الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى ٤١] اللام في قوله: ﴿وَلَمَنِ﴾ اللام للابتداء، و(من) اسم شرط جازم، وفعل الشرط (انتصر)، وجوابه: ﴿فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾؛ ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ﴾ (يعني أخذ بحق نفسه ﴿بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ أي ظلم الظالم إياه)، هنا نسأل: (ظلم) هنا مصدر، هل هو مضاف إلى الفاعل أو إلى المفعول به؟ كلام المؤلف يدل على أنه مضاف إلى المفعول به، أي: ظلم الظالم إياه، وعلى هذا فالمصدر مضاف إلى مفعوله، لا إلى فاعله. ولا يصح أن يكون مضافًا إلى فاعله؛ لأنه لو كان كذلك لكان المعنى: ولمن انتصر بعد أن يظلم الناس فأولئك ما عليهم من سبيل. والظالم غير معتَدًى عليه حتى ينتصر لنفسه، إذن فالمصدر مضاف إلى المفعول، ﴿لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾. وقد سبق أن الله تعالى مدح الذين إذا أصابهم البغي انتصروا لأنفسهم ﴿فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ قال: (مؤاخذة). وأصل السبيل: الطريق، أي: ليس عليهم طريق للوم والمؤاخذة. ونريد واحدًا منكم يعرب قوله: ﴿مِنْ سَبِيلٍ﴾ من: حرف جر زائد إعرابًا، وسبيل: مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والمعنى: فأولئك ما عليهم سبيل. إذا قال قائل: ما هي فائدة حروف الجر الزائدة؟ فالجواب أن فائدتها التأكيد، يعني تأكيد النفي. * في هذه الآية الكريمة: إثبات محبة الله سبحانه وتعالى لذوي العدل والقسط. منين تؤخذ؟ * طالب: قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [الشورى ٤٠]. * الشيخ: مفهومها أن غير الظالم؟ * الطالب: يحبه. * الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك. * ومن فوائدها: ثبوت صفة المحبة لله عز وجل، وهذه المسألة بحث عقدي، وجه الدلالة أنه لما نفى محبته للظالمين دل ذلك على أنه يجب العادلين ذوي القسط. وهذا الاستدلال يشابه استدلال الشافعي رحمه الله على أن المؤمنين يرون الله بقوله تعالى في الفجار: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين ١٥] فقال: لو كان محتجَبًا عن الجميع فلا فائدة للنفي. * ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير من الظلم. وجهه: أن في الظلم انتفاء محبة الله للعبد، وما أعظم الخسارة فيمن خسر محبة الله له. اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك. * ومن فوائد الآية: أن من انتصر لنفسه بعد أن يظلم فلا اعتراض عليه؛ لقوله: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾. * ومن فوائدها: أن انتفاء السبيل عمن انتصر لنفسه مشروط بتحقق الظلم؛ لقوله: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾، وأما الأخذ بالتهم فإنه لا يجوز، لا بد أن تتحقق أنك مظلوم حتى تنتصر لنفسك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب