الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: لَمّا رَفَعَ اللَّهُ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ، اجْتَمَعَ مِن عُلَماءِ بَنِي إسْرائِيلَ مِائَةُ رَجُلٍ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: أنْتُمْ (p-٣٩١)كَثِيرٌ، نَتَخَوَّفُ الفُرْقَةَ، أخْرِجُوا عَشَرَةً، فَأخْرَجُوا عَشَرَةً، ثُمَّ قالُوا: أنْتُمْ كَثِيرٌ، أخْرِجُوا عَشَرَةً، فَأخْرَجُوا عَشَرَةً، ثُمَّ قالُوا: أنْتُمْ كَثِيرٌ، أخْرِجُوا عَشَرَةً، فَأخْرَجُوا عَشَرَةً، حَتّى بَقِيَ عَشَرَةٌ فَقالُوا: أنْتُمْ كَثِيرٌ حَتّى الآنَ، فَأخْرَجُوا سِتَّةً وبَقِيَ أرْبَعَةٌ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: ما تَقُولُونَ في عِيسى؟ فَقالَ رَجُلٌ مِنهم: أتَعْلَمُونَ أنَّ أحَدًا يَعْلَمُ الغَيْبَ إلّا اللَّهُ؟ قالُوا: لا، قالَ: أتَعْلَمُونَ أنَّ أحَدًا يُحْيِي المَوْتى إلّا اللَّهُ؟ قالُوا لا، قالَ: أتَعْلَمُونَ أنَّ أحَدًا يُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ إلّا اللَّهُ؟ قالُوا: لا، فَقالَ الرَّجُلُ: هو اللَّهُ، كانَ في الأرْضِ ما بَدا لَهُ، ثُمَّ صَعِدَ إلى السَّماءِ حِينَ بَدا لَهُ، وقالَ الآخَرُ: قَدْ عَرَفْنا عِيسى وعَرَفْنا أُمَّهُ، هو ولَدُهُ، وقالَ الآخَرُ: لا أقُولُ كَما تَقُولُونَ، أقُولُ: بَلْ جاءَتْ بِهِ أنَّهُ مِن عَمَلٍ غَيْرِ صالِحٍ فَقالَ الآخَرُ: لا أقُولُ كَما تَقُولُونَ، قَدْ كانَ عِيسى يُخْبِرُنا أنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ ورُوحُهُ وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ، فَنَقُولُ كَما قالَ لِنَفْسِهِ، لَقَدْ خَشِيتُ أنْ تَكُونُوا قُلْتُمْ قَوْلًا عَظِيمًا، قالَ: فَخَرَجُوا عَلى النّاسِ فَقالُوا لِرَجُلٍ مِنهم: ماذا قُلْتَ؟ قالَ: قُلْتُ: هو اللَّهُ، كانَ في الأرْضِ ما بَدا لَهُ، ثُمَّ صَعِدَ إلى (p-٣٩٢)السَّماءِ حِينَ بَدا لَهُ، قالَ: فاتَّبَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النّاسِ، وهَؤُلاءِ عَلى دِينِ المَلِكِ، وقالُوا لِلْآخَرِ: ماذا قُلْتَ؟ قالَ: قُلْتُ: بَلْ جاءَتْ بِهِ أُمُّهُ مِن عَمَلٍ غَيْرِ صالِحٍ فاتَّبَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النّاسِ، ثُمَّ خَرَجَ الثّالِثُ فَقالُوا: ماذا قُلْتَ؟ قالَ: هو ولَدُ اللَّهِ فاتَّبَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النّاسِ، وهَؤُلاءِ النَّسْطُورِيَّةُ واليَعْقُوبِيَّةُ، فَخَرَجَ الرّابِعُ فَقالُوا لَهُ: ماذا قُلْتَ؟ قالَ: قُلْتُ: هو عَبْدُ اللَّهِ ورُوحُهُ وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ، فاتَّبَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النّاسِ، فَقالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: فَكُلٌّ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ في القُرْآنِ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ الآيَةَ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ الآيَةَ ثُمَّ قَرَأ: ﴿وبِكُفْرِهِمْ وقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتانًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ١٥٦] [النِّساءِ: ١٥٦] ثُمَّ قَرَأ: ﴿ولَوْ أنَّ أهْلَ الكِتابِ آمَنُوا واتَّقَوْا﴾ [المائدة: ٦٥] إلى قَوْلِهِ: ﴿مِنهم أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وكَثِيرٌ مِنهم ساءَ ما يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٦٦] [المائِدَةِ: ٦٥-٦٦]، قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: فَهَؤُلاءِ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ، الَّذِينَ قالُوا: عِيسى عَبْدُ اللَّهِ، وكَلِمَتُهُ، ورُوحُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ قالَ: النَّصارى يَقُولُونَ: ﴿إنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ وكَذَبُوا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: تَفَرَّقَتْ بَنُو إسْرائِيلَ ثَلاثَ فِرَقٍ في عِيسى، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: هو اللَّهُ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هو ابْنُ اللَّهِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هو (p-٣٩٣)عَبْدُ اللَّهِ ورُوحُهُ، وهي المُقْتَصِدَةُ، وهي مُسْلِمَةُ أهْلِ الكِتابِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ قالَ: قالَتِ النَّصارى: إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ وأُمُّهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦] [المائِدَةِ: ١١٦] . وقالَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِلالٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ أبِي الحَوارِيِّ قالَ: قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدّارانِيُّ: يا أحْمَدُ، واللَّهِ ما حَرَّكَ ألْسِنَتَهم بِقَوْلِهِمْ: ثالِثُ ثَلاثَةٍ، إلّا هُوَ، ولَوْ شاءَ لَأخْرَسَ ألْسِنَتَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب