الباحث القرآني
(لا) هذه نافية ﴿وَلَا تَقُولُوا﴾ ناهية، ولهذا جزمت الفعل والدليل على جزمه؟
* طالب: حذف النون.
* الشيخ: حذف النون. ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة ١٥٤] ﴿لِمَنْ﴾ أي فيمن، والنهي هنا عن القول يشمل القول باللسان والقول بالقلب؛ أما القول باللسان بأن يقول: إنهم ماتوا، والقول بالقلب أن يعتقد أنهم ماتوا، فهمتم؟
وقوله: ﴿لِمَنْ يُقْتَلُ﴾ لمن يقتل في سبيل الله، والمقتول في سبيل الله هو الذي قُتل من أجل أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، والناس يختلفون في القتال؛ أي في الباعث لهم عليه، منهم من يكون الباعث له عليه الحميَّة على قومه كقتال العرب؛ لأن العرب يقاتلون حمية؛ يصرحون بذلك يقولون: إننا نقاتل للعروبة، وبهذا يبطلون ما يحصل لهم من الشهادة؛ لأن الرسول ﷺ قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤ / ١٥٠) من حديث أبي موسى الأشعري. ]] ولو أنهم قالوا بدلًا من أن نقاتل من أجل العروبة نقاتل من أجل الإسلام وحماية بلاد الإسلام لكانوا يقاتلون في سبيل الله.
يقاتل الإنسان شجاعة، أيش معنى شجاعة؟ يعني هو إنسان شجاع يحب القتال، فيقاتل من أجل ذلك، فهل هو في سبيل الله؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: لا، يقاتل ليُرى مكانه ويُعرف أنه بارز شجاع، هذا أيضًا ليس في سبيل الله، ليس في سبيل الله إلا من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فالذي يقتل في سبيل الله؛ أي في طريقه وهو دينه؛ أي من أجل هذا الدين وإعلائه، هذا لا تقولوا أموات.
وقوله: ﴿أَمْوَاتٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف تقديره؟
* طالب: هم.
* الشيخ: هم أموات.
والنهي هنا قد يقول الإنسان إنه مُشكل، كيف لا نقول أموات وهم ماتوا؟ فنقول: إن المراد هنا لا تقولوا أموات موتًا مطلقًا دون الموت اللي هو مفارقة الروح الجسم فهذا موجود، ولولا أن أرواحهم فارقت أجسادهم لما دفناهم، ولكانوا باقين يأكلون ويشربون، لكن الموت المطلق لا، بدليل الإضراب الإبطالي في قوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ يعني بل هم أحياء، فأحياء خبر مبتدأ محذوف ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ جمع حي. ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [آل عمران ١٦٩] عند الله؛ لأنه لو فضلت أرواحهم في أجواف طير خضر..
* طالب: ﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة ١٥٤].
* الشيخ: إي ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ ولكن أنتم أيها الأحياء في الدنيا لا تشعرون هذه الحياة في الآخرة، نعم نحن لا نشعر، ولولا أن الله أخبرنا بها ما كنا نعلم بها؛ لأنها من عالم الغيب، وعالم الغيب لا يحيط به شعور الحي، ولهذا يجب التوقف في عالم الغيب على ما جاء به الوحي، ما نتقدم ولا نتأخر، لا في هذا الباب ولا في غيره، حتى في أسماء الله وصفاته، وحتى فيما أخبر الله به عن الجنة وعن النار وما أشبه ذلك يجب علينا أن نتوقف لا نتجاوز ولا نقصر.
فلو قال قائل: كيف يعذبون في النار أبد الآبدين ويبقون ونحن نرى أن النار تحرق؟ وأيش الجواب؟
نقول: نعم يحرقون، ولكن تبدل أجسادهم. ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء ٥٦] وتتقطع أمعاؤهم، تتقطع أمعاؤهم ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ [محمد ١٥] لكن عالم الآخرة ليس كعالم الدنيا.
﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ﴾ لكن هنا هل هي عاملة أو لا؟
* طالب: غير عاملة.
* الشيخ: غير عاملة؟
* الطالب: لأنها مخففة.
* الشيخ: لأنها مخففة، وإذا خُففت (لكن) لم تعمل، هل على ذلك شاهد من كلام ابن مالك؟
* الطالب: نعم
؎وَخُفِّفَتْ (إِنَّ) فَقَلَّ الْعَمَلُ ∗∗∗ ....................
* الشيخ: إي، إن.
* الطالب: هذه من أخواتها.
* الطالب: إي، لكن هذه (لكن).
* الطالب: وخففت (لكن) فنوي
؎وَخُفِّفَتْ (كَأَنَّ) أَيْضًا... ∗∗∗ ....................
* طالب: شيخ، هل فيه فرق بين (...)؟
* الشيخ: لا فرق بين المهاجم والمدافع.
* طالب: لكن يعني اللي في سبيل الله بيروح يزور العدو؟
* الشيخ: كيف يزور العدو؟ وأيشنو يزور العدو؟ (...).
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة ١٥٥].
هذه عدة أشياء، مصائب أربعة:
أولًا: قال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾، والجملة هنا مؤكدة بثلاثة مؤكدات وهي: القسم، واللام، والنون؛ نون التوكيد، والفعل هنا مع نون التوكيد مبني على الفتح ولَّا لا؟
* طالب: نعم، مبني على الفتح.
* الشيخ: وين آخر الفعل؟
* الطالب: الواو.
* الشيخ: الواو أصلها (نبلوا)، فلما اتصلت بها نون التوكيد فتحت، فتحت على الفتح.
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ وهذا قسم من الله عز وجل مؤكد، و(نبلوا) بمعنى نختبر.
وقوله: ﴿نَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ﴾ الخوف هو الذعر وهو شامل للخوف العام والخوف الخاص، الخوف العام كأن تكون البلاد مهددة بعدو، والخوف الخاص كأن يكون الإنسان يُبتلى بنفسه بمن يخيفه ويروعه، وهذا حاصل وهذا حاصل أيضًا.
وقوله: ﴿مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ﴾ الجوع ضد الشبع، والجوع له سببان: السبب الأول: قلة الطعام، والسبب الثاني: قلة المال الذي يحصل به الطعام، فهمتم؟
هناك سبب ثالث أيضًا: وهو المرض الذي يتعذر معه الشبع، يكون المال كثيرًا والطعام كثيرًا، لكن يأكل ولا يشبع، هذا أيضًا من البلاء، هذا من البلاء.
والجوع لا يدرك أثره إلا من جربه، بل كل المصائب ما تدرك إلا لمن جربها، أما من لم يجرب فإنه لا يدري، وهو له شأن عظيم وكبير، وإذا أردت أن تعرفه فأنت في الصيام في الأيام الطويلة تجد نفسك إذا جعت متألِّمًا متكلفًا خاويًا مع أنك ترجو أنك تفطر يعني ترجو أو تعلم علم اليقين أن هذا الجوع سيزول كيف هذا الجوع الذي يكون ابتلاءً؟
﴿وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾ ﴿نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ﴾ الأموال التي للتجارة كالمكاسب.
﴿وَالْأَنْفُسِ﴾ هل يشمل المواشي وشبهها، أو نقول: إن المواشي أنفس لكنها داخلة في الأموال؟
* طالب: داخلة في المال.
* الشيخ: داخلة في المال، فيكون الأنفس هنا أنفس الآدميين البشر. ﴿وَالثَّمَرَاتِ﴾ الثمرات هي ثمرات النخيل والأعناب وغيرها، وهذا يقع أيضًا، تأتي الكوارث نسأل الله السلامة والعافية تجترف الأناسي والمواشي والثمار والأموال وتأتي عواصف كذلك، لكنها عند الكثير من الناس ظواهر طبيعية لا تحرك لهم ضميرًا ولا تفزع لهم شعورًا والعياذ بالله، ما يرونها شيئًا يقولون: هذه كوارث طبيعية، وهذه مسألة يعني جارٍ بها العادة، وهذا خطأ عظيم، هذا خطأ يجب أن نجعل هذه الأشياء من الابتلاء الذي يبتلي الله به العباد، هذا الابتلاء بالنسبة لمن وقع عليه ظاهر جدًّا، وبالنسبة لمن لم يقع عليه وسمع به ظاهر أيضًا؛ لأنه يختبر من لم يصبه هل يتعظ ويعتبر أوْ لا، أليس كذلك؟ لأن المصاب بهذا الشيء ما فيه شك أنه مبتلى، لكن السالم منه مبتلى أيضًا؛ لأنه يجعله عظة وعبرة لقد قال الله تعالى في القرية التي كانت قردة خاسئين، قال: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ [البقرة ٦٦].
وقال سبحانه وتعالى لما ذكر قصص المكذبين للرسل في قصة يوسف أظن: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف ١١١].
ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة ١٥٥].
علِم جل ذكره أن الناس ينقسمون في هذه المصائب التي ابتلوا بها إلى قسمين: صابر، وساخط؛ الساخط هل سخطه يرد القضاء؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: ما يرده، لكن يكون ذلك عليه حسرة، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: ﴿الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران ١٦٨].
قبلها ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [آل عمران ١٥٦].
لا ليرفع الأمر الواقع، لكن يكون هذا حسرة في القلب، إذا لم يصبر وسخط صار حسرة في قلبه لا يجدي له شيئًا، ولهذا قال بعض السلف: إما أن تصبر صبر الكرام، أو تسلو سلو البهائم؛ لأن الإنسان مهما كان الدنيا تتعاقب وينسي بعضها بعضًا فيسلو، وقدِّر الآن في نفسك، هل نحن ما أصبنا بمصائب؟ أصبنا بمصائب؛ بمصائب في أبداننا، بمصائب في أهلينا، وبمصائب بأموالنا، لكن مع مرور الزمن تُنسى، إذن لا نكتسب أجرًا إذا لم نصبر، لكن إذا صبرنا اكتسبنا أجرًا وما قدره الله سوف يقع.
﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة ١٥٥] من هم الصابرون؟ هم الذين حبسوا أنفسهم عن التسخط من قضاء الله، هؤلاء المصابرون في هذا الباب الذين حبسوا أنفسهم عن التسخط من قضاء الله، وقد مر علينا أن مقامات الإنسان عند المصيبة أربعة؛ أربعة مقامات.
* الطالب: السخط من كل شيء، ثم الصبر، ثم الرضا، ثم الشكر.
* الشيخ: نعم أربع مقامات: التسخط، ثم الصبر، ثم الرضا، ثم الشكر، التسخُّط محرم، ولهذا تبرأ النبي ﷺ ممن تسخط، قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»[[أخرجه مسلم (١٠٣ / ١٦٥) من حديث عبد الله بن مسعود. ]]
الصبر واجب؛ لأن الله تعالى أمر به في آيات كثيرة، والأصل في الأمر ما هو؟
* الطلبة: الوجوب.
* الشيخ: الوجوب، ولأنه لا معنى لعدم التسخط إلا الصبر، أما الرضا فإن في وجوبه لأهل العلم قولين، والصواب أنه سُنة وليس بواجب، وأما الشكر فإنه مستحب بالاتفاق، وهو أعلى من الرضا.
نحتاج الآن إلى الفرق بين الرضا والصبر، الفرق بينهما؟
* الطالب: الرضا لما يحب ويكره لما (...).
* الشيخ: أصلًا لما يحب مو مصيبة اللي يحب كله مصيبة، خلينا نقول: والله يعطينا اللي (...).
* طالب: الرضا أعم من السخط.
* الشيخ: يا سلام! ذكرناه ذاك اليوم.
* طالب: الصبر أن يحبس نفسه ويجاهدها مع الألم.
* الشيخ: إي، مع الألم والكراهة لما وقع، والرضا؟
* الطالب: والرضا أن يرضى بما قدر الله له.
* الشيخ: ضد الكراهة؛ يعني معناه أنه يكون لا فرق عنده بين ما وقع وما لم يقع كله واحد، فيكون كالميت بين يدي الغاسل، يعني أنه ما يهمه، ماشي مع قضاء الله وقدره، إن أصابه خير شكر، وإن أصابه ضراء صبر ورضي، ولا يكون في نفسه أقل كراهة، وهذه حالة عظيمة متى تحصل للإنسان، ولهذا الذين قالوا بعدم الوجوب وقالوا بالاستحباب قالوا: إنها شاقة على النفوس، والله تعالى يقول: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة ٢٨٦].
أما الشكر، فكيف يشكر من أُصيب؟ الآن لو أمسك واحد منكم وأضربه إن كان يقدر يضرب نضربه مجازاة، وإن ما يقدر؟
* الطالب: يصيح.
* الشيخ: يصيح!! وهو يكره، وربما يقول: هذا مطوعنا لا بد أن نصبر عليه، لكن كيف بيشكر؟ نقول: يمكن إن الإنسان يصاب بالمصائب من الله عز وجل ويشكر الله عليها من وجهين: يشكر الله أولًا: إنه يعلم أن الله ما فعل ذلك إلا لحكمة، لحكمة قد يكون من صلاح الإنسان لو يستمر في النعم يمكن يطغى ويزداد ويستعلي؛ لأنه بشر ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق ٦، ٧].
إذا رأى نفسه أنه مستغنٍ، وأنه ما يحتاج إلى أحد ولا شيء ففي الحال ربما يطغى ويزيد والعياذ بالله. فهو يشكر الله أنه على هذه النعمة؛ لأنها قد تكون تربية له، عرفتم؟ مثل ما يضرب الأب ابنه ليؤدبه.
ثانيًا: يشكر الله على أن هذه المصائب مفيدة على كل حال غير إفادة تربية الإنسان ومعرفة نفسه، والرجوع إلى الله، مفيدة لأنك إن صبرت أثبت ثواب الصابرين، وإلا إذا لم ترضَ أو لم تشكر فإنك يُكفَّر بها عنك كما أخبر بها النبي عليه الصلاة والسلام[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٦٤٠)، ومسلم (٢٥٧٢ / ٤٩) من حديث عائشة بلفظ: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكهَا» لفظ البخاري، ولفظ مسلم: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ...».]] إنه يُكفر بها عن الإنسان، إذن يُشكر الله على هذا الأمر؟
* الطلبة: إي نعم.
* الشيخ: نعم، يشكر الله على هذا الأمر، هذا وجه كون الإنسان يشكر من المصائب.
﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة ١٥٦].
إذا أصابتهم المصيبة وتحقق وقوعها فيهم ﴿قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ﴾ اللام تشير؟
* طالب: إلى الملك.
* الشيخ: للملك يعني إنا ملك لله، والمملوك يفعل فيه المالك ما شاء، فإذا كنا ملكًا لله فهو سبحانه وتعالى ربنا يفعل بنا ما شاء، أوجدنا وأمدنا وأعدنا، وإذا شاء منعنا، فله الأمر كله نحن إلى الله، نحن لله، ثم مع ذلك بإقرارهم بالملك بأنهم مملوكون لله يرجون ثوابه، ولهذا يقولون: ﴿وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ فنرجو الذي أصابنا بهذه المصيبة عند رجوعنا إليه أن يجزينا بأفضل منها، فهم جمعوا هنا بين الإقرار بالربوبية في قولهم: ﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾ وبين الإقرار والإيمان بالجزاء، بالجزاء الذي يستلزم العمل الصالح؛ لأنهم يقولون: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ فنحن نرجو ثوابه مع أنه فعل بنا ما هو ملكه وبيده، وهذا جمعوا بين عمل القلب والنطق باللسان؛ عمل القلب الصبر، والنطق باللسان يقولون: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
وجاءت السنة بزيادة على هذا أيضًا بأن يقول الإنسان: «اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي»[[أخرجه مسلم (٩١٨ / ٣) من حديث أم سلمة. ]] واخْلُف ولَّا وأَخْلف؟
* طالب: وأخلف.
* الشيخ: أخلف «أَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا» من الرباعي؛ لأنه من الثلاثي معناه أن الشيء خلف غيره، مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ»[[أخرجه مسلم (٩٢٠ / ٧) من حديث أم سلمة. ]] أي كن خليفة له، لكن أخْلِف أي اجعل له خلفًا منه، وهنا نقول: أخلِف لي، يعني اجعل لي خلفًا منها كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ﴾ [سبأ ٣٩]؟
* الطلبة: يُخلفه، يَخلفه.
* الشيخ: لا تلحنون، ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾، نعم ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ الله يهديكم ما عندكم شجاعة، ما عندكم شجاعة إطلاقًا كيف تنهزمون أمامي وأنتم على صواب؟
* طالب: فهو يُخْلِفُهُ.
* الشيخ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ أي يجعل له خلفًا، ما هو بهو نفسه يخلفه ويصير بداله (...) يكون يُخلفه يجعل له خلفًا، فإذا كانت من الرباعي فمعنى (أَخْلف عليه) أي جعل له خلفًا عنه، أما إذا كان من الثلاثي (خَلَفَه) هو نفسه صار خلف، عرفتم؟
طيب هنا «اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا»[[أخرجه مسلم (٩١٨ / ٣) من حديث أم سلمة.]]؟ يعني اجعل لي خلفا خيرًا منها، فإذن نقول: ما أرشد الله إليه، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا، وأخلف لنا خيرًا منها؛ إذا قالها الإنسان مؤمنًا محتسبًا آجره الله عز وجل في مصيبته وأخلف له خيرًا منها.
والشاهد في هذا قصة أم سلمة رضي الله عنها كانت تحب ابن عمها أبا سلمة محبة شديدة، ولما مات وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد حدثها بهذا الحديث، قالت: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها[[أخرجه مسلم (٩١٨ / ٣) من حديث أم سلمة. ]]، فكانت تفكر بنفسها تقول: من هو اللي بيصير خلفًا عن أبي سلمة؟ هي مؤمنة بأنه سيوجد خلف خير منه لكن من هو اللي بيصير؟ ما كان يجول في فكرها أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيكون، وسبحان الله من كان خلفًا؟
* طالب: رسول الله ﷺ.
* الشيخ: النبي عليه الصلاة والسلام، أخلف الله لها خيرًا منه، ودعاء النبي عليه الصلاة والسلام له عند موته رضي الله عنه قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ»، وَأَخْلِفْهُ فِي عَقِبِه، لا غلط، «وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ»[[أخرجه مسلم (٩٢٠ / ٧) من حديث أم سلمة.]].
* طالب: شيخ، وأَخْلفه؟
* الشيخ: لا، «وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ» إي، يعني يكون خلفًا. ما الذي حصل؟ خلفه في عقبه أفضل خليفة، مَنْ؟
النبي عليه الصلاة والسلام، وبقية الأدعية نرجو أنها أُجيبت؛ لأن الله عز وجل كريم جواد.
* طالب: شيخ، الآية هذه ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ﴾ هل نقول: إنه من الصبر الواجب أو من الرضا؟
* الشيخ: لا، هذا من الصبر الواجب.
طيب قوله: ﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾ وأين خبر إنَّ؟
* طالب: محذوف.
* الشيخ: وأيش التقدير؟
* الطالب: صائرون.
* الشيخ: إنا صائرون لله؟
* الطالب: لا أظن أنها راجعون.
* الشيخ: وإنا إليه راجعون الذي بعده؟
* الطالب: راجعون الخبر.
* الشيخ: الخبر راجعون؟
* طالب: نعم.
* طالب: ممكن نقول: الجار (لله) جملة (...) هذا هو الخبر.
* الشيخ: الخبر وين؟
* طالب: فإنا نحن.
* طالب: الجملة هذه جملة، هذه الجملة جملة..
* الشيخ: الجار والمجرور هو الخبر، ﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾ هو الخبر، لكن هل إنه هو الخبر نفسه ولا متعلق بمحذوف تقديره كائنًا؟
* الطلبة: متعلق.
* الشيخ: فيها الخلاف على قولين؛ وأما ﴿وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ فخبر إن قوله: ﴿رَاجِعُونَ﴾ وإليه متعلقة بـ (راجعون)، وقدمت على راجعون لإفادة الحصر هذا من ناحية المعنوية، ولمناسبة الآي من الناحية اللفظية.
* طالب: ما يحتاج إلى التقدير؟
* الشيخ: أيهم؟ في الأخيرة؟
* الطالب: في إنا إليه راجعون.
* الشيخ: لا ما حاجة. وقوله: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة ١٥٧]
﴿أُولَئِكَ﴾ الإشارة هنا إشارة للبعيد لعلو مرتبتهم رضي الله عنهم وجعلنا منهم. ﴿أُولَئِكَ﴾ أي المتصفون بهذه الصفات
﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ عليهم خبر مقدم و﴿صَلَوَاتٌ﴾ مبتدأ مؤخر صح؟
* طالب: أولئك مبتدأ.
* الشيخ: وعليهم صلوات، عليهم: عليهم خبر مقدم، وصلوات مبتدأ مؤخر.
* الطالب: لا، صلوات مبتدأ ثانٍ.
* الشيخ: طيب وعليهم؟
* الطالب: عليهم خبر مقدم.
* الشيخ: مقدم إي، إذن عليهم خبر مقدم وصلوات مبتدأ مؤخر لكنه مبتدأ ثانٍ، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر مبتدأ للأول.
﴿عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ الصلوات اختلف العلماء في معناها، ولكن أصح الأقوال فيها أن المراد بها الثناء عليهم في الملأ الأعلى، فالمعنى أن الله يثني على هؤلاء في الملأ الأعلى رفعًا لذكرهم وإعلاء لشأنهم.
وقوله: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ رحمة عطفها على الصلوات يدل على أنها مغايرة، ويدل على ضعف من قال إن الصلاة من الله بمعنى الرحمة.
وقوله: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ يعني يزول يحصل لهم بها المطلوب؛ لأن الرحمة إما حصول مطلوب وإما زوال مكروه، فهنا الرحمة تشمل الأمرين: زوال المكروه وحصول المحبوب.
وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ هذه جملة اسمية مسوقة على سبيل الحصر، ما طريق الحصر هنا؟
* طالب: الإشارة.
* الشيخ: لا، الإشارة ما هي من طريق الحصر.
* طالب: ضمير الفصل (هم).
* الشيخ: ضمير الفصل ﴿هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾، وأولئك أي الصابرون الذين يقولون ما ذكر هم المهتدون الذين اهتدوا إلى طريق الحق ووضعوه في نصابه، فإن هذا الكلام الذي يقولونه مع الصبر هو الهداية، عكس هؤلاء الذين لا يصبرون على المصائب لا بقلوبهم ولا بألسنتهم ولا بجوارحهم، مهتدون ولَّا ضالون؟
* الطلبة: ضالون.
* الشيخ: ضالون، ولهذا جعل النبي عليه الصلاة والسلام جعل ذلك من أعمال الكفر، فقال: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»[[أخرجه مسلم (٦٧ / ١٢١) من حديث أبي هريرة. ]]، والنياحة عنوان على عدم الصبر، فدل ذلك على أن الهداية في الصبر، وتسليم الأمر إلى الله عز وجل، وانتظار ثوابه واحتسابه، وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.
ثم قال: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة ١٥٨].
من فوائد الآية الكريمة قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة ١٥٤].
أولًا: تحريم إطلاق الموت على الشهداء لقوله: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ﴾ وعلم من قولنا: إطلاق أنه إذا أريد بذلك الموت الذي هو مفارقة الروح الجسد فهو صحيح، ولهذا يقولون دائمًا: مات شهيدًا، فيقيدون هذا الموت، ما يطلقونه.
* طالب: شيخ، هل يصح القول: إن هذا شهيد، يعني هم لا يدرون نية الذي هذا مات، هل يصح إن هم يقولون: مات شهيدًا؟ يعني الآن كل ما واحد يموت..
* الشيخ: أما بالنسبة للصحابة فنقول: مات شهيدًا.
* الطالب: في غير الصحابة؟
* الشيخ: لا، في هذا الصحابة ما نجزم به المعين، المعين ما نجزم به له، ولكن نقول: من قُتل ظلمًا، من قتل في دفاعه عن الحق فهو شهيد، فيكون الشهادة لهم من باب الشهادة العامة.
* طالب: هل يجوز أن نقول: الشهيد كذا وكذا، على اعتبار أنه شهيد؟
* الشيخ: إيه، أولًا: بالنسبة لأحكام الدنيا نعامله معاملة الشهداء، ما نغسله ولا نكفنه ونصلي عليه وندفنه في ثيابه.
* طالب: لو قُتل داخل الأرض يعني ليس في جهاد؟
* الشيخ: في الجهاد، في الجهاد بارك الله فيكم، اللي قتل في سبيل الله.
* الطالب: يعني أعداؤه قتلوه بالرصاص مثلًا؟
* الشيخ:لا لا ما هو، هذا فيه خلاف بين العلماء، إنما الذي قُتل في سبيل الله، لكن بالنسبة للشهادة له بالشهادة في الآخرة، هذا ما نجزم به، ولكن نقول: من مات على هذا النوع من الموت فهو شهيد، فهذه شهادة عامة مثل ما نقول: كل مؤمن في الجنة، لكن هل تشهد لفلان المعين بأنه في الجنة؟
* طالب: لا.
* الشيخ: لا، ما تشهد، ولهذا ما ينبغي أن نقول: فلان شهيد إلا من ثبتت شهادته بالنص مثل شهداء أحد ونحوهم.
* طالب: إذا أجمع على ذلك كثير من الناس؟
* الشيخ: على أيش؟
* الطالب: على أنه شهيد وأن الله اصطفاه؟
* الشيخ: إذا أجمعوا على الثناء عليه فقد اختلف في هذا أهل العلم، شيخ الإسلام يرى أنه يجوز الشهادة له بالجنة، والشهادة له بالشهادة أيضًا، وبعض العلماء يقول: لا، نقف على ما جاء به النص. والحمد لله إذا كان عند الله تعالى من أهل الجنة ومن الشهداء فإن امتناعنا عن الشهادة له لا يمنع ذلك عند الله، واضح؟
وإن كان من غير الشهداء أو غير المؤمنين فإننا نحن عرَّضنا أنفسنا للخطر.
* طالب: هل يجوز يعني نطلق على أي واحد مات من الصحابة أنه مات شهيد؛ يعني يجوز يعني إن الإنسان يطلق.
* الشيخ: اللي قتلوا في سبيل الله.
* الطالب: من الصحابة.
* الشيخ: إي؛ لأن شهداء أحد ثبت هذا اللفظ في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وأقره الله.
* طالب: أظن كان فيه واحد من الصحابة يقول: فلان شهيد، فقال له النبي ﷺ: «كلا (...)».
* الشيخ: لا، قالوا: في الجنة.
* طالب: قالوا: فلان شهيد (...).
* الشيخ: إي، شهيد ولَّا في الجنة؟
* الطالب: إي، هذا قالوا: هنيئا له بالشهادة.
* الشيخ: إي، لكن هذا قال شهيد ولَّا في الجنة؟
* طلبة: (...).
* الشيخ: على كل حال، هذا يكون خرج به النص، فما نص عليه الرسول ما نتكلم فيه سواء إثباتًا أو سلبًا.
قوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ فيه إثبات حياة الشهداء لقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ ويرد على هذا القول أو على هذه الفائدة سؤال: هل هذه الحياة كحياة الدنيا؟
فإذا قال قائل: ما الدليل على أن الأنبياء أحياء؟ لأنهم أفضل من الشهداء، يعني بلا شك أفضل من الشهداء، وإذا كانوا أفضل وجعل الله تعالى للشهداء هذه الحياة دل هذا على أنهم أحياء، وهذا هو المعروف عند أهل العلم، وإنما جعل الله الشهيد حيًّا؛ لأنه أمات نفسه في سبيل الله، فهو الذي تسبب للموت في سبيل الله، فجزاه الله تعالى على هذا الموت بأن جعله حيًّا عنده.
* ويستفاد من هذا: أن فضل الله سبحانه وتعالى على العامل أكمل من عمل العامل؛ وذلك لأن العامل الذي هو الشهيد أمات نفسه، فحرمها بقاء سنتين أو ثلاث سنين أو عشر سنين أو مئة سنة، أليس كذلك؟ لكن حياته بهذه الشهادة لها منتهى؟ أبدًا، إلى البعث، ثم تأتي الحياة الأبدية، وهذا دليل على أن كرم الله تعالى بالعطاء والثواب أكثر من عمل العامل، وهذا أمر معروف لكم جميعًا «الْحَسَنَةُ بَعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلِى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ»[[حديث متفق عليه؛ البخاري (٦٤٩١)، ومسلم (١٣١ / ٢٠٧)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ».]].
* ومنها: فضيلة الجهاد في سبيل الله؛ لأنه نص ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وهذه مسألة مهمة؛ لأن كثيرًا من الناس قد يقصد أن هذا جهاد فيخرج؛ لأنه جهاد وقتال لأعداء الله، لكن كونه يشعر بأن هذا في سبيل الله، أي: في الطريق الموصل إلى الله أبلغ، نظيرها الآن نحن جميعًا إذا أذن المؤذن توضأنا وجئنا إلى المسجد وصلينا وحرصنا على أن تكون الصلاة كاملة، كذا ولَّا لا؟ هذا واقع، لكن هل نحن نشعر عندما نتوضأ أننا نمتثل أمر الله بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة ٦]، ولّا ما نشعر بهذا الشعور؟
* طالب: نشعر.
* الشيخ: كلما توضأت؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، ما في شك، لكن هل تشعر أنك تفعل ما أمر الله بك على سبيل العموم، لكن هل تشعر بأنك الآن تمثل الامتثال لأمر الله عند الوضوء؟ أو تشعر بأنك تتوضأ للصلاة وبس؟
* طالب: أتوضأ للصلاة وبس.
* الشيخ: أتوضأ للصلاة وبس، هذا هو الأغلب، يعني: يندر أن الإنسان يتذكر ويقول: سمعًا لك يا رب وطاعة، فالآن غسلت وجهي وغسلت يدي ومسحت رأسي وغسلت رجلي، عرفتم؟ فالغالب علينا نية العمل لا نية المعمول له، هذا الغالب علينا، كذلك عندما تأتي لتقيم الصلاة تحرص على كمالها وخشوعها، يعني: يندر أنك تستشعر أنك ممتثل لقول الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة ٤٣]، هذا ما أقول: إنه ما يوجد، يوجد، لكنه قليل، أكثر الناس يقول: لأجل أنا أصلي، أكمل صلاتي لأنها أفضل؛ لأنها أفضل من الصلاة الناقصة، لكن شعورنا أن هذا امتثال لأمر ربنا، هذا أمر قليل، المهم أن كلمة ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ مهمة ويجب أن تلاحظ.
* ومن فوائد الآية: إثبات الحياة البرزخية؛ لقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه «إِذَا دُفِنَ الْإِنْسَانُ جَاءَهُ مَلَكَانِ، وَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ رُوحَهُ، فَجَاءَهُ مَلَكَانِ يَسْأَلَانِهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيَّهِ»[[أخرجه أحمد في المسند (١٤٧٢٢)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٩٢) واللفظ له، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.]].
* ومنها: إثبات نعيم القبر؛ لقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾.
* ومنها: أنهم يتنعمون في الجنة؛ لقوله: ﴿يُرْزَقُونَ﴾.
* ومنها: إثبات علو الله ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ الصفا والمروة جبلان معروفان، يقال: للصفا جبل أبي قُبَيْس، وللثاني: قُعَيْقِعَان، وهما شرقي الكعبة، وقد كانت أم إسماعيل رضي الله عنها تصعد عليهما لتتحسس هل حولها أحد، وذلك بعد أن نفد منها التمر والماء وتقلص لبنها فجاع ابنها.
{"ayahs_start":154,"ayahs":["وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن یُقۡتَلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ","وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡءࣲ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ","ٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَةࣱ قَالُوۤا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاۤ إِلَیۡهِ رَ ٰجِعُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَیۡهِمۡ صَلَوَ ٰتࣱ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةࣱۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ"],"ayah":"وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن یُقۡتَلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق