الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَّرَهم سُبْحانَهُ نِعْمَتَهُ بِما أرْسَلَ عَلى أعْدائِهِمْ مِن جُنُودِهِ، وبَيَّنَ أحْوالَ المُنافِقِينَ والصّادِقِينَ وما لَهُ في ذَلِكَ مِنَ الأسْرارِ، وخَتَمَ بِهاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ، قالَ مُذَكِّرًا بِأثَرِهِما فِيما خَرَقَهُ مِنَ العادَةِ بِصَرْفِ الأعْداءِ عَلى كَثْرَتِهِمْ وقُوَّتِهِمْ عَلى حالَةٍ لا يَرْضاها لِنَفْسِهِ عاقِلٌ، عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ في أوَّلِ السُّورَةِ والقِصَّةِ ﴿فَأرْسَلْنا﴾ [الأحزاب: ٩] ﴿ورَدَّ اللَّهُ﴾ أيْ بِما لَهُ مِن (p-٣٣٢)صِفاتِ الكَمالِ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ سَتَرُوا ما دَلَّتْ عَلَيْهِ شُمُوسُ عُقُولِهِمْ مِن أدِلَّةِ الوَحْدانِيَّةِ وحَقِّيَّةِ الرِّسالَةِ، وهم مِن تَحَزَّبَ مِنَ العَرَبِ وغَيْرِهِمْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى بِلادِهِمْ عَنِ المَدِينَةِ ومُضايَقَةِ المُؤْمِنِينَ، حالَ كَوْنِهِمْ ﴿بِغَيْظِهِمْ﴾ الَّذِي أوْجَبَ لَهُمُ التَّحَزُّبَ [ثُمَّ الَّذِي أوْجَبَ لَهُمُ التَّفَرُّقَ مِن غَيْرِ طائِلٍ] حالَ كَوْنِهِمْ ﴿لَمْ يَنالُوا خَيْرًا﴾ لا مِنَ الدِّينِ ولا مِنَ الدُّنْيا، بَلْ خَذَلَهم بِكُلِّ اعْتِبارٍ. ولَمّا كانَ الرَّدُّ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبٍ مِن عَدْوِهِمْ، بَيَّنَ أنَّ الأمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقالَ: ﴿وكَفى اللَّهُ﴾ أيِ العَظِيمِ بِقُوَّتِهِ وعِزَّتِهِ عِبادَهُ، ودَلَّ عَلى أنَّهُ ما فَعَلَ ذَلِكَ إلّا لِأجْلِ أهْلِ الإخْلاصِ فَقالَ: ﴿المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ بِما ألْقى في قُلُوبِهِمْ مِنَ الدّاعِيَةِ لِلِانْصِرافِ بِالرِّيحِ والجُنُودِ مِنَ المَلائِكَةِ وغَيْرِهِمْ مِنهم نُعَيْمُ [بْنُ] مَسْعُودٍ كَما تَقَدَّمَ. ولَمّا كانَ هَذا أمْرًا باهِرًا، أتْبَعَهُ ما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ عِنْدَهُ يَسِيرٌ فَقالَ: ﴿وكانَ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ كُلُّ صِفَةِ كَمالٍ دائِمًا أزَلًا وأبَدًا ﴿قَوِيًّا﴾ لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ﴿عَزِيزًا﴾ يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب