامِ كَلامِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وإمّا وارِدٌ مِن جِهَتِهِ تَعالى لِمَقالَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وتَقْرِيرًا لِمَضْمُونِها. وقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مِن كَلامِهِ عَزَّ وجَلَّ عَلى مَعْنى: أنَّهم ظَلَمُوا وعَدَلُوا عَنْ سَبِيلِ الحَقِّ، فِيما تَقَوَّلُوا عَلى عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يُساعِدْهم عَلَيْهِ ولَمْ يَنْصُرْ قَوْلَهم، ورَدَّهُ وأنْكَرَهُ، وإنْ كانُوا مُعَظِّمِينَ لَهُ بِذَلِكَ ورافِعِينَ مِن مِقْدارِهِ، أوْ مِن قَوْلِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى مَعْنى: لا يَنْصُرُكم أحَدٌ فِيما تَقُولُونَ ولا يُساعِدُكم عَلَيْهِ؛ لِاسْتِحالَتِهِ وبُعْدِهِ عَنِ المَعْقُولِ.
وَأنْتَ خَبِيرٌ بِأنَّ التَّعْبِيرَ عَمّا حُكِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن مُقابَلَتِهِ لِقَوْلِهِمُ الباطِلِ بِصَرِيحِ الرَّدِّ والإنْكارِ، والوَعِيدِ بِحِرْمانِ الجَنَّةِ ودُخُولِ النّارِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ مُساعَدَتِهِ عَلى ذَلِكَ، ونَفْيُ نُصْرَتِهِ لَهُ مَعَ خُلُوِّهِ عَنِ الفائِدَةِ، تَصْوِيرٌ لِلْقَوِيِّ بِصُورَةِ الضَّعِيفِ، وتَهْوِينٌ لِلْخَطْبِ مِن مَقامِ تَهْوِيلِهِ، بَلْ رُبَّما يُوهِمُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الظّاهِرِ ما لا يَلِيقُ بِشَأْنِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن تَوَهُّمِ المُساعَدَةِ والنُّصْرَةِ، لا سِيَّما مَعَ مُلاحَظَةِ قَوْلِهِ: وإنْ كانُوا مُعَظِّمِينَ لَهُ ... إلَخْ. إلّا أنْ يُحْمَلَ الكَلامُ عَلى التَّهَكُّمِ بِهِمْ، وكَذا الحالُ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِن تَمامِ كَلامِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإنَّ زَجْرَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إيّاهم عَنْ قَوْلِهِمُ الفاسِدِ بِما ذَكَرَهُ مِن عَدَمِ النّاصِرِ، والمُساعِدِ بَعْدَ زَجْرِهِ إيّاهم بِما مَرَّ مِنَ الرَّدِّ الأكِيدِ، والوَعِيدِ الشَّدِيدِ بِمَعْزِلٍ مِنَ الإفادَةِ والتَّأْثِيرِ، ولا سَبِيلَ هَهُنا إلّا الِاعْتِذارُ بِالتَّهَكُّمِ.
{"ayah":"لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِیحُ یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن یُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ أَنصَارࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق