الباحث القرآني
﴿لَقَدْ كانَ لَكم في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرْجُو اللَّهَ واليَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ ﴿ولَمّا رَأى المُؤْمِنُونَ الأحْزابَ قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وما زادَهم إلّا إيمانًا وتَسْلِيمًا﴾ ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنهم مَن قَضى نَحْبَهُ ومِنهم مَن يَنْتَظِرُ وما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ إنْ شاءَ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ ﴿وأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهم مِن أهْلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِمْ وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ ﴿وأوْرَثَكم أرْضَهم ودِيارَهم وأمْوالَهم وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ .
(p-٢٢٢)الظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ﴾ لِلْمُؤْمِنِينَ، لِقَوْلِهِ قَبْلُ: ﴿ولَوْ كانُوا فِيكُمْ﴾ [الأحزاب: ٢٠] وقَوْلِهِ بَعْدُ: ﴿لِمَن كانَ يَرْجُو اللَّهَ واليَوْمَ الآخِرَ﴾ . والمَعْنى: أنَّهُ، ﷺ، لَكم فِيهِ الِاقْتِداءُ. فَكَما نَصَرَكم ووازَرَكم حَتّى قاتَلَ بِنَفْسِهِ عَدُوَّكم، فَكُسِرَتْ رَباعِيَتُهُ الكَرِيمَةُ، وشُجَّ وجْهُهُ الكَرِيمُ، وقُتِلَ عَمُّهُ، وأُوذِيَ ضُرُوبًا مِنَ الإيذاءِ؛ يَجِبُ عَلَيْكم أنْ تَنْصُرُوهُ وتُوازِرُوهُ، ولا تَرْغَبُوا بِأنْفُسِكم عَنْ نَفْسِهِ، ولا عَنْ مَكانٍ هو فِيهِ، وتَبْذُلُوا أنْفُسَكم دُونَهُ؛ فَما حَصَلَ لَكم مِنَ الهِدايَةِ لِلْإسْلامِ أعْظَمُ مِن كُلِّ ما تَفْعَلُونَهُ مَعَهُ، مِنَ النُّصْرَةِ والجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ، ويَبْعُدُ قَوْلُ مَن قالَ: إنَّهُ خِطابٌ لِلْمُنافِقِينَ.
﴿واليَوْمَ الآخِرَ﴾ يَوْمَ القِيامَةِ. وقِيلَ: يَوْمَ السِّياقِ. و﴿أُسْوَةٌ﴾ اسْمُ كانَ، و(لَكم) الخَبَرُ، ويَتَعَلَّقُ ﴿فِي رَسُولِ اللَّهِ﴾ بِما يَتَعَلَّقُ بِهِ (لَكم) أوْ يَكُونُ في مَوْضِعِ الحالِ؛ لِأنَّهُ لَوْ تَأخَّرَ جازَ أنْ يَكُونَ نَعْتًا لِـ: (أُسْوَةٌ)، أوْ يَتَعَلَّقُ بِـ: (كانَ) عَلى مَذْهَبِ مَن أجازَ في كانَ وأخَواتِها النّاقِصَةِ أنْ تَعْمَلَ في الظَّرْفِ والمَجْرُورِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ﴿فِي رَسُولِ اللَّهِ﴾ الخَبَرُ، و(لَكم) تَبْيِينٌ، أيْ: لَكم، أعْنِي: ﴿لِمَن كانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾ . قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بَدَلٌ مِن (لَكم)، كَقَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَن آمَنَ مِنهُمْ﴾ [الأعراف: ٧٥] . انْتَهى. ولا يَجُوزُ عَلى مَذْهَبِ جُمْهُورِ البَصْرِيِّينَ أنْ يُبْدَلَ مِن ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ، ولا مِن ضَمِيرِ المُخاطَبِ، اسْمٌ ظاهِرٌ في بَدَلِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ وهُما لِعَيْنٍ واحِدَةٍ، وأجازَ ذَلِكَ الكُوفِيُّونَ والأخْفَشُ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎بِكم قُرَيْشٌ كُفِينا كُلَّ مُعْضِلَةٍ وأمَّ نَهْجَ الهُدى مَن كانَ ضِلِّيلًا
وقَرَأ الجُمْهُورُ: ”إسْوَةٌ“ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ؛ وعاصِمٌ بِضَمِّها. والرَّجاءُ: بِمَعْنى الأمَلِ أوِ الخَوْفِ. وقَرَنَ الرَّجاءَ بِذِكْرِ اللَّهِ، والمُؤْتَسِي بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، هو الَّذِي يَكُونُ راجِيًا ذاكِرًا. ولَمّا بَيَّنَ تَعالى المُنافِقِينَ وقَوْلَهم: ﴿ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢] بَيَّنَ حالَ المُؤْمِنِينَ، وقَوْلَهم ضِدَّ ما قالَ المُنافِقُونَ. وكانَ اللَّهُ وعَدَهم أنْ يُزَلْزِلَهم حَتّى يَسْتَنْصِرُوهُ في قَوْلِهِ: ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٢١٤] الآيَةَ. فَلَمّا جاءَ الأحْزابُ، ونَهَضَ بِهِمْ لِلْقِتالِ، واضْطَرَبُوا ﴿قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ﴾ وأيْقَنُوا بِالجَنَّةِ والنَّصْرِ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ النَّبِيُّ ﷺ، لِأصْحابِهِ: «إنَّ الأحْزابَ سائِرُونَ إلَيْكم تِسْعًا أوْ عَشْرًا»، أيْ: في آخِرِ تِسْعِ لَيالٍ أوْ عَشْرٍ. فَلَمّا رَأوْهم قَدْ أقْبَلُوا لِلْمِيعادِ قالُوا ذَلِكَ. وقِيلَ: الوَعْدُ هو ما جاءَ في الآيَةِ مِمّا وُعِدَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ أمَرَ بِحَفْرِ الخَنْدَقِ، فَإنَّهُ أعْلَمَهم بِأنَّهم يُحْضَرُونَ، وأمَرَهم بِالِاسْتِعْدادِ لِذَلِكَ، وأعْلَمَهم أنَّهم سَيُنْصَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَلَمّا رَأوُا (p-٢٢٣)الأحْزابَ قالُوا ذَلِكَ، فَسَلَّمُوا لِأوَّلِ الأمْرِ، وانْتَظَرُوا آخِرَهُ. وهَذا إشارَةٌ إلى الخَطْبِ، إيمانًا بِاللَّهِ وبِما أخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ مِمّا لَمْ يَقَعْ، كَقَوْلِكَ: فَتْحَ مَكَّةَ وفارِسَ والرُّومِ، فالزِّيادَةُ فِيما يُؤْمَنُ، لا في نَفْسِ الإيمانِ.
وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: ﴿وما زادُوهُمْ﴾ [هود: ١٠١]، بِالواوِ، وضَمِيرُ الجَمْعِ يَعُودُ عَلى الأحْزابِ، وتَقُولُ: صَدَقْتُ زَيْدًا الحَدِيثَ، وصَدَقْتُ زَيْدًا في الحَدِيثِ. وقَدْ عُدَّتْ ”صَدَقَ“ هَذِهِ في ما يَتَعَدّى بِحَرْفِ الجَرِّ، وأصْلُهُ ذَلِكَ، ثُمَّ يُتَّسَعُ فِيهِ فَيُحْذَفُ الحَرْفُ ويَصِلُ الفِعْلُ إلَيْهِ بِنَفْسِهِ، ومِنهُ قَوْلُهم في المَثَلِ: صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ، أيْ: في سِنِّ بَكْرِهِ. فَما عاهَدُوا، إمّا أنْ يَكُونَ عَلى إسْقاطِ الحَرْفِ، أيْ: فِيما عاهَدُوا، والمَفْعُولُ الأوَّلُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: صَدَقُوا اللَّهَ، وإمّا أنْ يَكُونَ صَدَقَ يَتَعَدّى إلى واحِدٍ، كَما تَقُولُ: صَدَقَنِي أخُوكَ إذا قالَ لَكَ الصِّدْقَ، وكَذَبَكَ أخُوكَ إذا قالَ لَكَ الكَذِبَ. وكانَ المُعاهَدُ عَلَيْهِ مَصْدُوقًا مَجازًا، كَأنَّهم قالُوا لِلْمُعاهَدِ عَلَيْهِ: سَنَفِي لَكَ، وهم وافُونَ بِهِ، فَقَدْ صَدَقُوهُ، ولَوْ كانُوا ناكِثِينَ لَكَذَّبُوهُ، وكانَ مَكْذُوبًا. وهَؤُلاءِ الرِّجالُ، قالَ مُقاتِلٌ والكَلْبِيُّ: هم أهْلُ العَقَبَةِ السَّبْعُونَ، أهْلُ البَيْعَةِ. وقالَ أنَسٌ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا، فَعاهَدُوا أنْ لا يَتَأخَّرُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَوَفَوْا. وقالَ زَيْدُ بْنُ رُومانَ: بَنُو حارِثَةَ.
﴿فَمِنهم مَن قَضى نَحْبَهُ﴾ وهَذا تَجَوُّزٌ؛ لِأنَّ المَوْتَ أمْرٌ لا بُدَّ مِنهُ أنْ يَقَعَ بِالإنْسانِ، فَسُمِّيَ نَحْبًا لِذَلِكَ. وقالَ مُجاهِدٌ: قَضى نَحْبَهُ: أيْ: عَهْدَهُ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: نَذْرَهُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ﴿فَمِنهم مَن قَضى نَحْبَهُ﴾ يَحْتَمِلُ مَوْتَهُ شَهِيدًا، ويَحْتَمِلُ وفاءَهُ بِنَذْرِهِ مِنَ الثَّباتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . وقالَتْ فِرْقَةٌ: المَوْصُوفُونَ بِقَضاءِ النَّحْبِ جَماعَةٌ مِنَ الصَّحابَةِ وفَوْا بِعُهُودِ الإسْلامِ عَلى التَّمامِ. فالشُّهَداءُ مِنهم، والعَشَرَةُ الَّذِينَ شَهِدَ لَهُمُ الرَّسُولُ ﷺ بِالجَنَّةِ، مِنهم مَن حَصَّلَ في هَذِهِ المَرْتَبَةِ بِما لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ، ويُصَحِّحُ هَذا القَوْلَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . وقَدْ سُئِلَ: مَنِ الَّذِي قَضى نَحْبَهُ، وهو عَلى المِنبَرِ ؟ فَدَخَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقالَ: هَذا مِمَّنْ قَضى نَحْبَهُ.
﴿ومِنهم مَن يَنْتَظِرُ﴾ إذا فُسِّرَ قَضاءُ النَّحْبِ بِالشَّهادَةِ، كانَ التَّقْدِيرُ: ومِنهم مَن يَنْتَظِرُ الشَّهادَةَ؛ وإذا فُسِّرَ بِالوَفاءِ لِعُهُودِ الإسْلامِ، كانَ التَّقْدِيرُ: ومِنهم مَن يَنْتَظِرُ الحُصُولَ في أعْلى مَراتِبِ الإيمانِ والصَّلاحِ. وقالَ مُجاهِدٌ: يَنْتَظِرُ يَوْمًا فِيهِ جِهادٌ، فَيَقْضِي نَحْبَهُ.
﴿وما بَدَّلُوا﴾ لا المُسْتَشْهِدُونَ، ولا مَن يَنْتَظِرُ. وقَدْ ثَبَتَ طَلْحَةُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتّى أُصِيبَتْ يَدُهُ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أوْجَبَ طَلْحَةُ»، وفِيهِ تَعْرِيضٌ لِمَن بَدَّلَ مِنَ المُنافِقِينَ حِينَ ولَّوُا الأدْبارَ، وكانُوا عاهَدُوا لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ.
﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصّادِقِينَ﴾ أيِ: الَّذِينَ ﴿صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ ﴿بِصِدْقِهِمْ﴾ أيْ: بِسَبَبِ صِدْقِهِمْ.
﴿ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ إنْ شاءَ﴾ وعَذابُهم مُتَحَتَّمٌ. فَكَيْفَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلى المَشِيئَةِ، وهو قَدْ شاءَ تَعْذِيبَهم إذا وفَوْا عَلى النِّفاقِ ؟ فَقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: تَعْذِيبُ المُنافِقِينَ ثَمَرَتُهُ إدامَتُهُمُ الإقامَةَ عَلى النِّفاقِ إلى مَوْتِهِمْ، والتَّوْبَةُ مُوازِيَةٌ لِتِلْكَ الإقامَةِ، وثَمَرَةُ التَّوْبَةِ تَرْكُهم دُونَ عَذابٍ. فَهُما دَرَجَتانِ: إقامَةٌ عَلى نِفاقٍ، أوْ تَوْبَةٌ مِنهُ. وعَنْهُما ثَمَرَتانِ: تَعْذِيبٌ، أوْ رَحْمَةٌ. فَذَكَرَ تَعالى، عَلى جِهَةِ الإيجازِ، واحِدَةً مِن هاتَيْنِ، وواحِدَةً مِن هاتَيْنِ. ودَلَّ ما ذَكَرَ عَلى ما تُرِكَ ذِكْرُهُ، ويَدُلُّكَ عَلى أنَّ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿لِيُعَذِّبَ﴾ [الأحزاب: ٧٣] أيْ: لِيُدِيمَ عَلى النِّفاقِ، قَوْلُهُ: (إنْ شاءَ) ومُعادَلَتُهُ بِالتَّوْبَةِ، وحَذْفُ ”أوِ“ . انْتَهى. وكانَ ما ذُكِرَ يُؤَوَّلُ إلى أنَّ التَّقْدِيرَ: لِيُقِيمُوا عَلى النِّفاقِ، فَيَمُوتُوا عَلَيْهِ، إنْ شاءَ فَيُعَذِّبُهم، أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فَيَرْحَمَهم. فَحُذِفَ سَبَبُ التَّعْذِيبِ، وأُثْبِتَ المُسَبِّبُ، وهو التَّعْذِيبُ. وأُثْبِتَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ والغُفْرانِ، وحُذِفَ المُسَبِّبُ، وهو الرَّحْمَةُ والغُفْرانُ، وهَذا مِنَ الإيجازِ الحَسَنِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويُعَذِّبُهم إنْ شاءَ إذا لَمْ يَتُوبُوا، ويَتُوبُ عَلَيْهِمْ إذا تابُوا. انْتَهى. ولا يَجُوزُ تَعْلِيقُ عَذابِهِمْ إذا لَمْ يَتُوبُوا بِمَشِيئَتِهِ تَعالى؛ لِأنَّهُ تَعالى قَدْ شاءَ ذَلِكَ وأخْبَرَ أنَّهُ يُعَذِّبُ المُنافِقِينَ حَتْمًا لا مَحالَةَ. واللّامُ في ﴿لِيَجْزِيَ﴾ قِيلَ: لامُ الصَّيْرُورَةِ؛ وقِيلَ: لامُ التَّعْلِيلِ، ويَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: ﴿وما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ . (p-٢٢٤)قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جُعِلَ المُنافِقُونَ كَأنَّهم قَصَدُوا عاقِبَةَ السُّوءِ وأرادُوها بِتَبْدِيلِهِمْ، كَما قَصَدَ الصّادِقُونَ عاقِبَةَ الصِّدْقِ بِوَفائِهِمْ؛ لِأنَّ كِلا الفَرِيقَيْنِ مَسُوقٌ إلى عاقِبَةٍ مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ، فَكَأنَّهُما اسْتَوَيا في طَلَبِهِما والسَّعْيِ لِتَحْصِيلِهِما. وقالَ السُّدِّيُّ: المَعْنى: إنْ شاءَ يُمِيتُهم عَلى نِفاقِهِمْ، أوْ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ بِفِعْلِهِمْ مِنَ النِّفاقِ بِتَقَبُّلِهِمُ الإيمانَ. وقِيلَ: يُعَذِّبُهم في الدُّنْيا إنْ شاءَ، ويَتُوبُ عَلَيْهِمْ إنْ شاءَ.
﴿إنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ أيْ: غَفُورًا لِلْحَوْبَةِ، رَحِيمًا بِقَبُولِ التَّوْبَةِ.
﴿ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الأحْزابَ عَنِ المَدِينَةِ، والمُؤْمِنِينَ إلى بِلادِهِمْ.
﴿بِغَيْظِهِمْ﴾ فَهو حالٌ، والباءُ لِلْمُصاحَبَةِ؛ و﴿لَمْ يَنالُوا﴾ حالٌ ثانِيَةٌ، أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في (بِغَيْظِهِمْ)، فَيَكُونُ حالًا مُتَداخِلَةً. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الثّانِيَةُ بَيانًا لِلْأُولى، أوِ اسْتِئْنافًا. انْتَهى. ولا يَظْهَرُ كَوْنُها بَيانًا لِلْأُولى، ولا لِلِاسْتِئْنافِ؛ لِأنَّها تَبْقى كالمُفْلَتَةِ مِمّا قَبْلَها.
﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ بِإرْسالِ الرِّيحِ والجُنُودِ، وهُمُ المَلائِكَةُ، فَلَمْ يَكُنْ قِتالٌ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والكُفّارِ. وقِيلَ: المُرادُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ ومَن مَعَهُ، بَرَزُوا لِلْقِتالِ ودَعَوْا إلَيْهِ. وقَتَلَ عَلِيٌّ مِنَ الكُفّارِ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ مُبارَزَةً، حِينَ طَلَبَ عَمْرٌو المُبارَزَةَ، فَخَرَجَ إلَيْهِ عَلِيٌّ، فَقالَ: إنِّي لا أُوثِرُ قَتْلَكَ لِصُحْبَتِي لِأبِيكَ، فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ: فَأنا أُوثِرُ قَتْلَكَ، فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ مُبارَزَةً. واقْتَحَمَ نَوْفَلُ بْنُ الحارِثِ، مِن قُرَيْشٍ، الخَنْدَقَ بِفَرَسِهِ، فَقُتِلَ فِيهِ. وقُتِلَ مِنَ الكُفّارِ أيْضًا: مُنَبِّهُ بْنُ عُثْمانَ، وعُبَيْدُ بْنُ السَّبّاقِ. واسْتُشْهِدَ مِنَ المُسْلِمِينَ، في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ: مُعاذٌ، وأنَسُ بْنُ أوْسِ بْنِ عَتِيكٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وأبُو عَمْرٍو، وهم مِن بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ؛ والطُّفَيْلُ بْنُ النُّعْمانِ، وثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ، وهُما مِن بَنِي سَلِمَةَ؛ وكَعْبُ بْنُ زَيْدٍ، مِن بَنِي ذُبْيانَ بْنِ النَّجّارِ، أصابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ. ولَمْ تَغْزُ قُرَيْشٌ المُسْلِمِينَ بَعْدَ الخَنْدَقِ، وكَفى اللَّهُ مُداوَمَةَ القِتالِ وعَوْدَتَهُ بِأنْ هَزَمَهم بَعْدَ ذَلِكَ، وذَلِكَ بِقُوَّتِهِ وعِزَّتِهِ. وعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: «حُبِسْنا يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَلَمْ نُصَلِّ الظُّهْرَ، ولا العَصْرَ، ولا المَغْرِبَ، ولا العِشاءَ، حَتّى كانَ بَعْدَ هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ، كُفِينا وأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بِلالًا، فَأقامَ وصَلّى الظُّهْرَ فَأحْسَنَها، ثُمَّ كَذَلِكَ كُلُّ صَلاةٍ بِإقامَةٍ» .
﴿وأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ﴾ أيْ: أعانُوا قُرَيْشًا ومَن مَعَهم مِنَ الأحْزابِ مِن أهْلِ الكِتابِ، هم يَهُودُ بَنِي قُرَيْظَةَ، كَما هو قَوْلُ الجُمْهُورِ. وعَنِ الحَسَنِ: بَنُو النَّضِيرِ. وقَذْفُ الرُّعْبِ سَبَبٌ لِإنْزالِهِمْ، ولَكِنَّهُ قَدَّمَ المُسَبِّبَ، لَمّا كانَ السُّرُورُ بِإنْزالِهِمْ أكْثَرَ والإخْبارُ بِهِ أهَمَّ قُدِّمَ. وقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَرَّ بِنا دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ عَلى بَغْلَةٍ بَيْضاءَ عَلَيْها قَطِيفَةُ دِيباجٍ، فَقالَ: «ذَلِكَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلامُ، بُعِثَ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، يُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهم، ويَقْذِفُ الرُّعْبَ في قُلُوبِهِمْ» . ولَمّا رَجَعَتِ الأحْزابُ، جاءَ جِبْرِيلُ وقْتَ الظُّهْرِ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ بِالخُرُوجِ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَنادى في النّاسِ: «لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلّا في بَنِي قُرَيْظَةَ»، فَخَرَجُوا إلَيْها، فَمُصَلٍّ في الطَّرِيقِ، ورَأى أنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّأْكِيدِ والِاسْتِعْجالِ؛ ومُصَلٍّ بَعْدَ العِشاءِ، وكُلٌّ مُصِيبٌ. فَحاصَرَهم خَمْسًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً، وقِيلَ: إحْدى وعِشْرِينَ، وقِيلَ: خَمْسَةَ عَشَرَ. فَنَزَلُوا عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ الأوْسِيِّ، لِحِلْفٍ كانَ بَيْنَهم، رَجَوْا حُنُوَّهُ عَلَيْهِمْ، فَحَكَمَ أنْ يُقْتَلَ المُقاتِلَةُ ويُسْبى الذُّرِّيَّةُ والعِيالُ والأمْوالُ، وأنْ تَكُونَ الأرْضُ والثِّمارُ لِلْمُهاجِرِينَ دُونَ الأنْصارِ. فَقالَتْ لَهُ الأنْصارُ في ذَلِكَ، فَقالَ: أرَدْتُ أنْ يَكُونَ لَهم أمْوالٌ كَما لَكم، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِن فَوْقِ سَبْعَةِ أرْقِعَةٍ»، ثُمَّ اسْتَنْزَلَهم، وخَنْدَقَ لَهم في سُوقِ المَدِينَةِ، وقَدَّمَهم فَضَرَبَ أعْناقَهم، وهم مِن بَيْنِ ثَمانِمِائَةٍ إلى تِسْعِمِائَةٍ. وقِيلَ: كانُوا سِتَّمِائَةِ مُقاتِلٍ وسَبْعَمِائَةِ أسِيرٍ. وجِيءَ بِحُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ النَّضِيرِيِّ، وهو الَّذِي كانَ أدْخَلَهم في الغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ، فَدَخَلَ عِنْدَهم وفاءً لَهم، فَتُرِكَ فِيمَن تُرِكَ عَلى حُكْمِ سَعْدٍ. فَلَمّا قَرُبَ، وعَلَيْهِ حُلَّتانِ تُفّاحِيَّتانِ، مَجْمُوعَةٌ يَداهُ إلى عُنُقِهِ، أبْصَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ (p-٢٢٥)واللَّهِ ما لُمْتُ نَفْسِي في عَداوَتِكَ، ولَكِنَّ مَن يَخْذِلِ اللَّهَ يُخْذَلْ. ثُمَّ قالَ: أيُّها النّاسُ، إنَّهُ لا بَأْسَ أمْرُ اللَّهِ وقَدَرُهُ، ومِحْنَةٌ كُتِبَتْ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وقالَ فِيهِ بَعْضُ بَنِي ثَعْلَبَةَ:
؎لَعَمْرُكَ ما لامَ ابْنُ أخْطَبَ نَفْسَهُ ∗∗∗ ولَكِنَّهُ مَن يَخْذِلِ اللَّهَ يُخْذَلِ
؎لَجاهَدَ حَتّى أبْلَغَ النَّفْسَ عُذْرَها ∗∗∗ وقَلْقَلَ يَبْغِي العِزَّ كُلَّ مُقَلْقَلِ
وقَتَلَ مِن نِسائِهِمُ امْرَأةً، وهي لُبابَةُ امْرَأةُ الحَكَمِ القُرَظِيِّ، كانَتْ قَدْ طَرَحَتِ الرَّحى عَلى خَلّادِ بْنِ سُوَيْدٍ فَقُتِلَ؛ ولَمْ يُسْتَشْهَدْ في حِصارِ بَنِي قُرَيْظَةَ غَيْرُهُ. وماتَ في الحِصارِ أبُو سُفْيانَ بْنُ مِحْصَنٍ، أخُو عُكّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ، وكانَ فَتْحُ قُرَيْظَةَ في آخِرِ ذِي القِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (وتَأْسِرُونَ)، بِتاءِ الخِطابِ وكَسْرِ السِّينِ؛ وأبُو حَيْوَةَ: بِضَمِّهِما؛ واليَمانِيُّ: بِياءِ الغَيْبَةِ؛ وابْنُ أنَسٍ، عَنِ ابْنِ ذَكْوانَ: بِياءِ الغَيْبَةِ في: ﴿تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ﴾ .
﴿وأوْرَثَكُمْ﴾ فِيهِ إشْعارٌ أنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أُولَئِكَ المَقْتُولِينَ ومَن نَقَلَهم مِن أرْضِهِمْ، وقُدِّمَتْ لِكَثْرَةِ المَنفَعَةِ بِها مِنَ النَّحْلِ والزَّرْعِ، ولِأنَّهم بِاسْتِيلائِهِمْ عَلَيْها ثانِيًا وأمْوالَهم لِيُسْتَعانَ بِها في قُوَّةِ المُسْلِمِينَ لِلْجِهادِ، ولِأنَّها كانَتْ في بُيُوتِهِمْ، فَوَقَعَ الِاسْتِيلاءُ عَلَيْها ثالِثًا.
﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ وعْدٌ صادِقٌ في فَتْحِ البِلادِ، كالعِراقِ والشّامِ واليَمَنِ ومَكَّةَ، وسائِرِ فُتُوحِ المُسْلِمِينَ. وقالَ عِكْرِمَةُ: أخْبَرَ تَعالى أنْ قَدْ قَضى بِذَلِكَ. وقالَ الحَسَنُ: أرادَ الرُّومَ وفارِسَ. وقالَ قَتادَةُ: كُنّا نَتَحَدَّثُ أنَّها مَكَّةُ. وقالَ مُقاتِلٌ، ويَزِيدُ بْنُ رُومانَ، وابْنُ زَيْدٍ: هي خَيْبَرُ؛ وقِيلَ: اليَمَنُ؛ ولا وجْهَ لِهَذِهِ التَّخْصِيصاتِ، ومِن بِدَعِ التَّفاسِيرِ أنَّهُ أرادَ نِساءَهم. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿تَطَئُوها﴾، بِهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَها واوٌ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: ”لَمْ تَطُوها“، بِحَذْفِ الهَمْزَةِ، أبْدَلَ هَمْزَةَ ”تَطَأُ“ ألِفًا عَلى حَدِّ قَوْلِهِ:
؎إنَّ السِّباعَ لَتَهْدا في مَرابِضِها ∗∗∗ والنّاسُ لا يُهْتَدى مِن شَرِّهِمْ أبَدا
فالتَقَتْ ساكِنَةٌ مَعَ الواوِ فَحُذِفَتْ، كَقَوْلِكَ: لَمْ تَرَوْها. وخَتَمَ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ بِقُدْرَتِهِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ، فَلا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وكانَ في ذَلِكَ إشارَةٌ إلى فَتْحِهِ عَلى المُسْلِمِينَ الفُتُوحَ الكَثِيرَةَ، وأنَّهُ لا يَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ، فَكَما مَلَّكَهم هَذِهِ، فَكَذَلِكَ هو قادِرٌ عَلى أنْ يُمَلِّكَهم غَيْرَها مِنَ البِلادِ.
{"ayahs_start":21,"ayahs":["لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا","وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُوا۟ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّاۤ إِیمَـٰنࣰا وَتَسۡلِیمࣰا","مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا","لِّیَجۡزِیَ ٱللَّهُ ٱلصَّـٰدِقِینَ بِصِدۡقِهِمۡ وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ إِن شَاۤءَ أَوۡ یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِغَیۡظِهِمۡ لَمۡ یَنَالُوا۟ خَیۡرࣰاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزࣰا","وَأَنزَلَ ٱلَّذِینَ ظَـٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن صَیَاصِیهِمۡ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِیقࣰا","وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِیَـٰرَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُمۡ وَأَرۡضࣰا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣰا"],"ayah":"وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِغَیۡظِهِمۡ لَمۡ یَنَالُوا۟ خَیۡرࣰاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق