الباحث القرآني

ولَمَّا ذكر الله حُكم هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين ذكر حُكم المؤمنين فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة ٧]، والقرآن الكريم مَثَانٍ تُثَنَّى فيه المعاني فيُؤتَى بالمعنى وما يقابله، ويُؤتى بأصحاب النار وأصحاب الجنة، ويُؤتى بآيات الترهيب وآيات الترغيب، وهَلُمَّ جرًّا؛ لأجْل أن يكون الإنسان سائرًا إلى الله عز وجل بين الخوف والرجاء، ولئلَّا يَمَلَّ؛ فإن تنويع الأساليب وتنويع المواضيع لا شكَّ أنه يعطي النفس قُوَّةً واندفاعًا، بخلاف ما لو كان الكلام على وتيرةٍ واحدةٍ فإن الإنسان قد يَمَلُّ ولا تتحرَّك نفسُه. ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ فخير خَلْق الله عز وجل هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهم على طَبَقاتٍ أربع بيَّنها الله في قوله: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ [النساء ٦٩]، هذه الطبقات الأربع هي طبقات المؤمنين، أعلاها: طَبَقة النُّبُوَّة، وأعلى طبقات النُّبُوَّة طَبَقة الرسالة، ثم بعد ذلك -بعد النُّبُوَّة- الصِّدِّيقِيَّة، وعلى رأس الصِّدِّيقينَ أبو بكرٍ رضي الله عنه. والشُّهداء قيل: إنهم أُولُوا العِلم، وقيل: إنهم الذين قُتِلوا في سبيل الله، والآية تحتمل المعنيينِ جميعًا بدون مناقضة، والذي ينبغي لمفسِّر القرآن أن الآية إذا كانت تحتمل معنيينِ بدون مناقضةٍ أن يحملها على المعنيينِ جميعًا؛ فالشُّهداء هم أُولُوا العلم، وهم الذين قُتِلوا في سبيل الله، وكلُّهم مَرْتبتهم عاليةٌ فوق سائر المتَّبعِينَ للرُّسُل إلا الصِّدِّيقين. قال تعالى: ﴿وَالصَّالِحِينَ﴾، وهم أدنى الطبقات، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات على اختلاف طبقاتهم هُم خير البريَّة؛ أي: خير ما خَلَق اللَّهُ عز وجل من البَرَايا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب