الباحث القرآني
ثم قال: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّه﴾ ﴿قُلْ﴾ الخطاب للرسول ﷺ، ولكن لا بأس أن يقوله من يحتاج إليه وإن كان من غير الرسول عليه الصلاة والسلام. ﴿تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ والذي في الصدور هو ما تُكنّه القلوب، وجعله في الصدور؛ لأن القلوب في الصدور كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج ٤٦].
وقوله: ﴿إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ من أي شيء؟ من كل شيء؛ من الخير أو من الشر أو العداوة أو الولاية أو غير ذلك، كل ما يخفيه الإنسان في صدره أو يبديه لمن؟ للناس.
قال: ﴿أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ ﴿يَعْلَمْهُ﴾ بالجزم جوابًا للشرط في قوله: ﴿إِنْ تُخْفُوا﴾ يعلمه الله عز وجل، وهو سبحانه وتعالى عالم به قبل أن تخلق الصدور وما فيها، ولكن يعلمه أيضًا بعد أن يقع في الصدور عِلم وقوع، وأما علمه السابق فهو علم بما سيكون، وأما بعد وقوع الشيء فهو علم بالشيء بعد كونه، فلله سبحانه وتعالى فيما يكون بالنسبة للعلم اعتباران:
الاعتبار الأول: باعتبار ما سيكون، والثاني: باعتبار ما كان، وبهذا التقرير يزول الإشكال الذي يرد على النفس ويورده كثير من الناس في مثل قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ [محمد ٣١] فيقول: أليس الله عز وجل قد علم المجاهدين والصابرين من غيرهم في الأزل؟ والجواب: بلى، لكن علمه في الأزل علم بما سيكون، وعلمه بعد كون الشيء علم به كائنًا وفرْق بين الأمرين، هذا من وجه.
من وجه آخر: أن علمه الأزلي لا يترتب عليه عقاب ولا ثواب، وعلمه بالشيء بعد كونه هو الذي يترتب عليه الثواب والعقاب، فيكون المعنى ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ أي: علمًا يترتب عليه الثواب والعقاب وإلا فالله عالم من قبل أن يبتلينا.
قال: ﴿يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ (يعلمُ) بالرفع على الاستئناف، والتقدير: وهو يعلم، ولا يجوز في مثل هذا الجزم عطفًا على ﴿يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ بخلاف قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ﴾ فإنه يجوز (فيغفرْ لمن يشاء) ويجوز (فيغفرَ) ثلاثة أوجه، لكن في هذه الآية لا يجوز سوى الرفع، لماذا؟ لأننا لو جعلناه بالجزم صار علم الله بما في السماوات وما في الأرض مقيدًا بقوله: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ﴾؛ لأن المعطوف على جواب الشرط له حكم جواب الشرط، وجواب الشرط معلّق بماذا؟ بفعل الشرط، وعلى هذا فيتعين في قوله: و﴿وَيَعْلَمُ﴾ الاستئناف والرفع ولا يجوز الجزم.
﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ ﴿مَا﴾ من صيغ الموصول أو من الأسماء الموصولة، وكل اسم موصول فإنه يفيد العموم سواء كان من صيغ الجمع كـ(الذين) و(اللائي)، أو من صيغ المفرد كـ(الذي) و(التي)، أو من الصيغ المشتركة كـ(ما) و(من)، وعليه فجميع الأسماء الموصولة بأصنافها الثلاثة كلها تفيد العموم، ألم تروا إلى قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر ٣٣] وين الخبر؟ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر ٣٣] فجعل الخبر جمعًا مع أن المبتدأ مفرد؛ لأنه مفرد لكنه عام.
هنا ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ أقول: إن ﴿مَا﴾ اسم موصول تفيد العموم، فكل ما في السماوات فهو معلوم لله عز وجل، وكل ما في الأرض فهو معلوم لله عز وجل بعلمه الأزلي القديم قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران ٥] وأخبر النبي ﷺ: «أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ مَقَادِير َكُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ»[[أخرجه مسلم (٢٦٥٣ / ١٦) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.]] ولا يكتب إلا ما كان معلومًا عنده عز وجل.
﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ختم الآية ببيان عموم قدرته إشارة إلى أن الله تعالى قد وسع كل شيء علمًا وقدرة، وأنه قادر على الانتقام منكم فيما إذا أخفيتم ما لا يرضيه، ولكنه لحكمته قد يؤخِّر الانتقام.
قوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ الصيغة عامة كما تشاهدون ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ سواء كان ذلك من أفعاله أو من أفعال العباد فهو قادر على كل شيء، وسواء شاء ذلك الشيء أم لم يشأه فهو قادر على كل شيء شاءه أم لم يشأه، وكل شيء شاءه فهو قادر عليه، فلدينا الآن عمومان: العموم الأول في القدرة فنقول: هو قادر على كل شيء سواء شاءه أم لم يشأه، والعموم الثاني: في المشيئة، فكل ما شاءه الله فهو قادر عليه كما جاء في الحديث القدسي: «إِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ»[[أخرجه مسلم (١٨٧ / ٣١٠) من حديث ابن مسعود.]].
في هذه الآية من الفوائد؛ أولًا: وجوب إبلاغ الناس بعلم الله تعالى بما في صدورهم لقوله: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾.
ومن فوائدها أيضًا: عموم علم الله عز وجل لما أخفاه الإنسان وما أبداه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن العقل في القلب، والتدبير في القلب، والإرادة في القلب؛ لأنه قال: ﴿إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ﴾ وهذه المسألة اختلف فيها أهل الكلام، هل العقل في القلب أو في الدماغ؟ ولكن من تأمل الآيات القرآنية وجد أن العقل في القلب، بل من تأمل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية؛ قال الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ [الحج ٤٦] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج ٤٦]. وهذه الآية نص صريح على أن العقل في القلب، ونص صريح على أنه ليس المراد بالعقل القوة المعنوية التي في المخ، وإنما المراد بالقلب أيش؟ القلب الحقيقي قِطعة اللحم الذي في الصدر، ولهذا قال: ﴿الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ والكلام هنا كلام مَن؟ كلام الخالق عز وجل، والخالق أعلم بما خلق، ولكن الدماغ لا شك أن له تأثيرًا؛ لأن الدماغ يتصور الشيء ويرتّبه ويجهزه، ثم يرسله إلى القلب وينتظر الأوامر، ثم يصدر القلب الأوامر إلى أين؟ إلى المخ ما هو إلى العقل، العقل هو في القلب، يرسله إلى المخ، المخ خادم أمير مطيع على طول يوجّه الأوامر إلى الجنود؛ الجوارح، ولا تستغرب هذا الأمر كيف تقول بها اللحظة هذه يكون فيه أمر إصدار وإيراد؟ نقول: الله عز وجل على كل شيء قدير، فالمخّ يتصور ويصلح الأشياء، ثم يرسل إلى القلب ويقول الأمر، القلب يأمر ولَّا ينهى، ثم هذا المخ ينفّذ على طول ما يتأخر، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩ / ١٠٧) من حديث النعمان بن بشير.]].
وأما ما اشتهر عند الأطباء الآن من أن القلب ماتور فقط يُصفي الدم ويرسل، يستقبل الدم الفاسد وينظّفه ويرسله إلى العروق والشرايين فهذا ليس بصحيح؛ لأننا نقول لهم: أأنتم أعلم أم الله؟ لا شك أن الله أعلم؛ لأنه الخالق، لكننا نوافقكم على أن للدماغ تأثيرًا، ولكن وجه التأثير فيه أنه بإذن الله قابل لكل ما يأمر به القلب.
* طالب: شيخ، نريد السنة؟
* الشيخ: السنة هذا الحديث اللي أشرنا إليه.
* طالب: الذين يجلبون الخدم من الكفار، هل هذا يعتبر موالاة لهم؟
* الشيخ: السؤال: الذين يجلبون الخدم من الكفار، هل يعتبر هذا موالاة لهم أم لا؟
* طالب: يعتمد على صاحبه ينظر، بعض الناس.
* الشيخ: الظاهر ينظر في هذا، إذا كان مقصود ذلك الاستخدام والاستذلال فهو استذلال لهم، وإذا كان المراد بذلك نفعهم؛ أن ينفعهم، فهذا لا شك أنه موالاة؛ لأنه يُعتبر مناصر لهم، فإن هذه الدراهم التي تخرج من جيوبنا لهؤلاء الكفار تؤخذ عليهم ضرائب عليها لدولهم الكافرة فتنتفع الدول بها، وبالتالي تستعين بها على ضرب المسلمين؛ فالمسألة في الحقيقة خطيرة، لكن أكثر المسلمين اليوم لا ينظرون إلى هذه المسائل هذه النظرة الفاحصة، يريدون أن يمشّوا دنياهم فقط، لكن لو أنهم فكروا في الأمر وين تروح الدراهم هذه، ثم إنك لا تأتي بكافر إلا حرمت مسلمًا بدلًا من الكافر هات مسلمًا، وليكن المسلم أقل إنتاجًا من الكافر، الأمر سهل، لكني أنفعه وأنفع عائلة من ورائه مسلمة تتلهف إلى أن تجد خبزة عيش، ولكن نسأل الله أن يهدي إخواننا إلى أن النظر في هذه الأمور.
* طالب: شيخ، قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ يعني الشيء اللي بيجيلي في صدري أنا محاسب به في الآية؟
* الشيخ: لا، ما يدل على هذا إلا ما ركن إليه الإنسان واطمأن به.
* الطالب: كيف يعني؟
* الشيخ: يعني أصر عليه، عزم عليه وأراد يفعله، لكن مجرد الهم لا.
* طالب: شيخ، قوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ بعضهم يقول: إنها على حذف أن يحذركم الله من عقاب نفسه لأن الذات ما يتصور منها الخوف، يعني هل إذا قلت لشخص ترى خاف من نفسه والآن نقول: ما يتصور من نفسه إنما من أفعاله؟
* الشيخ: أنا إذا قلت: أنا أحذّرك نفسك، كل يعرف أنه ليس معناه إن الواحد (...) على الثاني هذا لأن يوقفه، المعنى: يحذّركم ما في نفسه من العقاب، ولكن هذا أبلغ؛ يعني إضافة التحذير إلى النفس أبلغ من إضافته إلى الفعل، فإذا قلنا: عقاب نفسه ضعف التحذير، وإذا قلنا: نفسه صار أشد.
* طالب: شيخ، قلنا: موالاة الكفار من كبائر الذنوب، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة ٥١] فهل هذا كفر أو من كبائر الذنوب؟
* الشيخ: ما هو قلنا إحنا: قد يكون كفرًا وقد يكون دون ذلك.
* الطالب: كيف الصورة تكون دون ذلك؟
* الشيخ: يمكن أن يتولهم في أمر من الأمور الدنيوية ما هو لأجل دينهم ولا إعانة لهم على دينهم وكفرهم، فلا يكون هذا كفرًا، ما يكون كفرًا، افرض واحد ودّه يبر ها الكافر هذا، وده يبرّه ويعطيه مالًا ما يعتبر هذا كفرًا، وإن اعتبرناه ولاية فإنه لا يُخرج من الإسلام، لكن الموالاة المناصرة والمعاونة سواء عاونهم على المؤمنين، وسبق لنا أنهم إذا عاونوهم على الكفار أعداء المسلمين فلا بأس.
* الطالب: شيخ، لما أعطي شخصًا مالًا تعمل مودة بيني وبينهم؟
* الشيخ: لا، أبدًا ما يزعمون هذا.
* الطالب: شيخ، يعني هل يمكن أن أعطيه بدون أي مودة أو أي شيء؟
* الشيخ: لا، أبدًا، هذا إحسان، مجرد إحسان (...) والله قال: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ [الممتحنة ٨].
* الطالب: شيخ، بعض الناس يلبسون لبس النصارى أو اليهود، هل يعتبر هذا من الموالاة؟
* الشيخ: يعني يقول: هل إذا لبست لبسة اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار هل هذا موالاة؟
هو لا شك أنه تشبه هذا متفق عليه، لكن إذا قصد بذلك إعزازهم ورفع شأنهم فهو موالاة؛ لأنه قد يتشبه بهم من أجل أن يعزهم ويظهر لباسهم الخاص بهم وزيهم فيكون هذا موالاة.
* الطالب: بيسوون عمليات نقل القلب يا شيخ من شخص إلى شخص ما يتأثر بالشخص الثاني بعد ما ينقل له القلب فتتغير يعني عقيدته ويتغير أفكاره
* طالب آخر: يعني قلب صناعي هذا.
* الشيخ: وأيشنو بها الإرادة؟ هذا أوردناه من قبل وأجبنا عليه، والإنسان الفاهم يفهم الجواب من كلامي.
* طالب: (...) أقول: الذي ينتقل هو الجسد، وليس الروح، وإنما المحاسبة في القلب هي الروح الذي في القلب وليس الجسد.
* الشيخ: لا، هو ما هو يقصد مسألة المحاسبة، يقول: إن أفكار الإنسان ما تتغير.
* الطالب: نعم، لأنا نقول إن هذا متعلق بالروح وليس بالجسم، وهذا..
* طالب آخر: شيخ، إحنا قلنا الذي يرسل الدماغ يجهز الشيء ويصوره ثم يرسله إلى القلب ثم القلب يأمر بالتنفيذ.
* الشيخ: على مقتضى ما ورد إليه، فهمت؟ هذا الرجل مثلًا دماغه ما تغيرت وتصوراته ما تغيرت، والقلب يرسل ويأمر حسب ما يصل إليه من التصورات، فإذا كان هذا الرجل مستقيمًا وصالحًا صار يصل إلى القلب الذي نقل إليه الشيء الصالح أمر به، ولّا هذا يقولون: يحط أظن هذا قلب صناعي.
* طالب: (...) الإيمان ما فيه مشكلة؟
* الشيخ: لا، ما هو مشكلة أبدًا، ما هو مشكل؛ لأن هذا القلب له صمامات وله أشياء خلقها الله عز وجل على صفة ما يصنعونه، أو هم يصنعونها على صفة ما خلق الله فلا يُشكل.
* طالب: شيخ، في قوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قيدها إنه لا (...).
* الشيخ: إي نعم، هذه تكلمنا عليها إن هذا لبيان أقبح الموالاة وإلا ففيه آية أخرى تدل على تحريم اتخاذهم الأولياء مطلقًا.
* طالب: شيخ، هل الشيطان يعلم ما يوسوس في نفس الإنسان؟
* الشيخ: وأيش تقولون؟
* طلبة: هو اللي يوسوس، أصلًا هو اللي يوسوس.
* الشيخ: الشيطان لا شك أنه يجس القلب يختبره؛ لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، ثم إذا رأى أن القلب قوي؛ يعني وعجز عنه، عجز عنه، مثل ما كان الشيطان يهرب من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، «مَا سَلَكَ فَجًّا إِلَّا سَلَكَ الشَّيْطَانُ فَجًّا آخَرَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٩٤)، ومسلم (٢٣٩٦ / ٢٢) من حديث سعد بن أبي وقاص.]]، وإن وجد في القلب لينًا وتهاونًا زاده من اللين والتهاون، وإن وجد فيه القوة حاول أن يزيده في الغلو والإفراط.
* طالب: لكن يا شيخ، لو حدثت مثلًا نفسي بشيء هل يعلم هذا التحديث؟
* الشيخ: الله أعلم، لكنه لا شك أنه يختبر القلوب.
* الطالب: لكن الله سبحانه وتعالى متفرد بهذا العلم.
* الشيخ: لكن قد يطلع الله غيره.
* * *
* طالب: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)﴾ [آل عمران ٣٠ - ٣٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله عز وجل: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾.
قال الله عز وجل: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ في هذه الآية أيضًا رد على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مُجبر على عمله وليست له فيه إرادة، ووجه الرد عليهم: أن الله أضاف الفعل إلى الإنسان، فقال: ﴿إِنْ تُخْفُوا﴾ ﴿أَوْ تُبْدُوهُ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله محيط بكل شيء علمًا حتى ما بين جوانح الإنسان لقوله: ﴿إِنْ تُخْفُوا﴾ ﴿أَوْ تُبْدُوهُ﴾ يعلمه الله، فلا يخفى عليه شيء مما في نفس الإنسان، بل زد على ذلك أنه يعلم ما لم يُحدّث به الإنسان نفسه بأنه سيحدث به نفسه في الوقت والمكان المعين، واضح؟
* ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير من أن يُسرّ الإنسان في نفسه ما لا يرضي الله؛ لأن الله إنما أخبرنا عن علمه بذلك تحذيرًا لنا من أن نخفي في صدورنا ما لا يرضى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عموم علم الله في قوله: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾. والآيات في العلم متنوعة، تارة تكون مجملة وتارة تكون مفصّلة، وتارة تكون فيما يتعلق بفعل الإنسان وتارة تكون فيما يتعلق بفعل الله عز وجل؛ لأن صفة العلم متى آمن بها الإنسان أوجب له ذلك أمرين:
الأمر الأول: الهروب من معصية الله، فلا يجده أي: فلا يجده الله عز وجل حيث نهاه.
والثاني: الرابح في طاعة الله، فلا يفقده حيث أمره؛ لأنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى، يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى يعلمه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات السماوات، وأنها جمع، وقد صرح الله في كتابه أنها سبع، فقال: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [المؤمنون ٨٦] وأما الأرض فإنها تأتي مفردة ولم تأتِ في القرآن مجموعة، لكن جاءت في السنة مجموعة، وفي القرآن إشارة إلى أنها سبع في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ١٢] فإن المثلية هنا بالكيفية متعذّرة، وإذا تعذرت المثلية في الكيفية لزم أن تكون المثلية في العدد كما تقول: سبحان الله عدد خلقه والحمد لله مثل ذلك؛ يعني عدد خلقه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات قدرة الله عز وجل لقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ وعموم هذه القدرة لقوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
* ومن فوائدها: إرشاد الإنسان إلى أن يتعلق بربه؛ لأنك متى علمت أن الله على كل شيء قدير فإنه لن يمنعك مانع من أن تلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى بسؤال ما تريد، لا تستبعد شيئًا، ولهذا قال الله تعالى منبِّهًا على هذا الأمر: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً﴾ [الممتحنة ٧] ومعلوم أن العداوة بين المؤمنين والكافرين أمر ثابت، وأن الإنسان قد يستبعد أن يجعل الله في قلبه مودة لهذا الكافر بإيمانه، فقال الله تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ﴿قَدِيرٌ﴾ بالنسبة لتقليب القلوب عز وجل. ﴿غَفُورٌ﴾ بأن ييسّر هؤلاء الكفار إلى الإسلام فيغفر لهم، وقع هذا ولَّا ما وقع؟ وقع، وقع فإنه أسلم عام الفتح وقبل عام الفتح أُمة من الكفار وصارت العداوة في قلوب المؤمنين لهم صارت مودة.
المهم أنك متى علمت قدرة الله عز وجل فإن ذلك يوجب لك التعلق بربك سبحانه وتعالى، وأن لا تستبعد شيئًا تسأله إياه.
{"ayah":"قُلۡ إِن تُخۡفُوا۟ مَا فِی صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ یَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق