الباحث القرآني
﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ أيِ: حكم الغنائم نزلت حين اختلف كلام الشبان والشيوخ في غنائم بدر، والشبان ادعوا الأحقية بأنّهم باشروا القتال ﴿قُلِ الأنْفالُ لله والرَّسُولِ﴾: فيضعها الرسول حيث يأمره الله، ولذلك قسم رسول الله ﷺ غنائم بدر بين الشبان والشيوخ على السواء، وعن بعض: إن هذا في بدر ثم نسخت بقوله: ”واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ“ إلى آخره، فإن غنائم بدر قسمت من غير تخميس وفيه نظر، لأن بعض الأحاديث يدل على تخميسها صريحًا ﴿فاتَّقُوا اللهَ﴾: في الاختلاف ﴿وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾: الحال التي بينكم بترك المنازعة ﴿وأطِيعُوا اللهَ ورَسُولَهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فإن من مقتضى الإيمان طاعة الله ورسوله ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الذِينَ إذا ذُكِرَ اللهُ﴾: بأن سمعوا الأذان والإقامة ﴿وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾: من الله فأدوا فرائضه ﴿وإذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهم إيمانًا﴾: تصديقًا ﴿وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾: لا يرجون غيره، وإن سألوا غيره، فإنهم يعلمون أنه المعطي والمانع ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾؛ يديمونها ﴿ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ﴾: يؤدون الصدقة الواجبة ﴿وأُولَئِكَ هُمُ المُؤْمنونَ حَقًّا﴾: صدقًا من غير شك، صفة مصدر محذوف أي: إيمانًا حَقًّا، أو مصدر مؤكد، بخلاف المنافق، فإنه لا يدخل في قلبه شيء من ذكر الله تعالى عند الصلوات، ولا يصدقون بآيات الله تعالى كلما نزلت، فلا يزداد إيمانهم، ولا يصلون إذا غابوا عن محضر المسلمين، ولا يؤدون الزكاة، فهم ليسوا بمؤمنين حقًّا، هكذا فسرها ابن عباس - رضى الله عنهما -، أو معناها المؤمن الكامل الإيمان من ضم إلى مكارم أعمال قلبه من الخشية عند ذكر الله تعالى من الإخلاص، واطمئنان النفس ورسوخ اليقين، ومن التوكل عليه في جميع الأمور، محاسن أفعال الجوارح، من الصدقة والصلاة ﴿لَهم دَرَجاتٌ﴾: من الجنة ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يرتقونها بأعمالهم لا للمنافقين ﴿ومَغْفِرَةٌ﴾ لسيئاتهم ﴿ورِزْقٌ كَرِيمٌ﴾: حسن، وهو رزق الجنة.
﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: الحال في كراهتهم القتال كحال إخراجك من المدينة، أو متعلق بما بعده، وهو يجادلونك ومعنى الوجهين واحد، أو تقديره: حالهم في كراهة حكمنا بأن الأنفال لله تعالى كحالهم في حكمنا بإخراجك من المدينة ﴿بِالحَقِّ﴾ أي: إخراجًا متلبسًا بالحكمة والصواب ﴿وإن فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾: بعضًا منهم ﴿لَكارِهُونَ﴾: الخروج وحينئذ الجملة في موقع الحال، وذلك أن عير قريش أقبلت من الشام في تجارة عظيمة، فخرج رسول الله ﷺ في عقبهم، فبلغ الخبر أهل مكة، فخرج أبو جهل مع عسكر عظيم، فأراد رسول الله ﷺ القتال ووعد الأصحاب بالظفر فقال بعضهم: هلا ذكرت لنا القتال حتى نتأهب له، ثم واجهوا العدو وقاتلوا في بدر، والظفر للمسلمين ﴿يُجادِلُونَكَ في الحَقِّ﴾: وهو إيثار الجهاد ﴿بَعْدَ ما تَبَيَّنَ﴾: نصرتهم بإعلام رسول الله ﷺ ﴿كَأنَّما يُساقُونَ إلى المَوْتِ وهم يَنْظُرُونَ﴾ أي: يكرهون القتال كراهة من يجر إلى القتل، وهو مشاهد ناظر إلى أسبابه ﴿وإذ يَعِدُكم اللهُ﴾ أي: اذكر إذ يعدكم ﴿إحْدى الطّائِفتَيْنِ﴾: العير التي فيها التجارة، أو النفير التي خرت من مكة ﴿أنَّها لَكُمْ﴾ بدل اشتمال من ثاني مفعوليه، وهو إحدى ﴿وتَوَدُّونَ أنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ﴾ أي: العير التي ليس فيها عدد كثير ولا عُدَد ﴿تَكُونُ لَكم ويُرِيدُ اللهُ أنْ يُحِقَّ﴾: أن يثبت ويظهر ﴿الحَقَّ بِكَلِماتِهِ﴾: بأمره إياكم بالقتال، قيل الباء بمعنى مع أي: يرفع كلمة الله ويجعل دينه عاليًا غالبًا ﴿ويَقْطَعَ دابِرَ الكافِرِينَ﴾ الدابر: الآخر، وقطع الدابر عبارة عن الاستئصال، يعني إرادتكم إصابة مال بلا مكروه، وإرادة الله إعلاء كلمته، وفوز الدارين لكم ﴿لِيُحِقَّ الحَقَّ ويُبْطِلَ الباطِلَ﴾ متعلق بمحذوف أي: لهذين الجهتين فعلنا ما فعلنا أو متعلق بيقطع ﴿ولَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ﴾: ذلك ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ﴾: هو إلحاح دعاء النبي ﷺ حين رأى شوكة الأعداء، وهو بدل من إذ يعدكم بأن يكون عبارة عن زمان واسع وقع الوعد في بعض أجزائه والاستغاثة في بعض، أو متعلق بـ ”ليحق“ ﴿رَبَّكم فاسْتَجابَ لَكم أنِّي مُمِدُّكُمْ﴾ أي: بأني ومن قرأ ”إني“ بالكسر فعلى إرادة القول، أو استجاب بمنزلة قال ﴿بِألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾: متتابعين بعضهم على إثر بعض، أو مردفين بألف آخر فقد نقل عن علي رضي الله عنه -: إن جبريل في ألف عن ميمنة النبي ﷺ وفيها أبو بكر وميكائيل في ألف عن ميسرته وأنا فيها، ومن قرأ بفتح الدال فمعناه أردف الله المسلمين بهم، أو أردف الله ألفًا بألفٍ آخر وقد أنزل الله تعالى أولًا ألفًا ثم ألفًا ثم ألفًا إلى خمسة آلاف كما ذكرناه في سورة آل عمران ﴿وما جَعَلَهُ اللهُ﴾ أي: الإمداد ﴿إلا بُشْرى﴾: بشارة ﴿ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ فيزول منها الوجل ﴿وما النَّصْرُ إلا مِن عند اللهِ﴾ وإمداد الملائكة وكثرة العدد والعُدَد وسائط لا تأثير لها ﴿إنَّ اللهَ عَزِيزٌ﴾: َ لا يغالب ﴿حَكِيمٌ﴾ في أفعاله.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُوا۟ ذَاتَ بَیۡنِكُمۡۖ وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ","إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِیَتۡ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ","ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُمۡ دَرَجَـٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ","كَمَاۤ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَیۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لَكَـٰرِهُونَ","یُجَـٰدِلُونَكَ فِی ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَیَّنَ كَأَنَّمَا یُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ یَنظُرُونَ","وَإِذۡ یَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّاۤىِٕفَتَیۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَیۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَیُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِۦ وَیَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ","لِیُحِقَّ ٱلۡحَقَّ وَیُبۡطِلَ ٱلۡبَـٰطِلَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُجۡرِمُونَ","إِذۡ تَسۡتَغِیثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّی مُمِدُّكُم بِأَلۡفࣲ مِّنَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ مُرۡدِفِینَ","وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَىِٕنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ"],"ayah":"وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَىِٕنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق