الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ﴾ الآية. قال المفسرون: إن قابيل لما قتل أخاه تركه بالعراء، ولم يدر ما يصنع؛ لأنه كان أول ميت على وجه الأرض من بني آدم، فقصده السباع، فحمله في جراب على ظهره حتى أَرْوح، فبعث الله غُرابًا يبحث في الأرض [[أخرجه بمعناه عن ابن عباس وغيره: الطبري في "تفسيره" 6/ 197، وانظر البغوي في "تفسيره" 3/ 44، وابن كثير في "تفسيره" 2/ 52.]]. قال ابن عباس: وكان غرابين اقتتلا، فقتل أحدهما صاحبه، وقابيل ينظر، ثم بحث في الأرض حتى جعل له حفرة فدفنه فيها، ففعل قابيل مثل ما فعل الغراب [[بمعناه في "تفسيره" ص 176، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 197 من طرق، وانظر: "الدر المنثور" 2/ 489.]]. قال ابن قتيبة: وهذا مختصر، والتقدير: فبعث الله غُرابًا يبحث في الأرض على غراب ميت [["تأويل مشكل القرآن" ص 231، وانظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 198، "معاني الزجاج" 2/ 167.]]. قال الضحاك: ﴿يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ﴾ يثير التراب من الأرض [[لم أقف عليه، وانظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 198.]]. ﴿لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ﴾. أي: جيفته، وقيل: عورة أخيه [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 199، "النكت والعيون" 2/ 30، "زاد المسير" 2/ 338.]]. وقوله تعالى: ﴿يَا وَيْلَتَا﴾. قال الزجاج: المعنى يا ويلتا تعالي، فإنه من إبّانك [[أي من وقتك أو زمن حاجتك.]]، أي: قد لزمني الويل، وكذلك: يا عجبًا، المعنى: يا أيها العجب هذا وقتك. قال: والوقت في غير القرآن: يا ويلتاه [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 167 ، 168 بتصرف.]]. وذكرنا زيادة بيان في قوله: ﴿يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ﴾ [هود: 72]. وقوله تعالى: ﴿فَأُوَارِيَ﴾، عطف على: ﴿أَنْ أَكُونَ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ [المائدة: 31]. حقيقة معنى الندم أنه وضع للزوم، ومنه سمي النديم نديمًا لأنه يلازم المجلس، ويقوي هذا قولهم: نادم سادم، والسدم اللهج بالشيء، يقال: سدم به، إذا أغري به ولزمه، ويقال [[في (ج): (وقال).]] لمن اهتم بالشيء الفائت: نادم سادم؛ لأن هذا الهّم ألزم للقلب من الهّم لأجل الشيء الحادث؛ لأن هذا يزول بزوال ما حدث، والفائت لا سبيل إلى رده [[انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3543، "اللسان" 7/ 4386 (ندم).]]. قال كثير من المفسرين: ﴿مِنَ النَّادِمِينَ﴾ على حمله والتطواف به [[انظر: "بحر العلوم" 1/ 430، والبغوي في "تفسيره" 3/ 44، "زاد المسير" 2/ 339.]]. وقال آخرون: ﴿مِنَ النَّادِمِينَ﴾ على ذوات أخيه؛ لأنه لم ينتفع بقتل أخيه، وسخط عليه بسببه أبواه وإخوته، فندم لأجل ذلك، لا لأجل أنه جنى واقترف ذنبًا بقتله، فلم يكن ندمه على الوجه الذي يكون ندم التربة [[انظر: "تفسير الهواري" 1/ 464، "بحر العلوم" 1/ 430، "النكت والعيون" 2/ 31، والبغوي في "تفسيره" 3/ 44، "زاد المسير" 2/ 339.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب