الباحث القرآني
﴿وَإذا قِيلَ لَهم لا تُفْسِدُوا في الأرْضِ﴾: شُرُوعٌ في تَعْدِيدِ بَعْضٍ مِن قَبائِحِهِمُ المُتَفَرِّعَةِ عَلى ما حُكِيَ عَنْهم مِنَ الكُفْرِ والنِّفاقِ؛ و"إذا" ظَرْفُ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ؛ ويَلْزَمُها مَعْنى الشَّرْطِ غالِبًا؛ ولا تَدْخُلُ إلّا في الأمْرِ المُحَقَّقِ؛ أوِ المُرَجَّحِ وُقُوعُهُ؛ واللّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ "قِيلَ"؛ ومَعْناها الإنْهاءُ والتَّبْلِيغُ؛ والقائِمُ مَقامَ فاعِلِهِ جُمْلَةُ "لا تُفْسِدُوا"؛ عَلى أنَّ المُرادَ بِها اللَّفْظُ؛ وقِيلَ: هو مُضْمَرٌ؛ يُفَسِّرُهُ المَذْكُورُ؛ والفَسادُ خُرُوجُ الشَّيْءِ عَنِ الحالَةِ اللّائِقَةِ بِهِ؛ والصَّلاحُ مُقابِلُهُ؛ والفَسادُ في الأرْضِ هَيْجُ الحُرُوبِ والفِتَنِ المُسْتَتْبِعَةِ لِزَوالِ الِاسْتِقامَةِ عَنْ أحْوالِ العِبادِ؛ واخْتِلالِ أمْرِ المَعاشِ والمَعادِ؛ والمُرادُ بِما نُهُوا عَنْهُ: ما يُؤَدِّي إلى ذَلِكَ مِن إفْشاءِ أسْرارِ المُؤْمِنِينَ إلى الكُفّارِ؛ وإغْرائِهِمْ عَلَيْهِمْ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن فُنُونِ الشُّرُورِ؛ كَما يُقالُ لِلرَّجُلِ: لا تَقْتُلْ نَفْسَكَ بِيَدِكَ؛ ولا تُلْقِ نَفْسَكَ في النّارِ؛ إذا أقْدَمَ عَلى ما تِلْكَ عاقِبَتُهُ؛ وهو إمّا مَعْطُوفٌ عَلى "يَقُولُ"؛ فَإنْ جُعِلَتْ كَلِمَةُ "مَن" مَوْصُولَةً فَلا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإعْرابِ؛ ولا بَأْسَ بِتَخَلُّلِ البَيانِ؛ أوْ الِاسْتِئْنافِ؛ وما يَتَعَلَّقُ بِهِما بَيْنَ أجْزاءِ الصِّلَةِ؛ فَإنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَوْسِيطًا بِالأجْنَبِيِّ؛ وإنْ جُعِلَتْ مَوْصُوفَةً فَمَحَلُّهُ الرَّفْعُ؛ والمَعْنى: ومِنَ النّاسِ مَن إذا نُهُوا مِن جِهَةِ المُؤْمِنِينَ عَمّا هم عَلَيْهِ مِنَ الإفْسادِ في الارْضِ؛ ﴿قالُوا﴾؛ إراءَةً لِلنّاهِينَ أنَّ ذَلِكَ غَيْرُ صادِرٍ عَنْهُمْ؛ مَعَ أنَّ مَقْصُودَهُمُ الأصْلِيَّ إنْكارُ كَوْنِ ذَلِكَ إفْسادًا؛ وادِّعاءُ كَوْنِهِ إصْلاحًا مَحْضًا؛ كَما سَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ: ﴿إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾؛ أيْ: مَقْصُورُونَ عَلى الإصْلاحِ المَحْضِ؛ بِحَيْثُ لا يَتَعَلَّقُ بِهِ شائِبَةُ الإفْسادِ والفَسادِ؛ مُشِيرِينَ بِكَلِمَةِ "إنَّما" إلى أنَّ ذَلِكَ مِنَ الوُضُوحِ بِحَيْثُ لا يَنْبَغِي أنْ يُرْتابَ فِيهِ؛ وإمّا كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ؛ سِيقَ لِتَعْدِيدِ شَنائِعِهِمْ، وأمّا عَطْفُهُ عَلى "يَكْذِبُونَ" بِمَعْنى: ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ بِكَذِبِهِمْ؛ وبِقَوْلِهِمْ حِينَ نُهُوا عَنِ الإفْسادِ: إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ؛ كَما قِيلَ؛ فَيَأْباهُ أنَّ هَذا النَّحْوَ مِنَ التَّعْلِيلِ حَقُّهُ أنْ يَكُونَ بِأوْصافٍ ظاهِرَةِ العِلِّيَّةِ؛ مُسَلَّمَةِ الثُّبُوتِ لِلْمَوْصُوفِ؛ غَنِيَّةٍ عَنِ البَيانِ؛ لِشُهْرَةِ الِاتِّصافِ بِها عِنْدَ السّامِعِ؛ أوْ لِسَبْقِ ذِكْرِهِ صَرِيحًا؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿بِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾؛ فَإنَّ مَضْمُونَهُ عِبارَةٌ عَمّا حُكِيَ عَنْهم مِن قَوْلِهِمْ: آمَنّا بِاللَّهِ وبِاليَوْمِ الآخِرِ؛ أوْ لِذِكْرِ ما يَسْتَلْزِمُهُ اسْتِلْزامًا ظاهِرًا؛ كَما في قَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الحِسابِ﴾؛ فَإنَّ ما ذُكِرَ مِنَ الضَّلالِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مِمّا يُوجِبُ حَتْمًا نِسْيانَ جانِبِ الآخِرَةِ؛ الَّتِي مِن جُمْلَتِها يَوْمُ الحِسابِ؛ وما لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَحَقُّهُ أنْ يُخْبَرَ بِعِلِّيَّتِهِ قَصْدًا؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ﴾؛ الآيَةِ.. وقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ﴾؛ الآيَةِ.. إلى غَيْرِ ذَلِكَ؛ ولا رَيْبَ في أنَّ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةَ؛ وما بَعْدَها مِنَ الشَّرْطِيَّتَيْنِ المَعْطُوفَتَيْنِ عَلَيْها؛ لَيْسَ مَضْمُونُ شَيْءٍ مِنها مَعْلُومَ الِانْتِسابِ إلَيْهِمْ عِنْدَ السّامِعِينَ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ المَذْكُورَةِ؛ حَتّى تَسْتَحِقَّ الِانْتِظامَ في سِلْكِ التَّعْلِيلِ المَذْكُورِ؛ فَإذَنْ حَقُّها أنْ تَكُونَ مَسُوقَةً عَلى سَنَنِ تَعْدِيدِ قَبائِحِهِمْ عَلى أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ مُفِيدَةً لِاتِّصافِهِمْ بِكُلِّ واحِدٍ مِن تِلْكَ الأوْصافِ؛ قَصْدًا واسْتِقْلالًا؛ كَيْفَ لا..
{"ayah":"وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ قَالُوۤا۟ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











