الباحث القرآني

(p-١٧٦)ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ولَمّا رَأى المُؤْمِنُونَ الأحْزابَ قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وما زادَهم إلّا إيمانًا وتَسْلِيمًا﴾ لَمّا بَيَّنَ حالَ المُنافِقِينَ ذَكَرَ حالَ المُؤْمِنِينَ وهو أنَّهم قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ مِنَ الِابْتِلاءِ ثُمَّ قالُوا: ﴿وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ﴾ في مُقابَلَةِ قَوْلِهِمْ: ﴿ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا﴾ . وقَوْلُهم: ﴿وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ﴾ لَيْسَ إشارَةً إلى ما وقَعَ فَإنَّهم كانُوا يَعْرِفُونَ صِدْقَ اللَّهِ قَبْلَ الوُقُوعِ وإنَّما هي إشارَةٌ إلى بِشارَةٍ وهو أنَّهم قالُوا: ﴿هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ﴾ وقَدْ وقَعَ وصَدَقَ اللَّهُ في جَمِيعِ ما وعَدَ فَيَقَعُ الكُلُّ مِثْلُ فَتْحِ مَكَّةَ وفَتْحِ الرُّومِ وفارِسَ، وقَوْلُهُ: ﴿وما زادَهم إلّا إيمانًا﴾ بِوُقُوعِهِ وتَسْلِيمًا عِنْدَ وُجُودِهِ. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ولَمّا رَأى المُؤْمِنُونَ الأحْزابَ قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وما زادَهم إلّا إيمانًا وتَسْلِيمًا﴾ ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنهم مَن قَضى نَحْبَهُ ومِنهم مَن يَنْتَظِرُ وما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ إنْ شاءَ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ إشارَةً إلى وفائِهِمْ بِعَهْدِهِمُ الَّذِي عاهَدُوا اللَّهَ أنَّهم لا يُفارِقُونَ نَبِيَّهُ إلّا بِالمَوْتِ ﴿فَمِنهم مَن قَضى نَحْبَهُ﴾ أيْ قاتَلَ حَتّى قُتِلَ فَوَفى بِنَذْرِهِ، والنَّحْبُ النَّذْرُ، ومِنهم مَن هو بَعْدُ في القِتالِ يَنْتَظِرُ الشَّهادَةَ وفاءً بِالعَهْدِ ﴿وما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ بِخِلافِ المُنافِقِينَ فَإنَّهم قالُوا لا نُوَلِّي الأدْبارَ فَبَدَّلُوا قَوْلَهم ووَلَّوْا أدْبارَهم وقَوْلُهُ: ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾ أيْ بِصِدْقِ ما وعَدَهم في الدُّنْيا والآخِرَةِ كَما صَدَقُوا مَواعِيدَهم ﴿ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ﴾ الَّذِينَ كَذَّبُوا وأخْلَفُوا. وقَوْلُهُ: ﴿إنْ شاءَ﴾ ذَلِكَ فَيَمْنَعُهم مِنَ الإيمانِ أوْ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ إنْ أرادَ، وإنَّما قالَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَصَلَ يَأْسُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَنْ إيمانِهِمْ، وآمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ ناسٌ مِنهم. وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا﴾ حَيْثُ سَتَرَ ذُنُوبَهم، و﴿رَحِيمًا﴾ حَيْثُ رَحِمَهم ورَزَقَهُمُ الإيمانَ فَيَكُونُ هَذا فِيمَن آمَنَ بَعْدَهُ أوْ نَقُولُ: ﴿ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ﴾ مَعَ أنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا لِكَثْرَةِ ذَنْبِهِمْ وقُوَّةِ جُرْمِهِمْ ولَوْ كانَ دُونَ ذَلِكَ لَغَفَرَ لَهم، ثُمَّ بَيَّنَ بَعْضَ ما جازاهُمُ اللَّهُ بِهِ عَلى صِدْقِهِمْ فَقالَ: ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ﴾ أيْ مَعَ غَيْظِهِمْ لَمْ يَشْفُوا صَدْرًا ولَمْ يُحَقِّقُوا أمْرًا ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ أيْ لَمْ يُحْوِجْهم إلى قِتالٍ: ﴿وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا﴾ غَيْرَ مُحْتاجٍ إلى قِتالِهِمْ عَزِيزًا قادِرًا عَلى اسْتِئْصالِ الكُفّارِ وإذْلالِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب