الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿والَّذِينَ إذا أصابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ۝وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَن عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلى اللَّهِ إنَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ ۝ولَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِن سَبِيلٍ ۝﴾ [الشورى: ٣٩ ـ ٤١]. شرَع اللهُ لِمَن بُغِيَ عليه أن يَنتصِرَ لنفسِه، وألاَّ يَبغِيَ عندَ انتصارِهِ فتَغلِبَهُ نفسُهُ فيَزِيدَ في حقِّه مِن مالٍ أو عِرْضٍ أو دمٍ، فيَتزايَدَ الناسُ في طلبِ البغيِ الذي لا ينتهي، فيَتعاظَمَ ويشتدَّ الظُّلْمُ بتَزايُدِهِمْ في انتصارِهم لأنفُسِهم، وكثيرًا ما يدخُلُ المظلومُ بابَ الانتصارِ لنفسِهِ حتى يُصبِحَ ظالمًا وقد كان مظلومًا، وما يَزالونَ يتزايدونَ في الانتصارِ لأنفسِهم كما يَتَرابى أهلُ الأموالِ رِبا الأموالِ، ولهذا حَثَّ اللهُ على تقديمِ العفوِ، حتى لا يقعَ الناسُ في شيءٍ مِن ذلك، فيكونَ شرًّا عامًّا بدلًا مِن شرٍّ وبَغْيٍ خاصٍّ. وهذه الآيةُ نظيرُ قولِهِ تعالى: ﴿وإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ولَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ ۝﴾ [النحل: ١٢٦]، وقولِهِ تعالى: ﴿ذَلِكَ ومَن عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ۝﴾ [الحج: ٦٠]، وقد تقدَّم الكلامُ على الانتصارِ للنَّفْسِ بمِثْلِ ما بُغِيَ عليها في سورةِ البقرةِ عندَ قولِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدى عَلَيْكُمْ واتَّقُوا اللَّهَ﴾ [١٩٤]، وقد تقدَّم أيضًا الكلامُ على أحوالِ الانتصارِ للنَّفْسِ، ومتى يجبُ أن ينتصِرَ الإنسانُ مِن الظالمِ ومتى يُستحَبُّ له العفوُ والصَّفْحُ، في سورةِ الشُّعَراءِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وانْتَصَرُوا مِن بَعْدِ ما ظُلِمُوا وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ۝﴾ [٢٢٧].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب