الباحث القرآني

﴿ومَن يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِن ولِيٍّ﴾: من ناصر يتولاه ﴿مِن بَعْدِهِ﴾: من بعد إضلال الله إياه ﴿وتَرى الظّالِمِينَ لَمّا رَأوُا العَذابَ﴾ في القيامة ﴿يَقُولُونَ هَلْ إلى مَرَدٍّ مِن سَبيلٍ﴾: هل طريق إلى رجعة إلى الدنيا؟! ﴿وتَراهم يُعْرَضُونَ عَلَيْها﴾: على النار ﴿خاشِعِينَ﴾: خاضعين ﴿مِنَ الذُّلِّ﴾: مما يلحقهم من الذل ﴿يَنْظُرُونَ﴾: إلى النار ﴿مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾: مسارقة فإن الكاره لشيء، لا يقدر أن يفتح أجفانه عليه ﴿وقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ الخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أنْفُسَهُمْ﴾ بالضلال ﴿وأهْلِيهِمْ﴾ بالإضلال، وقيل: خسروا أهليهم بأن فرقوا بين أنفسهم وبينهم، لأنّهُم في النار وأهليهم فى الجنة ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾ ظرف لخسروا، وقال: على التنازع. وهذا القول من المؤمنين حين رأوا أن العذاب أحاط بهم، والماضي من باب ونادى أصحاب الأعراف) [الأعراف: ٤٨]، أو هذا القول منهم في الدنيا ﴿ألا إنَّ الظّالِمِينَ في عَذابٍ مُقِيمٍ﴾ تصديق من الله تعالى أو تتمة كلامهم ﴿وما كانَ لَهم مِن أوْلِياءَ يَنْصُرُونَهم مِن دُونِ اللهِ ومَن يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِن سَبِيلٍ﴾ إلي الهداية والجنة ﴿اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ﴾ أي: أجيبوا أمره وداعيه ﴿مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ﴾ من متعلق بمتعلق له لا بـ مَرَدَّ أي: لا يرده الله تعالى بعد ما حكم به، وقيل: متعلق بـ يأتي ﴿ما لَكم مِن مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وما لَكم مِن نَكِيرٍ﴾: إنكار لأعمالكم، وجاز أن يراد إنكار لوعد الله تعالى ووعيده ﴿فإنْ أعْرَضُوا﴾ عن الإجابة ﴿فَما أرْسَلْناكَ عَليهِمْ حَفِيظًا﴾: رقيبًا تحفظ أعمالهم ﴿إنْ عَلَيْكَ إلّا البَلاغُ وإنّا إذا أذَقْنا الإنْسانَ﴾ أي: جنسه ﴿مِنّا رَحْمَةً﴾ كصحة وغني ﴿فَرِحَ بِها﴾ فأشر وبطر ﴿وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ﴾ بسبب قبائحهم ﴿فَإنَّ الإنْسانَ كَفُورٌ﴾: بليغ الكفران ينسى النعمة رأسًا ويقنط، علق الحكم بصريح اسم الجنس دون الضمير العائد إلى مثله، تسجيلًا على أن هذا الجنس موسوم بالكفران ﴿لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ فيقسم الرحمة والسيئة كيف يشاء ﴿يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا﴾ وإن لم يشأها [[أي الأب أو الخلق.]] ﴿ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذكورَ﴾ تأخير الذكور؛ لأن سياق الكلام في إطلاق مشيئة الله تعالى من غير اختيار لغيره، والإناث مما لم يشأه الوالدان، وأيضًا للمحافظة على الفواصل، ولذا عرَّفَه، أو لجبر التأخير أني قدمهن توصية برعايتهن لضعفهن، لا سيما وكُنَّ قريبات العهد بالوأد ﴿أوْ يُزَوِّجُهُمْ﴾ أي: المولودين ﴿ذُكْرانًا وإناثًا﴾ في موضع الحال من المفعول، وذكر هذا القسم بلفظه أو من غير ذكر المشيئة؛ لأنه ليس قسيمًا على حدة، بل تركيب من السابقين؛ كأنه قيل: يهب لمن يشاء إناثًا منفردات وذكورًا كذلك أو مجتمعين ﴿ويَجْعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا إنَّهُ عَلِيمٌ قَدِي﴾ فيفعل ما يعلم صلاحه ﴿وما كانَ﴾: ما صح ﴿لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إلى وحْيًا﴾: وهو الإلهام أو المنام ﴿أوْ مِن وراءِ حِجابٍ﴾: يسمع كلامه ولا يراه، كما لموسى عليه الصلاة والسلام ﴿أوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾: ملكًا ﴿فيُوحِيَ﴾ ذلك الرسول إلي المرسل إليه ﴿بِإذْنِهِ﴾ أي: الله ﴿ما يَشاءُ﴾ أي: الله، ووحيًا وأن يرسل بمعنى: موحيًا ومرسلًا، ويقدر مُسْمِعًا قبل من وراء الحجاب، وكل منها حال، أو الكل مصدر، فإن الوحي والإرسال نوعان من التكلم، ويقدر قبل من وراء حجاب إسماعًا، أو تقديره: بأن يوحي أو يُسمِع من وراء حجاب، أو يُرْسل فنصبه بنزع الخافض ﴿إنَّهُ عَلِيٌّ﴾ عن مماثلة خلقه ﴿حَكِيمٌ﴾ فيفعل ما يقتضيه حكمته ﴿وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ يا محمد ﴿رُوحًا﴾ أي: وحيًا، فإن حياة القلوب بما أوحى إليه ﴿مِن أمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِى ما الكِتابُ ولا الإيمانُ﴾ على التفصيل الذي عرفت بعد الوحي، وعن بعضهم المراد من الإيمان ها هنا الصلاة، كقوله: ”وما كان الله ليضيع إيمانكم“ [البقرة: ١٤٣] ﴿ولَكِن جَعَلْناهُ﴾ الكتاب أو الإيمان ﴿نُورًا نَهْدِي بِهِ مَن نَشاءُ مِن عِبادِنا وإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ﴾ بدل ﴿الَّذِي لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ ألا إلى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾ فيحكم فيها بمقتضى عدله وفضله. والحَمْدُ لله رَبِّ العالَمِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب