الباحث القرآني
﴿فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابࣰا یَبۡحَثُ فِی ٱلۡأَرۡضِ لِیُرِیَهُۥ كَیۡفَ یُوَ ٰرِی سَوۡءَةَ أَخِیهِۚ قَالَ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَـٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَ ٰرِیَ سَوۡءَةَ أَخِیۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِینَ ٣١﴾ - تفسير
٢٢٢٢٣- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (٥/٢٧٠، ٢٧٥)
٢٢٢٢٤- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح-: لَمّا مات الغلامُ تركه بالعراء، ولا يعلم كيف يُدْفَن، فبعث الله غُرابين أخوين، فاقتتلا، فقتل أحدُهما صاحبه، فحفر له، ثم حَثا عليه، فلمّا رآه قال: ﴿يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤١. وعزاه السيوطي إليه دون ذكر ابن عباس. كما عزا نحوه عن ابن عباس إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.]]. (ز)
٢٢٢٢٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: جاء غراب إلى غراب ميِّت، فبَحث عليه التراب حتى واراه، فقال الذي قتل أخاه: ﴿يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٢.]]. (٥/٢٧٥)
٢٢٢٢٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: مكث يحمل أخاه في جِرابٍ[[الجِرابُ: الوِعاء. لسان العرب (جرب).]] على رقبته سنة، حتى بعث الله الغرابين، فرآهما يَبحثان، فقال: ﴿أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب﴾. فدفن أخاه[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤١.]]. (٥/٢٧٥)
٢٢٢٢٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- ﴿فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه﴾ قال: بعث الله -جلَّ وعزَّ- غرابًا حيًّا إلى غراب مَيِّت، فجعل الغراب الحيُّ يواري سوأة الغراب الميت، فقال ابن آدم الذي قتل أخاه: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤١.]]. (ز)
٢٢٢٢٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿يَبْحَثُ﴾، قال: بعث الله غرابًا، حتى حفر لآخر إلى جنبه ميِّت، وابن آدم القاتل ينظر إليه، ثم بحث عليه حتى غيَّبه[[تفسير مجاهد ص٣٠٦، وأخرجه ابن جرير ٨/٣٤١.]]. (ز)
٢٢٢٢٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث - في قوله: ﴿فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه﴾، قال: وارى الغرابُ الغرابَ. قال: كان يحمله على عاتقه مائة سنة، لا يدري ما يصنع به، يحمله ويضعه إلى الأرض، حتى رأى الغراب يدفن الغراب، فقال: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٣.]]. (ز)
٢٢٢٣٠- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- في قوله: ﴿فبعث الله غرابا يبحث في الأرض﴾، قال: بعث الله غرابًا حيًّا إلى غراب ميِّت، فجعل الغراب الحيُّ يواري سوأة الغراب الميت، فقال ابن آدم الذي قتل أخاه: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٤.]]. (ز)
٢٢٢٣١- عن أبي مالك غَزْوان الغفاري -من طريق حصين- في قول الله: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب﴾، قال: بعث الله غرابًا، فجعل يبحث على غرابٍ ميِّتٍ الترابً. قال: فقال عند ذلك: ﴿أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٣.]]. (ز)
٢٢٢٣٢- عن عطية بن سعد العوفي -من طريق فضيل- قال: لَمّا قتله نَدِم، فضمَّه إليه حتى أرْوَحَ[[تغيرت رائحته وأنتن. لسان العرب (روح).]]، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يَرمي به فتأكله، وكرِه أن يأتي به آدمَ فيُحزنه، فبعث الله غرابين قتل أحدُهما الآخر وهو ينظر إليه، ثم حفر له بمنقاره وبرجله حتى مكَّن له في الأرض، ثم دفعه برأسه حتى ألقاه في الحفرة، ثم بحث عليه برجله حتى واراه، فلما رأى ما صنع الغرابُ قال: ﴿يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٢ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٢٧٥)
٢٢٢٣٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- قال: أمّا قوله: ﴿فبعث الله غرابا﴾، قال: قتل غرابٌ غرابًا، فجعل يحثو عليه، فقال ابن آدم الذي قتل أخاه حين رآه: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين﴾[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٨٧، وابن جرير ٨/٣٤٣.]]. (ز)
٢٢٢٣٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه﴾، أنّه بعثه الله -عزَّ ذِكْرُه- يبحث في الأرض. ذُكِر لنا: أنّهما غرابان اقتتلا، فقتل أحدُهما صاحبه، وذلك بعيني ابن آدم، وجعل الحيُّ يحثي على الميت التراب، فعند ذلك قال ما قال: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب﴾ الآيةَ إلى قوله: ﴿من النادمين﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٣.]]. (ز)
٢٢٢٣٥- قال محمد بن السائب الكلبي: وكان قتله عَشِيَّةً، وغدا إليه غُدْوَةً لينظر ما فعل؛ فإذا هو بغراب حيٍّ يحثي التراب على غراب ميِّت، فقال: ﴿يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي﴾، كما يواري هذا الغراب سوءة أخيه؟! فدعا بالوَيل، وأصبح من النادمين[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٢٣-.]]٢٠٥١. (ز)
٢٢٢٣٦- قال مقاتل بن سليمان: فلمّا قتله عَشِيَّةً من آخر النهار لم يدرِ ما يصنع، وندِم، ولم يكن يومئذ على الأرض بناء ولا قبر، فحمله على عاتقه، فإذا أعيا وضعه بين يديه، ثم ينظر إليه ويبكي ساعة، ثم يحمله، ففعل ذلك ثلاثة أيام، فلما كان في الليلة الثالثة بعث الله غرابين يقتتلان، فقتل أحدُهما صاحبَه، وهو ينظر، ثم حفر بمنقاره في الأرض، فلمّا فرغ منه أخذ بمنقاره رِجْلَ الغراب الميت حتى قذفه في الحفيرة، ثم سَوّى الحفيرة بالأرض، وقابيل ينظر، ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْءَةَ أخِيهِ قالَ﴾ قابيل: ﴿يا ويْلَتا أعَجَزْتُ أنْ أكُونَ مِثْلَ هَذا الغُرابِ﴾ يقول: أعجزت أن أعْلَمَ مِن العلم مثل ما عَلِم هذا الغراب، ﴿فَأُوارِيَ سَوْءَةَ أخِي﴾ يقول: فأُغَطِّي عورة أخي كما وارى هذا الغراب صاحبه، ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ﴾ بقتله أخاه، فعمد عند ذلك قابيل فحفر في الأرض بيده، ثم قذف أخاه في الحفيرة، فسوّى عليه تراب الحفيرة كما فعل الغراب بصاحبه، فلما دفنه ألقى الله ﷿ عليه الخوف، يعني: على قابيل، لأنّه أول مَن أخاف، فانطلق هاربًا، فنودي مِن السماء: يا قابيل، أين أخوك هابيل؟ قال: أوَرقيبًا كنتُ عليه؟! ليذهب حيث شاء، قال المنادي: أما تدري أين هو؟ قال: لا. قال المنادي: إنّ لسانك وقلبك ويديك ورجليك وجميع جسدك يشهدون عليك أنّك قتلته ظُلمًا. فلمّا أنكر شَهِدَت عليه جوارحُه، فقال المنادي: أين تنجو مِن ربك؟ إنّ إلهي يقول: إنّك ملعون بكل أرض، وخائف ممن يستقبلك، ولا خير فيك، ولا في ذريتك. فانطَلَق جائعًا حتى أتى ساحل البحر، فجعل يأخذ الطيرَ، فيضرب بها الجبل، فيقتلها، ويأكلها، فمِن أجل ذلك حرَّم الله الموقوذة، وكانت الدواب والطير والسباع لا يخاف بعضها من بعض حتى قتل قابيلُ هابيلَ، فلحقت الطير بالسماء، والوحش بالبرية والجبال، ولحقت السباع بالغياض، وكانت قبل ذلك تستأنس إلى آدم ﵇ وتأتيه، وغضبت الأرض على الكفار من يومئذ، فمِن ثم يضغط الكافر في الأرض حتى تختلف أضلاعُه، ويَتَّسع على المؤمن قبره حتى ما يرى طرفاه. وتزوَّج شِيتُ[[كذا جاء في مطبوعة المصدر؛ بالتاء، وهو قول في ضبط شيث. والمشهور بالثاء. ينظر: التاج (شيت، شوث).]] بنُ آدم ليوذا التي وُلِدت مع هابيل، وبعث الله ﷿ ملَكًا إلى قابيل، فعلَّق رجله، وجعل عليه ثلاث سُرادِقات من نار، كلما دار دارت السُّرادِقات معه، فمكث بذلك حينًا، ثم حلَّ عنه[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٠-٤٧١.]]. (ز)
٢٢٢٣٧- عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول قال: لَمّا قتله سُقِط في يديه، ولم يدر كيف يواريه، وذلك أنه كان -فيما يزعمون- أول قتيل من بني آدم، وأول ميت، قال: ﴿فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي﴾ الآيةَ. قال: ويزعم أهل التوراة: أنّ قابيل حين قتل أخاه هابيل قال له -جلَّ ثناؤه-: يا قابيلُ، أين أخوك هابيل؟ قال: ما أدري، ما كنت عليه رقيبًا. فقال الله -جل وعزَّ- له: إنّ صوت دمِ أخيك لَيُناديني من الأرض، الآن أنتَ ملعون من الأرض التي فتحت فاها فبَلَعَتْ دمَ أخيك من يدك، فإذا أنت عملت في الأرض فإنها لا تعود تعطيك حرثها، حتى تكون فزِعًا تائهًا في الأرض. قال قابيل: عَظُمت خطيئتي عن أن تغفرها، قد أخرجتني اليوم عن وجه الأرض، وأتوارى من قُدّامك، وأكون فزِعًا تائهًا في الأرض، وكلُّ مَن لقيني قتلني. فقال الله جل وعز: ليس ذلك كذلك، ولا يكون كُلُّ مَن قتل قتيلًا يُجزى واحدًا، ولكن يجزي سبعة، ولكن من قتل قابيل يجزي سبعة. وجعل الله في قابيل آية، لئلا يقتله كُلُّ مَن وجده، وخرج قابيل من قُدّام الله ﷿، من شرقي عدن الجنة[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٤٤.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.