الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢٤ - ٢٥] ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ إنْ شاءَ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ [الأحزاب: ٢٥] .
﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ﴾ أيْ: في عُهُودِهِمْ: ﴿بِصِدْقِهِمْ ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ إنْ شاءَ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٢٥] أيْ: كَمالِ غَضَبِهِمْ بِما أرْسَلَهُ مِنَ الرِّيحِ والجُنُودِ، بِفَضْلِهِ ورَحْمَتِهِ: ﴿لَمْ يَنالُوا خَيْرًا﴾ [الأحزاب: ٢٥] أيْ: نَصْرًا لا غَنِيمَةً: ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ [الأحزاب: ٢٥] أيْ: فَلَمْ يُحْوِجْهم إلى مُبارَزَتِهِمْ لِيُجْلُوهم عَنِ المَدِينَةِ. بَلْ تَوَلّى كِفايَةَ ذَلِكَ وحْدَهُ؛ ولِهَذا «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ، صَدَقَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وأعَزَّ جُنْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزابَ وحْدَهُ، فَلا شَيْءَ بَعْدَهُ»»: ﴿وكانَ اللَّهُ (p-٤٨٣٩)قَوِيًّا﴾ [الأحزاب: ٢٥] أيْ: فَلا يُعارِضُ قُوَّتَهُ قُوَّةُ شَيْءٍ: ﴿عَزِيزًا﴾ [الأحزاب: ٢٥] أيْ: غالِبًا عَلى أمْرِهِ.
(ذِكْرُ تَفْصِيلِ نَبَأِ الأحْزابِ المُسَمّى بِغَزْوَةِ الخَنْدَقِ)
قالَ الإمامُ ابْنُ القَيِّمِ في (زادِ المَعادِ): كانَتْ غَزْوَةُ الخَنْدَقِ في سَنَةِ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ، في شَوّالٍ عَلى أصَحِّ القَوْلَيْنِ؛ إذْ لا خِلافَ أنَّ أُحُدًا كانَتْ في شَوّالٍ سَنَةَ ثَلاثٍ، وواعَدَ المُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في العامِ المُقْبِلِ وهي سَنَةُ أرْبَعٍ، ثُمَّ أخْلَفُوهُ لِأجْلِ جَدْبِ السَّنَةِ، فَرَجَعُوا، فَلَمّا كانَتْ سَنَةُ خَمْسٍ جاءُوا لِحَرْبِهِ. هَذا قَوْلُ أهْلِ السِّيَرِ والمَغازِي، وخالَفَهم مُوسى بْنُ عُقْبَةَ وقالَ: بَلْ كانَتْ سَنَةَ أرْبَعٍ. قالَ أبُو مُحَمَّدِ ابْنُ حَزْمٍ: وهَذا هو الصَّحِيحُ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ. واحْتَجَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ في (الصَّحِيحَيْنِ): «أنَّهُ عُرِضَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ وهو ابْنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْهُ، ثُمَّ عُرِضَ عَلَيْهِ يَوْمَ الخَنْدَقِ وهو ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأجازَهُ». قالَ: وصَحَّ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُما إلّا سَنَةٌ واحِدَةٌ. وأُجِيبَ عَنْ هَذا بِجَوابَيْنِ: أحَدُهُما- أنَّ ابْنَ عُمَرَ أخْبَرَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَدَّهُ لَمّا اسْتَصْغَرَهُ عَنِ القِتالِ، وأجازَهُ لَمّا وصَلَ إلى السِّنِّ الَّتِي رَآهُ فِيها مُطِيقًا، ولَيْسَ في هَذا ما يَنْفِي تَجاوُزَها بِسَنَةٍ أوْ نَحْوِها.
والثّانِي- أنَّهُ لَعَلَّهُ كانَ يَوْمُ أُحُدٍ في أوَّلِ الرّابِعَ عَشْرَةَ، ويَوْمُ الخَنْدَقِ في آخِرِ الخامِسَ عَشْرَةَ.
ثُمَّ قالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وكانَ سَبَبُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ، «أنَّ اليَهُودَ لَمّا رَأوُا انْتِصارَ المُشْرِكِينَ عَلى المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وعَلِمُوا بِمِيعادِ أبِي سُفْيانَ لِغَزْوِ المُسْلِمِينَ، فَخَرَجَ لِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ لِلْعامِ المُقْبِلِ، خَرَجَ أشْرافُهم كَسَلامِ بْنِ أبِي الحَقِيقِ، وسَلامِ بْنِ مُشْكِمٍ، وكِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ وغَيْرِهِمْ إلى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، يُحَرِّضُونَهم عَلى غَزْوِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ويُوالُونَهم عَلَيْهِ، ووَعَدُوهم مِن أنْفُسِهِمْ بِالنَّصْرِ لَهُمْ، فَأجابَتْهم قُرَيْشٌ، ثُمَّ خَرَجُوا إلى غَطَفانَ فَدَعَوْهم فاسْتَجابُوا لَهُمْ، ثُمَّ طافُوا في قَبائِلِ العَرَبِ يَدْعُونَهم إلى ذَلِكَ، فاسْتَجابَ لَهم مَنِ اسْتَجابَ.
فَخَرَجَتْ (p-٤٨٤٠)قُرَيْشٌ، وقائِدُهم أبُو سُفْيانَ في أرْبَعَةِ آلافٍ، ووافاهم بَنُو سُلَيْمٍ بِمَرِّ الظَّهْرانِ، وخَرَجَتْ بَنُو أسَدٍ، وفَزارَةُ، وأشْجَعُ، وبَنُو مُرَّةَ، وجاءَتْ غَطَفانُ، وقائِدُهم عُيَيْنَةُ بْنُ الحِصْنِ، وكانَ قَدْ وافى الخَنْدَقَ مِنَ الكُفّارِ عَشَرَةُ آلافٍ.
فَلَمّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَسِيرِهِمْ إلَيْهِ، اسْتَشارَ الصَّحابَةَ، فَأشارَ عَلَيْهِ سَلْمانُ الفارِسِيُّ بِحَفْرِ خَنْدَقٍ يَحُولُ بَيْنَ العَدُوِّ وبَيْنَ المَدِينَةِ، فَأمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَبادَرَ إلَيْهِ المُسْلِمُونَ، وعَمِلَ بِنَفْسِهِ فِيهِ وبادَرُوا، وهَجَمَ الكُفّارُ عَلَيْهِمْ، وكانَ في حَفْرِهِ آياتُ نُبُوَّتِهِ وأعْلامُ رِسالَتِهِ ما قَدْ تَواتَرَ الخَبَرُ بِهِ، وكانَ حَفْرُ الخَنْدَقِ أمامَ سَلْعٍ. وسَلْعٌ جَبَلٌ خَلْفَ ظُهُورِ المُسْلِمِينَ، والخَنْدَقُ بَيْنَهم وبَيْنَ الكُفّارِ، وخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في ثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَتَحَصَّنَ بِالجَبَلِ مِن خَلْفِهِ، وبِالخَنْدَقِ أمامَهم.
وقالَ ابْنُ إسْحاقَ: خَرَجَ في سَبْعِمِائَةٍ. (وهَذا غَلَطٌ مِن خُرُوجِهِ يَوْمَ أُحُدٍ).
وأمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالنِّساءِ والذَّرارِيِّ فَجُعِلُوا في آطامِ المَدِينَةِ، واسْتَخْلَفَ عَلَيْها ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وانْطَلَقَ حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَدَنا مِن حِصْنِهِمْ. فَأبى كَعْبُ بْنُ أسَدٍ أنْ يَفْتَحَ لَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتّى فَتَحَ لَهُ، فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ قالَ: لَقَدْ جِئْتُكم بِعِزِّ الدَّهْرِ؛ جِئْتُكَ بِقُرَيْشٍ، وغَطَفانَ، وأسَدٍ عَلى قادَتِها لِحَرْبِ مُحَمَّدٍ. قالَ: قالَ كَعْبٌ: جِئْتَنِي، واللَّهِ! بِذُلِّ الدَّهْرِ وبِجِهامٍ قَدْ أراقَ ماءَهُ، فَهو رَعْدٌ وبَرْقٌ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتّى نَقَضَ العَهْدَ الَّذِي بَيْنَهُ وبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ودَخَلَ مَعَ المُشْرِكِينَ في مُحارَبَتِهِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ المُشْرِكُونَ. وشَرَطَ كَعْبٌ عَلى حُيَيٍّ أنَّهُ إنْ لَمْ يَظْفَرُوا بِمُحَمَّدٍ، أنْ يَجِيءَ حَتّى يَدْخُلَ مَعَهُ في حِصْنِهِ، فَيُصِيبُهُ ما أصابَهُ. فَأجابَهُ إلى ذَلِكَ، ووَفّى لَهُ بِهِ. وبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَبَرُ بَنِي قُرَيْظَةَ، ونَقْضُهم لِلْعَهْدِ، فَبَعَثَ إلَيْهِمُ السَّعْدَيْنِ، وخَوّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ، وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَواحَةَ لِيَعْرِفُوهُ: هَلْ هم عَلى عَهْدِهِمْ، أوْ قَدْ نَقَضُوهُ. فَلَمّا دَنَوْا مِنهم فَوَجَدُوهم عَلى أخْبَثِ ما يَكُونُ، وجاهَرُوهم بِالسَّبِّ والعَداوَةِ، ونالُوا مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فانْصَرَفُوا عَنْهُمْ، ولَحَّنُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَحْنًا يُخْبِرُونَهُ أنَّهم قَدْ نَقَضُوا العَهْدَ وغَدَرُوا. فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلى المُسْلِمِينَ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ: «اللَّهُ أكْبَرُ! أبْشِرُوا يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ» . (p-٤٨٤١)واشْتَدَّ البَلاءُ وتَجَهَّرَ النِّفاقُ، واسْتَأْذَنَ بَعْضُ بَنِي حارِثَةَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في الذَّهابِ إلى المَدِينَةِ وقالُوا: بُيُوتُنا عَوْرَةٌ وما هي بِعَوْرَةٍ إنْ يُرِيدُونَ إلّا فِرارًا. وهَمَّ بَنُو سَلَمَةَ بِالفَشَلِ، ثُمَّ ثَبَّتَ اللَّهُ الطّائِفَتَيْنِ.
وأقامَ المُشْرِكُونَ مُحاصِرِينَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ شَهْرًا، ولَمْ يَكُنْ بَيْنَهم قِتالٌ؛ لِأجْلِ ما حالَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الخَنْدَقِ، بَيْنَهم وبَيْنَ المُسْلِمِينَ، إلّا أنَّ فَوارِسَ مِن قُرَيْشٍ مِنهم عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وِدٍّ وجَماعَةٌ مَعَهُ، أقْبَلُوا نَحْوَ الخَنْدَقِ، فَلَمّا وقَفُوا عَلَيْهِ قالُوا: إنَّ هَذِهِ مَكِيدَةٌ ما كانَتِ العَرَبُ تَعْرِفُها، ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكانًا ضَيِّقًا مِنَ الخَنْدَقِ فاقْتَحَمُوهُ، وجالَتْ بِهِمْ خَيْلُهم في السَّبْخَةِ بَيْنَ الخَنْدَقِ وسَلْعٍ، ودَعَوْا إلى البِرازِ، فانْتُدِبَ لِعَمْرٍو عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَبارَزَهُ فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَلى يَدَيْهِ، وكانَ مِن شُجْعانِ المُشْرِكِينَ وأبْطالِهِمْ، وانْهَزَمَ الباقُونَ إلى أصْحابِهِمْ. وكانَ شِعارُ المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ: (حـم لا يُنْصَرُونَ).
ولَمّا طالَتْ هَذِهِ الحالُ عَلى المُسْلِمِينَ، أرادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يُصالِحَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ والحارِثَ بْنَ عَوْفٍ، رَئِيسَيْ غَطَفانَ عَلى ثُلُثِ ثِمارِ المَدِينَةِ، ويَنْصَرِفا بِقَوْمِهِما، وجَرَتِ المُراوَضَةُ عَلى ذَلِكَ، فاسْتَشارَ السَّعْدَيْنِ في ذَلِكَ فَقالا: يا رَسُولَ اللَّهِ! إنْ كانَ اللَّهُ أمَرَكَ بِهَذا، فَسَمْعًا وطاعَةً، وإنْ كانَ شَيْءٌ تَصْنَعُهُ لَنا، فَلا حاجَةَ لَنا فِيهِ. لَقَدْ كُنّا نَحْنُ هَؤُلاءِ القَوْمَ عَلى الشِّرْكِ بِاللَّهِ، وعِبادَةِ الأوْثانِ، وهم لا يَطْمَعُونَ أنْ يَأْكُلُوا مِنها ثَمَرَةً إلّا قِرًى أوْ بَيْعًا، فَحِينَ أكْرَمَنا اللَّهُ بِالإسْلامِ، وهَدانا لَهُ، وأعَزَّنا بِكَ، نُعْطِيهِمْ أمْوالَنا؟ واللَّهِ! لا نُعْطِيهِمْ إلّا السَّيْفَ. فَصَوَّبَ رَأْيَهُما وقالَ: «إنَّما هو شَيْءٌ أصْنَعُهُ لَكُمْ، لَمّا رَأيْتُ العَرَبَ قَدْ رَمَتْكم عَنْ قَوْسٍ واحِدَةٍ» .
ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، ولَهُ الحَمْدُ، صَنَعَ أمْرًا مِن عِنْدِهِ، خَذَلَ بِهِ بَيْنَ العَدُوِّ، وهَزَمَ جُمُوعَهُمْ، وفَلَّ حَدَّهُمْ؛ فَكانَ مِمّا هَيَّأ مِن ذَلِكَ، أنَّ رَجُلًا مِن غَطَفانَ يُقالُ لَهُ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عامِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جاءَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! إنِّي قَدْ أسْلَمْتُ، فَمُرْنِي بِما شِئْتَ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّما أنْتَ رَجُلٌ واحِدٌ، فَخَذِّلْ عَنّا ما اسْتَطَعْتَ؛ فَإنَّ الحَرْبَ خُدْعَةٌ» . فَذَهَبَ مِن فَوْرِهِ ذَلِكَ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، وكانَ عَشِيرًا لَهم (p-٤٨٤٢)فِي الجاهِلِيَّةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ وهم لا يَعْلَمُونَ بِإسْلامِهِ فَقالَ: يا بَنِي قُرَيْظَةَ! إنَّكم قَدْ حارَبْتُمْ مُحَمَّدًا، وإنَّ قُرَيْشًا إنْ أصابُوا فُرْصَةً انْتَهَزُوها، وإلّا انْشَمَرُوا إلى بِلادِهِمْ راجِعِينَ، وتَرَكُوكم ومُحَمَّدًا، فانْتَقَمَ مِنكم. قالُوا: فَما العَمَلُ يا نُعَيْمُ؟! قالَ: لا تُقاتِلُوا مَعَهم حَتّى يُعْطُوكم رَهائِنَ. قالُوا: لَقَدْ أشَرْتَ بِالرَّأْيِ. ثُمَّ مَضى عَلى وجْهِهِ إلى قُرَيْشٍ. قالَ لَهُمْ: تَعْلَمُونَ وِدِّي لَكم ونُصْحِي لَكم. قالُوا: نَعَمْ. قالَ: إنَّ يَهُودَ قَدْ نَدِمُوا عَلى ما كانَ مِنهم مَن نَقَضَ عَهْدَ مُحَمَّدٍ وأصْحابِهِ، وإنَّهم قَدْ راسَلُوهُ أنَّهم يَأْخُذُونَ مِنكم رَهائِنَ يَدْفَعُونَها إلَيْهِ، ثُمَّ يُوالُونَهُ عَلَيْكُمْ، فَإنْ سَألُوكم رَهائِنَ فَلا تُعْطُوهم. ثُمَّ ذَهَبَ إلى غَطَفانَ فَقالَ لَهم مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمّا كانَ لَيْلَةَ السَّبْتِ مِن شَوّالٍ بَعَثُوا إلى يَهُودَ: إنّا لَسْنا بِأرْضِ مُقامٍ، وقَدْ هَلَكَ الكُراعُ والخُفُّ، فانْهَضُوا بِنا حَتّى نُناجِزَ مُحَمَّدًا. فَأرْسَلَ إلَيْهِمُ اليَهُودُ: إنَّ اليَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ، وقَدْ عَلِمْتُمْ ما أصابَ مَن قَبْلَنا حِينَ أحْدَثُوا فِيهِ، ومَعَ هَذا، فَإنّا لا نُقاتِلُ مَعَكم حَتّى تَبْعَثُوا لَنا رَهائِنَ. فَلَمّا جاءَتْهم رُسُلُهم بِذَلِكَ، قالَتْ قُرَيْشٍ صَدَقَكُمْ، واللَّهِ! نُعَيْمٌ. فَبَعَثُوا إلى يَهُودَ: إنّا، واللَّهِ! لا نُرْسِلُ إلَيْكم أحَدًا، فاخْرُجُوا مَعَنا حَتّى نُناجِزَ مُحَمَّدًا. فَقالَتْ قُرَيْظَةُ: صَدَقَكُمْ، واللَّهِ! نُعَيْمٌ. فَتَخاذَلَ الفَرِيقانِ: وأرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ عَلى المُشْرِكِينَ جُنْدًا مِنَ الرِّيحِ في لَيالٍ شاتِيَةٍ بارِدَةٍ شَدِيدَةِ البَرْدِ، فَجَعَلَتْ تُقَوِّضْ خِيامَهُمْ، ولا تَدَعُ لَهم قِدْرًا إلّا كَفَأتْها، ولا طُنُبًا إلّا قَلَعَتْهُ، ولا يَقِرُّ لَهم قَرارٌ، وجُنْدُ اللَّهِ مِنَ المَلائِكَةِ يُزَلْزِلُونَهم ويُلْقُونَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ والخَوْفَ. وأرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمانِ يَأْتِيهِ بِخَبَرِهِمْ، فَوَجَدَهم عَلى هَذِهِ الحالِ، وقَدْ تَهَيَّأُوا لِلرَّحِيلِ. فَرَجَعَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرَهم بِرَحِيلِ القَوْمِ، فَأصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَدُوَّهُ بِغَيْظِهِ، لَمْ يَنالُوا خَيْرًا، وكَفى اللَّهُ قِتالَهُمْ، فَصَدَقَ وعْدَهُ، وأعَزَّ جُنْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزابَ وحْدَهُ.
ثُمَّ لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى المَدِينَةِ مُؤَيَّدًا مَنصُورًا، والمُسْلِمُونَ مَعَهُ، ووَضَعُوا السِّلاحَ، وكانَتِ الظُّهْرَ، أتى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَأْمُرُكَ بِالمَسِيرِ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ -وهم قَبِيلَةٌ مِن يَهُودِ خَيْبَرَ- فَإنِّي عامِدٌ إلَيْهِمْ فَمُزَلْزِلٌ بِهِمْ. فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُؤَذِّنًا فَأذَّنَ في (p-٤٨٤٣)النّاسِ: «مَن كانَ سامِعًا مُطِيعًا، فَلا يُصَلِّيَنَّ العَصْرَ إلّا بِبَنِي قُرَيْظَةَ» . واسْتَعْمَلَ عَلى المَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ، رِضْوانُ اللَّهِ عَنْهُ، بِرايَتِهِ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، وابْتَدَرَها النّاسُ، فَسارَ عَلِيٌّ، حَتّى إذا دَنا مِنَ الحُصُونِ سَمِعَ مِنها مَقالَةً قَبِيحَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرَجَعَ حَتّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالطَّرِيقِ. فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! لا عَلَيْكَ أنْ لا تَدْنُوَ مِن هَؤُلاءِ الأخابِثِ. قالَ: «لِمَ؟ أظُنُّكَ سَمِعْتَ مِنهم لِي أذًى» . قالَ: نَعَمْ، يا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: «لَوْ رَأوْنِي لَمْ يَقُولُوا مِن ذَلِكَ شَيْئًا» . وتَلاحَقَ بِهِ النّاسُ، وحاصَرَهم خَمْسًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً حَتّى جَهَدَهُمُ الحِصارُ، وقَذَفَ اللَّهُ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَتَواثَبَتِ الأوْسُ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ! صَلّى اللَّهُ عَلَيْكَ وسَلَّمَ، إنَّهم كانُوا مَوالِيَنا دُونَ الخَزْرَجِ، وقَدْ فَعَلْتَ في مَوالِي إخْوانِنا بِالأمْسِ ما قَدْ عَلِمْتَ.
وقَدْ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَبْلَ بَنِي قُرَيْظَةَ، قَدْ حاصَرَ بَنِي قَيْنُقاعَ وهم شَعْبٌ مِنَ اليَهُودِ كانُوا بِالمَدِينَةِ، وكانُوا حُلَفاءَ الخَزْرَجِ، فَنَزَلُوا عَلى حُكْمِهِ، فَسَألَهُ إيّاهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فَوَهَبَهم لَهُ.
فَلَمّا كَلَّمَتْهُ الأوْسُ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ألا تَرْضَوْنَ، يا مَعْشَرَ الأوْسِ! أنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنكُمْ؟» قالُوا: بَلى. قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَذاكَ إلى سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ» .
وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ جَعَلَ سَعْدَ بْنَ مُعاذٍ في خَيْمَةٍ لِامْرَأةٍ مِن أسْلَمَ، يُقالُ لَها رُفَيْدَةُ في مَسْجِدِهِ، كانَتْ تُداوِي الجَرْحى وتَحْتَسِبُ بِنَفْسِها عَلى خِدْمَةِ مَن كانَتْ بِهِ ضَيْعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ قالَ لِقَوْمِهِ حِينَ أصابَهُ السَّهْمُ بِالخَنْدَقِ: «اجْعَلُوهُ في خَيْمَةِ رُفَيْدَةَ حَتّى أعُودَهُ مِن قَرِيبٍ» . فَلَمّا حَكَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في بَنِي قُرَيْظَةَ، أتاهُ قَوْمُهُ فَحَمَلُوهُ عَلى حِمارٍ.
وكانَ رَجُلًا جَسِيمًا جَمِيلًا، ثُمَّ أقْبَلُوا مَعَهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمّا انْتَهى إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ والمُسْلِمِينَ، قالَ ﷺ: «قُومُوا إلى سَيِّدِكم» فَقامُوا إلَيْهِ فَأنْزَلُوهُ.
(p-٤٨٤٤)قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إعْظامًا وإكْرامًا، واحْتِرامًا لَهُ، في مَحَلِّ ولِيَّتِهِ، لِيَكُونَ أنْفَذَ لِحُكْمِهِ فِيهِمْ. فَلَمّا جَلَسَ، قالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ هَؤُلاءِ قَدْ نَزَلُوا عَلى حُكْمِكَ، فاحْكم فِيهِمْ بِما شِئْتَ» . وصارَتْ تَعْرِضُ لَهُ الأوْسُ أنْ يُحْسِنَ إلَيْهِمْ، وتَقُولُ: يا أبا عَمْرٍو ! إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ ولّاكَ أمْرَ مَوالِيكَ لِتَحْكُمَ فِيهِمْ.
فَقالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَيْكم عَهْدُ اللَّهِ ومِيثاقُهُ، أنَّ الحُكْمَ فِيهِمْ لَمّا حَكَمْتُ. قالُوا: نَعَمْ. قالَ: وعَلى مَن ها هُنا- (فِي النّاحِيَةِ الَّتِي فِيها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وهو مُعْرِضٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إجْلالًا لَهُ)- فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَعَمْ» . قالَ سَعْدٌ: فَإنِّي أحْكُمُ فِيهِمْ أنْ تُقْتَلَ الرِّجالُ، وتُقَسَّمَ الأمْوالُ، وتُسْبى الذَّرارِيُّ والنِّساءُ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِسَعْدٍ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِن فَوْقِ سَبْعَةِ أرْقِعَةٍ» . وفي رِوايَةٍ: «لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ المَلِكِ» - أيْ: لِأنَّ هَذا جَزاءُ الخائِنِ الغادِرِ- وكانَ سَعْدٌ أُصِيبَ يَوْمَ الخَنْدَقِ؛ رَماهُ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ يُقالُ لَهُ ابْنُ العَرِقَةِ، رَماهُ في الأكْحَلِ. فَكَواهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في أكْحَلِهِ. وقالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ! إنْ كُنْتَ أبْقَيْتَ مِن حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا، فَأبْقِنِي لَها: فَإنَّهُ لا قَوْمَ أحَبُّ إلَيَّ أنْ أُجاهِدَ، مِن قَوْمٍ آذَوْا رَسُولَكَ، وكَذَّبُوهُ، وأخْرَجُوهُ. اللَّهُمَّ! وإنْ كُنْتَ قَدْ وضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنا وبَيْنَهُمْ، فاجْعَلْ لِي شَهادَةً ولا تُمِتْنِي حَتّى تَقَرَّ عَيْنِي مِن بَنِي قُرَيْظَةَ. فاسْتَجابَ اللَّهُ تَعالى دُعاءَهُ، وقَدَّرَ عَلَيْهِمْ أنْ نَزَلُوا عَلى حُكْمِهِ بِاخْتِيارِهِمْ، طَلَبًا مِن تِلْقاءِ أنْفُسِهِمْ.
ثُمَّ لَمّا اسْتَنْزَلُوا مِن حُصُونِهِمْ، حَبَسَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالمَدِينَةِ في دارٍ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى سُوقِ المَدِينَةِ فَخَنْدَقَ بِها خَنادِقَ، ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِمْ فَضَرَبَ أعْناقَهم في تِلْكَ الخَنادِقِ، يَخْرُجُ بِهِمْ إلَيْهِ أرْسالًا، وفِيهِمْ عَدُوُّ اللَّهِ حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ، وكَعْبُ بْنُ أسَدٍ رَأْسُ القَوْمِ، وهم سِتُّمِائَةٍ أوْ سَبْعُمِائَةٍ، وسُبِيَ مَن لَمْ يَنْبُتْ مِنهم مَعَ النِّساءِ وأمْوالِهِمْ،» وهَذا ما ذَكَرَهُ تَعالى مِن أمْرِ بَنِي قُرَيْظَةَ، إثْرَ أمْرِ الخَنْدَقِ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ:
{"ayahs_start":24,"ayahs":["لِّیَجۡزِیَ ٱللَّهُ ٱلصَّـٰدِقِینَ بِصِدۡقِهِمۡ وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ إِن شَاۤءَ أَوۡ یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِغَیۡظِهِمۡ لَمۡ یَنَالُوا۟ خَیۡرࣰاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزࣰا"],"ayah":"وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِغَیۡظِهِمۡ لَمۡ یَنَالُوا۟ خَیۡرࣰاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق