الباحث القرآني
قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾.
كل النحويين على أن "إذا" ظرف زمان مستقبل.
وقال المبرد: "هي في المفاجأة ظرف مكان إذا قلت: "خرجت فإذا زيد". واستدل على ذلك بأنها قد تضمنت الجثة، وظروف الزمان لا تتضمن الجثة، لو قلت "اليوم زيد" لم يجز إلا على حذف مضاف تقديره : اليوم حدوث زيد.
وقال أكثر النحويين: "إذا": في المفاجأة ظرف زمان على أصلها والتقدير: "خرجت فإذا حدوث زيد وظروف الزمان تتضمن المصادر كظروف المكان.
وأصل "قيل": "قول" فألقيت حركة الواو على القاف وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وكذلك "بِيعْ" أصله "بِيِعَ"، فألقيت حركة الياء على الباء، فصارت ذوات الواو والياء بلفظ واحد، وهي اللغة المشهورة المستعملة. ولك أن تشم القاف والياء بالضم الذي هو أصلها، وقد قرئ به.
ولك في غير القرآن أن تقول: "قُوْل": فتسكن الواو استثقالاً للكسر عليها، وتترك القاف على ضمتها، وكذلك يجوز لك فيما كان عينه ياء، نحو: "بُوع المتاع"، فيصير ذوات الواو والباء بلفظ واحد، كما صار في اللغة الأولى المستعملة بالياء فيهما.
* * *
قوله: ﴿لاَ تُفْسِدُواْ﴾.
أي: لا تعبدوا إلا الله، وعبادة غير الله من أعظم الفساد.
وحكى الكسائي "اللَّرض" بتشديد اللام وعوض من الهمزة لاماً، وإدغامها في لام التعريف. وقال الفراء في هذه اللغة: "إن لام التعريف لما ألقي عليها حركة الهمزة استكره ذلك فيها إذ أصلها السكون، فزيد بعدها لام أخرى وأسكن الأولى فردها إلى أصلها وأدغمها في اللام المزيدة، فرجعت لام التعريف إلى أصلها وهو السكون".
* * *
قوله: ﴿قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾.
هذا قولهم على دعواهم وليسوا كذلك، لأن من أبطن الكفر وأظهر الإيمان فهو من أعظم المفسدين. وهذا كله خبر عن المنافقين.
قال مجاهد وغيره: "أربع آيات من أول سورة البقرة نزلت في نعت المؤمنين وآيتان بعد ذلك في نعت الكافرين، [وثلاث عشرة] آية بعد ذلك في نعت المنافقين.
وقال مقاتل بن سليمان: "الآيتان الأوليان من سورة البقرة اللتان آخرهما ﴿يُنْفِقُونَ﴾ نزلتا في المؤمنين من أصحاب رسول الله ﷺ المهاجرين. والآيتان اللتان آخرهما ﴿ٱلْمُفْلِحُونَ﴾ نزلتا في المؤمنين من أهل التوراة، والآيتان اللتان بعدهما، اللتان آخرهما ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ﴾ نزلتا في الكفار. [وثلاث عشرة] آية بعدهما نزلن في المنافقين من أهل الكتاب".
* * *
قوله: ﴿نَحْنُ﴾.
هو اسم مضمر يقع للواحد الجليل القدر، وللاثنين وللجماعة. وحقه البناء على السكون لأنه مضمر، والمضمرات كلها مبنية؛ وإنما بنيت لأنها مشابهة للحروف، إذ لا تخص شيئاً بعينه، ولأنها تكون على حرف واحد، وحرف واحد لا يعرب. وإنما حرك "نحن" وحقه السكون لأن قبل آخره ساكن يحرك الآخر لالتقاء الساكنين. واختير لها الضم في قول المبرد لأنها مشبهة بِـ "قَبْلُ" و "بَعْدُ"، وذلك لأنها تتعلق بالإخبار عن اثنين فأكثر.
وقال هشام الكوفي: "أصل "نَحْنُ": نَحُن، فردت حركة الحاء على النون بعدها".
وقال أحمد بن يحيى: "ضمت "نحن" لقوتها لأنها تضمنت التثنية [والجمع]، وقد تكون للواحد فأعطيت أقوى الحركات وهي الضم".
وقيل: إنما ضمت لتضمنها تثنية وجمعاً، فصارت مشبهة بـ "حيث" لانها تضمنت مكائن.
وقال الزجاج: "لما كانت الواو من علامات الجماعة واحتيج إلى حركة النون من "نحن" لسكونها وسكون ما قبلها، حركت بما يشبه الواو وما هو منها، وهي الضمة. ولهذا ضموا واو الجمع إذا احتاجوا إلى حركتها في نحو قوله: ﴿ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ﴾ [البقرة: ١٦].
وقال علي بن سليمان: "نحن" من علامات المضمر المرفوع فلما احتيج إلى حركته حركوه بأخت الرفع وهو الضم".
ومعنى قولهم: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ أي هذا الذي تسمونه فساداً هو صلاح عندنا.
وقيل: إن معناه: [أنهم قالوا]: نريد الإصلاح بين المؤمنين وأهل الكتاب.
وعن سلمان الفارسي أنه قال: "لم يجىء هؤلاء بعد".
وأكثر المفسرين على أن هذا نزل في المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله ﷺ.
وقيل: معنى قول سلمان: "لم يجئ هؤلاء بعد" أي لا يأتون لأنهم قد انقرضوا.
فإن قيل: ما على من لم يعلم أنه مفسد من الذم، فقد أخبر الله عنهم أنهم لا يعلمون أنهم مفسدون فالجواب أن القوم كانوا يبطنون الفساد وهم يعلمون به، ويظهرون الصلاح الذي ادعوا، وهم لا يشعرون أن الله يظهر ما يبطنون، فإنما معنى ﴿وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ﴾: أي لا يعلمون أن الله يظهر ما يبطنون من النفاق والكفر.
والهاءات من: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ إلى ﴿يَشْعُرُونَ﴾ يعدن على "من" في قوله: ﴿مَن يَقُولُ آمَنَّا﴾ وهم المنافقون. وعلى هذا أكثر الناس.
ودخلت الألف واللام في (المُفْسِدينَ)، لأنه جواب كلام سبق منهم إذ قالوا: محمد وأصحابه مفسدون في الأرض.
فأخبر الله أنهم هم المفسدون، ولو كان على غير جواب لم يدخله الألف واللام. ألا ترى لو أنك قال لك قائل: "أنت ظالم"، فأردت أن ترميه بغير الظلم لقلت: "أنت كاذب أنت فاسق"، ولا تقوله بالألف واللام، لأنه غير جواب قوله.
فإن أردت أن ترميه بمثل ما رماك به، قلت له: "أنت الظالم"، ولو أضمرت لقلت: "أنت هو". ولو رميته بمثل ما رماك به لم يجز الإضمار في جوابك، إنما تضمر إذا رميته بمثل ما رماك به، لأنه معرفة، فالجواب معرف أبداً إذا كان رد اللفظ الأول.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ قَالُوۤا۟ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ","أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا یَشۡعُرُونَ"],"ayah":"وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ قَالُوۤا۟ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق