الباحث القرآني

* الوقفات التدبرية ١- ﴿إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ﴾ كون إنزال القرآن هنا في الليل دون النهار مشعر بفضل اختصاص الليل. وقد أشار القرآن والسنة إلى نظائره؛ فمن القرآن قوله تعالى: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا﴾، ومنه قوله: ﴿ومن الليل فتهجد به نافلة لك﴾ ، ﴿ومن الليل فسبحه وأدبار السجود﴾ ، ﴿إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلاً﴾ ، وقوله: ﴿كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون﴾. ومن السنة قوله ﷺ: ﴿إذا كان ثلث الليل الآخر ينزل ربنا إلى سماء الدنيا﴾ الحديث. وهذا يدل على أن الليل أخص بالنفحات الإلهية، وبتجليات الرب سبحانه لعباده؛ وذلك لخلو القلب وانقطاع الشواغل وسكون الليل، ورهبته أقوى على استحضار القلب وصفائه. [الشنقيطي: ٩/٣٨] السؤال: بين سبب ذكر إنزال القرآن هنا في الليل دون النهار. ٢- ﴿إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ﴾ الضمير في أنزلناه للقرآن؛ دل على ذلك سياق الكلام، وفي ذلك تعظيم للقرآن من ثلاثة أوجه: أحدها أنه ذكر ضميره دون اسمه الظاهر دلالة على شهرته والاستغناء عن تسميته، الثاني أنه اختار لإنزاله أفضل الأوقات، والثالث أن الله أسند إنزاله إلى نفسه. [ابن جزي: ٢/٥٩٣] السؤال: دلت الآية على تعظيم القرآن من عدة أوجه, بيّنها. ٣- ﴿لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ﴾ دل ذلك على غاية العوج لأهل الكتاب؛ لأنهم كانوا لما عندهم من العلم أولى من المشركين بالاجتماع على الهدى، ودل ذلك على أن وقوع اللدد والعناد من العالِم أكثر. [البقاعي: ٢٢/١٩٢] السؤال: لماذا قدم أهل الكتاب على المشركين في اللوم؟ ٤- ﴿وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ﴾ وإنما خص الذين أوتوا الكتاب بالذكر هنا بعد ذكرهم مع غيرهم في أول السورة؛ لأنهم كانوا يعلمون صحة نبوّة سيدنا محمد ﷺ بما يجدون في كتبهم من ذكره. [ابن جزي: ٢/٥٩٧] السؤال: لم خص الله أهل الكتاب بالذكر في هذه الآية, مع أنه ذكرهم في بداية السورة مع غيرهم؟ ٥- ﴿وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ﴾ ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء﴾ أي: متحنفين عن الشرك إلى التوحيد. ﴿ويقيموا الصلاة﴾ وهي أشرف عبادات البدن، ﴿ويؤتوا الزكاة﴾ وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج. ﴿وذلك دين القيمة﴾ أي: الملة القائمة العادلة، أو الأمة المستقيمة المعتدلة. وقد استدل كثير من الأئمة -كالزهري والشافعي- بهذه الآية الكريمة على أن الأعمال داخلة في الإيمان. [ابن كثير: ٤/٥٤٠] السؤال: كيف تدل الآية على مذهب أهل السنة والجماعة في أن الإيمان: تصديق بالجنان،وقول باللسان، وعمل بالأركان؟ ٦- ﴿وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ﴾ وخص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في قوله: ﴿ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين. [السعدي: ٩٣٢] السؤال: لماذا خص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلتان في العبادة؟ ٧- ﴿وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ﴾ وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات؛ فإن الإخلاص من عمل القلب؛ وهو أن يراد به وجه الله تعالى لا غيره. [القرطبي: ٢٢/٤١٢] السؤال: ما الأصل العظيم الذي تدل عليه الآية؟ * التوجيهات ١- فضل ليلة القدر وما فيها من الخيرات، ﴿لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلَٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ﴾ ٢- الحرص على الاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله ونبذ الافتراق، ﴿وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ﴾ ٣- من أفضل الأعمال بعد التوحيد: الصلاة التي هي حق لله، والزكاة التي هي حق الخلق، ﴿وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ (٥)﴾ * العمل بالآيات ١- قل: اللهم خذ بناصيتي للبر والتقوى، ﴿كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًۢا بِٱلنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ ٢- تقرب إلى الله بسجود عبادة من: شكر أو تلاوة أو صلاة، عند موجبها وسببها، ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب﴾ ٣- ذكر من حولك بأهمية الإخلاص في العبادة، ﴿وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ (٥)﴾ * معاني الكلمات ﴿وَتَوَلَّى﴾ أَعْرَضَ عَنِ الإِيمَانِ. ﴿لَنَسْفَعًا﴾ لَنَأْخُذَنْهُ أَخْذًا عَنِيفًا فَنَطْرَحُهُ فِي النَّارِ. ﴿بِالنَّاصِيَةِ﴾ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ. ﴿خَاطِئَةٍ﴾ آثِمَةٍ. ﴿فَلْيَدْعُ﴾ فَلْيُحْضِرْ، وَلْيُنَادِ. ﴿نَادِيَهُ﴾ أَهْلَ مَجْلِسِهِ مِنْ قَوْمِهِ، وَعَشِيرَتِهِ. ﴿الزَّبَانِيَةَ﴾ مَلاَئِكَةَ العَذَابِ. ﴿كَلاَّ﴾ لَيْسَ الأَمْرُ عَلَى مَا يَظُنُّ أَبُو جَهْلٍ. ﴿وَاقْتَرِبْ﴾ ادْنُ مِنْهُ بِالطَّاعَةِ. ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ أَنْزَلْنَا القُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ العِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُنْيَا. ﴿لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ لَيْلَةِ الشَّرَفِ، وَالعَظَمَةِ، وَكِتَابِ المَقَادِيرِ. ﴿وَالرُّوحُ﴾ جِبْرِيلُ عليه السلام. ﴿أَمْرٍ﴾ قَضَاءٍ قَدَّرَهُ اللهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. ﴿سَلاَمٌ﴾ أَمْنٌ، وَسَلاَمَةٌ، وَتَسْلِيمٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ. ﴿مُنْفَكِّينَ﴾ تَارِكِينَ كُفْرَهُمْ. ﴿الْبَيِّنَةُ﴾ العَلاَمَةُ الَّتِي وُعِدُوا بِهَا فِي الكُتُبِ السَّابِقَةِ. ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ﴾ أَيْ: وَالبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللهِ. ﴿يَتْلُو﴾ يَقْرَأُ. ﴿مُطَهَّرَةً﴾ مُنَزَّهَةً مِنَ البَاطِلِ، مَحْفُوظَةً مِنَ الشَّيَاطِينِ. ﴿كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ أَخْبَارٌ صَادِقَةٌ، وَأَوَامِرُ عَادِلَةٌ. ﴿تَفَرَّقَ﴾ اخْتَلَفَ. ﴿أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى. ﴿الْبَيِّنَةُ﴾ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنُوا أَنَّهُ نَبِيٌّ حَقًّا، تَفَرَّقُوا، وَكَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. ﴿مُخْلِصِينَ﴾ قَاصِدِينَ وَجْهَ اللهِ وَحْدَهُ. ﴿حُنَفَاءَ﴾ مَائِلِينَ عَنِ الشِّرْكِ إِلَى الإِيمَانِ. ﴿الْقَيِّمَةِ﴾ الاِسْتِقَامَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب