الباحث القرآني
﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ﴾ [القصص: ٢٩].
(أل) هذه للعهد، يعني: الأجل الذي بينه وبين صاحب مدين، وقد علمنا أن بينهما أجلين: أجلًا واجبًا وهو ثماني سنوات، وأجلًا تبرعًا من موسى وهو عشر سنوات، فأيما الأجلين قضى؟ أيهما؟ هل هو الواجب أو التبرع؟
يقول المؤلف رحمه الله: (﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ﴾ [القصص ٢٩] وهو ثمان أو عشر سنين وهو المظنون به).
الضمير في قوله: (وهو المظنون به) يعود على العشر، يعني الذي يُظَن بموسى أنه أتم عشرًا، ولكن الآية محتمِلة، فترجيح العشر بناء على المعلوم من حال موسى ﷺ من الكرم والوفاء، وترجيح أنه ثمان لأنه هو الواجب عليه، وموسى كان في اشتياق إلى بلاده بمصر، وهو قد قال فيما سبق معتذرًا: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ [القصص ٢٨]. وهذه جملة قد تشير إلى أنه يريد أن يقتصر على الأجل الواجب، وإلا فمن المعلوم أنه إذا قضى الأجل الأول فإنه لا أحدَ يلومه أو يعتدي عليه، فلكل منهما وجه، وموقفنا نحن من هذه القصة أن نُبهِم ما أبهمه الله سبحانه وتعالى، فنقول: قضى الأجل والله أعلم أيهما قضاه.
﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾.
* طالب: يا شيخ، المروي عن ابن عباس أن موسى عليه الصلاة والسلام قضى (...)؟
* الشيخ: إي نعم، هو مروي عن ابن عباس وأكثر المفسرين( )، لكن ما فيه شيء يرجحه، كل واحد.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا (...) الصحيح أن تفسير الصحابي ليس له (...) مطلقًا، لا سيما إذا كان من الصحابة ممن عُرف بنقله للإسرائيليات مثل ابن عباس رضي الله عنهما.
قوله: ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾، السير معناه: المشي، سار بأهله من عند صاحب مدين وأهله، يقول: (زوجته بإذن أبيها نحو مصر).
أما قوله: (زوجته)، فهذا صحيح أن الزوجة تسمى أهلًا، وأما قوله: (بإذن أبيها) فهذا لا دليل عليه، ولا يحتاج الزوج إذا أراد أن يسافر بزوجته إلى إذن أبيها. لماذا؟ لأنه إذا تزوج المرأة صارت مُلكًا له، يسير بها حيث شاء، اللهم إلا إذا سار بها إلى أمر لا يجوز شرعًا، فلها أن تمتنع ولأبيها أيضًا أن يمنعها، وإلا فالحق له.
طيب، لو شُرِطَ عليه ألا يُسافر بها؟
* طالب: يلزمه.
* الشيخ: يلزمه الوفاء؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: إي، يلزمه الوفاء، ولكن لو أَذِنتْ وأبى أبوها، وقد شُرِطَ عليه، فهل الحق لها فتسافر، أو لأبيها فلا؟ الحق لها، الحقيقة أن الحق لها؛ لأن هذا يتعلق بها شخصيًّا، وقد ترى أنه من الأفضل لها أن تسافر مع زوجها.
(﴿آنَسَ﴾ [القصص ٢٩]أبصر من بعيد).
﴿آنَسَ﴾، أصل ﴿آنَسَ﴾ مُشتقة من الأنس، وهو زوال الوحشة، ولكنها تأتي بمعنى الإبصار بالشيء؛ لأنك إذا أبصرتَ الشيء وعرفته زال عنك ما تخشاه، فمعنى ﴿آنَسَ﴾ أبصر.
﴿مِنْ جَانِبِ الطُّورِ﴾ [القصص ٢٩] بالضم: جبل، وجانب الشيء أيش معناه؟
* طالب: طرفه.
* الشيخ: جهته، يعني: من جهة الطُّور، آنَسَ ﴿نَارًا﴾ [القصص ٢٩]، وهذه النار ليست نارًا حقيقية، ولكنها نور وتُشبه النار، لما أبصر هذه النار وكان الزمنُ زمنَ شتاء، والظاهر والله أعلم أن الليلة كانت مغيمة، وأن موسى عليه الصلاة السلام عنده نوع من الاشتباه في الطريق كما تدل عليه القصة.
آنس نارًا فـ(﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [القصص ٢٩] هنا).
﴿لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾، كان رأي المؤلف قبل قليل أن المراد بأهله الزوجة، وهنا قال: ﴿لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾، وامكثوا خطاب لجماعة ولَّا لواحدة؟
* طالب: لجماعة.
* الشيخ: لأنه لو كان لواحدة لقال: امكثي، فهو لجماعة. فما هو المخرج من هذا الإشكال إذا قلنا بأن الأهل هي الزوجة فقط؟
قال بعض المفسرين: إنه اصطحب معه خادمًا، وقال بعضهم أيضًا: إنه وُلد له منها، بناءً على أنه سُلِّمت له من أول العقد وبقيت معه كم؟ ثماني أو عشر سنين فولَدتْ، فعلى هذا يكون الخطاب ﴿امْكُثُوا﴾ لجماعة مطابقًا للواقع، نعم؛ لأن معه زوجة وخادمًا وولدًا، ولَّا لا؟ لأنهم جماعة، وهذا ليس ببعيد؛ إذ إنه جرت العادة أن الإنسان إذا سافر -لا سِيَّما في مثل هذه الحال- أن يصطحب معه من يخدمه.
وقوله: (﴿امْكُثُوا﴾ هُنَا)، منين نأخذ إنها (هنا) يعني في المكان؟
(قِطْعَة وَشُعْلَة ﴿مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ [القصص ٢٩])؟ (تَسْتَدْفِئُونَ).
قوله: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ﴾ [القصص ٢٩]، (لعل) هنا للتوقع ولَّا للترجي؟
* طالب: للترجي.
* الشيخ: للترجي؛ لأنه يتمنى أن يحصُل له هذا الأمر.
﴿آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ﴾ [القصص ٢٩]، (آتي) هنا فعل ماضٍ ولَّا فعل مضارع؟
* طالب: فعل مضارع.
* الشيخ: فعل مضارع ﴿آتِيكُمْ﴾، وأصلها (أأتيكم)، بمعنى: أجيئكم.
ما هي بـ(آتِي) اسم فاعل؟ الإتيان مصدر.
* طالب: نعم.
* الشيخ: ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ﴾ [الأنعام ١٣٤]، فهنا (آتِي) ما تصلح اسم فاعل؟
لا، ما تصلح؛ لأنها هنا يُريد الفعل، لا يُريد أن يبين أنه متصف بالإتيان، والدليل أنك لو حوَّلتها إلى معناها لقلتَ: (لعلي أجيئكم)، فـ(أجيئكم) واضح أنها فعل مضارع، فليست هنا اسم فاعل.
وقوله: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا﴾، أي مِن هذه النار، ومعلوم أن النار نفسها لا تُعطي خبرًا، ولكن المراد من عندها؛ لأن النار عادةً لا تشتعل إلا وعندها أُناس.
وقوله: ﴿بِخَبَرٍ﴾، المؤلف يقول: (عَن الطَّرِيق وَكَانَ قَدْ أَخَطَأَهَا)، وهذا ممكن أن يكون، وممكن أن يكون أعم من كونه عن الطريق؛ عن الطريق، وعن ما بقي من المسافة، وعن كل شيء، (خَبَر) نكرة.
وقوله: ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ [القصص ٢٩]، يقول: (بِتَثْلِيثِ الْجِيم)، اقرأها بتثليث الجيم، اقرأها على التثليث.
* طالب: بجِذوةٍ.
* الشيخ: تمام.
* الطالب: وبجَذْوة.
* الشيخ: إي.
* الطالب: وبجُذوة.
* الشيخ: (جِذوة، وجَذوة، وجُذوة)؛ هذا التثليث، فإذا قالوا: مُثَلَّث أو بتثليث، فمعناه أنه تجوز فيه الحركات الثلاث، أما إذا قالوا: بالمُثَلَّثَة، فهذه غير المثلث. وأيش معنى المثلثة؟
* طالب: الثاء.
* الشيخ: الثاء، يعني عليها ثلاث نقاط، فإذا قيل: بالمثلثة يعني بالثاء لا بالتاء، وإذا قيل: بتثليث كذا؛ فالمعنى تجوز فيه الحركات الثلاث.
ما هي الجذوة؟
قال: (قِطْعَة وَشُعْلَة ﴿مِنَ النَّارِ﴾ )، يعني معناه: يأتي بعود في طرفه نار مشتعلة؛ هذه الجذوة.
وقوله: ﴿مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ [القصص ٢٩].
(لعل) هذه للتعليل، أي: لأجل أن تَصْطَلُوا، وقد مر علينا أن (لعل) لها عدة معانٍ، الأول: الترجي، والإشفاق، والتوقع، والتعليل، هذه معاني (لعل).
قال: (﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ تَسْتَدْفِئُونَ)؛ لأن الصَّلِي معناه: الاحتماء بالنار، فالاصطلاء إذن الاحتماء بها وهو الاستدفاء، وهذا دليل على أنهم كانوا في برد، ولَّا لا؟
* طالب: إي نعم.
* الشيخ: في برد.
يقول: (وَالطَّاء بَدَل مِنْ تَاء الِافْتِعَال)، هذه هي علة تصريفية. ويش هي تاء الافتعال؟ التي تدل على فعل الشيء. (اصطلى) أصله؟
* طالب: اصتلى.
* الشيخ: اصتلى، و﴿تَصْطَلُونَ﴾ أصلها (تصتلون)، مثل: تبتغون، ولكنه القاعدة التصريفية في اللغة العربية: أنه إذا وقعت تاء الافتعال بعد الصاد فإنها تُقلب طاء، فيقال: (اصْطَلَى) بدل (اصْتَلَى)، ويقال: ﴿تَصْطَلُونَ﴾ بدل (تَصْتَلُون). منين مأخوذة؟ (من صَلِيَ النار بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْحهَا).
(بكسر اللام) صلِي النار وفتحها: صلَى النار. إذن من (صَلِيَ) كـ(رَضِي)، أو من (صلَى) كـ(رمَى)، ففيها لغتان في اللغة العربية. في القرآن الكريم: ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾ [الليل ١٥]، من أي البابين؟ من باب (رضِي يرضَى) أو (رمَى يرمِي)؟
* طالب: (رمى يرمي).
* الشيخ: ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾، من أي البابين؟
* طالب: من (رضِي).
* الشيخ: من (رضِي)، لو كانت من (رَمَى) لكان لا يَصْلِيها، كما يُقال: لا يَرْمِيهَا.
إذن، فالقرآن يدل على ما قدمه المؤلف من أنها بكسر اللام أفصح، أو لا؟
﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ [الأعلى ١٢]، ﴿يَصْلَى﴾ ولم يقل: يصلِي، مع أنه يجوز باللغة العربية.
قال المؤلف رحمه الله..
* طالب: صَلَى بالنار.
* الشيخ: إي، من صَلَى بالنار، أنا قلت: النار.
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا﴾ [القصص ٣٠].
* طالب: يا شيخ، قوله في سورة أخرى: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ [طه ١٠]، ما يعني هنا (...)؟
* الشيخ: إلا إذا، لكن نحن إذا قلنا: إن الخبر أعم من ذلك، ما هو معناه أنه ينفي هذا الشيء، ويدل على أنه كان يحتاج إلى دليل، وقلنا: إن الظاهر أيضًا أن السماء مُغِيمة، وإلا لكان يعرف النجوم؛ لأنه راعٍ وقد بقي ثماني سنوات ويعرف غالب النجوم، لكن ما يبعد أنها كانت مُغِيمة السماء.
وقوله: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ﴾ [القصص ٣٠].
(لما أتاها) يعني جاء إلى النار ووصل إليها.
﴿نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ﴾ ﴿نُودِيَ﴾ النداء: هو دعاء الشخص بصوت مرتفع، والمناجاة: المُسَارَّة بصوت منخفض، وقد قال الله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم ٥٢]، فموسى نُودِي من بُعْد، ثم قَرُب فنُوجِي.
وقوله: ﴿نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ﴾، كلمة ﴿نُودِيَ﴾ مبنية للفاعل ولَّا للمفعول؟
* طالب: للمفعول.
* الشيخ: مبنية للمفعول، ومَن الذي ناداه؟ الله، كما في آيةٍ أخرى: ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات ١٦]، فهنا حُذِف الفاعل لأي غرض؟
* طالب: (...).
* الشيخ: للعلم به؛ لأنه معلوم أن الذي ناداه هو الله، بدليل: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠].
وقوله: (﴿نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ﴾ جانب)، شاطئ الشيء: جانبه، ومنه شاطئ النهر، شاطئ النهر يعني جانب النهر.
وقوله: ﴿الْوَادِ﴾، الوادي: مجرى الماء، يعني مجرى الشيء يُسَمَّى واديًا؛ لأنه فيه جَمْع، والوَدْي: الجمْع، فعليه يكون مجرى الشيء واديًا.
وقوله: ﴿مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ﴾، كلمة ﴿الْأَيْمَنِ﴾ صفة لـ﴿الْوَادِ﴾ ولَّا صفة لـ(الشاطئ)؟
* طالب: لـ(الشاطئ).
* الشيخ: ويش الدليل؟
* الطالب: لأن للوادي شاطئين.
* الشيخ: إي، الوادي له شاطئان، لكن ما عندنا واديان أحدهما أيمن والثاني أيسر، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ [طه ٨٠].
إذن كلمة ﴿الْأَيْمَنِ﴾ صفة لـ﴿شَاطِئِ﴾، أي: من الشاطئ الأيمن؟
﴿الْأَيْمَنِ﴾ يقول المؤلف: (لِمُوسَى). معلوم؛ لأنه منادى، هو مثلًا أمامه وادٍ أو هو في نفس الوادي، الأيمن منه هو الذي على يمينه، على يمين موسى.
(﴿فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ﴾ [القصص ٣٠] لِمُوسَى)، ﴿فِي الْبُقْعَةِ﴾، ويش هي ﴿الْبُقْعَةِ﴾؟
* طالب: الأرض.
* الشيخ: أصلها ﴿الْبُقْعَةِ﴾ [القصص ٣٠] الشيء المتميز عن غيره، ومنه: بُقَع الماء في الثوب مثلًا، فـ﴿الْبُقْعَةِ﴾ معناها يعني الجانب من الأرض الذي له ميزة مثلًا بأشجار أو شبهها.
وقوله: ﴿الْمُبَارَكَةِ﴾ أي: التي باركها الله سبحانه وتعالى، والبرَكة -كما مر علينا- هي الخير الكثير الثابت.
* طالب: ﴿الْبُقْعَةِ﴾ ما هي اللي ما فيها شجر يا شيخ؟
* الشيخ: لا، هذا كالقاع.
* الطالب: عندنا يسمونها بقعة يا شيخ (...) يعني اللي ما فيها شجر نقول: هذه بقعة ما فيها شجر.
* الشيخ: إي، لا، هذا يسمى القاع.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، بـ(...).
* طالب: بوسط المكان (...).
* الشيخ: إي، يسمى؟
* طالب: بقعة.
* الشيخ: لا، هذا ممكن اللغة عرفية.
قوله: ﴿الْمُبَارَكَةِ﴾ معناها التي أحل الله فيها البركةَ، والبركةُ الخير الكثير الثابت؛ لأنه مُشتق من بِركة الماء، وبِركة الماء تكون مَجْمَعًا له مع ثبوته فيه. والبَرَكة من الله سبحانه وتعالى، وليس شيءٌ مباركٌ لشخصه، بل لِما أنزل الله فيه من البركة، وقد مر علينا بحْث في كون الإنسان يَتَبَرَّك به، مثل ما يقول الناس فيه: (زُرْنا نتبرك بك)، فهل هذا صحيح ولَّا لا؟
قلنا فيما سبق: إن كان الْمُراد البَركة الشخصية فهذا ليس بصحيح إلا للنبي ﷺ، وإن كان المراد بالبَركة ما يحصل منه من منافع عِلمية أو مالية فإن هذا صحيح، فإن بعض الناس قد يكون مجلسه مُبَاركًا ينفع الحاضرين إما بالذِّكر، وإما بالعلم، وإما بالمال، وإما بالآداب والأخلاق، هذه بَركة لا شك. وبعض الناس يكون بالعكس مشئومًا على جليسه، كما أن من الناس أيضًا من يكون مِفْتاحًا للخير ومِغْلاقًا للشر، ومنهم من يكون بالعكس.
وقوله: ﴿الْمُبَارَكَةِ﴾ [القصص ٣٠]، لكن المؤلف قيدها قيدًا حسنًا، قال: (﴿الْمُبَارَكَةِ﴾ لِمُوسَى)، فهي مباركة في ذلك الوقت بالنسبة لموسى، أما بعد ذلك فليس لها صِبْغة دينية وليست مقدسةً بعد ذلك، فهمنا أن هذا خاص في وقت تكليم موسى.
ومنه أيضًا غار حراء مثلًا، غار حراء بالنسبة للرسول ﷺ مبارك للرسول متى؟ حين نزول الوحي عليه فيه، أما بعد ذلك فليس له صبغة دينية؛ ولهذا من البدعة أن الإنسان يذهب إلى غار حراء ليزورَه تعبدًا، وكذلك غار ثور، أما إذا كان يزوره اطلاعًا فقط؛ فإن هذا لا بأس به ولا حرج؛ لأنه ما يريد التعبد، فمِن هذه الأماكن اللي ما يثبت لها قدسية عامة تكون قدسيتها خاصة متى؟
* طالب: في حينها.
* الشيخ: في حينها فقط، ولِمَن هي له أيضًا، وأما لغيره فلا يكون لها هذا الحكم. ولهذا من أحسن ما مشى عليه المؤلف تقييده هنا: (لِمُوسَى لِسَمَاعِهِ كَلَام اللَّه فِيهَا)؛ لسماعه كلام الله في هذه البقعة، ولا شك أن الاستماع إلى كلام الله عز وجل لا يشبهه أيُّ استماع؛ لأن الإنسان يجد فيه من لَذَّة المناجاة ما لا يجده في أي مناجاة أحد؛ لأنه أحب شيء إلى الإنسان، ومعلومٌ أن الإنسان كلما خاطب محبوبَه صار أشد تلذذًا بكلامه معه، مع أن كلام الله لا يشبهه كلام.
(لِسَمَاعِهِ كَلَام اللَّه فِيهَا)، وكلام الله سمعه من الله ولَّا من الشجرة؟
* طالب: من الشجرة.
* الشيخ: لا، سَمِعَه من الله حين تكلم به، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وخالف في ذلك الأشاعرةُ فقالوا: إن كلام الله هو المعنى القائم بالنفس، وإن ما يُسمع مخلوق خلقه الله عز وجل ليُعبرَ به عما في نفسه. وعلى هذا فيكون موسى ما سمِعَ كلام الله، إنما سمِع ما هو عبارة عن كلام الله.
وخالف في ذلك أيضًا المعتزلة والجهمية، وقالوا: إن كلام الله مخلوق، يَخلق سبحانه وتعالى أصواتًا فيما أراد، إما في جبريل، وإما في الشجرة، وإما في الأرض، فتُسمَع هذه الأصوات فيُنسَب الكلام إلى الله من باب التشريف والخَلق والتكوين.
وعندما نُمحِّص الأمر، نجد أنه لا فرقَ بين الأشاعرة والمعتزلة في هذا الباب، والسبب؛ لأن الكل مُتفقون على أن ما يُسْمَع فهو مخلوق، وليس هو كلام الله، ففي الحقيقة لا فرْق بينهما، لكن الأشاعرة تلطفوا في الأمر وقالوا: إن الكلام معنى قائم بالنفس يُعبَّر عنه بالأصوات، لا يُعبِّر المتكلم يَخلُق ما يَدُل عليه.
ولا ريب أن مذهب أهل السنة والجماعة هو المذهب الصحيح الموافق للنقل والعقل، يقولون: إن كلام الله يُسمَع من الله، وإنه -أي كلام الله- بحرف وصوت، أما الحرف فهو ما يَتكلم به تبارك وتعالى مما يستعمله الناس في نُطقهم، في المخاطَبِين، وأما الصوت فإنه لا يشبه أصوات المخلوقين، وكيف يُشبه أصوات المخلوقين وهو سبحانه وتعالى إذا تكلم بوحي صعقتِ الملائكة وارتجفت السماوات ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ ٢٣].
قال: (﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ بَدَل مِنْ ﴿شَاطِئِ﴾ بِإِعَادَةِ الْجَار لِنَبَاتِهَا فِيهِ).
﴿نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ [القصص ٣٠]، يصير هنا تخصيص بعد تعميم، أو بعد تخصيص؟
فيه عندنا الآن تخصيص بالنسبة لجانب الشاطئ، ويش التخصيص فيه؟
* طالب: الأيمن.
* الشيخ: أنه الأيمن، وفيه أيضًا تخصيص ثانٍ بالنسبة للشاطئ، وهو أنه ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾، ﴿نُودِيَ﴾ ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾، أي: من ناحيتها، وليس معناه أن النداء من الشجرة، المعتزلة، يقولون: إن النداء من الشجرة، وإن الشجرة خُلِق فيها صوت سمعه موسى على أنه كلام الله. ولكن المراد ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾، أي: من ناحيتها وجِهَتِهَا، بدليل ما يأتي: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠] هل يمكن تقوله الشجرة؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ما تقوله، ولو قالت الشجرةُ: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، لقال لها موسى: كذبتِ. ولكن الذي يقول ذلك هو الله سبحانه وتعالى، وقوله: (لِنَبَاتِهَا فِيهِ وَهِيَ شَجَرَة عُنَّاب أَوْ عَلِيق) أو (عُلَيْق) ما أعرف ضبطها (أَوْ عَوْسَج).
(أو) هذه لتنويع الخلاف، ولكن نحن لا يهمنا أن تكون هذا أو هذا، المهم أنها شجرة نُودِي منها عليه الصلاة والسلام.
والنداء: (﴿أَنْ﴾ مُفَسِّرَة لَا مخففة ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ ).
(﴿أَنْ﴾ [القصص ٣٠] مفسرة) والمفسرة هي التي بمعنى (أي)، وهي التي تأتي مُفَسِّرة لما فيه معنى القول دون حروفه. (مفسرة) بمعنى أيش؟
* طالب: (أي).
* الشيخ: بمعنى (أي)، وهي التي تأتي مفسرة لما فيه معني القول دون حروفه. ويش معنى (لما فيه معنى القول دون حروفه)؟ يعني: بكلمة فيها معنى القول لا حروف القول. النداء فيه معنى القول ولَّا حروفه؟
* طالب: معناه.
* الشيخ: معناه، ما فيها: (قيل له)، بل فيها نون، فتكون مُفسِّرة.
﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ [المؤمنون ٢٧].
﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ﴾، (أَنْ) هذه مُفَسِّرة ولَّا مخففة؟
* طالب: مُفَسِّرة.
* الشيخ: مفسرة؛ لأنها أتت لما فيه معنى القول -وهو الإيحاء- دون حروف القول، وقول المؤلف..
* طالب: كيف يا شيخ دون الحروف؟
* الشيخ: يعني دون حروف القول، القول اللي هو (قاف، واو، لام).
* الطالب: يعني (...)؟
* الشيخ: لا، معناه أنها تكون مُفسِّرة لفعلٍ فيه معنى القول لا حروف القول، يعني مثلًا لو قال: قيل له: ﴿أَنْ يَا مُوسَى﴾، ما تكون في معنى المفسرة؛ لأن فيها حروف القول، لكن ﴿نُودِيَ﴾ تكون ﴿أَنْ﴾ مفسرة؛ لأن فيها معنى القول؛ ولهذا سميناها مُفسِّرة؛ لأنها فَسَّرَت النداء بالقول، إذ إن مدخولها: ﴿أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾ [القصص ٣٠]، مدخولها قول ولَّا لا؟ قول، ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾ هذا قول، فلهذا نقول: إنها (مفسرة)؛ لأنها فسرت معنى الفعل حيث تضمن القولَ دون حروف القول.
وقوله: (لا مخفَّفة)، (مخففة) منين؟
* طالب: من الثقيلة.
* الشيخ: من الثقيلة، فلا تصِح أن تكون مخففة؛ لأنه ينطبق عليها معنى التفسيرية؛ هذه واحدة، وأيضًا الْمُخَفَّفَة تحتاج إلى تقدير، أيش اللي بيقدر؟
* طالب: ضمير الشأن.
* الشيخ: يُقدر اسم اللي هو ضمير الشأن، والأصل.
* طالب: عدمه.
* الشيخ: عدم التقدير.
وقول المؤلف: (لا مخففة) أشار إلى نفيه؛ لأن بعض المعرضين يقولون: إنها مخففة.
﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠].
﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾، يعني الذي أخاطبك، ﴿أَنَا اللَّهُ﴾ فبدأ بالألوهية؛ لأنها هي المقصود.
وقال: ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، ثنَّى بالربوبية؛ لأن الربوبية في الحقيقة وسيلة إلى الألوهية؛ ولهذا مَن أقرَّ بالربوبية لزِمه أن يُقِر بالألوهية، وإلا كان متناقضًا، والله تعالى يحتج على المشركين بالألوهية، يَحتج عليهم دائمًا بإقرارهم بالربوبية؛ لأن من أقر أن الله ربُّه فإنه يقال له: إذن يجب أن تعبد هذا الرب، إذَا عبدتَ معه غيره فإنك لم تَصدُق بإقرارك بربوبيته، فهما متلازمان؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة ٢١]، فجعل الخَلْق الذي هو مِن مقتضى الربوبية دليلًا مُلزمًا لعبادته، ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾.
﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾، ماذا تعربون ﴿أَنَا﴾؟
* طالب: خبر المبتدأ.
* الشيخ: خبر المبتدأ؟! ما يمكن الضمير يصير خبرًا أبدًا.
* طالب: بدل من الضمير.
* الشيخ: بدل؟
* الطالب: من (...).
* الشيخ: لا، تصح ضمير فصل؟
* طالب: نعم، فصل.
* الشيخ: ضمير الفصل يفصل بين الخبر والصفة، وهذا ما يعنيه، لو قال: (إني اللهُ) لاشتبه الأمر، فالظاهر لي أنها مبتدأ: ﴿إِنِّي﴾ أي المتكلم ﴿أَنَا اللَّهُ﴾ [القصص ٣٠]، كما قال: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ [طه ١٤]، فهي مبتدأ و﴿اللَّهُ﴾ [القصص ٣٠] خبره، وجملة المبتدأ والخبر في محل رفع خبر (إن).
وقوله: ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠] خبرٌ ثان لـ﴿أَنَا﴾.
و﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ ما معنى الرب؟ هو الخالق.
* طالب: الخالق المدبِّر.
* الشيخ: المالِك المُدَبِّر لجميع الأشياء.
وقوله: ﴿الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠] الْمُراد بهم مَن سوى الله، وجَمعَهم باعتبار أصنافهم، وإلا فالعالَم: كلُّ ما سوى الله فهو عالَم، لكن جُمعوا (عالَمين)؛ لأنه فيه مثلًا عالَم الإنس، عالَم الجن، عالَم البهائم، عالَم الملائكة، فجُمعوا باعتبار أجناسهم.
وهذه الربوبية عامة ولَّا خاصة؟ عامة، وقد مر علينا أن الربوبية تنقسم إلى عامة وخاصة، كما أن العبادة أو العُبودية تنقسم إلى عامة وخاصة، وقد اجتمعا في قوله تعالى: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الشعراء ٤٧، ٤٨]. فقوله: ﴿بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هذه العامة، و﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ خاصة.
* طالب: في آية أخرى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ﴾ [طه ١٢]؟
* الشيخ: إي نعم، نحن نتكلم عن مثل الآية هذه ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠].
﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ [القصص ٣١].
* طالب: شيخ، ذكرت أنه في مذهب أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم بحرف وصوت.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: وأن الحرف من جنس الحروف التي يستعملها الناس.
* الشيخ: التي يتكلم بها الناس.
* الطالب: ما يقتضي هذا التشبيه؟
* الشيخ: لا، لا يقتضي التشبيه؛ لأن الحروف هذه ما هي بصفة لله، صفةُ الله الصوت، أما الحروف فإنها منطوق بها وليست نطقًا، ما فيها تشبيه.
* الطالب: فائدة ذكر الشجرة: ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ [القصص ٣٠]؟
* الشيخ: فائدة ذكر ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ يعني معناه تحديد المكان، المقصود تحديد المكان؛ لأن ﴿شَاطِئِ الْوَادِ﴾ [القصص ٣٠] واسع وعام، فتخصيص المكان هذا يكون أبيَن؛ إذ إن موسى لو نُودي من جميع الشاطئ لالتبس عليه الأمر، لكن إذا حُدِّد النِّداء من جهة معينة خاصة صار هذا أبين له وأوضح.
قال: ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ [القصص ٣١]، هذه معطوفة على قوله: ﴿أَنْ يَا مُوسَى﴾ [القصص ٣٠]، ﴿نُودِيَ﴾ ﴿أَنْ يَا مُوسَى﴾، يعني: ونودي أيضًا أن ﴿أَلْقِ عَصَاكَ﴾، و﴿أَلْقِ﴾ بمعنى: ضَعْ عصاك على الأرض، و﴿عَصَاكَ﴾ لماذا استصحبها؟
* طالب: للرعي.
* الشيخ: إي، ويش قال؟
* الطالب: ﴿أَتَوَكَّأُ﴾ عليها.
* الشيخ: ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ [طه ١٨]، ﴿مَآرِبُ أُخْرَى﴾ ما ذَكَرها، ويش هي المآرب الأخرى؟
* الطالب: قيل: إنه (...)، والله أعلم.
* الشيخ: إي نعم، وغير؟
* الطالب: ويدفع بها السباع.
* الشيخ: إي، ويدفع بها السباع ويدفع بها عن نفسه، لكن ذكَر جانب المصالح: ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي﴾، وأما جانب دفع المفاسد فأجمله في قوله: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾، وهذا في الحقيقة من الأدب في النطق، وتجدون أن صفات الله سبحانه وتعالى في مقام الإثبات يُؤتى فيها بالتفصيل، وفي مقام النفي يُؤتى فيها بالإجمال غالبًا.
قال: (﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ فَأَلْقَاهَا ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾ تَتَحَرَّك ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ وَهِيَ الْحَيَّة الصَّغِيرَة مِنْ سُرْعَة حَرَكَتهَا) هذا وجْه التشبيه (﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾ [القصص ٣١] هَارِبًا مِنْهَا).
قوله: ﴿فَلَمَّا رَآهَا﴾ أبصرَها، وعلى هذا فيكون جملة ﴿تَهْتَزُّ﴾ في موضع نصبٍ على الحال، وليست مفعولًا ثانيًا؛ لأن (رأى) البَصَرية ما تنصب إلا مفعولًا واحدًا. أين جواب (لَمَّا) ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾؟
* طالب: ﴿وَلَّى﴾.
* الشيخ: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾.
وقوله: ﴿تَهْتَزُّ﴾، يقول: (تتحرك)، تتحرك لكنْ باهتزاز، نوع من الاضطراب، وتعرفون أن الحية تتحرك يمينًا وشمالًا.
وقوله: ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ هذا للتشبيه، يعني كأنها في هيئتها وفي حركتها؛ يعني في ذاتها وفي حركتها ﴿جَانٌّ﴾ قال: (وَهِيَ الْحَيَّة الصَّغِيرَة) هذا الجان. ووجه المشابهة؟
* طالب: الحركة.
* الشيخ: الحركة، سرعة الحركة، ولكن المؤلف فسَّر الجانَّ بأنها الحية الصغيرة، والله تعالى يقول في آية أخرى: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ﴾ [الأعراف ١٠٧].
* طالب: ﴿حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ [طه ٢٠].
* الشيخ: ﴿ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ [الأعراف ١٠٧]، ﴿ثُعْبَانٌ﴾، والثعبان: الذَّكَر من الحيات الكبيرة. فما الجمع بينهما؟
قالوا: إن الجمع بينهما أنه أول ما ألقاها صارت كالجان، ثم بعد ذلك تضخمت حتى كانت ثعبانًا مبينًا، حتى صارت ثعبانًا مبينًا.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، عند السحرة.
(﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا﴾ [القصص ٣١] هَارِبًا مِنْهَا)، و﴿مُدْبِرًا﴾ هذه حال، ويُسمونها: حال مؤكِّدة، أيش معنى مؤكِّدة؟ لأن التولي معناه الإدبار، فهي حال مُؤَكِّدة لعاملها؛ إذ إن معنى الإدبار مفهومٌ من قوله: ﴿وَلَّى﴾، ولكنها جاءت للتأكيد، وقوله: ﴿مُدْبِرًا﴾ يعني ولَّاها دبره؛ ولهذا قال المؤلف: (هاربًا)؛ لأن الهارب ما يمشي إلى جنب، وإنما يمشي على العكس، عندما تهرب، أولًا: عندما تنصرف عن الشيء تُسمى مُوَلِّيًا، لكن إذا كنت هاربًا هل تُوَلِّي جنبك وتمشي مثلًا باتجاهٍ مُجانِب أو باتجاه معاكِس؟ باتجاه معاكس؛ ولهذا قال: (﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ [القصص ٣١] أي يرجع)، معناه أنه هرب.
ولكن الله يقول: ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾، يقول المؤلف: (فنودي ﴿يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾ [القصص ٣١])، ولهذا ينبغي أن نقف على قوله: ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾؛ لأنه لو وصَلنا ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى﴾ لظَنَّ الظانُّ أن الكلام واحد، ولكن الكلام انفصل، فقال: ﴿يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾.
﴿أَقْبِلْ﴾ مقابل (التولِّي)، ﴿وَلَا تَخَفْ﴾ مقابل (الهرب)؛ لأن الهارب يكون خائفًا.
ثم طمأنه بقوله: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾، تأكيدًا لقوله: ﴿وَلَا تَخَفْ﴾؛ لأن الآمِن ما يخاف، وإنما يخاف مَن ليس عنده أمْن.
وهنا قال: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾، ولم يقل: إنك آمِن، بل قال: ﴿مِنَ الْآمِنِينَ﴾، فما هو البلاغة في هذا؟
* طالب: مراعاة القوافي.
* الشيخ: نعم، مراعاة الفواصل، يمكن نقول هذا: مراعاة الفواصل، لكنَّ هذه المناسبة لفظية.
* الطالب: لنعلم أنها (...).
* الشيخ: نعم، ليتذكَّر أن هناك آمِنين، فإذا كان هناك آمنون فإنه لا غرابة أن تأْمَن؛ لأن الإنسان إذا ذُكِّر بما حدَث لغيره صار أشد طمأنينة في حصول ذلك الشيء. ونظيره بالعكس قول فرعون: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء ٢٩]، ولم يقل: لأسْجُنَنَّك؛ لأجل أن يُرهبه بأن عنده مَنْ هو مسجون، وأنه ليس يُعجزُنا أن نسجنَك. فالحاصل أن مثل هذا يُقال لأجل أن يتذكر موسى عليه الصلاة والسلام أن هناك أناسًا آمنين، فيأمن أكثر. (...)
حيث إن الإنسان يعلم أن الله سبحانه وتعالى حكيم جعل لكل شيء سببًا، فيأخذ بهذه الأسباب (...).
ثم بُعث (...)، لماذا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، لأنه (...). كذلك إذا أراد أن يخرج خارج البلد فإنه ينبغي (...)؛ لأن الأمور (...)، وربما تحدث أشياء تحتاج إلى (...)، فهذه الأشياء ينبغي للإنسان أن (...).
* طالب: (...).
* الشيخ:* ومنها أيضًا: أن اتخاذ الأسباب لا ينافي التوكل (...) اتخاذ الإنسان للأسباب لا ينافي التوكل، بل هو من تمام التوكل، ومن تمام معرفة الإنسان لله سبحانه وتعالى، حيث إن الإنسان يعلم أن الله سبحانه وتعالى حكيم، جعل لكل شيء سببًا، فيأخذ بهذه الأسباب (...). لكن المحظور الذي ينافي التوكل هو أن الإنسان يعتمد على السبب، لا (...)، هذا من المحظور، وأما أن يأخذ بالسبب عارفًا بذلك (...).
ثم قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠].
* في هذه الآية: إثبات الكلام لله سبحانه وتعالى؛ لأن ﴿نُودِيَ﴾ [القصص ٣٠] المُنادِي مَنْ؟ هو الله؛ لقوله تعالى في آية أخرى: ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات ١٦].
* ومِنها: أن كلام الله تعالى بصوت؛ لقوله: ﴿نُودِيَ﴾، والنداء يكون بِصَوْت للبعيد، والمناجاة بصوت لمن؟ للقريب.
* ومنها: الرد على الأشاعرة الذين يقولون: إنَّ كلام الله هو المعنى القائم بنفسِه. ولا شك أن المعنى القائم بالنفس لا يسمى كلامًا ولا يُسمَع، وكلام الله تعالى يُسْمَع.
* ومنها أيضًا: الرد على الجهمية والمعتزلة الذين يقولون: إنَّ كلام الله مخلوق. ووجهُ ذلك أنَّه ثبت أن النداء ممن؟ من الله سبحانه وتعالى، والنداء صوت -بصوت مرتفع- والقولُ لا يؤخذ إلا بقائل، فيكون القولُ قولَ الله. وكل صفة مِن صفات الله فإنها غير مخلوقة؛ لأنها وَصْف لمن اتصف بها، فإذا كانت وصفًا للخالق فهي غير مخلوقة، فيكون في الآية رد على الطائفتين: الأشعرية والمعتزلة.
* ومنها أيضًا: أن الأمكنة منها مباركة بركة إضافية لا بركة مطلقة؛ لقوله: ﴿فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ﴾ [القصص ٣٠]، فإن البركة هاهنا لِمَن؟
* طالب: لموسى.
* الشيخ: لِموسى، (...) كما قاله المؤلف.
* ومنها أيضًا: إثبات أن كلام الله سبحانه وتعالى بِحرف؛ مِن قوله: ﴿أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [القصص ٣٠]؛ فإن ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ جُمَل مُكَوَّنَة مِن حروف، فيكون في هذا رد على مَن؟ الأشاعرة؛ لأن الأشاعرة يقولون: الكلام هو معنى قائم، فأنا عندما أُضمر (...)، يكون هذا الْمُضمر هو الكلام، وما سُمِع فليس هو الكلام بل هو عبارة عن الكلام. ولا شك أن هذا لا يكون معتبرًا، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢٦٩)، ومسلم (١٢٧/٢٠١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ]]. فبيَّن أن الكلام غير حديث النفس.
* ومِنها: إثبات ربوبية الله سبحانه وتعالى في كل شيء؛ لقوله: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾. ما (...)؟
ما الجمع بين هذه الآية وبين ما جاء في آيات كثيرة من (...) الربوبية لبعض الأشخاص أو (...) إلى قسمين: عامة وخاصة، كما أن العبودية أيضًا تنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة، فمثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر ٤٢]، هذه مِن العامة ولَّا مِن الخاصة؟
* طالب: من العامة.
* الشيخ: لأن ﴿عِبَادِي﴾، ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ [الحجر ٤٢].
* طالب: عامة.
* الشيخ: عامة؟ أيش الدليل؟ الاستثناء، ﴿إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾، إن قلنا بالاستثناء المنقطع ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ فتكون خاصة، لكن مِن المقرر أنه إذا دار الأمر بين أن يكون الاستثناء متصلًا أو منقطعًا، فالأفضل الاتصال، فالأفضل أن يكون متصلًا.
﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم ٩٣]، عامة؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان ٦٣]، هذه خاصة.
﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ [القصص ٣٠، ٣١].
* طالب: (...).
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: وقوله: ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾.
في هذا دليل على أن موسى كان يصطحب العصا؛ لقوله: ﴿أَلْقِ عَصَاكَ﴾.
وفيه دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى؛ لأنه بمجرد أن ألقاها صارت تهتز كأنَّها جان، بمجرد الإلقاء، ففي هذا دليل على القدرة (...)، وفيه دليل على حكمة الله سبحانه وتعالى أيضًا؛ حيث إنَّ هذه الآية مناسِبة لِمَن سيقابِلُهم موسى، لأنه سيقابل مَن؟
* طالب: السحرة.
* الشيخ: السحرة، وهذه الآية مناسبة تمامًا لهم؛ لأنهم سوف يعجَزُون عن مُقابلتها، (...).
* ومنها أيضًا: أنَّ هذه العصا (...) التي عُرفت بالحركة السريعة؛ لأنها جان.
* ومنها: أنه يجوز على الأنبياء ما يجوز على غيرهم مِن الخوف الطبيعي؛ لقوله: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾، مع أن موسى -كما تعلمون- كان من الرجال الأقوياء، لكنَّه يعتريه ما يعتري غيرَه مِن البشر، وقد سبق أنه خرج من المدينة خائفًا يترقب.
* ومنها أيضًا: عناية الله تعالى به؛ حيث ناداه وطمأنه بقوله: ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾ [القصص ٣١]، ولم يقتصر على قوله: ﴿وَلَا تَخَفْ﴾، بل طلب منه الإقبال إليه: ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾، وهذا يدل على عناية الله به ومحبته له.
* ومنها أيضًا: أنه ينبغي للمستدعي لغيره أن يذكر السبب في ذلك؛ لقوله: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ [القصص ٣١]؛ لأنه لو قال: ﴿وَلَا تَخَفْ﴾، فإنه قد يزول عنه الخوف لكنه لا يكون مطمئنًا تمام الطمأنينة، فإذا قال: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ ازداد بذلك طمأنينة.
* ومنها أيضًا: أنه ينبغي ذِكر النُّظراء أو الإشارة إليهم ليكون ذلك أثبت للقلب؛ لقوله: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾.
(...)
{"ayahs_start":29,"ayahs":["۞ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦۤ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارࣰاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوۤا۟ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا لَّعَلِّیۤ ءَاتِیكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ","فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ مِن شَـٰطِىِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَیۡمَنِ فِی ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡمُبَـٰرَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن یَـٰمُوسَىٰۤ إِنِّیۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَاۤنࣱّ وَلَّىٰ مُدۡبِرࣰا وَلَمۡ یُعَقِّبۡۚ یَـٰمُوسَىٰۤ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡـَٔامِنِینَ"],"ayah":"۞ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦۤ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارࣰاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوۤا۟ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا لَّعَلِّیۤ ءَاتِیكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق