الباحث القرآني

سئل رسول الله ﷺ: أى الأجلين قضى موسى؟ فقال: أبعدهما وأبطأهما [[أخرجه الحاكم من طريق ابن عيينة عن إبراهيم بن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس بهذا قلت. وإبراهيم مجهول. وقوله: وروى أنه قال قضى أوفاهما وتزوج من صغراهما: أخرجه الطبراني والبزار من طريق عويد بن أبى عمران الجونى عنه عن أبيه عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر «أن النبي ﷺ سئل: أى الأجلين قضى موسى؟ قال: أوفاهما وأبرهما، قال وسئل أى المرأتين تزوج؟ قال الصغرى منهما» وعويد ضعيف وفي ابن مردويه من حديث أبى هريرة رفعه «قال لي جبريل: إن سألك اليهودي: أى الأجلين قضى موسى؟ فقل أوفاهما وإن سألك أيهما تزوج؟ فقل الصغرى منهما» وفي إسناده سليمان الشاذكوني وهو ضعيف.]] . وروى أنه قال: قضى أوفاهما، وتزوّج صغراهما. وهذا خلاف الرواية التي سبقت. الجذوة- باللغات الثلاث. وقرئ بهنّ جميعا-: العود الغليظ، كانت في رأسه نار أو لم تكن، قال كثير: باتت حواطب ليلى يلتمسن لها ... جزل الجذى غير خوّار ولا دعر [[لابن مقبل. والحواطب: الجواري يطلبن الحطب، والالتماس- بحسب الأصل-: من اللمس.» ثم اتسع فيه. والجذل: الحطب الغليظ اليابس: والجذى: جمع جذوة بتثليث الجيم فيهما وهي العود الغليظ في رأسه نار أولا. والخوار: الضعيف. والخور معيب، إلا في قولهم: ناقة خوارة، أى كثيرة اللبن. ونخلة خوارة: كثيرة الحمل. ودعر العود دعرا كتعب كثر دخانه، فهو دعر كحذر. والدعر أيضا: السوس والفساد. والدعار: الفسق والخبث، وغير خوار: حال من جزل الجذى.]] وقال: وألقى على قبس من النّار جذوة ... شديدا عليه حرها والتهابها [[الجذوة في الأصل، العود الغليظ في رأسه نار أولا، ولكن خصها الوصف بما في رأسه نار، ثم إنها استعارة تصريحية للرمح أو للسيف، والحر والالتهاب: ترشيح لها. وشديد: خبر المبتدأ الذي بعده.]] مِنْ الأولى والثانية لابتداء الغاية، أى: أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة. ومِنَ الشَّجَرَةِ بدل من قوله: من شاطئ الوادي، بدل الاشتمال، لأنّ الشجرة كانت نابتة على الشاطئ، كقوله تعالى لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ وقرئ: الْبُقْعَةِ بالضم والفتح. والرَّهْبِ بفتحتين، وضمتين، وفتح وسكون، وضم وسكون: وهو الخوف. فإن قلت: ما معنى قوله وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ؟ قلت: فيه معنيان، أحدهما: أنّ موسى عليه السلام لما قلب الله العصا حية: فزع واضطرب، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إنّ اتقاءك بيدك فيه غضاضة [[قوله «فيه غضاضة» أى: ذلة ومنقصة، كما في الصحاح. (ع)]] عند الأعداء. فإذا ألقيتها فكما تنقلب [[قوله «فكما تنقلب حية» أى: فعند ما تنقلب. (ع)]] حية، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح: اليد، لأنّ يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر. وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضد يده اليسرى، فقد ضمّ جناحه إليه. والثاني: أن يراد بضم جناحه إليه: تجلده وضبطه نفسه. وتشدّده عند انقلاب العصاحية حتى لا يضطرب ولا يرهب، استعارة من فعل الطائر، لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما. وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران. ومنه ما يحكى عن عمر بن عبد العزيز أنّ كاتبا له كان يكتب بين يديه، فانفلتت منه فلتة ريح، فخجل وانكسر، فقام وضرب بقلمه الأرض، فقال له عمر: خذ قلمك، واضمم إليك جناحك، وليفرخ روعك [[قوله «وليفرخ روعك» أى ليذهب فزعك. أفاده الصحاح. (ع)]] ، فإنى ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي. ومعنى قوله مِنَ الرَّهْبِ من أجل الرهب، أى: إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك: جعل الرهب الذي كان يصيبه سببا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه. ومعنى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ، وقوله اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ على أحد التفسيرين: واحد. ولكن خولف بين العبارتين، وإنما كرّر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني: إخفاء الرهب. فإن قلت: قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما وفي الآخر مضموما إليه، وذلك قوله وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ وقوله وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ فما التوفيق بينهما؟ قلت: المراد بالجناح المضموم. هو اليد اليمنى، وبالمضموم إليه: اليد اليسرى وكلّ واحدة من يمنى اليدين ويسراهما: جناح. ومن بدع التفاسير: أنّ الرهب: الكم، بلغة حمير وأنهم يقولون: أعطنى مما في رهبك، وليت شعري كيف صحته في اللغة؟ وهل سمع من الأثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الآية؟ وكيف تطبيقه المفصل [[قوله «وكيف تطبيقه المفصل» لعله تطبيقه على المفصل (ع)]] كسائر كلمات التنزيل؟ على أن موسى عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة [[قوله «زرمانقة من صوف» في الحديث: أن موسى عليه السلام لما أتى فرعون أتاه وعليه زرمانقة، يعنى: جبة صوف. قال أبو عبيد: أراها عبرانية، كذا في الصحاح. (ع)]] من صوف لا كمى لها فَذانِكَ قرئ مخففا ومشدّدا، فالمخفف مثنى ذاك. والمشدّد مثنى ذلك، بُرْهانانِ حجتان بينتان نيرتان. فإن قلت: لم سميت الحجة برهانا؟ قلت: لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء. برهرهة، بتكرير العين واللام معا. والدليل على زيادة النون قولهم: أبره الرجل، إذا جاء بالبرهان. ونظيره تسميتهم إياها سلطانا من السليط وهو الزيت، لإنارتها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب