الباحث القرآني
﴿ومَن أحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إلى اللهِ﴾: إلى طاعته ﴿وعَمِلَ صالِحًا﴾، لا من الذين لا يوافق قولهم عملهم ﴿وقالَ إنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾، جعل الإسلام دينه ومذهبه، أو تكلم بذلك تفاخرًا، والآية عامة في كل مهديٍّ هادٍ ولعل مراد من قال: إن المراد به المؤذنون أنّهم أولى وأدخل لا أنها نزلت فيهم، فإن الآية مكية والأذان شرع بالمدينة ﴿ولا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ﴾، لا الثانية لتأكيد النفي، ﴿ادفَعْ﴾: السيئة، ﴿بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾: وهي الحسنة استئناف كأنه قيل: كيف أصنع؟ قال: ادفع والمراد من الأحسن الزائد مطلقًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أمر بالصبر عند الغضب، وبالعفو عند الإساءة. معناه لا تستوي الحسنات، بل يتفاوت إلى الحسن والأحسن، وكذلك السيئات فادفع السيئة التي ترد عليك بحسنة هي أحسن من أختها، مثلًا تحسن إلى من أساءك ولا تكتفي بمجرد العفو عنه ﴿فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداوَةٌ﴾ أي: إذا فعلت ذلك يصير العدو ﴿كَأنَّهُ ولِيٌّ حَمِيمٌ﴾: صديق شفيق، ﴿وما يُلَقّاها﴾ أي: تلك الخصلة يعني مقابلة الإساءة بالإحسان ﴿إلّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾: على مخالفة النفس، ﴿وما يُلَقّاها إلّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾: من كمال النفس ﴿وإمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ﴾ أى: يفسدك فساد. حال كون الفساد من الشيطان يعني يصرفك عن الدفع بالتي هي أحسن، فيكون من قبيل جَدَّ جِدُّه، ومن الشيطان حال مقدم ﴿فاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾: حتى يوفقك على دفعه، ﴿إنَّهُ هو السَّمِيعُ﴾: باستعاذتك ﴿العَلِيمُ﴾: بما في ضميرك، ﴿ومِن آياتِهِ اللَّيْلُ والنَّهارُ والشَّمْسُ والقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لله الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾، الضمير للأربعة نحو: الأيام مضين ﴿إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾: فإن عبادته مع عبادة غيره غير مقبولة، ﴿فَإنِ اسْتَكْبَرُوا﴾: عن الامتثال ﴿فالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أي: الملائكة ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ﴾ أي: دائمًا، ﴿وهم لا يَسْأمُونَ﴾: لا يملون وهذا مثل قوله: ﴿فَإنْ يَكْفُرْ بِها هَؤُلاءِ فَقَدْ وكَّلْنا بِها قَوْمًا لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ﴾ [الأنعام: ٨٩] ﴿ومِن آياتِهِ أنَّكَ تَرى الأرْضَ خاشِعَةً﴾: متذللة استعارة عن يبسها، ﴿فَإذا أنْزَلْنا عَلَيْها الماءَ اهْتَزَّتْ﴾: تحركت بالنبات، ﴿ورَبَتْ﴾: زادت وعلت، ﴿إنَّ الَّذِي أحْياها لَمُحْييِ المَوْتى إنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: فيقدر على الإعادة، ﴿إن الذِينَ يُلْحِدُونَ﴾: يميلون عن الاستقامة ﴿فِي آياتِنا﴾: يضعون في غير مواضعها ﴿لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا﴾، فيه وعيد شديد ﴿أفَمَن يُلْقى في النّارِ خَيْرٌ أمْ مَن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ القِيامَةِ﴾: يعني جزاء الإلحاد فيها النار ﴿اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ﴾، تهديد على تهديد ﴿إنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾: فيجازيكم، ﴿إن الذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ﴾: بالقرآن، ﴿لَمّا جاءَهُمْ﴾، جملة مستأنفة، وحذف خبر إن للتهويل أي: يكون من أمرهم ما يكون، أو يهلكون أو الجملة بدل من إن الذين يلحدون إلخ ﴿وإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ﴾: أعزه الله ﴿لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِن خَلْفِهِ﴾: ليس للبطلان إليه سبيل، أو لا يبطله الكتب المتقدمة ولا يأتيه كتاب بعده يبطله، ﴿تَنْزِيلٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾: في ذاته وإن لم يحمده الحامدون، ﴿ما يُقالُ لَكَ﴾ أي: لا يقول لك قومك ﴿إلّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ﴾ أي: إلا مثله أي: فاصبر كما صبروا ولا تجزع ﴿إنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ﴾: لمن تاب، ﴿وذُو عِقابٍ ألِيمٍ﴾: لمن أصر على التكذيب وقيل: معناه لا يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم، وهو إن ربك لذو مغفرة، فقوله: ”إن ربَّك“ بدل مما قد قيل ﴿ولَوْ جَعَلْناهُ قُرْآنًا أعْجَمِيًّا﴾: بغير لغة العرب، ﴿لَقالُوا لَوْلا﴾ أي: هلا، ﴿فُصِّلَتْ آياتُهُ﴾: بينت بوجه نفهمه، ﴿أأعْجَمِيٌّ وعَرَبِيٌّ﴾ أي: أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟! فالهمزة للإنكار، ومن قرأ بلا همزة فهو إخبار وعن بعضهم أن معناه حينئذٍ هلا فصلت آياته فجعل بعضها أعجميًا وبعضها عربيًا، لينتفع بها القبيلتان، يعني هم على أي حال تجدهم في عنادٍ واعتراض متعنتين. نقل البغوي عن مقاتل أنها نزلت حين قال المشركون: يعلم يسارٌ محمدًا القرآن وهو غلام يهودي، أعجمي يكني أبا فكيهة، ﴿قُلْ﴾: يا محمد ﴿هُوَ﴾: القرآن، ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى﴾: إلي الحق، ﴿وشِفاءٌ﴾: من الجهل، ﴿والَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾، عطف على المجرور باللام ﴿فِى آذانِهِمْ وقْرٌ﴾، عطف على هدى، والمحققون يجوزون مثل ذلك العطف ”وفي آذانهم“ حال من الضمير في الذين لا يؤمنون، ووقر أي: ذو وقر أو كوقر أو الذين كفروا مبتدأ، وخبره في آذانهم وقر بتقدير مبتدأ أى: هو يعني القرآن في آذانهم وقرٌ فيكون من عطف الجملة على الجملة ﴿وهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ أي: ذو عمى أو كعمى فلا ينتفعون به أصلًا ﴿أُولَئِكَ يُنادَوْنَ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ لهذا تمثيل أي: مثلهم مثل من يصيح به من مسافة بعيدة، لا يسمع من مثلها إلا مجرد نداء، مثل الذين كفروا، كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء وعن الضحاك ينادون يوم القيامة من مكان بعيد بأشنع أسمائهم.
{"ayahs_start":33,"ayahs":["وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلࣰا مِّمَّن دَعَاۤ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا وَقَالَ إِنَّنِی مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","وَلَا تَسۡتَوِی ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّیِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِی بَیۡنَكَ وَبَیۡنَهُۥ عَدَ ٰوَةࣱ كَأَنَّهُۥ وَلِیٌّ حَمِیمࣱ","وَمَا یُلَقَّىٰهَاۤ إِلَّا ٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ وَمَا یُلَقَّىٰهَاۤ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمࣲ","وَإِمَّا یَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ نَزۡغࣱ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِ ٱلَّیۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُوا۟ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ","فَإِنِ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فَٱلَّذِینَ عِندَ رَبِّكَ یُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا یَسۡـَٔمُونَ ۩","وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَـٰشِعَةࣰ فَإِذَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡهَا ٱلۡمَاۤءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِیۤ أَحۡیَاهَا لَمُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰۤۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ یُلۡحِدُونَ فِیۤ ءَایَـٰتِنَا لَا یَخۡفَوۡنَ عَلَیۡنَاۤۗ أَفَمَن یُلۡقَىٰ فِی ٱلنَّارِ خَیۡرٌ أَم مَّن یَأۡتِیۤ ءَامِنࣰا یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ ٱعۡمَلُوا۟ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَاۤءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَـٰبٌ عَزِیزࣱ","لَّا یَأۡتِیهِ ٱلۡبَـٰطِلُ مِنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِیلࣱ مِّنۡ حَكِیمٍ حَمِیدࣲ","مَّا یُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةࣲ وَذُو عِقَابٍ أَلِیمࣲ","وَلَوۡ جَعَلۡنَـٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِیࣰّا لَّقَالُوا۟ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَایَـٰتُهُۥۤۖ ءَا۬عۡجَمِیࣱّ وَعَرَبِیࣱّۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هُدࣰى وَشِفَاۤءࣱۚ وَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ فِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣱ وَهُوَ عَلَیۡهِمۡ عَمًىۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ"],"ayah":"لَّا یَأۡتِیهِ ٱلۡبَـٰطِلُ مِنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِیلࣱ مِّنۡ حَكِیمٍ حَمِیدࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق