الباحث القرآني
﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ [الأحزاب: ٩] وهو الأنْسَبُ بِسِياقِ الآياتِ بَعْدَها، أيْ أرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحًا ورَدَّهم، أوْ حالٌ مِن ضَمِيرِ ﴿يَحْسَبُونَ الأحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا﴾ [الأحزاب: ٢٠]، أيْ يَحْسَبُونَ الأحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وقَدْ رَدَّ اللَّهُ الأحْزابَ فَذَهَبُوا.
(p-٣١٠)والرَّدُّ: الإرْجاعُ إلى المَكانِ الَّذِي صَدَرَ مِنهُ فَإنَّ رَدَّهم إلى دِيارِهِمْ مِن تَمامِ النِّعْمَةِ عَلى المُسْلِمِينَ بَعْدَ نِعْمَةِ إرْسالِ الرِّيحِ عَلَيْهِمْ لِأنَّ رُجُوعَهم أعْمَلُ في اطْمِئْنانِ المُسْلِمِينَ. وعَبَّرَ عَنِ الأحْزابِ بِالَّذِينَ كَفَرُوا لِلْإيماءِ إلى أنَّ كُفْرَهم هو سَبَبُ خَيْبَتِهِمُ العَجِيبَةِ الشَّأْنِ.
والباءُ في ﴿بِغَيْظِهِمْ﴾ لِلْمُلابَسَةِ، وهو ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ في مَوْضِعِ الحالِ، أيْ رَدَّهم مَغِيظِينَ.
وإظْهارُ اسْمِ الجَلالَةِ دُونَ ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى عِظَمِ شَأْنِ هَذا الرَّدِّ العَجِيبِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى:﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٢٤] .
والغَيْظُ: الحَنْقُ والغَضَبُ، وكانَ غَضَبُهم عَظِيمًا يُناسِبُ حالَ خَيْبَتِهِمْ لِأنَّهم تَجَشَّمُوا كُلْفَةَ التَّجَمُّعِ والإنْفاقِ وطُولِ المُكْثِ حَوْلَ المَدِينَةِ بِلا طائِلٍ وخابَتْ آمالُهم في فَتْحِ المَدِينَةِ وأكْلِ ثِمارِها وإفْناءِ المُسْلِمِينَ، وهم يَحْسَبُونَ أنَّها مُنازَلَةُ أيّامٍ قَلِيلَةٍ، ثُمَّ غاظَهم ما لَحِقَهم مِنَ النَّكْبَةِ بِالرِّيحِ والِانْهِزامِ الَّذِي لَمْ يَعْرِفُوا سَبَبَهُ.
وجُمْلَةُ ﴿لَمْ يَنالُوا خَيْرًا﴾ حالٌ ثانِيَةٌ. ولَكَ أنْ تَجْعَلَ جُمْلَةَ ﴿لَمْ يَنالُوا خَيْرًا﴾ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِبَيانِ مُوجِبِ غَيْظِهِمْ.
وكَفى بِمَعْنى أغْنى، أيْ أراحَهم مِن كُلْفَةِ القِتالِ بِأنْ صَرَفَ الأحْزابَ. وكَفى بِهَذا المَعْنى تَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ يُقالُ: كَفَيْتُكَ مُهِمَّكَ ولَيْسَتْ هي الَّتِي تُزادُ الباءُ في مَفْعُولِها فَتِلْكَ بِمَعْنى: حَسْبُ.
وفِي قَوْلِهِ ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ حَذْفُ مُضافٍ، أيْ كُلْفَةَ القِتالِ، أوْ أرْزاءَ القِتالِ، فَإنَّ المُؤْمِنِينَ كانُوا يَوْمَئِذٍ بِحاجَةٍ إلى تَوْفِيرِ عَدَدِهِمْ وعُدَدِهِمْ بَعْدَ مُصِيبَةِ يَوْمِ أُحُدٍ ولَوِ التَقَوْا مَعَ جَيْشِ المُشْرِكِينَ لَكانَتْ أرْزاؤُهم كَثِيرَةً ولَوِ انْتَصَرُوا عَلى المُشْرِكِينَ.
والقَوْلُ في إظْهارِ اسْمِ الجَلالَةِ في قَوْلِهِ ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ كالقَوْلِ في ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ﴾ .
(p-٣١١)وجُمْلَةُ ﴿وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إلى آخِرِها.
والقُوَّةُ: القُدْرَةُ، وقَدْ تَقَدَّمَتْ في قَوْلِهِ ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً﴾ [هود: ٨٠] في سُورَةِ هُودٍ.
والعِزَّةُ: العَظَمَةُ والمَنَعَةُ، وتَقَدَّمَتْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ﴾ [البقرة: ٢٠٦] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وذُكِرَ فِعْلُ (كانَ) لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ العِزَّةَ والقُوَّةَ وصْفانِ ثابِتانِ لِلَّهِ تَعالى، ومِن تَعَلُّقاتِ قُوَّتِهِ وعِزَّتِهِ أنْ صَرَفَ ذَلِكَ الجَيْشَ العَظِيمَ خائِبِينَ مُفْتَضِحِينَ وألْقى بَيْنَهُ وبَيْنَ أحْلافِهِ مِن قُرَيْظَةَ الشَّكَّ، وأرْسَلَ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ والقُرَّ، وهَدى نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ الغَطَفانِيَّ إلى الإسْلامِ دُونَ أنْ يَشْعُرَ قَوْمُهُ فاسْتَطاعَ النُّصْحَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالكَيْدِ لِلْمُشْرِكِينَ. ذَلِكَ كُلُّهُ مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ .
{"ayah":"وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِغَیۡظِهِمۡ لَمۡ یَنَالُوا۟ خَیۡرࣰاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق